كيف تتجنب الوقوع في مصائد الأهداف؟

مهما كنا أذكياء، من السهل علينا الوقوع في مختلف المصائد، خصوصاً عندما نظنُّ أنَّنا نقوم بما يمليه علينا المنطق، عندها سوف تتحول أهدافنا من أداة تُحسِّن من أدائنا عموماً إلى أداة تعوقه.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة "ماريا بريلاكي" (Maria Brilaki)، وتشرح لنا فيه أكثر الأفخاخ التي يقع فيها الناس شيوعاً عند وضع الأهداف، وكيفية التغلب عليها.

إنَّني خريجة جامعة ستانفورد (Stanford) وحاصلة على شهادة ماجستير في إدارة الأعمال ومع ذلك لست استثناء في ذلك، فعلى الرغم من أنَّني أضع كثيراً من الأهداف إلا أنَّني وقعت منذ فترة في فخين سبَّبا لي المشكلات على الرغم من أنَّهما بديا منطقيين وبديهيين في بداية الأمر.

لا يعني ذلك أنَّني أظن أنَّ الأهداف ليست جيدة؛ بل على العكس من ذلك إنَّني أؤمن بها كلياً، وإلا فلن أكون حيث أنا اليوم، ولست وحيدةً في ذلك؛ فالرغبة في تحسين حياتنا أمر طبيعي لكل شخص على هذا الكوكب، فنطمح جميعاً إلى النمو وتوسيع أفقنا، وهذا ما تساعدنا الأهداف على القيام به.

الأهداف الفاعلة هي الأهداف الذكية؛ أي الأهداف المحددة والقابلة للقياس فهذا النوع من الأهداف يُبقيك على المسار الصحيح ويساعدك على قياس تقدمك، كما تعطيك وجهةً واضحةً لتسعى خلفها.

لكنَّ الواقع ليس بهذه البساطة الذي يبدو عليها؛ فالخطر محيطٌ بنا من كل حدبٍ وصوب، ويجب أن نحذر من المصائد المختبئة على طول طريقنا، حتى في أكثر الأمور التي تبدو منطقيةً وبديهية فقد يكون كل ما نحتاجه هو التصرف بشيءٍ من الجنون.

إقرأ أيضاً: 8 أخطاء شائعة في تحديد الأهداف

الفخ الأول: المواعيد النهائية

عموماً لست ضد المواعيد النهائية، فمن المفترض أن تساعدنا على الحفاظ على تركيزنا، وقد تنجح في ذلك أحياناً، ولكن في أحيانٍ أخرى لن تكون أكثر من عقبةٍ في طريقنا.

خلال عامي 2011 و2012 كنت أجري بحثاً عن سبب عدم قيامنا بالأشياء التي نريد القيام بها؛ على سبيل المثال يرغب معظمنا بتحسين صحتنا، ولكن لماذا يتخذ القليل منا خطوات حقيقيةٍ لتحقيق ذلك، مثل تناول الطعام الصحي وممارسة الرياضة؟

قررت في عام 2012 أنَّ الوقت قد حان بالنسبة إلي لكتابة دليل موجز عن بعض الأشياء التي تعلمتها عن الصحة وتغيير السلوك، ووضعتُ هدفاً لكتابة 20 صفحة، لاحقاً أصبحت الـ 20 صفحةً 40، ثمَّ أصبحت 80 ثمَّ 120، وفي النهاية كتبت أكثر من 200 صفحة.

بالمثل فإنَّ الموعد النهائي الأولي كان في أوائل شهر آب/أغسطس، ثم أصبح في أواخر أغسطس، وفي النهاية نشرت كتابي في شهر تشرين الأول/أكتوبر.

في غضون ذلك شعرت بالسوء حيال تقدمي على الرغم من أنَّني أدركت أنَّ نطاق مشروعي كان يتوسع من دليل قصير إلى كتاب شامل، الأمر الذي أجبرني على تكريس المزيد من الوقت، فقد كرهت المواعيد النهائية التي فاتتني؛ فهذا الموعد النهائي برمته جعلني أشعر بأنَّني غير منتجة.

جعلتني المواعيد النهائية أقضي الوقت قلقةً حيال تقدمي بدلاً من التركيز على عملي؛ لكنَّني لم أكن غير منتجة فلقد كتبت كتاباً مؤلفاً من 200 صفحة، كان يجب أن أشعر بالفخر بدلاً من ذلك، ولم أدرك أنَّني وقعت في فخ الموعد النهائي إلا بعد أن نشرت الكتاب.

أن تصل متأخراً أفضل من ألا تصل أبداً، فتصرف بعقلانية أقل وجنون أكثر.

شاهد بالفديو: 8 أمور عليك معرفتها عن الأهداف

الفخ الثاني: الأهداف الضخمة

أي الأهداف التي تبدو للوهلة الأولى رائعة؛ لكنَّها لا تحقق أي نتائج أو تحقق نتائج سيئة بأفضل الأحوال، فتتحول من أهدافٍ مُحفزة في اليوم الأول إلى مروِّعة في اليوم الثاني.

يقع معظم الناس في هذا الفخ وتقع الشركات حتى فيه أيضاً؛ فعندما تكون المكافأة التي ستحصل عليها عند تحقيق هدف معين رائعة أو ربما رائعةً أكثر من اللازم تصبح فرص تحقيق الهدف أقل.

يوضح بروفيسور علم الاقتصاد السلوكي دان أريلي (Dan Ariely) في كتابه "الجانب الإيجابي من اللاعقلانية" (The Upside of Irrationality) بالتفصيل كيف أنَّ منح المسؤولين التنفيذيين مكافئاتٍ عالية سيعوق الأداء بدلاً من تعزيزه.

اختبر أريلي المكافآت العالية والمنخفضة وأداء الموظفين في الشركات، كما قاس النتائج التي حققها لاعبو الدوري الأميركي للمحترفين لكرة السلة (NBA) في مواقف الضغط المنخفض والضغط العالي، وكانت النتيجة واحدة: عندما تكون المخاطر مرتفعة ينخفض ​​الأداء، ومن الواضح أنَّني لست استثناءً من هذه القاعدة.

عندما شرعت في إنشاء خدمتي الجديدة على شبكة الإنترنت "إكسرسايز بليس" (Exercise Bliss)، شعرت ببهجةٍ عارمة؛ وذلك لأنَّني سأعلِّم الناس كيفية ممارسة الرياضة أكثر دون الضغط على أنفسهم؛ وإنَّما بشيء من اللطف والطيبة.

بعد ذلك أمضيت الأيام القليلة المتبقية أشعر بالتوتر والحساسية المفرطة على الرغم من أنَّني لم أكن أفكر حقاً في المنصة، فقد كان لدي عدة مشاريع أخرى لإنهائها قبل أن أبدأ في بنائها إلا أنَّها بقيت تشغل ذهني، وتجلى ذلك من خلال سلوكي المنفعل والأرق الذي عانيت منه لليالٍ طويلة.

تغيرت الأحوال بمجرد أن وضعت الأمور في نصابها وبدأت باتخاذ إجراءات حقيقية، فبدلاً من التركيز على المكافأة الكبيرة التي تمثلت بلحظة إطلاق المنصة (كم سأكون سعيدةً عندما ينجح كل شيء ويبدأ الناس في التسجيل) ركزت على المكافآت الأصغر التي سأحصل عليها عند إنجاز كل خطوة (أي مدى سعادتي بعد إنشاء برنامج العضوية الأول، وبعد تصميم موقع الويب، وبعد تصوير وتحرير مقاطع الفيديو المتعلقة بالتمرينات والعادات وما إلى ذلك).

بمجرد أن تحولت من التركيز على المكافأة الكبيرة الواحدة إلى المكافآت الصغيرة المتكررة تلاشى استيائي تماماً وتحسن نومي، فقد أعاقت المكافآت الكبيرة أدائي في حين حسَّنته المكافآت الصغيرة.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح لتحفيز قدرتك على تحقيق أهدافك

النتائج هي العامل الحاسم:

إنَّنا كائناتٌ تعشق المنطق، ومع ذلك قد يضللنا المنطق أحياناً عندما نفشل في رؤية الحقائق، فإذا أظهرت الحقائق أنَّ الأداء يتباطأ فيجب علينا فحص المكافآت التي نتحفز بها، ولكن يبدو من غير المنطقي أنَّ المكافآت الأصغر قد تعزز الأداء، وأنَّ المكافآت الأكبر تعوقه لدرجة أنَّنا نرفض حتى التفكير في هذا الاحتمال.

بالمثل من المفترض أن تزيد المواعيد النهائية من تركيزنا وليس من المفترض أن تزيد الوقت الذي نقضيه في القلق، فإذا كانت المواعيد النهائية تعارض مصالحنا، فلا بأس في أن نتخلى عنها، يبدو ذلك مريحاً جداً؛ لكنَّه مجنون جداً في الوقت نفسه.

بصرف النظر عما إذا كان الأمر عقلانياً أو غير عقلاني اختر دائماً الطريقة التي تحقق من خلالها أفضل النتائج، وإذا كان ذلك جنونياً قليلاً فلا بأس بذلك.




مقالات مرتبطة