كيف تبني بيئة عمل تكون صحية أكثر لموظفيك؟

يمكن أن يكون لتنفيذ استراتيجية الأرغونوميا (Ergonomics) فوائد عدة لمؤسستك، فهي تبيِّن مدى تقديرك لموظفيك، ورغبتك في تحسين صحتهم وزيادة الإنتاجية.

يجب أن تكون سلامة القوى العاملة دائماً أولوية قصوى، ويُعَدُّ يوم الصحة العالمي في 7 نيسان من كل عام رسالةً تذكِّر أرباب العمل بضرورة الاعتناء بموظفيهم؛ حيث يقضي الشخص العادي حوالي 90 ألف ساعة من حياته في العمل، وهذا يبيِّن العلاقة الواضحة بين جودة بيئة العمل وصحتنا، خاصة الآن؛ حيث تستمر الحياة العملية والحياة المنزلية في التداخل.

تزايد الوعي بأهمية الصحة في مكان العمل خلال السنوات الأخيرة، ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير مما يتعين علينا القيام به، فقد أصبح الاستثمار في الأشخاص أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى بعد أن أصبحت الميزانيات ضيقة جداً، ويمكن أن يكون لتنفيذ استراتيجية الأرغونوميا (Ergonomics) فوائد عدة لمؤسستك؛ حيث توضح مدى تقديرك لموظفيك، ورغبتك في تحسين صحتهم وزيادة الإنتاجية.

تعني الأرغونوميا (Ergonomics) إنشاء بيئة تُصمَّم فيها محطات العمل والمعدات تصميماً آمناً وفعالاً قدر الإمكان، بدلاً من حدوث العكس، عندما تضطر أجسام الأشخاص إلى ملاءمة "أدواتهم"، مما يؤدي إلى عدم الرضا والإجهاد والإصابات؛ حيث يعاني ما يقرب من 1.71 مليار شخص في جميع أنحاء العالم من أمراض الجهاز العضلي الهيكلي (MSK)، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، مع كون آلام أسفل الظهر هي الأكثر انتشاراً، والسبب الرئيس وراء مغادرة الأفراد للقوى العاملة مبكراً، ووفقاً لوكالة الصحة العامة في إنجلترا (Public Health England)، فإنَّ أمراض الجهاز العضلي الهيكلي (MSK) مسؤولة عن ضياع 30 مليون يوم عمل في المملكة المتحدة كل عام، مما يتسبب في ضررٍ كبير على الصعيد الاقتصادي.

تشير دراسات الحالة التي أجرتها شركاتٌ طبَّقت إجراءات الأرغونوميا إلى انخفاض كبير في أيام المرض والعجز، وتحسين معدلات العودة إلى العمل، وانخفاض حالات التوتر والقلق والاكتئاب؛ لذلك فإنَّ برنامج الأرغونوميا (Ergonomics) لا يُعدُّ الشيء الصحيح الذي يجب القيام به من منظور أخلاقي فحس؛ بل إنَّه مفيد أيضاً للأعمال التجارية.

الأرغونوميا في مكان العمل:

يختلف كل مكتب في الشركة عن الآخر؛ لذلك يُنصح دائماً بإجراء تقييم فردي لكل مكتب على حدة، وتشمل العناصر الرئيسة التي يمكن أن تُحدِث فرقاً كبيراً ما يلي:

1. الكراسي:

يعدُّ الكرسي غير المريح السبب الرئيس في آلام الظهر، ولكن عند استبداله بكرسي مريح، يمكن تعديل ارتفاع المقعد وعمقه ودعم أسفل الظهر ليناسب العمود الفقري للفرد ويوفر مُستنَداً للانحناء الداخلي الموجود في الجزء السفلي من الظهر، وهناك مجموعة كبيرة من خيارات المقاعد المريحة تتباين أسعارها تبايناً كبيراً، ولكن ليس عليك اختيار الأغلى، مهما كان ما تختاره؛ احرص على تدريب المستخدِم على وظائف الكرسي لتحقيق أقصى فائدة منه.

2. ذراع الشاشة:

تؤثر الرؤية ومدى القرب والبعد في وضعية الجلوس، فنحن ننحني طبيعياً إلى الأمام لرؤية شاشة الكمبيوتر في حال عدم وجود ذراع للشاشة، وبمجرد أن نفقد الاتصال بظهر الكرسي، تضيع فائدته؛ لذلك يُعدُّ ذراع الشاشة القابل للضبط حلاً سهلاً للحفاظ على وضعية الجلوس الصحيحة ودعم نطاق الحركة، كما يجب أن تكون الشاشة أمامك مباشرةً، على بُعد ذراع تقريباً، ويكون الجزء العلوي من الشاشة بمستوى العين.

3. ارتفاع المكتب:

تتراوح ارتفاعات المكتب القياسية بين 750 مم و720 مم، وعادة ما تستوعب شخصاً يتراوح طوله بين 188 سم و193 سم، مما يجعله مرتفعاً جداً بالنسبة إلى الكثيرين منا، وقد تتوفر خيارات قابلة للتعديل لتناسب الأطوال المختلفة، وهناك أيضاً المكاتب التي تلائم وضعيتي الجلوس / الوقوف، ولكنَّ الخطوة الأكثر فاعلية من حيث التكلفة هي استخدام مسند القدم، والذي يسمح لك بالحفاظ على القدمين مدعومتين في وضع جلوس مريح.

الصحة في عالم العمل من المنزل:

عندما أُغلقت أماكن العمل استجابة لجائحة كورونا، أنشأ الملايين من الموظفين في جميع أنحاء العالم محطات عمل منزلية مؤقتة، والآن، بعد أكثر من 12 شهراً، نتطلع إلى سيناريو طويل الأمد مع استمرار العديد من الشركات في السماح بالعمل عن بُعد لجزء من الوقت على الأقل.

في بعض البلدان، طُرِحَت قوانين تنص على معدات محددة يحتاج أصحاب العمل إلى توفيرها لتقليل عوامل الخطر وتمكين الموظفين من إنشاء مساحة عمل منزلية مثالية، ولكنَّ هذا ليس هو الحال في كل مكان، وبغض النظر عن القوانين، يتحمَّل أصحاب الشركة مسؤولية دعم عادات أسلوب العمل الجديدة وسداد التكاليف التي قد يتم تكبدها؛ لذا يجب وضع إرشادات للشركة لمساعدة موظفيك على إنشاء بيئة صحية مريحة بناءً على ظروفهم ومتطلباتهم الفردية.

فيما يلي بعض الإرشادات والنصائح العامة للعمل من المنزل:

• لا تجلس منحنياً فوق جهاز الحاسوب المحمول، وحافظ على مستوى العين الصحيح وارفعه بحامل الحاسوب المحمول إذا لزم الأمر.
• استخدم كرسي مكتب مناسباً يوفر دعماً كافياً لأسفل الظهر، بدلاً من كرسي الطعام أو كرسي الاستلقاء.
• اتبع قاعدة 20/20/20: لكل 20 دقيقة تقضيها في النظر إلى شاشة الكمبيوتر، اقض 20 ثانية في النظر إلى شيء آخر على بعد 20 قدماً (حوالي 6 أمتار).
• خذ فترات راحة منتظمة للنهوض والتجول.
• استخدم مسند قدم أو صندوق صغير لإراحة قدميك، مع إبقاء فخذيك موازيين للأرض، ووركيك أعلى قليلاً من ركبتيك.
• استخدم إضاءة إضافية للمكتب أو الأرضية عند الحاجة، وقلِّل من الوهج الناجم عن أشعة الشمس المباشرة القادمة من النوافذ المفتوحة.

المصدر