كيف تحفز نفسك في الأوقات الصعبة!

تُعَدّ الحياة مملوءة بالتقلبات التي لا تقودك في بعض الأحيان إلى الشعور بالرضى، وثمَّة في حياتي لحظتان مفصليتان واضحتان جداً، أولاهما كانت حينما تعرّضت لحادث بناء كاد أن يمنَعَني من المشي مرةً أخرى وثانيهما حينما أغلقت عملي بسبب موقع أمازون.



كانت كِلتا الحادثتين مرهقتَيْن لي على الصعيدَين العاطفي والجسدي حيث قادتا إلى بعضٍ الفترات الحالكة في حياتي. ولكنَّي لحسن الحظ كنت قادراً على المحافظة على الشعور بالتحفّز وأتخطى هذا المأزق، واليوم أصبح لدي عائلة وشركة جديدة ناجحة.

لم يكن ذلك سهلاً، ولكن باتباع التكتيكات الآتية كنت قادراً على الاستمرار والمضي قُدُماً:

1- لا تنكر المشكلة:

لا بدّ أن يأتي اليوم الذي تشعر فيه بأنَّ قلبك مُحطّم وترى أنَّ عملك أوشك على الإخفاق، فهذه تجارب الحياة التي لا بدّ لنا من خوضها جميعاً، ولكن بدلاً من إنكار الألم الناجم عن مثل هذه المواقف اعترف أنَّ ما حدث هو أمرٌ واقع، وكلما أقدَمتَ على ذلك إقداماً أسرع كنت قادراً على التحرّك بأسلوب أسرع.

حينما أُجبرت على إغلاق موقع (Organize.com) شعرت أنَّي مُحطَّم، إذ كنت متزوجاً حديثاً وكان يجب عليَّ أن أتخلى عن بعضٍ الموظفين الرائعين لدي. وكان واجبَ علي تقبُّل هذه الحقيقة وإدراك أنَّني فقدت مليون دولار خلال ستة أسابيع فقط ولم تكن تلك بالتأكيد أروع اللحظات في حياتي.

بدلاً من كبت مشاعر الغضب، والحزن، والكآبة كلها اعترفت بمشاعري ومنحت نفسي يوماً لأقيم "حفل رثاء"، وخطّطت كذلك للقيام برحلةٍ مع زوجتي إلى "ديزني لاند" حتى لا نبقى جالسين نشعر بالأسى على أنفسنا. وحتى بعد كل تلك السنوات ما زلْت أناقش الإخفاق الذي تعرض له موقع (Organize.com) مناقشة علنية، إذ ما زالت هذه واحدةً من أفضل الطرائق للتنفيس عن المشاعر بالنسبة لي.

فحينما أدركت أنَّني أخفقت أصبحت قادراً على البدء بالمضي قُدُماً، وبدلاً من إنكار الألم الذي كان يعتريني تقبَّلْتُ ذاك الألم من خلال التفكير في سبب إخفاق العمل واستخدام النتائج التي توصلت إليها في مشروعي التجاري القادم.


اقرأ أيضاً:
6 دروس يجب أن تتعلمها من الفشل


2- ركّز على الإيجابيات:

"حينما يُغلق بابٌ ما أمامك فسيُفتَح لك بابٌ آخر"، أنا متأكدٌ من أنَّك سمعت هذه العبارة، رغم أنَّك قد لا تؤمن بها أو لا تشعر بأهميتها في هذه اللحظة إلَّا أنَّها صحيحة.

فكما أشرت في البداية، حينما تكون في أحلك اللحظات يجب عليك أن تخصّص وقتٍ للتفكير في الأخطاء التي ارتُكبَتْ وتحليلها. فأنا، بالنسبة إلي، أطرح أسئلة مثل "لماذا أخفقت الشركة؟"، و"هل كان ثمَّة أية طريقة لإنقاذها؟".

وحينما أجبت عن تلك الأسئلة كنت قادراً على الاستفادة منها، وبعد كل ما حصل كان لدي فواتير يتوجب عليّ دفعها وعائلةٌ يجب عليّ الاعتناء بها فلم يكن من الممكن أن أترك الاكتئاب يهزمني، لذا أطلقت شركة الاستشارات الخاصة بي والتي تُدعى (Adogy) لحلّ هذه المشكلة، وقد تندهش إذا علمت أن هذا ساعدني على المستوى العاطفي كذلك.

لقد كان هذا في الواقع تكتيكاً تعلمته قبل سنواتٍ خلَت بعد أن تعرضت لحادثٍ في فترة دراستي في الجامعة في أثناء عملي في البناء، إذ أُصيبت ساقي إصابة بليغة بعد تعرّضي للدهس من قبل شاحنة كبيرة. ولأنَّني قضيت الستة أشهر التي تلت تلك الحادثة طريح الفراش قضيْت ذاك الوقت في تعلّم كل ما استطعت تعلّمه عن التسويق الإلكتروني فكان ذلك بداية مشواري المهني. ومنذ ذلك الحين اشتريت، وأطلقت، وبنيت، وبِعْتُ عدة شركات عبر الإنترنت.


اقرأ أيضاً:
8 نصائح تساعك لتكون أكثر إيجابية في حياتك


3- ابدأ بأي شيء:

هناك حالةٌ تُعرَف باسم "تأثير زيغارنيك" (Zeigarnik Effect) بُنيَت على بحثٍ أجرته عالمة النفس السوفييتية "بلوما زيغارنيك" (Bluma Zeigarnik) إذ يذكُر هذا البحث بأنَّ الأشخاص يرغبون في إنهاء أي هدف حالما يبدؤون في السعي نحو تحقيقه، وثمة عالما نفس في العام 1992 أثبتا ذلك.

وقد وجدت حينما كنت في أصعب الظروف أنَّ وضع الأهداف كان واحداً من أفضل طرائق التحفيز، فكنت أقول على سبيل المثال: "اليوم سأحجز مكاناً في رحلةٍ إلى ديزني وغداً سأبحث عن منازل بالقرب من سان فرانسيسكو". وبعد الانتهاء من هذه المهام كنت أكرِّس ساعتين في اليوم للقيام بإجراءات تعزز النمو كبناء "أدوجي"، وساعةً في اليوم للتمرن، و30 دقيقة لقراءة كتابٍ مثيرٍ للإلهام. وفي حين أنَّ هذا قد لا يبدو أمراً مهماً ولكنَّ مزاجي كان يبدأ بالتحسن وشرعتُ تنفيذ المهام المُدرجة ضمن قائمة المهام لدي، وفي النهاية كان هذا يدفعني إلى وضع أهداف أكثر صعوبة.

4- التزم بقاعدة الـ 24 ساعة:

لقد حذَّرْت في وقتٍ سابق من الانزلاق نحو "حفل رثاء" طويل، فامنح نفسك 24 ساعة للتفكير في ما ألمَّ بك ثمَّ ابدأ بالمضي قُدُماً، ورغم أنَّ هذا ليس بالضرورة أن يحل كل مشاكلك أو يجعلك تشعر في اليوم الآتي بأنَّك أفضل.

فإذا منحت نفسك يوماً كاملاً سمحت لنفسك فيه بالشعور بالحزن فإنَّك تجبر نفسك بذلك على النهوض والتحرك – مثلما فعلت أنا حينما بدأت بـ "أدوجي". ورغم ذلك ما زلْتَ بحاجةٍ إلى بعض الوقت لاتباع الطريق الذي اتبعته للخروج من حالة الكآبة، ولكنَّ إجبار نفسي على النهوض والعمل مدة ساعتين في اليوم على الأقل كان عملاً مفيداً. فحينما أتلقى دفعةً صغيرة في نهاية المطاف وأبدأ بتحقيق التقدم أصبِح أكثر تفاؤلاً وإنتاجيةً.

لقد تعلمت هذه الخدعة من المدرب الأسطورة "دون شولا" (Don Shula) الذي كان لا يمنح نفسه، وفريقه التدريبي، ولاعبيه إلا 24 ساعة للاحتفال أو الاكتئاب، فبعد انقضاء الـ 24 ساعة يَحيْن الوقت لتركيز الاهتمام على التحضير للمباراة القادمة. لقد كانت فلسفة "شولا" "أنَّك حينما تفكر في الإخفاقات والانتصارات فستقدم أداءً أفضل على المدى الطويل".

5- وجّه طاقتك نحو مكانٍ ما:

لقد فهمت، حينما يبدو أنَّ كل شيءٍ يسير ضدك فإنَّ كل ما ترغب في القيام به هو الزحف نحو السرير والاختفاء تحت الغطاء، ولكنَّك تستطيع أن توجه طاقتك نحو مكانٍ آخر وهو في الحقيقة ما يجب عليك أن تقوم به. فقد بدأت أنا بممارسة المزيد من التمارين الرياضية، إذ لم يساعدني ذلك على تحسين وضع قدمي وحسب بل خفف أيضاً جميع الضغوطات التي تراكمت علي ومنحني منْفَذاً أنفِّس من خلاله عن مشاعر الغضب، والإحباط، والحزن.

وبدأت بالتدوين والتحدّث عن إخفاقي، وشرعت بالتطوّع والعمل مع المؤسسات الخيرية بأسلوب يومي، وهذا ما جعل الاهتمام يتركّز على متاعبي ورفع روحي المعنوية وساعدني على إدراك أنَّ ثمَّة ما هو أهم في هذه الحياة. وبدأت، كما قلت في عددٍ كبيرٍ من المرات من قبل، بعملٍ جديد.


اقرأ أيضاً:
10 فوائد صحيّة مهمة تمنحُها الرياضة لجسم الإنسان


6- اعتمد على منظومة الدعم الخاصة بك:

حينما تقع في مأزقٍ ما فإنَّك بحاجةٍ إلى أن تحيط نفسك بأشخاصٍ إيجابيين كزوجتك، أو صديقك المفضل، أو أحد أبويك، أو المنتور الخاص بك، فهُم لن يرفعوا روحك المعنوية فحسب ولكنهم سيكونون الأشخاص الذين ستبُثُّهم همومك وتطلب مساعدتهم، وسيكونون الأشخاص الذين ستسمح لهم بتوجيهك حيث ترغب في التوجه أو الذين يُسَلُّوا عنك همومك حينما تمر بأوقاتٍ عصيبةً حقاً.

أنا أعلم أنَّه لولا منظومة الدعم التي كنت أمتلكها لكان تجاوز إخفاق (Organize.com) بالنسبة لي غايةً في الصعوبة.

يجب علي أن أضيف كذلك أنَّ منظومة الدعم هذه ليس من الضروري أن تكون من الناس المقربين منك ففي حالتي كان والدي هو من وجه لي أقسى الانتقادات، بيد أنَّ صدقه وتغذيته الراجعة حافظا على اتزاني، وتركيزي، وشعوري بالتحفز – حتى حينما كانا ينطويان على أمورٍ لم أكن راغباً في سماعها.

7- اخرج من مدينتك:

يكون الابتعاد في بعض الأحيان الطريقة الأفضل للخروج من المآزق، إذ كان الذهاب إلى "ديزني لاند" أحد أهم الأمور التي قمت بها وحينما عدنا إلى المنزل بعنا أنا وزوجتي في الواقع قمنا ببيع كل شيءٍ نملكه وانتقلنا إلى "باي أريا".

لقد ساعدني الخروج من المدينة على إعادة شحذ الهمة واستعادة التركيز إضافةً إلى أنَّ بيع ممتلكاتي كان ذا أثرٍ علاجي بالنسبة لي فقد كنت كمن أنهى فصلاً من كتاب وقلب الصفحة نحو الفصل التالي. وقد أجبرتني الحماسة التي رافقت إيجادي بيتاً جديداً واستكشافي مدينةً جديدة على الخروج من منطقة الراحة والنظر بعين التقدير إلى محيطي الجديد بدلاً من التجول حول المنزل والشعور بالأسى تجاه نفسي.

الختام:

لا يوجد طريقة مثلى لاستعادة الحيوية بعد التعرض لمأزقٍ خطير، إذ كانت الطريقة بالنسبة إلي الاعتراف بمشاعري، وامتلاك منظومة دعم قوية، والتحرّك بأسلوبٍ جدي، ووضع الأهداف، وتوجيه طاقتي نحو أمورٍ إيجابية. ودون تلك التجربة أشك بأنَّني سأكون في المكان الذي أنا فيه اليوم.

قد تكون الرحلة مختلفة بالنسبة لك ولكن إذا لم تكن قادراً على تحفيز نفسك والخروج من الألم الذي تشعر به فيمكنك التحدث إلى أحد الخبراء الذي بإمكانه أن يستمع لك ويقدم لك بعض التقنيات والمهارات المفيدة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة