كيف تستثمر فرص الحياة لتصنع واقعك الجميل؟

مع إشراقة كل صباح، تنبض الحياة بالأمل والفرص الجديدة التي تنتظرنا، وتمنحنا الفرصة لتحقيق أحلامنا وتحويلها إلى واقع ملموس. فالفرص لا تتكرر، ولذلك فمن الضروري أن نغتنمها عندما تأتينا، فإن فاتتنا فرصة معينة، فقد يكون من الصعب الحصول عليها مرة أخرى.

ليس كل إنسان يمتلك نفس الفرص، فهي تأتي لنا بما يتناسب مع مجهودنا وإصرارنا وعزيمتنا في الحياة. لذلك، فإنه من المهم أن نكون دائمًا على استعداد للاستفادة من الفرص التي تعرض علينا، وأن نكون مجتهدين في العمل والتحصيل الدراسي والمهني والشخصي.



اغتنم الفرصة، هي عبارة تعني اغتنام الفرص المتاحة بما يتناسب مع قدراتك ومهاراتك وأهدافك الشخصية، وتحويلها إلى نجاح وإنجازات في حياتك. فمن الضروري أن نفهم أن الفرص لا تأتي بشكل ثابت، ولكنها تتاح لنا عندما نبذل الجهد والمثابرة والتفاني في العمل.

إذا كنت تريد تحقيق أحلامك وأهدافك، فعليك أن تبحث عن الفرص المناسبة وتستغلها على النحو الأمثل، وأن تعمل بجد لتحقيق ما تريد. فلا شيء مستحيل إذا كان لديك الإرادة والعزيمة والإصرار على تحقيق النجاح. لذلك، دعونا نستغل كل يوم بأفضل طريقة ممكنة، ونحول الفرص التي تأتينا إلى إنجازات حقيقية في حياتنا.

قصص عن اغتنام الفرص في الحياة لتحقيق النجاح:

يتحدَّث الكاتب زياد ريِّس صاحب كتاب "تجربتي لحياة أفضل" عن قصص واقعيَّة حدثت معه خلال فترات حياته العملية الطويلة والمليئة بتجارب ممتعة؛ إذ يتعرَّض في جانب من كتابه إلى موضوع استغلال الفرص واستثمارها وتحويل تلك الفر ص إلى نجاح على أرض الواقع، وسنتعرَّف إلى التفاصيل من خلال الآتي:

دوماً تُوجَدُ فرصة "قصتي مع هوت آند كرسبي":

حصل في نهاية التسعينيات من القرن الماضي تراجُع كبير بحجم العمل، وفي السيولة النقدية لدينا؛ حيث كنَّا مُتخصِّصين في خدمة الإعاشة للشَّريحة العمَّالية للشركات الكبرى؛ حيث وصلنا إلى مرحلة حرجة جداً مع وجود مديونيات كبيرة عند الآخرين دون تحصيل، وكان لا بدَّ من البحث عن حلول أخرى بقطاع التَّجزئة؛ حيث يتم تأمين مصدر دخل نقدي ومُتنوِّع للشَّركة.

من خلال رحلتي الدوريَّة لزيارة معرض الأغذية في ألمانيا وبعد ذلك زيارة بيت جدَّتي في ألمانيا لمدينة ملاصقة لـ "مان هايم"، وأنا في سوق المدينة (down town) لَفَت انتباهي محلٌّ يبيع فقط بطاطا مبهَّرة ومُتبَّلة وبأشكال متنوِّعة، وفكرة المحل تتمحور حول صنف واحد ذي طعمٍ طيِّب ومُميَّز، وكان يقف أمامه طابور ينتظرون دورهم، وكان اسم المحل "بيغ بومس" (big bommes).

بدأَت الفكرة من هنا حول إمكانيَّة تطبيقها لدينا، وصادف أنَّه بعد شهرين كانت لدي إجازة الصيف مع أسرتي، وكان أولادي الصِّغار معي، ذهبتُ معهم إلى المحل نفسه لتجربة هذا المُنْتَج، وما أن انتهوا طلبوا مني أن أشتري لهُم مرة أخرى، وكان هذا مُؤشِّراً هاماً لي.

فعلاً بَدَأتُ أبحثُ عن مصدر البطاطا من خلال الحصول على الاسم والعنوان من الكيس الذي يستخدمونه في المحل نفسه شركة "لامب وستون" (Lamb weston)، وعُدتُ إلى موطني وبدأتُ المُراسَلة معهم في مقرِّهم بأمريكا دون أي تجاوب، وبالتوازي بدأتُ العمل على دراسة الفكرة وما تحتاج إليه من مُتطلَّبات مثل: "تصميم الاسم والشِّعار، تصميم الديكور الداخلي، تصميم شكل العبوات، التكاليف للموقع الواحد، العربات المتحرِّكة وتصميمها وكلفتها، المعدَّات المطلوبة وكلفتها …. إلخ".

حينها وقع الخيار على اسم "هوت آند كرسبي" بألوانه الحاليَّة التي تحتوي على اللون الأزرق والأصفر والبرتقالي؛ حيث كنتُ حينها مُتأثِّراً في محبَّة ألوان شعار الخطوط الألمانيَّة "لوفت هنزا" حتى لدرجة أنَّني ذهبتُ إلى السوق أبحث عن لباس بهذه الألوان واشتريتُ قميصاً بنفس الألوان، وعدتُ به إلى المُصمِّم، وطلبت منه اللون للشِّعار يغلب عليه لون القميص، ودخلتُ هذه التفاصيل كلها بشَغَف وبعد فترة قصيرة كنتُ بزيارة معرض في هولندا، وإذ بالشَّركة التي أريدها أمامي، وهنا تمَّ التعرُّف إليهم، وشرح الفكرة بعرض كامل، وتم الاتفاق معهم واعتماد شحن أول حاوية.

تمَّ تسجيل شركة "أوف شور" ‏(offshore company in England)؛ حيث أُطلِقَ المشروع في الخليج، على أنَّنا وكلاء شركة "هوت آند كرسبي - بريطانيا".

كان افتتاح أول موقع بكشك صغير على زاوية متجر كبير، وكان الإقبال لافتاً للنظر، وخلال فترة صغيرة تم اعتماد نموذج من العربات (trolleys) تم توريدها من شركة لدينا عندها مديونيَّة عالية تعمل في صناعة معدَّات المطابخ، وقمنا بفتح وتوزيع ٨٠ موقعاً خلال العام الأول، وكذلك الأمر في العام الثاني؛ حيث أصبحنا أسرع فرنشايز في الخليج من حيث الانتشار لعامين متتاليين "كل خمسة أيام عمل يُفتَتَح موقع جديد".

خلال هذه الفترة تعاقدنا مع شركة معتمدة عالمياً في عالم الفرانشايز ومُتطلَّباته الكاملة لنطلِقَ الفكرة كفرانشايز ونبيعه في عدة دول، إلى أن تم تقييم "هوت آند كرسبي" من أهم الشَّركات المحاسبيَّة الدوليَّة بمبلغ بين 30-40 مليون ريال، وأنشأنا مصنعاً في مصر لصناعة البطاطا المُتبَّلة، وأصبح أول مصنع يُصدِّر البطاطا الحلوة المُتبَّلة إلى أوروبا من الشرق الأوسط، ويُصدِّر لأكثر من ١٦ دولة، وعملنا على مضاعفة الطاقة الإنتاجيَّة له، وأصبح أهم مصدر للبطاطا الحلوة لأوروبا بالتحديد في الشرق الأوسط.

نعم! هذه القصة لهوت آند كرسبي، والتي وُلِدَتْ من قلب المحنة والتحدِّي إلى أن أصبحَت قصَّة نجاح.

شاهد بالفديو: تعلم كيف تغتنم الفرص بـ 10 خطوات

بوابة المرفأ وجوفاني "قصتي مع كابو غرلو":

تعود بي الذكريات القديمة إلى عام 1972 إلى أيام الشتاء الممطرة في مدينة اللاذقيَّة عند المدخل الشمالي للمرفأ؛ حيث كان يُوجَدُ محلٌّ صغير سقفه من ألواح التنك القديمة لصاحبه أبو نعيم، ومياه المطر تتساقط من كلِّ طرف، وموقد الحطب المشتعل يُعطي شيئاً من الدفء للعملاء الذين احتَموا به قليلاً إلى أن ينتهي طلبهم.

كانت الفرحة تغمرني حين تطلب منِّي جدَّتي أن أذهب إليه وأنا بعمر العشر سنوات؛ وذلك لأخذِ وجبة الإفطار اللذيذة، وهي عبارة عن كبدة خاروف طازجة مشويَّة على منقل فحم قديم تتطاير منه شررة النار يميناً وشمالاً.

يُروى أنَّه تزامناً مع تلك الفترة في مدينة نابولي في إيطاليا، كان يُوجَدُ رجل يدعى جيوفاني، كان مشهوراً بشواء اللحم والدجاج لأفراد عائلته وأصحابه وعُمَّال المرفأ، وبعد فترة ذاع صيته في المدينة، وبدأ النَّاس يتهافتون عليه، ولقَّبوه بـ (Gapo Grillo)؛ أي زعيم الشواء.

شاء القَدَر أن يهاجر جيوفاني مع عائلته إلى ألمانيا، ويتعرَّف في مدينة مان هايم إلى شاب ألماني اسمه غابي يعمل كنادل في أحد مطاعم المدينة.

هكذا بدأ الاثنان فكرة "كابو غريلو"؛ حيث يعود ذلك إلى عام 1972.

هذه القصة تحمل شيئاً من الحقيقة والخيال لتصبح قصة انطلاق سلسلة محلات كابو غريلو في الخليج في عام 2002، والتي كُتِبَت على مطبوعات المطعم تحت بداية "يُحْكَى أنَّ".

لكنْ في الواقع كانت بداية الشرارة في حضوري معرض الفرانشايز في واشنطن دي سي 2001؛ حيث لفت انتباهي وجود فكرة تحت اسم "فليمر" لتحضير السندويش مُتطوِّرة عن فكرة "صب واي" بأن تُعطَى للزبون فرصة اختيار الإضافات التي يريد ويقوم بعدها بوضع شريحة الجبن عليها، ومن ثمَّ وَضْعها بالفرن المتحرك حيث تخرج من الطرف الآخر بجبن سائح على الخبز المقرمش.

عدتُ إلى بلدي وبدأتُ بالتجارب لتطبيق نفس الفكرة، لكنْ ليس على اللحوم الباردة؛ وإنَّما على أنواع مختلفة من اللحوم والدجاج المتبَّل والمُقطَّع؛ حيث يتمُّ شويها أَمام الزبون على الغريل، ومن ثمَّ وَضْع قطعة الجبن عليها، وإدخالها إلى الفرن المتحرِّك، ثم نضع الإضافات المختارة من الزبون، وهكذا أُطلِقَت السلسلة تحت اسم "كابو غريلو" التي استمرَّت لسنوات طويلة لها عُشَّاقها ومُحبُّوها.

إقرأ أيضاً: 18 فرصة لن تندم على استثمارها في الحياة

بعد الاطِّلاع على كل ما سبق، يمكن لنا أن نقول في الختام إنَّ الفرص الجيدة موجودة أمام الجميع، لكنْ لا تكون متاحة إلَّا لأولئك الذين يعرفون كيفية استثمارها، ويفكرون في كيفية ذلك الاستثمار، وإنَّ القصتين المذكورتين في نص المقال مثال واضح عن كيفية استثمار الفرص لتحقيق نجاح كبير.




مقالات مرتبطة