كيف تحافظ على علاقة زوجية مرضية رغم أنف الزمن؟

إنَّها مدينة يوتوبيا ومدينة أتلانتس المفقودة وجبل أوليمبوس، مثل أن نحظى بسنوات جنسية في إطار العلاقة الزوجية، لكن ماذا لو لم يكن مجرد خيال؟ ماذا لو كانت العلاقة الزوجية المُرضية أمراً ممكناً بعد مضي سنوات طويلة على الزواج؟ وماذا لو كنا نبحث عن العلاقة الزوجية الجيدة من منظور خاطئ تماماً؟



تحمل العلاقة الزوجية طويلة الأمد العديد من الفوائد، ولعلَّ أهمها هي وجود شريك وحضن دافئ طوال فترات الصعود والهبوط التي لا مفر منها في الحياة، لكن مع مرور الزمن سيتغير الشغف أو يخف، ولكنَّه لا يختفي.

قابل "نفسك الجنسية":

قابل "نفسك الجنسية"، وهذه واحدة من الأفكار الرائعة التي ابتكرها الطبيب النفسي "ستيفن سنايدر" في كتابه (Love Worth Making: How to Have Ridiculically Great Sex in a Long-Last Reliance)؛ إذ يفترض "سنايدر" أنَّ النفس الجنسية هي التي تحمل مفتاح العلاقة الزوجية المُرضية.

ما هي العلاقة الزوجية الناجحة؟

العلاقة الزوجية الناجحة هي العلاقة التي تجعلك تشعر بالرضى عن نفسك وتجعلك تشعر بأنَّك مميز؛ إذ تؤيد معظم كتب الجنس فكرة أنَّ العلاقة الزوجية هي مجرد "احتكاك وخيال"، لكن هذا ليس نوع العلاقة التي يبحث عنها معظم الأزواج، فالاحتكاك الجيد لطيف، وبالتأكيد أفضل من الاحتكاك السيئ، لكن فكر في أعظم جنس مررت به على الإطلاق، من المحتمل أنَّ شيئاً آخر غير الاحتكاك جعله لا يُنسى، ويمكن أن يكون الخيال ممتعاً، ولكنَّ العقل الجنسي هو عضو مستهلك لا يهدأ وهو يريد دائماً شيئاً جديداً.

يشمل نوع الجنس الذي يوصي به الدكتور "سنايدر" القلب وكذلك العقل والجسم، فإنَّ المشاعر التي تحقق علاقة زوجية مُرضية ليست رغبة أو شهوة في الواقع؛ بل امتنان؛ إنَّه شعور شخصي أكثر ويشعر به معظمنا في مكان ما في صدرنا.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح للزوج قبل ممارسة العلاقة الحميمة

ما هي علاقة اليقظة بالجنس؟

يظل معظم الأزواج السعداء راضين؛ ليس من خلال البحث عن المغامرة، لكن من خلال تدريب أنفسهم على الانتباه إلى اللحظات المثيرة العادية التي يتشاركونها معاً. ومن المعروف منذ آلاف السنين أنَّ السعادة الحقيقية تأتي من تقديس ما هو "عادي"، ويؤكد "ستيفن سنايدر" دكتوراه في الطب ومعالج جنسي أنَّه يجب على الأزواج ممارسة اليقظة الذهنية قبل ممارسة الجنس، وتتضمن خطوتين:

  • الخطوة الأولى: ممارسة اليقظة الذهنية.
  • الخطوة الثانية: ممارسة الجنس مع الحفاظ على هذه اليقظة.

يقول "سنايدر": "أفكر في هاتين الخطوتين بوصفهما بديلاً لمواعيد الجنس التي يقول لي الأزواج في عيادتي إنَّها لا تعمل بشكل جيد، فمشكلة المواعيد الجنسية هي أنَّك لا تستطيع التحكم في الرغبة، وبحلول الوقت المحدد قد لا تكون في حالة مزاجية مناسبة، وتصبح هذه المواعيد مجرد وصفة لممارسة الجنس السيئ".

بدلاً من ذلك، أقترح عادةً على الأزواج تحديد موعد للذهاب إلى الفراش معاً بنية عدم فعل أي شيء على الإطلاق، فقط اقضِ القليل من الوقت في جذب الانتباه إلى اللحظة، ولاحظ الأحاسيس والمشاعر والأفكار لكن لا تلتصق كثيراً بأي منها، فثمة نوع من السكون يمكنك تحقيقه بهذه الطريقة - أحياناً أكثر وأحياناً أقل - وهذا هو جوهر الإثارة الحقيقية، فهذا السكون هو المكان الذي تحدث فيه كل الأشياء الجيدة.

عبر عن رغباتك ولا تنتظر الشريك ليلبيها لك:

عندما تريد شيئاً لا يستمتع به شريكك، تذكر أنَّ جزءاً من فن الجنس الجيد هو أن تكون قادراً على التعبير عن رغباتك مع الأخذ في الحسبان أنَّ الشخص الآخر غير موجود لإشباعها؛ إنَّها قاعدة هامة، فيجب أن تتجنب تماماً فعل أي شيء تكرهه في السرير، ولا تفعل ذلك لأنَّه يرضي شريكك، وبدلاً من ذلك، ابحث عن شيء آخر تحبه ويحبه شريكك أيضاً، ومهما كان الأمر تأكد من أنَّه يجعلكما زوجين سعيدين، وبخلاف ذلك على الأمد الطويل لن يكون أحد سعيداً.

احصلا على بعض المتعة كل يوم:

من المفضل أن يحصل الزوجان على بعض المتعة معاً كل يوم، حتى لو لم يكن لديهما الوقت أو الطاقة لممارسة الجنس، على سبيل المثال، لمدة دقيقة أو دقيقتين فقط قبل النوم أو قبل المغادرة في الصباح للذهاب إلى العمل، فبهذه الطريقة تبقى قناة الحب بين الزوجين مفتوحة.

للأسف، يتجنب العديد من الأزواج على الأمد الطويل الإثارة ما لم يكن لديهم النية أو الوقت لممارسة الجنس، كما لو أنَّ الإثارة شيء لا يجب أن تعبث به إلا إذا كنت تخطط لإخمادها بالنشوة الجنسية، وهذا سخيف جداً، فالإثارة شعور جيد، وبالتأكيد قد يكون الأمر محبطاً إذا كنت تشعر بالإثارة وتضطر إلى الانتظار حتى وقت لاحق لممارسة الجنس، ولكنَّ القليل من الإحباط يمكن أن يكون مثيراً للرغبة والشوق تجاه شريكك في الحياة الزوجية.

شاهد بالفديو: 10 أمور تزيد من سعادة الزوجين

النرجسية والعلاقة الزوجية الناجحة:

بالتأكيد يجب أن يكون الجنس شعوراً جيداً، لكن عندما تفكر في الأمر من منظور الذات الجنسية، فإنَّ الجنس يتعلق أكثر بكثير بجذب انتباه الشريك بشكل كامل ومطلق، فهكذا يُعَدُّ الجنس مجزياً من الناحية النرجسية، وهذا هو السبب الرئيس الذي يجعل الأزواج يمارسون الجنس بدلاً من الاستمناء فقط، فالذات الجنسية نرجسية وبشكل مطلق وبنفس الطريقة التي يكون بها الأطفال الصغار نرجسيين، فلا يقلقون من أنَّ احتياجاتهم قد تكون مفرطة، وهم فقط يريدون ما يريدون.

عندما تثار بشدة، قد تشعر بالاندماج العميق مع شريكك، ولكنَّك لست مهتماً بسماع تفاصيل يومه؛ بل تريد من شريكك أن يُخبرك أنَّك رائع وأن تُعامل كأهم شخص في الكون، وكما ذكرنا آنفاً، فإنَّ أهم مكافآت العلاقة الزوجية الجيدة هي النرجسية، بما معناه الحصول على اهتمام وشعور شريكك الكامل في الوقت الحالي بأنَّك أهم شخص في الكون.

اعتاد الجنس أن يكون من الطرائق القليلة التي يمكن أن يحصل بها الناس على هذا النوع من الإشباع النرجسي، وفي الوقت الحاضر تزودنا هواتفنا بمكافآت نرجسية لا حصر لها، مثل الإعجابات والمتابعات والمشاركات وما إلى ذلك؛ إذ تتجاوب أجهزتنا الإلكترونية معنا تجاوباً رائعاً، وتضيء عندما تلمسها وهذا شيء جميل، ويسعدها دائماً رؤيتك، وهذا ممتع للغاية من الناحية النرجسية.

لا تكن أنانياً سوى في العلاقة الزوجية:

يقضي الأزواج الكثير من الوقت في التفكير في التقنية، وهذا يؤدي إلى الملل في العلاقة الزوجية؛ إذ تتمحور التقنية الجيدة حول العطاء، ولكنَّ نفسك الجنسية ليست لديها فكرة عما تعنيه كلمة "عطاء".

يشعر الناس بالقلق من أنَّهم إذا تصرفوا بمزيد من الأنانية في السرير، فلن يشعروا بأنَّهم مرتبطون بشريكهم، والحقيقة هي أنَّ الأنانية الإيروتيكية يمكن أن تنتج إحساساً أعمق بالاتصال من العطاء الجنسي، فإذا كنت تستمتع مع شريكك في العلاقة الزوجية وتتحمل مسؤولية إشباع رغباتك، فيمكنه فعل الشيء نفسه دون الحاجة إلى القلق بشأنك؛ إذ يقول الدكتور "سنايدر": أسأل الرجال في عيادتي "عندما تلمس جسد زوجتك، هل تفعل ذلك من أجل سعادتك أم من أجل جسدها؟ يقولون حتماً من أجلها".

نلاحظ العطاء الجنسي أكثر من الأنانية الجنسية؛ وذلك لأنَّ العطاء الجنسي أكثر رواجاً ويوجد الكثير ممن يكتبون عنه، وتوجد آلاف المقالات مثل "سبع طرائق لإرضاء زوجك أو زوجتك في السرير"، لكن من الصعب الكتابة عن الأنانية الجنسية؛ إذ يمكن لهذا النوع من الأنانية الجنسية التي ناقشناها هنا أن يربط شخصين على أعمق مستوى، لكن ليس بالضرورة أن يكون لكل أنواع الأنانية الجنسية هذه الخاصية الإيجابية.

إقرأ أيضاً: كيف تتخلّص من الفتور في علاقتك العاطفية؟

شهر العسل لن يستمر مدى الحياة:

يعيش الأزواج في بداية حياتهم الزوجية "مرحلة شهر العسل"، وتزداد في هذه المرحلة نسبة الهرمونات بما في ذلك الكورتيزول والأدرينالين والدوبامين والإندورفين والأوكسيتوسين، وعلى الرغم من المتعة الكبيرة في مرحلة شهر العسل، ولكنَّها ليست دائمة.

يتلاشى الفرح وتخف المتعة بشكل حتمي، ولكنَّ شيئاً أكثر قيمة يحل محله، ففي العلاقات الزوجية الصحية طويلة الأمد يحل شعور الأمان - الارتباط الآمن - محل التجديد والإثارة، وهذا يدفع الناس إلى الاعتقاد بأنَّ الشرارة قد اختفت، وهي لم تختفِ بالضرورة؛ بل تحتاج فقط إلى إعادة إشعالها بطريقة مختلفة.

نحن ضد العالم:

"هل يمكنك القيام برحلة؟ أو هل يمكنك قضاء عطلة نهاية الأسبوع وممارسة هواية جديدة خلال هذين اليومين؟ الشعور الذي تسعى إليه هو الشراكة والعمل الجماعي واستعادة الروح الثنائية التي لطالما كان عنوانها "نحن ضد العالم".

تحمَّل المخاطر وفكر خارج الصندوق:

اشتريا معدات التخييم واستكشفا المناطق النائية وتعلما صنع السوشي من الصفر واشتركا في دروس السالسا وابحثا عن المغامرة في جزيرة نائية؛ إذ تؤدي المخاطرة إلى تحفيز هرمونات مثل الأدرينالين والإندورفين.

في الختام:

إنَّ محاولاتنا لإعادة إشعال الشرارة ليست علامة على الفشل ولكنَّها فرصة لفهم أحبائنا بطريقة جديدة، ولإحياء الشرارة بينكما تذكَّر من هو الشريك خارج العلاقة؟ وكيف يأكل ويشرب وينام دونك؟ وفكر في الصفات التي جذبتك إلى شريكك في الأيام الأولى، وحاول أن تستعيد تلك الذكريات التي عشتها قبل مجيئه، وستجد نفسك ممتناً لوجوده وكأنَّك التقيته منذ قليل.




مقالات مرتبطة