كيف تتعامل مع سلبية الآخرين؟

من الهام أن يُدركَ الفرد أنَّ أقوال الآخرين وأفعالهم لا تتعلق بشخصه؛ بل هي ناجمة عن أفكارهم وتجاربهم الخاصة، وتؤثر طريقة تفكير الفرد وشعوره في أيِّ موقفٍ في خياراته، وسلوكه، وأفعاله، وكلامه مع الآخرين.



تجربة الإنسان الخاصة خير مثال لفهم سلوكات الآخرين:

فإذا أمكنك أن تدرك أنَّ أقوالك وأفعالك هي بالأساس ناجمة عن تجاربك وخبراتك الشخصية، فإنَّك ستفهم بالآلية ذاتها مصدر أقوال الآخرين وأفعالهم؛ فعلى افتراض أنَّك بمزاج طيب؛ لكنَّك بصحبة شخص سلبي فعندها على الأرجح أن تقدر على الحفاظ على إيجابيتك؛ بل ويمكن أن تكون أكثر صبراً وتقبُّلاً لسلوكه السلبي؛ لأنَّك مستقرٌّ نفسياً.

على النقيض من ذلك، فإذا كنتَ تمرُّ بحالة مزاجية سيئة وأنت برفقة شخص متفائل جداً، فعلى الأرجح أن تتصرف معه بسلبية واستياء حتى لو عاملك بلطفٍ وكان اللقاء بحد ذاته مريحاً وودياً؛ فيُعزَى سلوكك السلبي إلى حالتك النفسية السيئة.

في كلتا الحالتين ترتبط معاملتك الطرفَ الآخرَ بطريقة تفكيرك وشعورك أنت، ولا ترتبط بشخصهم إطلاقاً.

تعتمد خياراتك، وسلوكاتك، وأفعالك، وكلامك أفكارَك ومشاعرَك الخاصة، ولا تتعلق بأي شخص آخر سواك، ومن ثمَّ عندما لا تكون مدركاً الأفكار والمشاعر السلبية التي تسيطر على تصرفاتك، ولا تتخذ ما يلزم من الإجراءات للتخلص منها وتغيير موقفك، فإنَّ هذه السلبية ستسيطر على أقوالك وأفعالك ومعاملتك الآخرين.

دور الآخرين في إثارة المشاعر والأفكار المكبوتة لدى الفرد:

يمكن أن تتسبب سلوكات بعض الأشخاص من ناحية أخرى بإثارة المشاعر والأفكار السلبية المكبوتة في داخلك، ويتضح ممَّا سبق أنَّ جميع التصرفات والسلوكات، والأقوال، والأفعال التي يُبديها الفرد تجاه الآخرين ذاتية المنشأ بالكامل؛ أي إنَّها نتاج قناعاته، وأفكاره، ومشاعره الخاصة.

خلاصة القول؛ ليس بوسع أحد أن يتحكم بأفكارك ومشاعرك سواك، وإنَّ هذا الأمر عائد لك بالكامل.

شاهد بالفيديو: 5 طرق لتحمي نفسك من الأشخاص السلبيين

كيف يطور الإنسان الطريقة التي يدرك بها العالم من حوله؟

تنشأ نظرة الإنسان إلى الكون من حوله باعتماد تراكمِ تجاربِه وخبراته السابقة، وعلى هذا الأساس تتكون قناعاته والطريقة التي يدرك بها نفسَه والآخرين من حوله والحياةَ بالمجمل؛ أي إنَّك تدرك، وتفسر، وتعتقد، وتشعر، وتتفاعل، وتستجيب للكون من حولك وفق هذا المنظور؛ ما يعني أنَّ الطريقة التي تتفاعل بها مع ما يحدث حولك، وأقوالك وأفعالك لا تتعلق بالآخرين على الإطلاق، حتى لو كانوا السبب بإثارة ما تكبته داخلك، كما أنَّ الأذى والسلوكات، والأحكام، والانتقادات التي تصدرها على الآخرين ما هي إلَّا انعكاس لمفهومك عن العالم من حولك، فعندما يعي الإنسانُ هذه الحقيقة عن نفسه ستتسنى له رؤيتها في الآخرين.

لا تتعلق أقوال الآخرين وأفعالهم بك، حتى لو أنَّك تسببت بإثارة ردود فعلهم؛ بل إنَّ كل من قناعاتهم، وأفكارهم، ومشاعرهم الخاصة تحدد خياراتهم، وسلوكاتهم، وأقوالهم، وأفعالهم؛ أي إنَّها تتبع المفهوم الذي يعيشون وفقه، وعلى هذا الأساس يتحدد أسلوب تعاملهم معك.

آلية الحل:

بتنا نعيش في عالم تفاعلي جداً ترتبط فيه أقوال أحد الأفراد وأفعاله بأفكاره ومشاعره الخاصة، وتُحفِّز بدورها استجابةً لفرد آخر تجري بينهما عملية تواصل بشأن موضوع معين، ويقوم هذا الأخير بإثارة فرد آخر من خلال استجابته السلبية، وهكذا تستمر عملية الإثارة والاستجابة من فرد إلى آخر بلا نهاية.

يميل الإنسان ببساطة إلى الاستياء من أقوال الآخرين وأفعالهم ويعامل تصرفاتهم، وأعمالهم، ومواقفهم معاملة شخصية، فيقضي أحدنا يومه ويحسب أنَّ كل ما يجري من حوله يتعلق به؛ فتراه يبحث في كل نقاش أو إشارة أو كلمة أو حتى نظرة عن دليل يثبت وجود اعتداء شخصي عليه.

يتأثر غرورنا بشدة بآراء الآخرين ومعتقداتهم، وإذا تسنَّى لنا نحن البشر أن نتجاوز هذه العقلية، وندرك مصدر أقوال بعضنا وأفعالنا فعندها على الأرجح ستسود السكينة، والوفاق على المستوى الفردي والجماعي.

إقرأ أيضاً: 7 طرق لتحافظ على الإيجابية إذا كنت محاطاً بالأشخاص السلبيين

تدريب النفس على معاملة سلوكات الآخرين:

عندما يقوم أحدهم باستفزازك بكلامه وتصرفاته عليك أن تتريث وتأخذ نفساً عميقاً وتُخبر نفسك: "لا ترتبطُ أقوال الآخرين وأفعالهم بشخصي، لن أُبديَ أيَّ رد فعل، أنا أختار السلام".

تكمن فائدة هذا الوعي والاختيار في أنَّك عندما تعامل شخصاً تكشفُ سلوكاتُه عمَّا يعتمل داخله من غضب، أو سخط، أو سلبية، أو وقاحة فإنَّك ستتعاطف معه وتقدِّر الوضع السيئ الذي يمرُّ فيه؛ فأنت تعي شعورَه والأذى النفسي الذي يتعرض له؛ لأنَّك سبق أن مررت بالموقف نفسه.

تسهم قدرتنا على النأي بأنفسنا، ووعينا، وعدم إبداء أي رد فعل في عزلنا عن سلبية الآخرين ومآسيهم، وبناءً عليه تُكسَرُ حلقة الأخذ والرد؛ وبهذه الطريقة نقوم بمساعدة أنفسنا ومساعدة الإنسانية جمعاء من خلال تعزيز السلام بين الناس تباعاً.

إقرأ أيضاً: نصائح وإرشادات فعّالة للتعامل مع الشخص السلبي

في الختام:

قد يؤدي سلوكك الرصين والهادئ إلى تسكين سرائر محاورك السلبي وانفراج أحواله؛ وبذلك يصبح هادئاً ومسالماً مثلك، وقد يؤثر بدوره في شخص آخر وتبدأ حلقة إيجابية لا نهاية لها؛ فلتكن أنتَ بداية الحل.




مقالات مرتبطة