كيف تحافظ على عملك في ظل موجة الاستقالات؟

على الرغم من التوقعات المنطقية عن كيفية تأثير جائحة كورونا Covid-19 سلباً في الاقتصاد خلال عامي 2020 و2021، تمكنَّت العديد من مجالات العمل من التَّأقلُم مع الوضع وحتى النمو بشكل مستدام؛ حيث سجَّل مؤشرا إس وبي 500 وداو جونز (Dow Jones) الصناعي ارتفاعات قياسية في أغسطس/ آب.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المُدوِّن والمدير التنفيذي ومستشار الأعمال ماريو بيشيف (Mario Peshev) الذي يُحدِّثُنا فيه عن طرائق إعادة تشكيل استراتيجية العمل لتجاوز موجة الاستقالات.

كما تُسجِّل معظم الصناعات نمواً على مدار العام، باستثناء القطاعات شديدة التأثُّر مثل شركات الطيران، والمطاعم، والترفيه، وقطع غيارات السيارات؛ ويبدو أنَّ فاعلية اللقاح ستخفف من احتمالات الإغلاق في المستقبل، كما أنَّ التوظيف آخذ في الازدياد، وإحدى الظواهر غير المتوقعة على نطاق واسع هي هجرة المواهب العالمية من بعض المنظمات الصغيرة والكبيرة؛ حيث أدَّت جائحة كورونا إلى تحول غير مسبوق في إعادة التفكير في التوازن بين العمل والحياة، مما أتاح فرصاً جديدة للموظفين المستقلين الذين يعملون من المنزل، إلى جانب سيل من وظائف العمل عن بُعد التي وفَّرتها الشركات الجديدة التي تُحقِّق تقدماً.

ويَنصَبُّ التركيز على تشكيل ديناميكيات عمل تراعي الاحتفاظ بالمواهب، بينما عانت غالبية الشركات من عواقب تَركِ الموظفين الذين يعملون فيها منذ زمنٍ بعيد لأعمالهم، فإعادة بناء الأقسام الأساسية ومواكبة المعرفة المؤسسية تستغرق وقتاً؛ لذا إليك ما يجب فعله لتقليل التوتُّر داخل المنظمة - وخارجها - والنجاة خلال الأشهر القليلة المقبلة:

1. مناقشة موضوع موجة الاستقالات مع فريقك:

سيجعل التحول الحالي في مسار التوظيف الكثير من موظفيك يشككون في قدرة الشركة على الاستمرار طويلاً في العمل، ودون رسالة ثابتة، أنتَ تُعرِّض نفسك لخطر التوجُّه الجديد السائد المتمثل في "التخلي عن الشركات" ما لم تشرح الموقف سابقاً.

أدركتُ في أثناء دراسة التوجهات السائدة نحو الاحتفاظ بالموظفين العاملين في الشركة - والعمل عن كثب مع مجموعة العملاء والشركاء لدينا - أنَّ الاستقالات لا تقتصر على مكانٍ أو مجالٍ مُحدَّدَين أو على شركات ذات حجم مُعيَّن، فقد استقال 4 ملايين شخص من وظائفهم في أبريل/ نيسان وحدهُ؛ وهو العدد الأكبر على مدار العقود القليلة الماضية.

اعقد اجتماعاً داخليَّاً لمناقشة الظاهرة العالمية مع فريقك بصراحة، وأَكِّد لهم أنَّ العمل جاهز، وأنَّها فترة انتقالية للعالم، وأَفصِح عن خططك للتوظيف وخططك المستقبلية مع شرح الخطوات التالية بحزم، وتأكَّد من أن تبقى رؤيتك واضحة وأنَّك تحصل على موافقة أصحاب المصلحة الرئيسين داخل الشركة، وإذا لزم الأمر، اعقد لقاءات فردية مع المديرين والمساهمين الذين يحتاجون إلى المشاركة بفاعليَّةٍ في العملية.

شاهد بالفديو: 5 نصائح قبل تقديم الاستقالة

2. فهم أنَّ العملية قائمة على التغيير:

تكشف دراسة سيكولوجية الحشود الكثير عن التأثير الاجتماعي والميول لاتِّباع النزعات الجديدة اتِّباعاً أعمى؛ إذ إنَّ الأشخاص الموهوبين الذين يعملون لديك محاطون بأشخاص غير الزملاء في مكان العمل - أفراد العائلة، والأصدقاء، والأقران في الشركات الأخرى - ومن المحتمل أن يترك بعضهم وظائفهم ويتشجعون بالبحث عن فرص عمل جديدة، وإمكانات أفضل، وحتى الهروب من المجتمعات الكبيرة وعيش حياة متنقلة، أو العمل في النجارة أو الزراعة.

في حين أنَّ الشعور بالحرية يبدو وكأنَّه أمر ممتع، إلا أنَّه يمثل حالة بالغة الصعوبة - فالبحث عن عيش الحياة الهادئة نفسها بعد عام طويل من الإغلاق والذعر - وهو الأمر الذي أثر في السيكولوجية الاجتماعية - قد أدى إلى بقاء الآباء والأمهات مع أطفالهم في المنزل، ودفعَ الكثيرين منهم إلى التشكيك في وضع السلامة المهنية للعاملين في مجالات العمل، ومن المحتَّم أن تصل هذه العملية في الأشهر المقبلة إلى الذروة؛ حيث تحتلُّ كشوف المرتبات العادية الأولوية، كما أنَّ نشاطات الفِرق الجماعية ستعود مُجدداً، حتى ذلك الحين، خذ الوقت الكافي لفهم العملية والتخطيط لاستراتيجيتك حولها.

إقرأ أيضاً: كيف تخوض عملية الانتقال التنظيمي عبر كل تغيير؟

3. إبلاغ العملاء والشركاء بالتأخيرات:

إذا كنت مرتبكاً لكنَّك تبذل كل ما في وسعك لملء المناصب الرئيسة الشاغرة، فإنَّ أسوأ خطوة يمكنك اتِّخاذها، هي إرغام أعضاء فريقك على تحمُّل مسؤوليات الموظفين السابقين، بدلاً من ذلك، أَعِد التفكير في سير العمل الحالي وخطِّط للتأخيرات المحتملة، مع مراعاة الموارد المُتاحة على الفور، وفي حين أنَّ فريق التوظيف الخاص بك قد يكون بصدد إعداد سلسلة من المقابلات أو أنَّك مشغول في إقامة شراكات استراتيجية للاستعانة بمصادر خارجية وتخفيف عبء العمل، يُرجى مراعاة التأخير المُحتَمل في عمليات التسليم.

وفي أسوأ السيناريوهات، ضع في حسبانك إجراء بعض التخفيضات أو تعليق بعض العقود أو المشاريع الأقل أهمية لبضعة أشهر، وبمجرَّد إجراء الحسابات وتقدير حجم عبء هذا العمل، اعرض النتائج التي توصلت إليها على قسم المحاسبة وعلى شركائك، وجهز مكالمات مع العملاء المتميزين، أو أرسل رسالة إخبارية تشير إلى تأخيرات محتملة في الطلبات.

وأكِّد لهم أنَّها إعادة هيكلة مؤقتة خلال موسم الصيف؛ فقد تكون هذه فرصة رائعة للتفاوض بشأن بعض العقود طويلة الأجل، أو عَقد صفقات مسبقة، أو حتى التفاوض بشأن شروط أفضل للعام المُقبِل، ضع في حسبانك تكلفة اكتساب المواهب الجديدة، وضَع ميزانية لها في التوقعات والتقديرات التعاقدية.

4. أخذ الموارد في الحسبان:

على الرغم من أنَّه قد فُعِّلَ تنفيذ الخطط الحالية، فقد حان الوقت لإعادة النظر في الموارد المتاحة وتجديد خططك وفقاً لذلك، أَجرِ تحليل سووت SWOT بسيط عبر مؤسستك، وأَعِد اكتشاف نقاط القوة والضعف والفُرص والأخطار في العمل في ذلك الوقت.

فإنَّ فقدان المواهب الرئيسة قد يجعلك عُرضة للخطر مع وضع خريطة الطريق الحالية في الحسبان، ولكنَّ التحلي بالمرونة عندما يتعلق الأمر بالخطط المستقبلية، قد يكشف عن إمكانات أو مشاريع جديدة يمكنك أن تبدأ بها من داخل المؤسسة؛ لذا، شدِّد على قدراتكم أولاً - وقبل كل شيء - وضاعف جهودك في المجالات التي لا يزال في إمكانك استثمار إمكاناتك فيها بالكامل.

إقرأ أيضاً: التخطيط لحالات الطوارئ: وضع "خطة ب" مُحْكَمة

5. التروّي:

قد تكون إدارة شركة يَسيرُ العملُ فيها بوتيرةٍ متسارعة، أو توقُّع هامش ربح معيَّن عاماً تلو الآخر مُرهِقاً مع مغادرة الأشخاص الرئيسين للمؤسسة، وإذا لم يُفلح أي شيء، جرِّب تعديل الحسابات والانتقال إلى إجراء الإصلاحات حتى نهاية العام.

إنَّ تنمية الأعمال التجارية هي بمنزلة سباق ماراثون يستغرق وقتاً ومثابرة، في بعض الأحيان، لا بُدَّ من وقوع أضرار، وتحتاج إلى بعض الوقت للشفاء قبل أن تستعدَّ إلى الجولة التالية؛ فلقد تسببت جائحة كورونا في تعطُّل عشرات الملايين من الشركات في جميع أنحاء العالم، ولا يوجد شيء مُخجِل في تأجيل خطط النمو الخاصة بك للعام المقبل.

على الرغم من أنَّ كبار الموظفين قد لا يكونون موجودين في الشركات، فقد حان الوقت للتراجع خطوة إلى الوراء، وإعادة التفكير في الاستراتيجية للأشهر القليلة المقبلة، فالشركات تواجِه التحديات، سواء كان ذلك في تأمين التمويل، أم إبرام العقود الاستراتيجية أم توظيف أفضل المواهب، أم ترقية الموظفين لتولِّي أدوار إدارية، أم الابتكار للبقاء في صدارة المنافسة؛ لذا تأكَّد من فهمك لكل التوجهات العالمية والتصرُّف وفقاً لذلك؛ حيث تعدُّ إدارة المخاطر جزءاً لا يتجزأ من صفات كل رائد أعمال، وهذا ما يميز القادة المرنين عن القادمين الجدد.

المصدر




مقالات مرتبطة