كيف تتوقف عن الشعور بالإرهاق بسبب كثرة مهامك؟

نمر جميعاً بأيام وأسابيع وشهور أو حتى سنوات من القلق والارتباك بسبب كلِّ العمل الذي يجب علينا إنجازه، هو شعور يصعب تحديد مصدره؛ ولكنَّه يؤلمنا من الداخل بينما قد يبدو للناس من الخارج أنَّك تسيطر على الوضع؛ لأنَّهم لا يعرفون ما يدور في ذهنك وأنَّ التوتر الذي يسيطر على أفكارك وعواطفك في كثير من الأحيان يشغلك طيلة اليوم، لديك كثير من الأشياء التي يجب أن تفعلها ولا يبدو أنَّك تنجزها أبداً وتشعر دائماً بأنَّك متأخر أو مقصِّر والضغط شديد ولا يُحتمل.



كلَّما تقدمنا في العمر يصبح من الأصعب أن نشعر بالسلام والنجاح، ربما تجد أنَّ الطريقة الوحيدة لإنجاز كلِّ شيء يجب عليك فعله هي أن تنام وقتاً أقل وتعمل أكثر؛ ولكنَّ هذا سيؤذي صحتك ويؤدي إلى تراجع أدائك حتى لو كنت تريد تقديم نتاج رائع مع كلِّ التزاماتك؛ ولكنَّ الحقيقة أنَّك مرهق للغاية؛ ومن ثَمَّ سيكون الناتج دون المستوى في كلِّ شيء وستضغط نفسك أكثر في هذه العملية.

إليك الحقيقة القاسية التي كنت تتجنبها: لا يمكنك أن تفعل كلَّ شيء، ولديك كثير من الالتزامات ويجب عليك أن تتخلى عن بعضها، سنستعرض في هذا المقال ثلاثة أشياء رئيسة يجب أن تبدأ بفعلها كي لا تتدهور صحتك ولا يستمر مستوى إجهادك في الارتفاع:

1. التخلص من المهام الإضافية:

لا تصبح حياتنا معقدة بين عشية وضحاها؛ بل تدريجياً، فتزداد مسؤولياتنا واحدة تلو الأخرى وتبدأ بشيء واحد ثم تتزايد شيئاً فشيئاً وتتراكم؛ لأنَّك تستمر في إضافة التزامات جديدة قبل إنجاز القديمة.

على سبيل المثال قد تبدأ بقبول دعوة لحفل ثم الموافقة على مساعدة أحد الجيران في شيء ما ثم يُطلب منك حضور اجتماع غداء سريع ثم تقرر التطوع لفعل شيء ما، وهكذا حتى تصبح حياتك معقدة ومليئة بالمشاغل لدرجة أنَّك لا تعرف ما الخطأ الذي ارتكبته.

لأنَّك تشعر بالتوتر؛ تحاول الترويح عن نفسك، فتقرأ مقالين ثم تنتقل إلى وسائل التواصل الاجتماعي ثم البريد الإلكتروني ثم تتحقق من هاتفك وتشاهد مقطع فيديو أرسله لك الأصدقاء، وهكذا بلمح البصر يمر يوم آخر دون أن تنجز أيَّ شيء، فتشعر بالقلق بسبب تراكم المهام.

شاهد بالفيديو: 7 طرق لمحاربة الإرهاق الذهني

كيف نحمي أنفسنا من دخول هذه الحلقة المفرغة؟

علينا التفكير ملياً واكتشاف ما بقي لدينا من مهام وسبب عدم إنجازها في وقتها المحدد، بدلاً من التفكير أنَّ لديك كثيراً ممَّا يجب أن تفعله، فكر ما الذي كنت ستعمل عليه لو لم يكن لديك أيُّ التزامات، ماذا ستفعل إذا كنت متفرغاً تماماً ولديك كمية وقت محدودة، فماذا كنت ستختار العمل عليه اليوم؟

بمجرد معرفة ذلك ستعرف أولوياتك، والآن يجب عليك فقط أن تتساءل عند التفكير في الدعوات والأنشطة والطلبات والمهام ما إذا كنت ستختار تلبية أيٍّ منها.

2. رفض الالتزامات الجديدة:

إنَّ قبول كلِّ شيء هو طريقة أكيدة لتصبح بائساً وهو غالباً سبب شعورك أنَّك مشغول طيلة الوقت، ولكن دون إحراز أيِّ تقدم، بالطبع لدينا جميعاً مسؤوليات، ولكن لتصل إلى وتيرة مريحة من العمل يجب أن تقبل القيام بما يهمك فقط؛ لذا توقف عن قبول المهام التي يجب عليك أن ترفضها، فلا يمكنك أن تكون متاحاً دائماً، هكذا يستغلك الناس، ففي بعض الأحيان يجب عليك أن ترسم حدوداً واضحة.

قد تضطر إلى رفض تقديم بعض الخدمات أو مشاريع العمل أو الانضمام إلى الأنشطة الاجتماعية أو اللجان أو مجموعات المتطوعين أو غيرها من الأمور التي تبدو جديرة بالاهتمام، وربما تعتقد أنَّه من غير المنطقي أن ترفض مثل هذه الأمور، ولكن في النهاية يجب عليك ذلك؛ لأنَّ البديل هو أن تقدم أداءً متوسطاً وضعيفاً في كلِّ التزام، وأن تشعر بالتوتر وكأنَّك تجري في حلقة لا نهاية لها من الفشل والإحباط، ولن تحصل على قسط كافٍ من النوم، وسيتدهور تركيزك بسبب الإرهاق وفي النهاية ستصل إلى نقطة الانهيار.

لذا تذكر السبب الوحيد لعدم تمكن معظمنا من كسر هذه الحلقة المنهكة هو اعتقادنا أنَّنا نستطيع فعل كلِّ شيء ومساعدة الجميع في كلِّ مكان في وقت واحد وعلى الجبهات جميعها؛ ولكنَّ هذا ليس منطقياً؛ فالحقيقة هي أنَّنا بشر عاديون وإمكاناتنا محدودة؛ لذا يجب علينا التخلي عن فكرة القيام بكلِّ شيء وإرضاء الجميع والوجود في كلِّ مكان في وقت واحد، ويمكنك أن تفعل بعض الأشياء جيداً أو تفعل كلَّ شيء فعلاً سيئاً هذه هي الحقيقة.

إقرأ أيضاً: كيف ترفض طلبات الآخرين لتحقيق إنتاجية أكبر؟

3. التركيز على ما لا يزيد عن ثلاثة أشياء أساسية في كلِّ يوم:

لقد اخترت العمل على أكثر من ثلاثة أشياء؛ ولكنَّ هذا لا يعني وجوب القيام بها دفعة واحدة، ففي الواقع في عالم مثالي ستركز بالكامل وتعمل على شيء واحد جيداً لفترة طويلة من الزمن، فتختار عنصراً واحداً هاماً حقاً وترفض الباقي، وتركز على هذا الشيء الوحيد الذي قد يكون مشروعاً في العمل أو التزاماً عائلياً أو نشاطاً خيرياً أيَّاً كان اختر شيئاً واحداً فقط لكي تؤديه بمهارة وتتحسن أكثر فأكثر كلَّ يوم، وتساعد الناس بفضل مهاراتك، وبذلك لن تشعر بالضغوطات بسبب الالتزامات الكثيرة.

لكن لا تسير الحياة هكذا في معظم الحالات؛ فلا يمكننا اختيار شيء واحد، ولهذا نختار اثنين أو ثلاثة ويستطيع الشخص العادي القيام بأمرين أو ثلاثة أمور جيداً كلَّ يوم، ولكن حينها لن يكون مركزاً ولن يتعلم بعمق، ومع ذلك سيتمكن من إنجاز العمل بنوعية مقبولة، لكن حين يزداد العدد إلى أربعة أو خمسة مهام لن يتمكن من فعل أيِّ شيء جيداً ولن يتعلم أيَّ شيء أو يخدم أيَّ شخص، وإضافة إلى كلِّ ذلك سيتوتر.

ابدأ باختزال التزاماتك إلى شيئين أو ثلاثة: استيقظ كلَّ صباح واكتشف أهم شيئين أو ثلاثة أشياء لهذا اليوم وتخلص من الباقي وكن حازماً واعتذر عن التزاماتك الأخرى مباشرة، وأخبر الأشخاص المعنيين بأنَّك تريد حقاً المساعدة ولكنَّ برنامج أعمالك ممتلئ، ولا يمكنك أن تخدمهم اليوم؛ لذا للأسف أنت مضطر لأن ترفض.

إقرأ أيضاً: أسباب الإرهاق أثناء العمل وطرق التخلص منه

في الختام:

عندما تختزل مسؤولياتك إلى شيئين أو ثلاثة من الأفضل أن تخصص لها الوقت، بضع ساعات لشيء ثم بضع ساعات لشيء آخر وما إلى ذلك، وبدلاً من أن ترهق ذهنك بالعمل عليها معاً، اعمل على المهمة التي بين يديك فقط وانسَ الباقي، وركز على كلِّ مهمة في الوقت المخصص لها.




مقالات مرتبطة