كيف تجعل الآخرين يحترمون وقتك؟

رغم الانتكاسة الطفيفة التي شهدتها في الربع الثالث من العام الماضي، إلَّا أنَّ "أوبر" (Uber) حقَّقتْ قفزةً كبيرةً لتصبح الشركة الناشئة الخاصة ذات القيمة الأعلى في العالم، ما السبب الذي جعل "أوبر" تصل إلى هنا؟ السبب هو أنَّ "أوبر" لا تبيع التوصيلات بل تبيع الوقت الذي هو أثمن رصيدٍ ملكه المرء.



لا يستطيع معظم الناس قضاء يومهم دون الدخول في حواراتٍ لم يُخطّطوا للدخول فيها، إذ إنَّ إدراج مثل هذه الحوارات المفاجئة على جدول الأعمال أمرٌ غير ممكن، ولو كانت إضاعة وقت الآخرين دون الحصول على إذنهم تُعَدُّ، مثل سرقة الأموال، عملاً غير قانونيَّاً لوجد زملاء العمل والموظفون أنفسهم طرفاً في أكبر دعوى قضائية جماعية في التاريخ.

في المقابل نحن لا نعيش في عالمٍ مثالي، أي إنَّك لن تكون قادراً أبداً على التخلص من جميع مصادر تشتيت الانتباه ولن تستطيع أن تعيش حياتك بعيداً عن الناس باستمرار. ولكنَّ الوقت يُعَدُّ سلعةً نادرة، فلا يمكنك تخصيص وقتٍ لكافة الأشياء ولجميع الناس الذين يوجد الكثير منهم حولك. وبما أنَّنا جميعاً نمتلك القَدْر نفسه من الوقت في كل يوم فإنَّ أفضل ما يمكن القيام به هو أن نتصرف تصرفاً مسؤولاً مع القَدْر الذي نملكه. فيمكنك جعل الآخرين يحترمون وقتك دون نشوء عداوةً بينك وبينهم:

1- احترم وقتك:

تعرف على مهارات إدارة الوقت وأتقنها واحدةً تلو الأخرى، ومع وجود عدد لا يُحصى من المقالات التي تتحدث عن موضوع الوقت إلَّا أنَّ قلةً هم الذين يتبعون مبادئ إدارة الوقت. وحينما يرى الآخرون أنَّك لا تحترم وقتك فلن يحترموه كذلك.

يمكنك على سبيل المثال أن تتقن فن التلفظ بـ "لا" بأسلوب أكبر، إذ من المفيد أن تظهر الرفض للأطفال، والعملاء، والأصدقاء، والزملاء في العمل بين الحين والآخر لأنَّ ذلك يُظهر لهم أنَّك لست "وجبةً مفتوحة" يمكن للجميع تناولها. وإذا كنت تخاف من أن تهين أحدهم بين الفينة والأخرى فأنت على حق، لأنَّ بعض الناس سيشعرون بالإهانة (ووسائل التواصل الاجتماعي هي أكبر دليلٍ على أنَّه ليس في مقدروك أن ترضي الجميع). وقد يخفف من وطأة مخاوفك أن تعلم أنَّه حتى أكثر الناس نجاحاً على هذه الأرض لديهم الآلاف ممَّن يبغضونهم.

ولتعلم أنَّ الآخرين سيشغلون يومك كله إذا سمحت لهم بذلك، فابدأ يومك بكتابة خطةٍ تحدد فيها كيف ستقضي الـ 24 ساعة وستجني من خلال ذلك الكثير من الفوائد التي من بينها زيادة الإنتاجية. فحينما تعرف القيمة الحقيقية لوقتك من الطبيعي أن يؤثِّر ذلك في اختيار ما ستقوم به وما ستتجنَّب القيام به. وكلما شعرت بقيمة وقتك ازداد تفكيرك بساطةً وأصبحت نتيجةً لذلك أكثر قدرةً على انتقاء التصرفات المناسبة وفقدت رغبتك شيئاً فشيئاً بإضاعة الوقت.

وتذكَّر أن الناس ليسوا أكثر من يضيِّع وقتك، فكم مرةً تزعجك الهواتف المحمولة وغيرها من الأجهزة بالإشعارات الصادرة عنها؟ وهل أنت بحاجةٍ حقَّاً إلى أن تعرف ممَّن أتت الرسالة في كل مرةٍ يرسل لك فيها أحدهم رسالةً على الفيسبوك؟ فانتبه خلال اليوم كم مرةً يتعرض فيها عملك إلى المقاطعة وحدد إذا ما كان من المهم حقاً أن تطلع على المعلومة في لحظة وصولها، ومن ثمَّ تخلص من أي شيءٍ لا تنطبق عليه المعايير.

 

اقرأ أيضاً: جدولة الأعمال بفاعلية: خطّط لأفضل استثمار لوقتك


2- تسلّح بعبارةٍ تبعد بها من يريد إضاعة وقتك:

قرّر مسبقاً كيف ستنسحب من الحوارات التي تستهلك الوقت ولا تفضل الاشتراك فيها، فاحفظ عبارةً لطيفةً أو عبارتَين لطيفتَين لهذا الغرض، لأنَّ محاولة تأليف متل هذه العبارات في أثناء الحوار سينعكس على لغة جسدك وتعابير وجهك. لقد قابلت اختصاصي علاج كان يتّبع نهجاً ذكيَّاً لمواجهة مثل هذه المواقف فكان يقول: "لقد طرأ أمرٌ ما ويجب عليَّ أن أغادر".

يمكنك كذلك منع الآخرين من مقاطعتك من خلال تأجيل الحوار إلى وقتٍ لاحق وأن تقول لهم: "سيكون من الجميل أن أستمع إلى ما تقوله، ولكنَّني الآن مشغولٌ بالعمل. فهل يمكن أن تذكرني بالموضوع لاحقاً؟".

ثمَّة ثلاث فوائد تجنيها من خلال ذلك: أولها أنَّه يجنَّبك المقاطعة ويتيح لك الاستمرار بما تقوم به. وثانيها أنَّه يمرِّن عقلك على رفض مصادر تشتيت الانتباه رفضاً مؤدباً ويحافظ على تركيز الاهتمام على المهمة التي بين يديك. وثالثها أنَّه يؤكد أن الحوار من النوع الذي يستحق اهتمام كِلا الطرفَيْن بالفعل لأنَّكما تستكملانه لاحقاً، وحينما يكون الموضوع مهماً سيتذكره الطرف المُقاطع وسيعود إليه، رغم أنَّك سترى غالباً أنَّ هذه الحوارات "العاجلة" ستختفي شيئاً فشيئاً، فيمكن لذلك أن يكون طريقةً رائعة للتخلص من الحوارات التافهة.


اقرأ أيضاً:
التقليل من الإلهاءات: 10 طرق لتتحكّم بيومك


3- تواصل مع أشخاصٍ آخرين ينظرون إلى وقتهم بعين التقدير:

مع مرور الوقت يبدأ الإنسان بالتشبُّه بأولئك الذين يحيط نفسه بهم، فأعِر اهتماماً خاصَّاً للأشخاص الذين يتقنون إدارة الوقت ويُخطّطون لتصرفاتهم، وإذا كنت محظوظاً بما فيه الكفاية وحصلت على دقيقةٍ من وقتهم فتأكَّد من ألَّا تضيع سدىً. إنَّ حُسْنَ استخدام الوقت لا يعني العمل عملاً مستمراً بل يعني أن تتحكم بما تقوم به، وأن تعرف مع من ستقوم به، وأن تعيش حياتك بأسلوب مدروس.

علَّق شخصٌ كان مشرفاً علي في وقتٍ سابق لوحةً فوق مكتبه كَتَبَ عليها: "إذا لم يكن لديك ما تقوم به فلا تقم بذلك هنا". في ذلك الوقت رأيت أنَّ ما قام به يُعّدُّ لطيفاً وذكيَّاً وبعد ربع قرن ما تزال هذه العبارة تترك في داخلي أثراً عميقاً وبالغاً.


اقرأ أيضاً:
استثمار الوقت... أوّل خطوة لزيادة الإنتاجيّة في العمل


من الصعب أن تكون شخصاً يتحكّم بوقته تحكماً فعالاً في زمنٍ تتّصف فيه العلاقات بميوعتها، وفوضويَّتها في بعض الأحيان. وثمَّة العديد من المساحات الرمادية التي يكون تمييز بعضها أسهل من بعضها الآخر، فيجب عليك رسم الحدود حولك وترسيخ تلك الحدود من خلال إخبار الآخرين أن يحترموا وقتك فأنت الوحيد الذي يستطيع إنجاز هذه المهمة الجوهرية. فبعض أنجح رواد الأعمال في العالم هم أيضاً أصعب ما يمكن التواصل معهم – إذ ربما يكونون مشغولين بالتخطيط للقيام بأمرٍ ما.

 

المصدر




مقالات مرتبطة