كيف تحقق السلام في حياتك؟

إنَّ الهدف هو تغيير استجابتك لما لا يمكنك التحكم به، وأن تنمو وتصبح قوياً من الداخل بحيث لا يمكن لأيِّ شيء خارجي أن يؤثر في صحتك الداخلية، "إنَّ الأوقات العصيبة لا تدوم؛ بل الأشخاص الأقوياء هم من يدومون"؛ كرِّر هذه الجملة لنفسك كلما احتجت إليها عندما تواجه واقعاً صعباً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة "أنجيل تشيرنوف" (Angel Chernoff)، تُقدِّم لنا فيه طريقتين لتحقيق السلام في حياتنا.

ثمة قول مأثور: "يجب استثمار المأساة كونها مصدراً للقوة"، لطالما كرَّرَت لي جدتي هذا الكلام خلال نشأتي، وفي كل مرة عاملت فيها نوعاً غير متوقع من المعاناة كانت تذكرني بلطف أنَّ هذا ما سيساعدني على النمو، لطالما كنت على استعداد لفهمه، ثمَّ على مر السنين علمت أنَّها كانت على حق، ورأيت كم أنَّ حكمتها تلاؤمنا جميعاً في الوقت الحالي.

ذكِّر نفسك أنَّ العقل هو أكبر ساحة معركة لدينا، وهو المكان الذي توجد فيه أقوى الصراعات.

جميعنا نواجه في الحياة مجموعة فريدة من القيود والمتغيرات غير المتوقعة؛ لكنَّ السؤال الذي يطرح نفسه: كيف تستثمرها لمصلحتك؟ أنت هنا أمام خيارَين: إمَّا أن تركز الاهتمام على عجزك عن ذلك، أو أن تعزز قوتك حتَّى تتمكن من عيش الحياة بطريقةٍ مدروسةٍ وماهرةٍ، وتحقيق أقصى استفادة من كل نتيجة عند ظهورها حتَّى عندما تكون مفجعة ويصعب تقبلها.

أهمية تحسين التفكير في الأوقات الصعبة:

يتعلق تحسين التفكير بتعلم الاستجابة بفاعلية، فعندما لا تتمكن من التحكم بما يحدث في العالم من حولك يجب أن تتحدى نفسك للتحكم بالطريقة التي تستجيب بها لما يحدث؛ لأنَّ هنا تكمن قوتك.

بالطبع يُعَدُّ قول هذا الكلام أسهل بكثير من فعله بالنسبة إلينا جميعاً؛ لذا دعنا نتدرب معاً، فيمكننا القيام بأشياء صعبة، ويمكننا اتخاذ خيارات أفضل، ويمكننا اختيار الطريقة التي سنقضي بها أوقاتنا في الأيام والأسابيع المقبلة، واختيار الامتنان والرحمة، واختيار من نتواصل معه، وربَّما الأهم من ذلك من لا نتواصل معه.

كما يمكننا اختيار أن نحب ونقدر الأشخاص في حياتنا لما هم عليه، واختيار أن نحب ونقدر أنفسنا أيضاً، واختيار الطريقة التي سنستجيب بها لمفاجآت الحياة وصراعاتها، وما إذا كنَّا سنراها على أنَّها نقمة أو فرصة للنمو الشخصي.

ربَّما الأهم من ذلك يمكننا اختيار التفكير على نحو أفضل في ظروفنا الحالية، والتخلي عمَّا لا يمكننا التحكم به حتَّى نتمكن من تحقيق أقصى استفادة ممَّا ينتظرنا، فعندما نُحسِّن تفكيرنا سنعيش حياةً أفضل وسيملؤونا السلام.

يجب ألَّا نحاول أن نكون إيجابيين في الوقت الحالي، ولا نحاول تزييف الأمر؛ بل يجب ببساطة أن نتمكن من فهم الأشياء المجهولة التي ستواجهنا.

شاهد بالفيديو: 9 قواعد مهمة لتنعم بالسلام الداخلي

طريقتان لتحقيق السلام في حياتك:

1. التخفيف من المقاومة الفورية:

قد تتفاجأ بعدد المرات التي تقاوم فيها الحياة دون وعي، فإذا قمت بتفحص جسدك ووضعية جلوسك الآن أراهن أنَّك ستشعر بنوع من التوتر في أحد أجزائه، بالنسبة إلي غالباً ما أشعر بذلك في عنقي وفي بعض الأحيان في ظهري وكتفي.

يأتي هذا التوتر الذي نشعر به؛ لأنَّنا نقاوم شيئاً ما، ربَّما نشعر بالانزعاج من شخص ما، أو قد نكون محبطين من الحياة، أو غارقين في التزاماتنا، أو ربَّما نشعر بالملل فقط.

تعزز مقاومتنا العقلية التوتر في أجسادنا والتعاسة في حياتنا؛ لذلك غالباً ما أوصي بهذه الاستراتيجية البسيطة للأشخاص الذين يواجهون صعوبة في التخلص من مقاومتهم وتوترهم:

  • حدد موقع التوتر في جسمك.
  • لاحظ ما تقاومه وتشعر بالتوتر بسببه، فقد يكون موقفاً أو شخصاً تتعامل معه أو تتجنبه.
  • أرخِ المنطقة التي تشعر بالتوتر فيها؛ فقد يساعدك التنفس العميق والتمدد السريع في ذلك.
  • واجه نفس الموقف أو الشخص، لكن بجسم وعقل مرتاحين.

كرر هذه الممارسة كلَّما احتجت إلى ذلك، وواجه يومك بتوتر أقل وحضور أكبر، وغيِّر سلوكك من الصراع والمقاومة إلى السلام والتقبل.

شاهد بالفيديو: كيف نستفيد من التحديات في حياتنا؟

2. البحث عن عقلية المبتدئين:

تخيَّل وجود برتقال ناضج ومثمر على المنضدة أمامك، ثمَّ تخيل أنَّك تأخذ واحدةً بلهفة وتأخذ قضمة وتبدأ في تذوقها.

أنت تعرف كيف يجب أن يكون مذاق البرتقال الناضج والمثمر، فعندما يكون البرتقال أحمض ممَّا كان متوقعاً بقليل فإنَّك تشعر بخيبة الأمل، وتشعر بالخداع بسبب ما توقعته، أو قد يكون مذاقها طبيعياً تماماً ولا يوجد فيها شيء مميز على الإطلاق؛ لذلك تبتلعها دون التوقف لتقدير مذاقها وتتناولها كلها.

في السيناريو الأول خذلتك البرتقالة؛ لأنَّها لم تلبِّ توقعاتك، وفي السيناريو الثاني كان الأمر طبيعياً جداً لأنَّه لبَّى توقعاتك تماماً.

إقرأ أيضاً: قبول الذات هو الطريق نحو السلام الداخلي

هل ترى المفارقة هنا؟

إمَّا أنَّ البرتقال لم يكن جيداً أو لم يكن جيداً بما يكفي، فيعيش معظمنا حياتهم بهذه الطريقة دون سعادة أو نجاح؛ ولهذا السبب نشعر بالإحباط وخيبة الأمل وعدم الحماسة تجاه كل شيء تقريباً؛ لأنَّه لا يوجد شيء يلبي توقعاتنا حقاً.

الآن تخيل أنَّك جربت ما يأتي بدلاً من ذلك: تخلَّص من توقعاتك المتعلقة بمذاق البرتقال، وتخيل أنَّك لا تعرف، ولا تتوقع أن تعرف مذاقه؛ لأنَّك لم تجرِّبه حتى الآن، وبدلاً من ذلك ينتابك الفضول وتتصرف بتجرُّد وتكون منفتحاً على مجموعة متنوعة من النكهات الممكنة، وعندما تتذوقه تلاحظ العصارة، وملمس اللب، والنكهات المنعشة والرائعة والحامضة والحلوة في ذات الوقت، وجميع الأحاسيس المعقدة الأخرى التي تشعر بها في أثناء مضغه.

لم تكن تعرف كيف سيكون مذاقه؛ لكنَّك أدركت الآن أنَّه مختلف، إنَّها تجربة جديدة تماماً - تجربة قيمة - لأنَّك لم تتذوق البرتقال من قبل؛ غالباً ما يشير خبراء اليقظة الذهنية إلى هذا على أنَّه "عقل المبتدئين"؛ لكنَّه في الحقيقة مجرد نتيجة لعقلية خالية من التوقعات الخانقة التي لا داعٍ لها.

بالطبع يمكن استبدال البرتقال بأيِّ شيء في حياتك تقريباً، أيِّ حدث أو موقف أو علاقة أو شخص أو حتى أي فكرة قد تخطر لك على الإطلاق، فإذا تعاملت مع أي من هذه الأمور بتوقعات معينة بحيث تكون جيدة بما يكفي بالنسبة إليك، فإنَّها ستخيب ظنك بطريقة ما، أو ستكون طبيعية جداً ولن تتذكرها حتَّى، وستنتقل إلى خيبات أمل أخرى أو تجارب حياتية لا تستحق التجربة، وما إلى ذلك إلى أن تصل إلى مرحلة حيث تعيش معظم حياتك عالقاً في دائرة لا نهاية لها من التجارب، بالكاد ستعجبك أو تلاحظها.

إقرأ أيضاً: 9 نصائح تساعدك في الوصول إلى السلام الداخلي

الخلاصة:

كل موقف في الحياة فيه جمال خفي إذا استعدينا لتقبُّله؛ على سبيل المثال في الماضي بالنسبة إلي وإلى زوجي عندما تعاملنا مع وفاة أفراد من أسرتنا، اكتشفنا فرصاً لنقدر الحياة أكثر، ونقدر حياة من فقدناهم، ونقدر الوقت الذي نملكه مع أفراد أسرتنا.

نحن نبذل قصارى جهدنا لتجسيد هذه العقلية نفسها في كل موقف صعب نواجهه في الحياة، فعندما نمرض - على سبيل المثال - تكون هذه فرصة لنا كي نرتاح قليلاً، وعندما يؤجل حدث غير متوقع أحد مشاريعنا التجارية فإنَّنا نقضي المزيد من الوقت مع العائلة؛ إنَّنا نختار أن نجد الجمال حتَّى عندما يكون مدفوناً تحت المعاناة والألم، ويمكنك أن تفعل الشيء نفسه.

2 Hard Things You Need to Do to Be at Peace Today




مقالات مرتبطة