كيف تتنفس بالشكل الصحيح لتقليل الإجهاد والقلق؟

نعلمُ ما تفكِّر به، وأنَّك ستقول أنَّك تعرف كيف تتنفس، فالأمرُ سهلٌ للغاية، حتَّى أنَّ السمكة يمكنها القيام بذلك.



أنت على حق، لكن هناك طريقةٌ صحيحةٌ للتنفس، بينما قد تكون بعض الطرائق الأخرى غير فعالة، ومن المحتمل أنَّك تتنفس بطريقةٍ غير صحيحة، إذ أنَّك تتنفس بطريقةٍ معينة، وذلك إمَّا عن طريق استنشاق الكثير من الهواء، أو التنفس بصعوبة، أو حبس النفس دون علم؛ ومع مرور الوقت تصبح الطريقة التي تتنفس بها عادةً مستمرة. فهل تتنفس لتبقى على قيد الحياة فقط؟ أم أنَّك تتنفس بطريقةٍ تُحَسِّنُ أسلوبَ عملك وأدائك؟

لماذا نهتم بموضوع التنفس؟

قد يؤدِّي التنفس بطريقةٍ غير صحيحة إلى إلحاق الضرر بأنماط نومك وبما تشعر به طوال اليوم، إذ تُأثِّر أيضاً طريقة التنفس بشكلٍ سلبيٍّ في عضلاتك ودماغك وجهازك العصبي وقلبك.

لإيضاح الأمر، إليك بعض المخاطر التي قد تواجهها عند التنفس بشكلٍ غير صحيح:

  • يشعر جهازك العصبي بالإثارة بشكلٍ مفرط، ما يجعلك تشعر بالقلق والتوتر.
  • يزداد التوتر العضلي وتضيق الأوعية الدموية، ما يجعل قلبك يبذل جهداً أكبر، ويرتفع ضغط الدم، وتشعر بالإرهاق بسرعةٍ أكبر.
  • يتلقَّى دماغك كميةً أقلَّ من الأوكسجين؛ لذا يصبح من الصعب استخدام عقلك للتفكير في المواقف بشكلٍ منطقي، ما يؤدِّي أيضاً إلى الدوار والصداع.

وإنَّ كلَّ تلك المخاطر ليست جيدة. على كل حال، إنَّ تعلُّم الطريقة الصحيحة للتنفس يساعدك في التفكير والعمل بشكلٍ أفضل، كما أنَّه أفضل لصحَّتك بشكلٍ عام.

في واقع الأمر، يضمن التنفسَ بشكلٍ صحيحٍ هذه الفوائد:

  • انخفاض ضغط الدم، والذي يسهِّل عمل القلب ويساعدك على الاسترخاء أكثر.
  • توازن جهازك العصبي، ممَّا يؤدِّي إلى خفض مستويات التوتر.
  • تدفُّقُ الأوكسجين بسهولةٍ أكبر إلى الدماغ، ممَّا يساعدك في التفكير بشكلٍ أفضل.

في حين كان تصلُّب العضلات وضربات القلب السريعة يساعدك في الهروب من الحيوانات الضارية، فإنَّنا لا نواجه هذه الأنواع من المشاكل في الوقت الحاضر. بدلاً من ذلك، تنشأ معظم الضغوطات والتوتر من مشاكل نفسيةٍ وعقلية، فقد تجد نفسك مثلاً غير قادرٍ على التنفس عندما يقوم أحدٌ ما بتوبيخك، أو عندما يتعيَّن عليك اتخاذ قرارٍ صعب، أو عندما تغرق فجأةً بين كومةٍ من أوراق العمل.

عندما نبدأ التنفس بطريقةٍ خاطئة، فإنَّ ذلك يعمل ضدنا؛ لأنَّنا لا نستطيع التفكير في المشكلات التى تواجهنا، وفي بعض الأوقات يتجمد تفكيرنا؛ لذا دعنا نرى كيف يبدو تنفسك.

إقرأ أيضاً: تمارين اليوغا والتنفس وفوائدها للصحة

جرِّب استخدام هذه الأدوات لتقييم تنفسك (هذه الأدوات موجودةٌ لديك بالفعل):

ستحتاج إلى شيئين لتبدأ: هما اليدين.

إنَّ استخدام يديك طريقةٌ سهلةٌ وفعَّالة لتقويم طريقة تنفُّسك. وعلى الرغم من وجود الأجهزة التي تعمل على قياس الضغط ومعدل ضربات القلب، مثل: أجهزة تخطيط القلب، فإنَّنا لن ندخل في ذلك، إذ تكفي اليدان لاستخدامهما كأجهزة ملاحظة.

  • ضع إحدى يديك على صدرك، والأخرى على معدتك حيث يقع الحجاب الحاجز.
  • الآن، تنفَّس بالطريقة المعتادة بالنسبة إليك بشكلٍ منتظم. نحن نعلمُ أنَّه من الصعب ضبط تنفسك في هذا التمرين، لكن حاول المقاومة، وتنفَّس كما لو كنت تقوم بمهمَّةٍ بسيطةٍ مثل تصفُّح الإنترنت.

كيف كان شعورك؟ وماذا لاحظت؟ دوِّن ملاحظةً ذهنيةً عمَّا حدث قبل الانتقال إلى الخطوة التالية.

ثمَّ: جرِّب أخذ أنفاسٍ قصيرة من فمك بحيث يكون تنفسك ضحلاً، مع وضع يدك على صدرك والأخرى على معدتك. ماذا لاحظت هذه المرة؟ وكيف تُقارنه مع تنفُّسك المنتظم؟

ربَّما لاحظت أنَّ صدرك يتمدَّد ويتقلَّص، بينما لا يتحرك الحجاب الحاجز كثيراً. هذا مشابهٌ لكيفية تنفسك عندما تتعرَّض إلى ضغطٍ شديد، حيث تصبح أنفاسك أقصر، وكتفاك مشدودان، وتشعر بضيقٍ في صدرك. أو على العكس، فقد تحبس أنفاسك عندما تكون في حالةٍ من التوتر.

حتَّى لو كنت تعتقد أنَّ تنفسك يبقى منتظماً عندما تكون مرهقاً، فإنَّ التنفس شيءٌ نقوم به لا شعورياً، ومن المحتمل جداً أن يتغيَّر تنفسك وفقاً لحالتك العقلية أو الجسدية.

لذلك، سنتحدث اليوم عن التنفس الصحيح لتحسين صحتك ومساعدتك في الحفاظ على الهدوء في المواقف العصيبة.

إقرأ أيضاً: أسباب وأعراض التهاب الجهاز التنفسي عند الأطفال

كيف تتنفس؟

هل سمعت أحدهم يقول لك: "فقط خُذ نفساً عميقاً"؟

في حين أنَّ هذا صحيح، إلَّا أنَّه جزءٌ من القصة، وإنَّ العنصر الآخر الهامَّ للتنفس بشكلٍ صحيح: زفير كلِّ هذا الهواء.

عندما يخبرك أحدهم أن تأخذ نفساً عميقاً، فإنَّك قد تستنشق الكثير من الهواء، ولكن ينتهي بك الأمر بحبس نفسك وإغفال التنفس للحظة.

لذا، سنقوم معاً بتمرين التنفس خطوةً بخطوة:

  1. كما فعلت في التمرين السابق، ضع إحدى يديك على صدرك والأخرى فوق معدتك.
  2. تنهَّد كما لو كان يومك طويلاً، ودع كتفيك ينخفضان وعضلاتك تسترخي. في الوقت نفسه، لا تدع كلَّ الهواء يخرج من رئتيك؛ إذ إنَّ الهدف من التنهد هو استرخاء الجزء العلوي من الجسم.
  3. أغلق فمك مرةً أخرى وتوقَّف عن التنفس وعدَّ حتَّى الرقم 3.
  4. استنشق الهواء ببطءٍ من أنفك مع إغلاق فمك، وكن على درايةٍ بالطريقة التي تستنشق بها، إذ يجب أن تتوسع معدتك، بينما يبقى صدرك ثابتاً نسبياً. مرةً أخرى، توقَّف مؤقتاً وعدَّ حتَّى الثلاثة.
  5. أخيراً، تنفَّس عن طريق فتح فمك واترك معدتك تتقلص. هذا هو انكماش الحجاب الحاجز.
  6. كرر ذلك مجدداً، وتوقَّف مؤقتاً.
  7. وأَعِد الخطوات من 3 إلى 7.

من الأفضل أن تحاول التنفس بهذه الطريقة عندما يكون لديك وقت فراغ. افعل ذلك عندما تكون في مزاجٍ هادئٍ وبدون مشتتات. يمكنك تخصيص دقيقتين إلى ثلاث دقائق يومياً لممارسة هذا التمرين، إذ سيساعدك التدرب عليه في التنفس بهدوءٍ وبشكلٍ أفضل.

قد تكون تمرينات التنفس صعبةً في البداية، وتُشعِرك بالقلق أو التوتر بسرعة؛ وهذا لأنَّك من المحتمل ألَّا تكون معتاداً على أخذ أنفاسٍ بطيئةٍ بعمقٍ والتوقُّف بين كلِّ نفسٍ ونفس. لكن لا عليك، إذ إنَّ التنفس الصحيح يستغرق وقتاً وجهداً حتى تتقنه.

 

المصدر




مقالات مرتبطة