كيف تصبح قائداً يقود التغيير؟

يُظهر العديد من القادة اليوم قدراً كبيراً من المعرفة من خلال الاستشارات، والمقترحات، وحتى الهدايا الترويجية، مثل الكتب الإلكترونية أو دروس الفيديو التعليمية؛ وفي حين أنَّ ما يقدمونه من نصائح وتقنيات، قد تكون بمنزلة إرشادات مُحتملة للأفراد الذين يشغلون مناصب قيادية، لزيادة خبرتهم، إلا أنَّ النسبة الفعلية لأولئك الذين يمارسون حقاً ما يعِظون به قد تفاجئك.



هنالك فارق كبير بين القادة الذين يبلون بلاء حسناً لمجرد أنَّهم اتَّبعوا مخططاً نجح لسنوات، وأولئك الذين غالباً ما يُخصِّصون الوقت الكافي لدراسة التحولات والتطورات التي طرأت على الشركات أو العلامات التجارية؛ ذلك لأنَّ القادة الذين يبذلون ما يلزم من طاقة وجهد لتحقيق مزيد من التطور والتقدم، سوف يحققون في نهاية المطاف المزيد من النتائج، ربما من خلال زيادة قاعدة العملاء أو الصفقات أو وتيرة الشراء أو النمو العام للعلامة التجارية والشركة.

وهذا يُفضي إلى أهمية فهم دور القائد؛ حيث يجب أن يقود هذا الفرد التحوُّل، كونه هو المدير، أو المدير التنفيذي، أو مدير المدرسة، أو رئيس الشركة، أو مسؤول رفيع المستوى، فضلاً عن كونه الشخص الذي يلهم، ويُقدِّم المشورة، ويستعد، ويشجع على تبنِّي وجهات نظر جديدة أفضل من سابقاتها، حتى يتحقق التقدم الحقيقي؛ حيث يدرك القائد أنَّ التقدُّم في مضمار دائم التغيُّر، يستلزم أن يكون هناك تحوُّل من النماذج القديمة إلى الجديدة، ولكي يكون المرء مُنفِّذاً للتغيير، يجب عليه أيضاً أن يتمتع برؤية مستقبلية.

من هو مُنفِّذ التغيير؟

هو الفرد الذي يتمثَّل هدفه الأساسي في اتخاذ إجراءات تدعم التحُّول من الرؤية القديمة إلى الجديدة؛ حيث إنَّ لهُ تأثيراً مباشراً داخل المنظمة من خلال الأشخاص والعمليات والإجراءات وعادات نمط الحياة، وفيما يلي بعض الأمثلة التي توضِّح كيف يمكن لمُنفِّذ التغيير أن يُعزِّز الرؤية ويطوِّرها:

  • إحداث تأثير من خلال القدوة والأفعال.
  • تطوير الاستراتيجيات والممارسات وخطط العمل المتسقة التي تتماشى مع تعزيز النمو المستقبلي للشركة أو العلامة التجارية.
  • تشجيع التعديلات والمحاور عندما تبرز الحاجة، إمَّا لتجنُّب التحديات أو لتعزيز فرص النمو.

الأمر المُثير للاهتمام حول العديد من الأفراد الذين يشغلون مناصب قيادية، هو أنَّهم ربما شاهدوا بيانات تُثبت كيف يمكن أن يؤدي التحوُّل في الإجراءات أو العمليات إلى إحداث فرق كبير في نمو الشركة، ولكن حتى مع وجود الدليل أمامهم، فإنَّهم ما زالوا يرفضون اتخاذ هذه الخطوة لأنَّهم يخشون المجهول.

في المقابل، هناك بعض القادة ممَّن يتجنبون استخدام نصائحهم الخاصة، عندما يتعلَّق الأمر بالشركة أو العلامة التجارية التي يمثلونها؛ وذلك للعديد من الأسباب المُحتملة:

1. التكبُّر:

يواجه بعض القادة صعوبة في تقبُّل فكرة أنَّ مُخططهم القديم قد عفا عليه الزمن؛ لذا كان التشبُّث بعدم الرغبة في اتباع نهج أكثر حداثة، عندما يتعلَّق الأمر بتحسين مستقبل الشركة، سبباً يحد من اغتنام الفرصة، ناهيك عن كونه سبباً يعوق إمكانات النمو أيضاً.

2. القناعة:

في بعض الأحيان، يوفِّر الاحتفاظ بمستوى من اليقين، ما قد يشير إليه بعضهم على أنَّه "صمام أمان" لمركز الشركة الحالي؛ ونتيجة لذلك، يمكن أن يمتنع القائد عن المشاركة الفعَّالة، حتى لو أوصى بتغيير الإجراءات، وفي حين أنَّ الأمر قد يبدو كما لو أنَّ هناك نية لتغيير الشركة، إلا أنَّ الافتقار إلى قوة الإرادة والجهد المستمر يكشف عن خلاف ذلك.

إقرأ أيضاً: كيف تستخدم تحليل "سووت" (SWOT) من أجل تحقيق النمو في مشاريعك؟

3. محدودية التفكير:

إنَّ القول المأثور: "لا يُمكنك تعليم حيل جديدة لرجل عجوز"، هو أحد الأسباب الرئيسة وراء القادة الذين اعتادوا فعل الأشياء بطريقة معيَّنة؛ إذ إنَّهم ببساطة لا يهتمون بتعلُّم شيء جديد، وحتى لو أتيحت لهم خيارات كبيرة، بصرف النظر عن سهولة أو صعوبة اختيار بدائل أُخرى، فإنَّهم سيجدون أنفسهم يقترحون الاستراتيجيات القديمة التي نجحت في الماضي.

4. الخوف من المجهول:

يخشى بعض القادة ما قد يقع من أخطاء، إلى الحد الذي لا يسمح لهم باتخاذ خطوة واثقة من شأنها أن تؤدي إلى نمو أساسي، وبدلاً من ذلك، يركِّز هذا النوع من القادة غالباً على الجوانب السلبية للتغيير، بدلاً من التركيز على الإيجابيات.

5. الجهل:

مع سهولة الوصول إلى الإنترنت، كان هناك قدر متزايد من البطاقات البيضاء أو أخذ المعلومات من مصادر صحيحة وتقديمها على أنَّها مُلك للفرد؛ حيث يقوم العديد من القادة بذلك، لمجرَّد الاعتراف بهم كخبيرين في مجالهم، أو ليُشعِروا أنفسهم بكفاءتهم وأنَّهم يقودون قيادة تلبِّي متطلبات الوضع الراهن لشركتهم.

وتكمن المشكلة بعد ذلك، في عدم القدرة على تقديم المُخطَّط الصحيح والتعليمات بشكل فعَّال، بسب عدم الفهم، وبينما يبدو أنَّ لديهم جميع الإجابات حول كيفية تحويل الشركة بشكل نظري، إلا أنَّه عندما يتعلق الأمر بالنتائج الفعلية، فإنَّهم يفتقرون إلى أشياء كثيرة.

بشكل أساسي، لا يمكن للقائد الذي يحمل هذه الأنواع من السمات أن يكون ببساطة مُنفِّذاً للتغيير؛ ذلك لأنَّه يفتقر إلى الالتزام بتحويل معتقداته، ممَّا يجعل من غير المرجح أن يغيِّر قائدٌ مثل هذا شركة أو علامة تجارية، خاصة على الأمد الطويل.

إقرأ أيضاً: القائد الرشيق: قدرة القائد على التكيف

كيف يمكن للقائد أن يصبح مُنفِّذاً للتغيير؟

لكي تصبح مُنفِّذاً للتغيير، يجب أن تتَّحد مع كل ما يجعل التحوُّل حقيقياً لعقل المرء وجسده وروحه، وفيما يلي بعض الأمثلة عن كيفية دمج بعض الخصائص والسمات، للمساعدة على تعزيز التحوُّل الكامل ببساطة، من خلال ممارسة قوة الثبات:

1. التركيز على الخطوات الصغيرة:

المقاييس الصغيرة والثابتة للتغيير تساوي التقدُّم؛ فأنت لست مضطراً إلى معرفة كيفية الجري قبل أن تبدأ بالزحف أو المشي، فالثبات هو ما ينطبق على النتائج المحسوبة.

2. الالتزام بالتعلُّم والتكيُّف:

القادة المنفتحون على حل المشكلات، بدلاً من الانسحاب، سوف يدربون عقولهم لتصبح أكثر وضوحاً ودقة عند التعامل مع المشكلات المحتملة التي ستظهر؛ هذا بدوره سيؤدي إلى زيادة الفرص لإطلاق أحكام أفضل واتخاذ قرارات سريعة، وهو أمر ضروري لتحويل الشركة أو العلامة التجارية.

3. التركيز على العمل الجماعي بدلاً من المنافسة:

كونك قائداً لا يعني أنَّ لديك كل الحلول؛ لذا اسمح للتعاون والاقتراحات ولفريقك بتأدية دور مهم في تقدُّم الشركة أو العلامة التجارية.

شاهد بالفديو: 6 إجراءات يعزز بها القادة الناجحون التعاون في فرقهم

4. الإصغاء:

إنَّ بعض أفضل القادة ينصتون كثيراً ويتحدثون قدراً أقل؛ حيث يمكن أن يتيح النظر في آراء ومشورة الآخرين، مجالاً لتجنُّب المشكلات المُحتملة التي ربما لم يتم توقُّعها أو أخذها بالحسبان، ممَّا يزيد في نهاية المطاف من إمكانات النمو ويجعل الفريق أقوى.

البحث باستمرار عن طرائق للتحسُّن، ليس من أجلك فحسب، ولكن أيضاً من أجل الفريق والشركة

حتى لو بدا أنَّ الشركة أو العلامة التجارية تُبلي بلاءً حسناً، يجب دائماً مراعاة التحسين في أي مجال.

5. تعلُّم التواصل من دون عاطفة:

في الكثير من الأحيان، يمكن للقائد أن يترك العواطف تعترض طريقه؛ لذا تعلَّم السيطرة على العواطف، فإنَّ هذا يخلق توازناً لكلٍّ من الحفاظ على علاقة شخصية مع فريقك، والمساعدة على توسيع وتحويل نطاق الشركة والعلامة التجارية.

يجب على القائد الالتزام والثبات؛ حيث إنَّ عملية الالتزام هذه تبدأ بالعقلية والاستعداد لتحويل العادات القديمة إلى عادات جديدة، والمسارات القديمة إلى رحلات جديدة غير معروفة، يمكن أن تكون شاقَّة وتؤدي إلى تحقيق الإنجازات في الوقت نفسه، فضلاً عن التعلَّم من الأخطاء وتبنِّي المكاسب، وإذا ما مارس المرء هذه العناصر الأساسية، وفهمها وقبلها في إطار نظام جديد لتحقيق النجاح، فإنَّ خيارات كلٍّ من القائد والشركة فيما يتعلق بالنمو، سوف تصبح غير محدودة.

المصدر




مقالات مرتبطة