كيف تتغلب على الشعور بالندم؟

لا يقتصر مصطلح "التقليلية" (Minimalism) - أي الاكتفاء بالحد الأدنى من كل شيء - على التخلِّي عن الممتلكات الزائدة والأشياء التي لم نعد نستخدمها أو نستمتع بها؛ بل يعني تحرير المرء من كل ما يؤثر سلباً في سلامته؛ حيث إنَّ هناك أشياء تعقِّد حياتنا أكثر بكثير من الفوضى التي يمكننا رؤيتها، مثل العبء الثقيل للشعور بالندم.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة "شيريل سميث" (Cheryl Smith)، والتي تُحدِّثنا فيه عن تجربتها في التغلب على الندم.

يمكن أن يغرقنا الشعور بالندم في ذكريات الماضي، ويسرقنا من الحاضر، فالندم يمكن أن ينتابنا في أسعد اللحظات التي نعيشها؛ مما يطغى ويسيطر على إحساسنا بالسلام.

لو أُتِيحَت لنا الفرصة كي نعيش مرة أخرى، لفعلنا على الأقل بعض الأشياء التي كنا نتمنى لو لم نفعلها أو نتمنى لو فشلنا في القيام ببعض الأشياء التي كنا نتمنى النجاح بها؛ حيث إنَّ بعض الخيارات التي نتمنى أن نتمكن من تغييرها كان لها تأثير داخلي فينا فقط - فهي لم تؤثر فعلياً في أي شخص آخر - كما أنَّ هناك ندماً أكثر تعقيداً ينبع من الأفعال التي قمنا بها، والتي لم تجني سوى الألم وأوجاع القلب لدى الآخرين.

قبل 18 عاماً، وقفتُ بجانب سرير والدي الذي كان على فراش الموت، وقبل 6 سنوات، تكرَّر هذا المشهد المفجع في غرفة العناية المركزة التي كانت والدتي تنازع الموت فيها؛ حيث عانى والديَّ الكثير طوال حياتهما من الشعور بالندم على الأخطاء التي ارتكباها وعلى الأشياء التي أخفقوا في إنجازها؛ إذ إنَّ رؤيتي لهما وهما يلفظان أنفاسهما الأخيرة قد منحَتني شعوراً واضحاً عن عدم فائدة الشعور بالندم، وفيما يأتي خمسة دروس أتمنى لو أنَّ والديَّ الأعزاء قد تعلَّماها في حياتهما قبل أن توافيهما المنية:

1. تقبُّل حقيقة الشيء الذي تشعر بالندم حياله:

إنَّ الأخطاء حقيقية، فهي قد حدثَت بالفعل، ولكن لا يمكن إعادة كتابة التاريخ وتغييرها، ومحاولة التهرُّب من المسؤولية لن تؤدي إلا إلى إخفاء الخطأ، وهذا طبعاً عبارة عن أمر عقيم؛ حيث إنَّ تقبُّل الواقع والاعتراف بالحقيقة يشكِّلان الخطوة الأولى نحو التحرر من قيود الشعور بالندم.

2. مسامحة نفسك:

أظهر لنفسك درجة الرحمة التي تتمنى أن يقدمها لك الآخرون عندما تسيء إليهم، وتوقَّف عن لوم نفسك لقيامك بشيء لا يمكنك التراجع عنه، وإذا كان في إمكانك العودة إلى اللحظة التي سبقَت حدوث ذلك، فسوف تفعل ما تتمناه؛ لذا افتح قلبك للنعم التي تحيط بك، واشكر الله على ما أنت عليه، وخفف عن نفسك من عبء اللوم، فمسامحة نفسك لن تنفي ما تندم عليه، لكنَّها تحررك من تأثيره فيك.

إقرأ أيضاً: 15 طريقة لتكون لطيفاً مع نفسك

3. إجراء التحسينات:

إذا كان الشيء الذي ندمتَ على القيام به قد تسبَّب في الأذى لشخص آخر، فاعتذر بصدق ودون تقديم أي عذر، وافعل ما بوسعك ضمن حدود المنطق لإصلاح أخطائك دون أن تدفع الثمن أكثر مما ينبغي، وأستخدمُ هنا كلمة "ضمن حدود المنطق"؛ لأنَّ هناك مَن سيطلب منك أن تقوم بما هو أكثر من المطلوب، خاصةً إذا تعرضوا للأذى ويريدون جعلك تدفع ثمن الخطأ الذي ارتكبتَه بحقهم، ومن ثمَّ، من الممكن أن يصبح هذا أمراً صعباً؛ لأنَّ الشعور بالندم يمكن أن يطغى على ما يبدو أمراً معقولاً؛ حيث إنَّ إحساسك بالسلام هو دليلٌ موثوق به لمعرفة ما إذا كنتَ قد فعلت ما يكفي.

4. نسيان ما مضى:

اترك الماضي وراءك، وتوقَّف عن الحديث عن فشلك وأخطائك، فكلما أوليتَ أخطاءك وفشلك أهمية أكثر، تفاقمَت تفاقماً أكبر؛ لذا تخلَّص من أي شيء يذكِّرك بالعمل الذي تأسف وتندم على القيام به.

 إنَّني أشعر بالأسف الشديد على قرار اتخذتُه أنا وزوجي والذي جرح ابننا، فهل هناك شيء أصعب للتعامل معه من الندم على مشاعر الأبوة والأمومة؟ لقد تمنيتُ ألف مرة لو أنَّنا اتخذنا خياراً مختلفاً، لكنَّ ما حدث قد حدث.

إنَّ التخلي عن كل شيء ملموس يعيد ذكريات ذلك الوقت، لقد ساعدنا في رحلتنا إلى التعافي من الحالة التي مررنا بها؛ حيث إنَّ تذكُّر الأعمال المؤسفة التي تجعلنا نشعر بالندم لا يؤدي إلا إلى استمرار شعورنا بالبؤس، واليوم الذي نعيشه أثمن من أن نضيعه على الندم على ما مضى وقول "لو".

شاهد بالفديو: 7 نصائح للتخلص من التفكير في إخفاقات الماضي

5. فعل عكس ما تندم عليه:

لا يمكننا تغيير الماضي، لكن يمكننا تغيير حياتنا في المستقبل، فالندم درسٌ مؤلم، وإن كان فعالاً؛ لذا تعلَّم منه، وسنستمر في ارتكاب الأخطاء ما دمنا على قيد الحياة، ولكنَّ ملاحظة ما علَّمنا إياه الندم يمكن أن تمنعنا من تكرار أفعال نندم عليها في المستقبل؛ لذا استبدل التفكير بالأحداث المؤسفة التي حصلَت معك بالعمل الإيجابي، عندما تستحوذ فكرة أنَّك تتمنى أن تكون قد فعلتَ أشياء مختلفة على تفكيرك، ووجِّه أفكارك إلى ما يبعث على التحفيز، واقرأ شيئاً يلهمك، وافعل شيئاً لطيفاً لشخص ما، واعمل خيراً، وكن لطيفاً مع كل شخص تقابله، ولا تنسَ أن تبتسم.

المصدر




مقالات مرتبطة