كيف تصمم مكتبك بطريقة تلبي احتياجات الموظفين الأساسية؟

تدرك الشركات الذكية أنَّ عنصر الحيز المكتبي أساسيٌ في استراتيجيتها لجذب المواهب في ظل المنافسة الشرسة على جذبهم، كما أنَّها منبر يمكِن استخدامه لتوسيع ثقافتها التنظيمية، وإحدى الطرائق لتصميم مساحة عمل تصبح الميزة التنافسية التي تتمتع بها شركتك، هي أن تعرف تماماً ما الذي يحتاجه موظفوك ليشعروا بالرضى والسعادة.



قد يتبادر إلى ذهنك نظرية "أبراهام ماسلو" (Abraham Maslow) حول الدوافع البشرية والتسلسل الهرمي للحاجات، ولكن كيف يمكِن لشيء مثل تصميم المكاتب أن يكون مساعداً في تلبية تلك الاحتياجات؟

إنَّ الإجابة عن هذا السؤال هي المفتاح الذي يساعد الشركات على تصميم مساحات تُرضي الموظفين، وفي النهاية ينبغي مراعاة مبادئ تتوافق مع الموظفين عند تصميمها، وإليك أربعة منها:

1. يبدأ الطريق إلى السعادة بالمعدة الممتلئة:

على الرغم من صعوبة إيجاد مكتب في هذه الأيام لا يلبي الاحتياجات الأساسية للإنسان من هواء وماء ومأوى، إلَّا أنَّه غالباً ما تغفل الشركات عن أمر هام، وهو توفير الطعام لموظفيها.

قد يزعم بعض المسؤولين التنفيذيين أنَّ تكلفة الغداء اليومي تفوق فوائد توفيره، ولكن أن تُغذِّي موظفيك يعني أنَّك تستثمر في صحتهم؛ وبالتالي كسب سفراء لعلامتك التجارية فضلاً عن إظهار حسن نيتك.

وكما هو الحال في العائلات، سيجتمع الموظفون في مطبخ المكتب للتواصل مع بعضهم؛ لذا ينبغي أن يعكس المكان الروح المضيافة، ويمكِن لإضافات بسيطة مثل: طاولات طويلة، أو أرائك مريحة أن تُعزِّز الموضوع أكثر، وتُشجِّع الموظفين على قضاء وقت الاستراحة في الداخل بدل الخروج، ولا يتعين على الشركات ذات الموارد المحدودة أن تُبالغ في توفير الخدمات لموظفيها، وقد تتخذ حتى الشركات الناشئة خطوات للحفاظ على الموظفين مثل أن تملأ المطبخ بالفواكه الطازجة أو ألواح الجرانولا؛ لأنَّ الموظف الشبعان يكون سعيداً؛ وبالتالي يستحق الاستثمار.

إقرأ أيضاً: 7 أسباب لعدم إهمال استراحة الغداء في العمل

2. الاستسلام لضغط الأقران:

على الرغم من اكتشاف معظم المنظمات أنَّ المزايا والفوائد تُشكِّل عنصراً رئيساً في الميزة التنافسية، فإنَّ تصميم حيز العمل كان الجزء الذي تجاهلوه من هذه المعادلة، ولكن لا ينبغي أن يكون الأمر كذلك.

ذكر مدير الموارد البشرية في شركة "زابوس" (Zappos) الأمر، وشبَّهه بطريقة مثيرة للاهتمام حيث قال: إذا كنتَ تمشي بجوار مقهىً مكتظ بالناس الذين يضحكون ويستمتعون بوقتهم، فمن المرجح أن تنتظر في الصف وتدفع ثمن المشروبات أكثر من الذهاب إلى مكان هادئ وفارغ، حتى لو كانت المشروبات فيه أرخص.

ينطوي بناء حيز عمل على مبدأ مشابه؛ فمن خلال خلق إحساس بالمجتمع ستجد موظفيك أكثر عُرضةً للإحساس بشعور الانتماء نفسه الذي يعطي المنظَّمات ميزة تنافسية، ولا عجب أن يتحدث الناس في الشركات الناجحة عن شعورهم أنَّهم وسط عائلتهم، والواقع أنَّ وجود شبكة اجتماعية حقيقية في المكتب يُشكِّل ضماناً لتخفيض معدل دوران الموظفين.

كيف يمكِن أن تُوظِّف الشركات هذا المفهوم عند تصميم مكان العمل؟ إنَّ المساحات المفتوحة والمطابخ الشبيهة بمطابخ العائلة وأماكن شرب القهوة؛ أي حيث يجتمع الناس معاً لبناء شبكة من العلاقات، هي أماكن تستحق الاستثمار فيها، وقد حدث أن تباهى أحد المديرين - والذي دائماً ما يقول عن ثقافته التنظيمية إنَّها صارمة، وإنَّ ما يهم هو العمل الجماعي - أنَّ هناك متجراً في مقر الشركة يعرض قمصاناً طُبِع عليها شعار الشركة، بالإضافة إلى أنواع أخرى من الملابس، وتُعَدُّ هذه الطريقة البسيطة أسلوب تشجيع لشعور الانتماء حتى بالنسبة إلى الشركات ذات الأفرع المتعددة، ويشتري الموظفون منها، حيث يرتدي أكثر من نصف موظفي هذه الشركة القمصان الرياضية التي تحمل شعار الفريق.

3. إنشاء بيئة محفزة:

على الرغم من أنَّ الموظفين قد لا يعترفون بذلك، إلا أنَّ الثقة والاحترام هما من ضمن الاحتياجات الإنسانية الأساسية، ويأتي التوظيف ليكون المحرك الأساسي إما للأفضل أو الأسوأ، وتنبع الثقة من الاستقلالية ضمن بيئة العمل، والتي بدورها تأتي من ثقافة لا تُعاقب على الأخطاء المرتكَبة تحت مسمى التقدم، أما الاحترام فينبع من الاعتراف بالتقدير من قِبَل الإدارة والأقران على حد سواء.

وينبغي أن تتبنَّى المنظمات التكنولوجيا والعمليات التي تُيسِّر التغذية الراجعة الإيجابية، ومن الأمثلة على ذلك، المنصة المعنية بالدراسات الاستقصائية المصغَّرة "تايني بولس" (Tinypulse)، والتي تتيح لأرباب العمل متابعة كيفية شعور فِرَقهم، وعندما تدمج الشركات المقاييس الفعلية للثقة والاحترام يدرك الموظفون حينها أنَّ آراءهم وعواطفهم تحظى بالتقدير، مما يعزز الثقة والإنتاجية على حد سواء.

لا ينتهي الاجتماع في إحدى الشركات إلا بعد تفقُّد حال الموظفين، حيث يطرح مدير الاجتماع سؤالاً لكل موظف يتفقد فيه شعوره، ورغم أنَّ هذه الخطوة تبدو غير مواتية، إلا أنَّها لا تُبيِّن للموظفين اهتمام مديريهم بهم فحسب، إنَّما لها دور في تسليط الضوء على تأثير أي ظروف شخصية في المشاركة، وتؤدي المساحات التي تُقلِّص من التسلسل الهرمي دوراً هنا، بالإضافة إلى خفض عدد غرف الاجتماعات الطويلة والضيقة لخلق بيئة أكثر تعاونية، وتشجيع المحادثات الجماعية الشاملة.

إقرأ أيضاً: كيف يمكن لمعادلة الإنتاجية أن تحفز الموظفين على العمل بكفاءة؟

4. السعي إلى تحقيق السعادة:

يتربع التحفيز الذاتي في قمة هرم "ماسلو" للاحتياجات، والذي يتميز بالإبداع والعفوية وحلِّ المشكلات، ويكمن المفتاح هنا في تطوير الأفكار التي تبدو هشةً في البدء، وقد طوَّرَت شركة "ترايسيكت" (Tris3ct) في شيكاغو هذا الفن إلى علم لتضمن أنَّ الأسطح كلها في مكتبها تسهِّل العمل، سواء أكانت أسطحاً مغناطيسية أم جدراناً قابلة للكتابة أم سبورات، مما يضمن أنَّه عندما تلمع فكرة ما في رأس أحد الموظفين سيجد أسطحاً عدَّة يستطيع تسجيل فكرته عليها قبل أن ينساها.

نقضي وقتاً في مكان العمل أكثر مما نقضيه في منازلنا على مدار حياتنا؛ لذا فإنَّ فهم الالتزام في هذا الوقت أمر بالغ الأهمية لتهيئة بيئة تمكِّن الموظفين من الازدهار والتواصل، وباستخدام موارد موجودة ومساحات مكتبية، ثمَّ تصميمها من منظور الاحتياجات البشرية الأساسية، تستطيع الشركات الاحتفاظَ بالمواهب عالية الجودة من خلال توفير مساحة يقوم الموظفون فيها بأفضل أعمالهم.

 

المصدر




مقالات مرتبطة