كيف تجد عملاً جديداً في سن الأربعين وتتخلّص من الشعور بالعجز

ثمَّة العديد من الناس الذين نجحوا في العثور على عملٍ جديد وهم في سن الأربعين أو بعد أن بلغوا الأربعين، خير مثالٍ على ذلك منتجات بسكويت (The Duncan Hines) التي نراها في متاجر البِقالة، إذ إنَّ "هاينز"، مالك العلامة التجارية، أعَدَّ وصفته الأولى حينما كان يبلغ من العمر 55 عاماً، واستخرج التراخيص لوضع اسم منتجه على البسكويت حينما بلغ 73 عاماً.



وقد انتقل "سامويل ل. جاكسون" إلى العمل في التمثيل وكان أحد نجوم فيلم (Pulp Fiction) إلى جانب الممثل "جون ترافولتا" حينما بلغ من العمر 46 عاماً. وكان عمر "راي كروك" 59 عاماً حينما اشترى أول فرعٍ له من فروع ماكدونالدز، وافتتح "سام والتون" أول فرعٍ من فروع سلسلة متاجر "والمارت" حينما كان عمره 44 عاماً.

يمكنني أن أستمر إلى الغد في ذكر أسماءٍ مشابهة لكنَّني أعتقد بأنك فهمت الفكرة، إذا كنت تمتلك عقلاً سليماً ولا زالت تتنفس هذا يعني أنَّك قادرٌ على النجاح في العثور على عملٍ جديد.

سنناقش في هذه المقالة لماذا يبدو تغيير العمل بعد سن الأربعين أمراً شاقاً بالنسبة إليك، وسنرى كيف نصنع التغيير ونتخلص من الشعور بالعجز.

ما الذي يمنعك من تغيير عملك؟

ثمَّة العديد جداً من الأسباب المذهلة التي قد تدفع المرء إلى تغيير عمله في سن الأربعين، لكن ثمَّة من قد يقول أنَّ تغيير العمل يمكن أن يكون مفيداً في أيَّة مرحلة من مراحل العمر، بيد أنَّ ثمَّة شيئاً مختلفاً قليلاً يتعلق بتغيير الإنسان عمله في سن الأربعين.

حينما تبلغ سنّ الأربعين يصبح لديك على الأرجح الكثير من المسؤوليات التي تؤثر في عملية اتخاذ القرارات. ربما تسأل نفسك ما المسؤوليات التي أعنيها؟

المسؤوليات تكون عادةً مخاوف وشكوكاً متخفيةً بسِتار المنطق والعقلانية فقد تخاطب نفسك قائلاً:

  • لدي الكثير من الفواتير التي يجب علي أن أسددها وعندي عائلة يجب عليَّ أن أُعيلها، هل أستطيع أن أتحمل تكلفة المجازفة المترتبة على تغيير العمل؟
  • ماذا عن الصداقات التي صنعْتُها خلال تلك السنوات؟ لا يمكن لي أن أتجاهلها.
  • ماذا لو لم أحب عملي الجديد مثلما كنت أتخيل؟ قد أشعر بالبؤس وقد أعْلَق في موقفٍ سيء.
  • عملي الجديد أصعب من عملي السابق وأنا أحتاج إلى مزيدٍ من التدريب، وإلى مزيدٍ من الشهادات فهل في إمكاني تحمل تكلفة هذه النفقات الإضافية؟ وهل سيبقى لدي ما يكفي من الوقت لاستعادتها؟
  • الوضع الاقتصادي ليس في أفضل حالاته وثمَّة الكثير من الغموض الذي يكتنف مجال العمل الجديد، سيكون من الأفضل ربما أن أنتظر حتى أتقاعد من الشركة بعد 15 عاماً ثمَّ أستطيع بعدها البدء بعملٍ جديد.

إذا كانت قد راودتك أيٌّ من هذه الأفكار ربما جعلتْكَ تشعر بالهدوء مدةً قصيرة سواءً استمرَّتْ هذه المدة القصيرة بضعة أسابيع أو شهور أو حتى بضع سنوات. ولأنَّك تعلم أنَّك تفضل القيام بعملٍ آخر لتكسب لقمة عيْشِك ستبدأ تشعر بأنَّك مقيَّدٌ في منصبك الحالي، والأسباب التي كنت تبرر بها عجزك لن تبقى مفيدة، وما كان يبدو شقاً صغيراً يَظْهَر منه عدم شعورك بالرضا عن عملك الحالي قد أصبح الآن شرخاً عميقاً.

من الناحية المثالية يجب عليك ألَّا تبقى في وضعٍ يجعلك تصل إلى هذه المرحلة، لكن إذا كنت قد فعلت ذلك فلا يزال ثمَّة أمل.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح مهمة للحصول على عمل جديد ومناسب لك

نصائح للعثور على وظائف لسن فوق الأربعين:

يجب عليك ألَّا تشعر بعد الآن أنَّك مقيَّدٌ بعملك الحالي إذ يمكنك اتخاذ خطوات للتغلب على المخاوف وقهر الشكوك حتى تتمكن من تحقيق هدفك وتغيير عملك والبحث عن أفضل وظائف لسن الأربعين.

إنَّ التحدي الذي يجعل تغيير العمل أمراً صعباً هو ألَّا تعرف من أين تبدأ، إذ إنَّ ذلك الشعور بالإرباك والخوف من المجهول هو الذي يمنع معظم الناس من المضي قُدُماً إلى الأمام.

من أجل أن تنجح في تغيير عملك والعثور على عملٍ جديد بعد بلوغ سن الأربعين اتبع هذه النصائح الأربع:

1. اهتم بالوقت أكثر من المال:

ليس ثمَّة ما هو أثمن من الوقت، فأنت ربما تحصل على راتبٍ أو راتبين تعيل به أو بهما نفسك كل شهر، وهذا يعني أنَّ المال من الأشياء التي يمكن الحصول على مزيدٍ منها دوماً، لكن حينما يتعلق الأمر بالوقت فإنَّ الذي ينقضي منه لا يرجع، ولهذا السبب من الخطأ انتظار الموقف المناسب للانتقال إلى عملٍ جديد.

في الواقع لا يمكنك أبداً أن تعثر على الموقف المناسب إذ سيكون ثمَّة دائماً أمور يمكن تحسينها أو مشاريع ترغب في إتمامها قبل المغادرة. لكن من خلال منح الوقت الأولوية على حساب المال ستزيد فرصتك في النجاح وستتجنب الشعور بالعجز.

إذا شعرت أنَّك منفصل عن العمل الذي تقوم به فلتعلم أنَّك لست وحيداً، إذ يقول 32% فقط من الموظفين في الولايات المتحدة الأمريكية وفقاً لاستطلاعٍ أجرته مؤسسة (Gallup) أنَّهم يشاركون في عملهم بشكلٍ نشط.

سواءً كنت تشعر أنَّ مواهبك لا يُستفاد منها بشكلٍ صحيح، أو أنَّ السياسات المُتَّبعة لترقية الموظفين تصيبك بالتوتر، أو أنَّ ثمَّة نداءً يدعوك إلى القيام بشيءٍ مختلفٍ في حياتك، فالآن هو وقت المبادرة إلى التحرك.

لا تنتظر حتى تتقاعد بعد 10 أعوام أو 20 عاماً لتغير عملك، بل ضع خطةً الآن للبحث عن عملٍ جديد وستشكر نفسك لاحقاً على ذلك.

إقرأ أيضاً: نصائح هامة يجب أن تتقيّد بها أثناء البحث عن عمل

2. ابنِ شبكة علاقات:

إنَّ تغيير العمل ليس مهمةً سهلة لكن هذا لا يعني أنَّها مستحيلة.

من فوائد تحقيق التقدم في العمل أنَّك ستتواصل مع أشخاصٍ أحرزوا تقدماً في أعمالهم أيضاً، وحتى لو كان الأشخاص الذين تتواصل معهم لا يعملون في المجال الذي تنوي الانتقال إلى العمل فيه، فربما يتواصل هؤلاء مع أشخاصٍ يعملون ضمن ذلك المجال.

انتقَل أحد أصدقائي مؤخراً إلى عملٍ جديد في مجال العقارات، وأول شيءٍ فعله أنَّه أخبر جميع من يعرفهم أنَّه أخذ رخصةً للعمل وكيلاً عقارياً. لم يكن الشخص يعتقد أنَّ جميع من قابلهم ينوون بيع منازلهم، لكنَّه أراد أن نتذكره إذا تحدثنا مع أي شخصٍ ينوي شراء منزلٍ أو بيع منزله.

ربما عشْتَ تجربةً مشابهةً مع المستشارين الماليين الذين نراهم في كل مكان، إذ يريد هؤلاء أن يخبروك أنَّهم مستشارون ماليون محليون يملكون رخصةً للعمل في هذا المجال، ويريد كل واحدٍ منهم أن يكون أوَّل من تتذكره حينما تبحث عن مستشار أو حينما ترى أي أحدٍ يبحث عن مستشار.

الفائدة التي ستحصل عليها إذاً حينما يحقق الأشخاص الذين تعرفهم تقدماً في مهنهم، أنَّهم قد يُرقَّوا ليصبحوا مديري توظيف أو صنَّاع قرار. لذلك يجب عليك أن تدع الناس يعلمون أنَّك تفكر في تغيير عملك قبل أن تفعل ذلك حتى يذكروك حينما يحتاجون إلى شيءٍ ما.

دعني أطرح الأمر على شكل سؤال: متى أفضل وقتٍ تخبر فيه الناس أنَّك بدأت تعمل في جَرْف الثلوج؟

دع الناس يعرفون ذلك في الصيف قبل أن يكون ثمَّة قطعة ثلج واحدة على الأرض، واسألهم إذا كان من الممكن أن تستمر في التواصل معهم حتى يأتي الوقت الذي يحتاجون إليك فيه. يجب عليك بعد ذلك أن تقضي فصل الصيف كله في الاهتمام ببناء علاقة مع هؤلاء الأشخاص وتطويرها، ونتيجةً لذلك سيعرفون حينما يأتي الشتاء من سيجرف الثلوج من أمام أبواب منازلهم.

إذا أردت أن تكون مميزاً عن المنافسين ابدأ التواصل مع الآخرين قبل أن يحتاجوا إليك، وبذلك ستسبق المنافسين الذين سينتظرون حتى هطول الثلوج ليبدأوا التواصل معهم.

إقرأ أيضاً: دور التواصل والصورة المهنية في بناء شبكة العلاقات

3. آمن بأنَّ التغيير ممكن:

من أكبر الأخطاء التي يرتكبها الناس حينما يسعون إلى الانتقال إلى عملٍ جديد أنَّهم لا يتحدثون مع أشخاصٍ يعيشون الحياة التي يحلموا أن يعيشوها.

إذا اكتفيْتَ بالحديث مع أشخاصٍ لم يغيروا عملهم منذ 30 عاماً، فما نوع النصائح التي تعتقد بأنَّهم سيقدمونها لك؟ سيقدمون لك نصائح مرتبطةً بالحياة التي عاشوها، فإذا قضوا 30 عاماً في العمل نفسه سيشعرون على الأرجح أنَّ الاستقرار المهني أمرٌ أساسيٌّ في الحياة.

في الحياة تنعكس تصرفاتك على معتقداتك في أغلب الأحيان، والشخص الذي يريد أن يفتتح مشروعاً يجب عليه ألَّا يطلب النصيحة من شخصٍ لم يفتتح مشروعاً قطُّ في حياته. إذ إنَّ الشخص الذي لم يغامر أبداً ويفتتح مشروعاً ما سيتفادى المجازفة على الأرجح وسيتحدث لاحقاً عن الحقيقة التي تقول إنَّ معظم الشركات تخفق خلال سنواتها الخمس الأولى.

إذا تحدثْتَ عوضاً عن ذلك مع شخصٍ يدير شركةً، سيُحدِّثك عن الصعوبات التي ترافق إطلاق الشركات، بيد أنَّه سيخبرك أيضاً كيف تجاوز تلك الصعوبات وسيحكي لك بالإضافة إلى ذلك عن فوائد امتلاك عمل خاص.

إذا كنت تريد القضاء على مخاوفك وشكوكك المرتبطة بالانتقال إلى عملٍ جديد في سن الأربعين، يجب عليك أن تتحدث مع أشخاصٍ تمكنوا من تغيير أعمالهم بنجاح، حيث سيقدم لك هؤلاء وجهاتٍ نظرٍ واقعيةً حول هذا المسعى، لكنَّهم سيجعلونك تؤمن أيضاً بأنَّه أمرٌ ممكن.

"وقد أظهرت الدراسات أن من ضمن المصادر التي يعتمد عليها الناس في تشكيل معتقداتهم: البيئة، والأحداث، والمعرفة، والتجارب السابقة، والخيال، إلخ. وأن من ضمن أكبر الأفكار المغلوطة التي يؤمن بها الناس أنَّ المعتقدات هي أفكار ثابتة وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة، فالمعتقدات خيارات ونحن نملك قوة اختيار معتقداتنا".

من خلال تصديق النجاحات التي حققها الآخرون أنت تختار الإيمان بأنَّك تستطيع تغيير عملك بعد بلوغ الأربعين، وفي المقابل إذا سيطرَتْ عليك المخاوف والشكوك التي تراود الآخرين فقد اخترت الاستسلام لمخاوفك وشكوكك.

إقرأ أيضاً: قصص نجاح لأشخاص وصلوا إلى النجاح والثراء بعد الخمسين عاماً

4. اخرج من منطقة الراحة:

من أجل الانتقال إلى عملٍ جديد وأنت في سن الأربعين ستُضطر على الأرجح إلى مغادرة منطقة الراحة، والسبب في ذلك هو أنَّ منطقة الراحة لديك مبنيةٌ على التجارب التي خُضْتَها إلى حد الآن، وهذا يعني أن عملك الحالي يقع داخل منطقة الراحة الخاصة بك.

وعلى الرغم من أنَّك تشعر بالعجز وانعدام الإنتاجية في عملك، إلَّا أنَّ هذا العمل يبقى داخل منطقة الراحة الخاصة بك وهذا يفسر لماذا لا يرغب العديد من الناس في السعي إلى البحث عن أعمالٍ جديدة.

إذا كنت تريد أن تزيد احتمالات حصولك على عملٍ جديد يجب عليك أن تحضر مناسباتٍ مرتبطةً بمجال العمل الذي تنوي الانتقال إليه. وسواءٌ كانت هذه المناسبات مؤتمراتٍ محليةً صغيرة أو كبيرةً يحضرها الكثير من الناس، يجب عليك أن تجعل حضورها من ضمن أولوياتك، لكن من الناحية المثالية يجب عليك أن تحضر أولاً مناسباتٍ محلية لأنَّها قد تُعقَد في أجواءٍ أكثر ودَّاً.

ويوجد في العديد من هذه المناسبات جانب لتعزيز التطور المهني، حيث تستطيع معرفة المهارات، والشهادات، والعلوم التي يسعى الناس إلى الحصول عليها. وتستطيع أن تستطلع آراء الحاضرين وتُعِدَّ خطة عملٍ مبنيةً على الإجابات التي تحصل عليها.

الميزة التي يوفرها لك التعرف إلى مجال العمل الجديد هو أنَّك قد ترى أنَّك محظوظ (حينما تجتمع الفرصة مع الاستعداد)، فتبني علاقاتٍ ثمينة أو تحظى بفرصة لإجراء مقابلة عمل.

خلاصة القول:

مهما كان السبب الذي يجعلك ترغب في تغيير عملك، من حقك أن تفعل ذلك وأنت تملك فكرة وافية حصلْتَ عليها من خلال عملك الحالي يمكن أن تساعدك في التفوق على الآخرين.

ابدأ من اليوم بنشر قصتك والإفصاح عن رغبتك في تغيير عملك، واحضر مناسباتٍ مرتبطةً بالمجال الذي تنوي الانتقال إليه، وعزّز إيمانك بقدرتك على ذلك. لديك كل ما تحتاج إليه لتحقيق هدفك وكل ما تحتاج إليه هو التحرك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة