كيف تتعامل مع مشكلة عدم توافق شخصيات زملاء العمل؟

في فترةٍ ما من مسيرة حياتك العملية، قد تكون مجبراً على التعامل مع أشخاصٍ لا تستلطفهم، ولا يمكنك تحمُّلهم؛ وإنَّ تعارُض الشخصيات أحد أهمِّ أسباب حدوث هذا التنافر.



بغضِّ النظر عن جهودك الحثيثة ومكابدتك ما لا تطيق، قد لا تستطيع أحياناً أن تساير الوضع أكثر، وتكون النتيجة مؤسفة، بحيث ينعكس ذلك على روح العمل وجوِّه وجودته، كما وتتزايد نسبة توترك؛ فعندما تحدث هذه المشاحنات في مكان العمل، يتأثَّر الفريق برمَّته سلباً في معظم الحالات.

بعض أنماط تنافر الشخصيات:

  • الاختلاف في أسلوب العمل ونهجه: هذا واقعٌ لا مفرَّ منه في أماكن العمل، حيث يدير الناس أعمالهم بطرائق مختلفة، فمثلاً: ينجز بعضهم المهام ما إن تُوكَل إليهم، بينما يميل بعضهم الآخر إلى الهدوء، وينتظرون اقتراب الموعد النهائي كي يبدؤوا العمل؛ وفي حين يفضِّل قسمٌ منهم العمل في البداية على ما يستسيغونه ويروق لهم، يتجه القسم الآخر نحو العمل بطريقةٍ ممنهجةٍ خطوةً بخطوة.
  • اختلاف الخلفيات الثقافية: يشكِّل كلٌّ من الجنس والعرق، والوضع المادي والاجتماعي، والآراء والانتماءات السياسية، إضافةً إلى الاختلافات الدينية - لدى الناس وجهات نظرٍ متباينة. يختلف إدراكك للأمور باختلاف تجاربك الشخصية ومعتقداتك، وهذه الاختلافات لها وقعٌ بالغٌ على طريقة تعاملك مع الآخرين.
  • اختلاف السلوكات والعقليات: يُسهِم التهكُّم واللامبالاة والغرور والتهور بشكلٍ أو بآخر في إظهار كلِّ ما هو سلبي، كما وتتعارض هذه المواقف السلبية مع التواصل الفعَّال، فلا أحد يرغب بأن يقرَبَ هؤلاء الأشخاص، وخاصةً إن كان المرء على قدرٍ عالٍ من التفاؤل والأمل؛ إذ سيصعُب ذلك عليه أكثر فأكثر. يوجد نوعٌ من الناس دائماً ما يتذمَّر ويشكّك ويركِّز كلَّ التركيز على عيوبه وهفواته، على عكس سواه ممن يسعى باستمرارٍ إلى إيجاد الحلول، وهذا ما يجعل الانسجام والتعاون فيما بينهما شبه مستحيل.
  • التنافر بين العقلية التعاونية والعقلية التنافسية: يرغب بعض الناس بالمقارنة والتنافس دائماً، بينما ينجذب غيرهم نحو التعاضد وروح المشاركة؛ وإنَّه لمن الصعب العمل مع من هم متعجرفون وعدوانيون وسطحيون. يثبِّط التشبث من همم الأشخاص حولك عندما يكون التشبث بحالةٍ من التفرُّد والتقليل من شأن من حولك، وعندما يبلغ الموقف التنافسي أقصى درجاته، قد ينتج عنه أذىً مقصود؛ ممَّا يضع الشخص المقابل في حالةٍ دفاعية.
إقرأ أيضاً: 7 طرق لتحافظ على الإيجابية إذا كنت محاطاً بالأشخاص السلبيين

عواقب صدام الشخصيات وتنافرها:

وجود تضاد بين الشخصيات أمرٌ لا مناص منه، لكن من الجدير بالذكر أنَّه قد ينتج عن ذلك الأمر ما لا يُحمَد عقباه، مثل:

  1. التوتر: قد يُحدِث التعامل مع الاختلاف بين الشخصيات بعض التوتر والهلع، ولعلَّ ما يجعلك تغطُّ في دوامةٍ من الإجهاد الفكري والجسدي هو أن تكون متيقظاً دائماً، فتحاول تهيئة نفسك للخوض في تواصلٍ غير محببٍ بالنسبة إليك. في بعض الحالات، قد ينعكس هذا الضغط سلبياً على صحتك، إذ يكون مضنياً ويفوق طاقة احتمالك؛ ممَّا يدفعك إلى التخلِّي عن أعمالك.
  2. انخفاض الإنتاجية: عندما يكون أعضاء الفريق في صراعٍ مع بعضهم، تتأثَّر مشروعاتهم وأعمالهم بذلك مباشرة، حيث يهدر الخلاف الطاقات ويبددها، ويُضعِف مستوى الإنتاجية. لاريب أنَّ فعالية الفريق وتقدُّمه يعتمد كلَّ الاعتماد على بث روح التعاون في عملهم سوياً، وإن زُعزِع هذا التعاضد، تذهب مجهوداتهم أدراجَ الرياح. وبغض النظر إن كان الصراع جلياً أم خفياً، فهو يؤثِّر بشكلٍ أو بآخر على معنويات الفريق والعمل ككل.

كيفية التعامل مع مشكلة تنافر الشخصيات:

بينما يبدو تنافر الشخصيات في أماكن العمل أمراً محتماً لا فرار منه، ما يزال هنالك بعض السبل للتقليل من حدة هذه المعضلة. إليكَ بعض الأفكار التي يجب أن تأخذها في عين الاعتبار:

  • إنَّ نهجك في الحياة ليس بالضرورة أن يكون هو القويم، ولا شخصيتك هي الأكثر سويةً.
  • للناس وجهات نظرٍ متباينة، وجميعها لا حرج فيها.
  • في حال سُيِّرت تلك الشخصيات بالشكل الصحيح، فسيعزِّز هذا بدوره قوة فريق العمل، ويُسهِم بطرحهم لأفكارٍ وحلول مبتكرة.
  • عندما يحتدم صدام الشخصيات تلك، ينعكس ذلك سلباً على قدراتهم في العمل، وهذا يعني أنَّه ينبغي النظر في الأمر.
إقرأ أيضاً: "هل سئمت من العمل مع مديرك؟"... 7 خطوات للتعامل مع المدير السيء

الخطط والاستراتيجيات:

  1. الرضا والقبول: كلُّ ما يهمُّ لفضِّ تلك النزاعات هو بعضٌ من المعاملة اللينة واللطيفة المجبولة بالتفهم، فمن شأن تقبُّلك اختلاف الشخص الآخر أن يهدِّئ الحال ويقلِّل الخلافات والمواقف الدفاعية.
  2. الاحترافية: وجِّه نفسك إلى التعامل بأسلوبٍ مهني، وتحلَّ بالهدوء والرقي عند تعاملك مع محيطك. عندما يكون الطرفان محترفان، يمكن تفادي كلِّ المشاحنات المتوقعة، حتَّى إن وُجِد تنافرٌ واختلاف شخصيات؛ إذ ليس من الضروري أن يحبَّ زملاء العمل بعضهم بعضاً حتَّى يسري عملهم بفعاليةٍ وكفاءة، ويكفي أن يكونوا عمليين وينؤون بالجانب الشخصي فحسب.
  3. انتبه إلى نبرة صوتك، واحرص على أن تكون واضحةً ومناسبةً ولا يتخلَّلها أيُّ عدوانية.
  4. إيجاد سبب الخلاف: عندما تتصاعد أزمة الصدام بينك وبين زملائك، فحريٌّ بك أن تعرف ما السبب الذي يكمن وراء ذلك. هل هو مجرد اختلافٍ في الآراء؟ أم أنَّ هنالك أسباباً خفيةً أخرى؟ من الجيد أن تناقِش ذلك مع زميلك بشكلٍ مباشر، وتعرفان حيثيات الموضوع وتلمَّان به، بغية التماس الأمل بالصلح.
  5. نقل الأمر إلى الإدارة: إذا فاق الصدام حدود سيطرتك في العمل، فإنَّه لمن الضروري أن تُعلِم الإدارة بتلك التفاصيل. غالباً ما يكون التدخل من طرفٍ ثالثٍ أمراً مجدياً لفض تلك الخلافات وإخمادها، حيث تطرح بعض الشركات ورشات عملٍ أو تدريب، والتي تغدو وظيفتها تلقين زملاء العمل كيفية التغلُّب على الخلافات والصعوبات والانسجام مع بعضهم برغم ذلك. إن لم تُجدِ هذه الاستراتيجيات نفعاً، فسيجدي الحلُّ الوحيد لدى الإدارة، وهو: إبعاد الأطراف المتنازعة عن بعضهم.
  6. في بعض الأحيان، يمكنك ببساطةٍ أن تعيد تعيين هؤلاء في فرقٍ ومشاريع مختلفة؛ وفي الحالات القصوى، قد يستدعي الأمر أن تنقل أحدهم إلى قسمٍ آخر من أجل إلغاء تواصلهم.

يعدّ صدام الشخصيات وتنافرها واحداً من أكبر التحديات التي يمكن أن تواجهك في مكان العمل، ويمكن فضُّها والتغلُّب عليها بالقبول والتفهُّم والتصرُّفات السليمة والمناسبة والأسلوب المهني والعملي. ما يجب ألَّا يغيب عن ذهنك أنَّه وبينما تبدو السيطرة على تصرُّفات الآخرين وتوقعها أمراً خارجاً عن إرادتك، يكون تفاعلك مع الأحداث مُلْكَ يديك، وعندما تتغلَّب على كلِّ تلك الخلافات، تحظى ببيئة عملٍ أكثر متعةً وإنتاجية، وتمنع المشاكل الشخصية وسوء علاقاتك مع زملاء العمل من أن تتداخل مع حياتك المهنية وتؤثِّر فيها.

كلُّ ما عليك فعله هو معرفة أسباب الخلافات، ومن ثمَّ السعي إلى حلِّها، أو كخلاصٍ أخيرٍ أن تغيِّر مكان عملك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة