كل شيء يجب أن تعرفه قبل تناول مسكنات الألم التي تُصرَف بوصفة طبية

في العام الماضي وحده، جرى كتابة أكثر من 59 مليون وصفةٍ طبيةٍ لمسكنات الألم، أي ما يكفي لكلِّ شخصٍ في أميركا للحصول على علبة خاصَّة به. كما أنَّ مليوني شخصٍ مدمنون عليها، وذلك وفقاً لتقريرٍ صدر عام 2016 من الجمعية الأمريكية لطب الإدمان (ASAM). وذكر التقرير أيضاً أنَّ الجرعات الزائدة من العقاقير هي السبب الرئيس لحوادث الوفاة، وأنَّ مسكنات الألم الموصوفة تمثِّل ما يقرب من نصف هذه الجرعات.



ملاحظة: يستعرض هذا المقال مجموعةً من النصائح حول كيفية التعامل مع العقاقير المسكنة للألم؛ والتي تقدِّمها إرين جودهارت (Erin Goodhart)، أخصائية في الإدمان ومديرة خدمات النساء.

ولكن على الرغم من كلِّ هذه الإحصائيات المخيفة، فإنَّ الحصول على وصفةٍ من هذه المسكنات الأفيونية لا يعني رحلةً للخضوع إلى إعادة التأهيل من الإدمان في المستقبل؛ وعند استخدامها بالطريقة الصحيحة، يمكن أن تكون جزءاً هامَّاً من السيطرة على الألم.

هذا لا يعني أنَّ الأمر بسيط، خاصَّة بالنسبة إلى النساء؛ فنظراً للعوامل المجتمعية والبيولوجية الفريدة، غالباً ما تكون النساء في وضعٍ أكثر ضعفاً مع مسكِّنات الألم مقارنةً بالرجال، كما توضِّح إرين جودهارت (Erin Goodhart) -أخصائية الإدمان ومديرة خدمات النساء في مراكز علاج كارون "Caron Treatment Centers - بأنَّ هرمونات المرأة تجعلها أكثر عرضةً إلى تأثيرات المسكِّنات من الرجل؛ وبالإضافة إلى ذلك، فإنَّ النساء أكثر عرضةً إلى إساءة استخدام العقاقير الطبية لأمورٍ مثل: السيطرة على الوزن، ومكافحة الإرهاق، والتعامل مع الألم، ومعالجة مشاكل الصحة العقلية ذاتياً؛ وذلك وفقاً لأحدث الإحصائيات من المعاهد الوطنية للصحة.

يؤثِّر هذا على عددٍ أكبر من النساء ممَّا قد تعتقده، فقد اعترفت 15.8 مليون امرأةٍ بإساءة استخدامها لهذه العقاقير في العام الماضي، مقابل 4.6 مليون رجل قالوا أنَّهم أساؤوا استخدام الأدوية الموصوفة.

كلَّ ثلاث دقائق تذهب امرأةٌ في الولايات المتحدة إلى غرفة الطوارئ بسبب إساءة استخدام مسكنات الألم أو الوصفات طبية.

إذاً كيف تتأكَّد من أنَّك تتعامل بذكاءٍ مع هذه الأدوية القوية؟

إليكَ سبعة أشياءٍ تحتاج إلى معرفتها عن النساء ومسكنات الألم التي تُصرَف بوصفةٍ طبية:

1. تكون النساء أكثر عرضةً إلى الإدمان على المُسكِّنات:

تشكِّل النساء ومسكنات الألم ثنائياً مثالياً، وذلك بفضل العديد من العوامل الفريدة لأجسامهن وأوضاعهن، حيث تقول جودهارت: "أولاً، تشعر النساء بالألم بشكلٍ أكبر، حيث يملكن مستقبلات أعصاب أكثر من الرجال، وفقاً لدراسةٍ أجرتها الجمعية الأمريكية لجرَّاحي التجميل. كما أنَّه من المرجَّح أن تتحدَّث النساء عن هذا الألم مع مقدِّمي الرعاية الصحية، وأن يكنَّ سبَّاقاتٍ بشأن الرغبة بالتحكُّم بالتوتر والقلق والألم أكثر من الرجال".

غالباً ما يعالج الأطباء هذه المخاوف باستخدام وصفاتٍ طبيةٍ في المراحل الأولى، ومن المرجَّح أن تُوصَف للنساء مسكِّنات الألم أكثر من الرجال عند تقديم الأعراض نفسها، وفقًا لتقرير الجمعية الأمريكية لطب الإدمان "آسام" (ASAM).

مشكلةٌ أخرى هي أنَّ الأطباء غالباً ما يتجاهلون فكرة اختلاف النساء بيولوجياً عن الرجال؛ وعلى الرغم من حقيقة أنَّ النساء أصغر حجماً وأكثر حساسيةً لتأثيرات مسكنات الألم، إلَّا أنَّ الأطباء يصفون مسكنات الألم للنساء بجرعاتٍ أعلى ولفتراتٍ أطول من الوقت بالنسبة إلى الرجال، وذلك وفقاً لدراسةٍ أجرتها "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" (CDC).

أضاف تقرير الجمعية الأمريكية لطب الإدمان أنَّه إضافةً إلى هذه الحالة، أصبحت النساء يعتمدن بيولوجياً ونفسياً على مسكنات الألم في فتراتٍ زمنيةٍ أقصر، وعلى جرعاتٍ أصغر من الرجال. تُحذِّر جودهارت: "يجب أن تكون حذراً جداً من الطبيب الذي يستخدم العقاقير الأفيونية كحلٍّ أولٍ للألم".

إقرأ أيضاً: حبة دواء قد تلحق بك أضراراً ليست بالحسبان

2. يمكن أن تكون مسكنات الألم بوابةً لإدمان "الهيروين":

بحسب "الجمعية الأمريكية لطب الإدمان" (ASAM)، تخبرُ أربع نساءٍ من بين كلِّ خمسٍ مدمناتٍ على المخدرات المعروفة بالهيروين أنَّهن بدأن بتناول مسكنات الألم الأفيونية بوصفةٍ طبية. وقد ساعدت المسكنات التي يصرفها الأطباء في تغذية ما تسمِّيه "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" الآن: "وباء إدمان المخدرات"، سواءً أكان قانونياً أم غير قانوني. وبالطبع، هذا لا يعني أنَّ كلَّ امرأةٍ تأخذ وصفةً طبيةً لأدويةٍ مثل بيركوسيت (Percocet) بعد الولادة، أو أكسيسوتين (OxyContin) بعد الإصابة؛ سينتهي بها الحال لتصبح مدمنة هيروين، كما تقول غودهارت؛ لكنَّ هذا يظهر أهمية التعامل بيقظةٍ ووعي.

3. لا يمكنك التوقُّف عن تناول المسكنات ببساطة:

حتَّى إذا كنت تتناول مسكنات الألم بوصفةٍ طبيةٍ ووفقاً لتعليمات الطبيب، فهذا لايعني أنَّه من غير الممكن الإدمان عليها، ممَّا يعني أنَّه عندما تفرغ من تناولها -سواءً أكان ذلك بسبب نفاد وصفتك الطبية، أم لأنَّك تريد إيقافها فحسب- فقد تواجه التأثيرات الجانبية التي يسبِّبها انسحاب المخدرات من جسمك.

توضِّح غودهارت أنَّك تشعر وكأنَّك مصابٌ بالإنفلونزا، مع الإرهاق والغثيان وآلام الجسم، وحتَّى الحمى عندما تكون ردَّة فعل جسمك بنسبةٍ منخفضة. ولكن كلَّما طالت فترة تعاطيك للدواء، كلَّما كان ردُّ فعل جسمك أكثر شدَّةً عندما تتركه، بما في ذلك القيء والإسهال والأرق والألم الشديد؛ ولذلك بدلاً من إيقاف الدواء بطريقةٍ مفاجئة، ضع خطةً مع طبيبك لتقليص استخدام هذه الأدوية تدريجياً.

4. يمكنك البحث عن طبيب متخصصٍ في إدارة الألم على المدى الطويل:

إذا كانت لديك مشكلةٌ صحيةٌ تؤدِّي إلى ألمٍ مزمن، فمن الجدير قضاء بعض الوقت للعثور على طبيبٍ متخصصٍ في إدارة الألم بدلاً من الاعتماد فقط على طبيبٍ عام. تقول غودهارت: "إذا لم تتمكَّن من العثور على أحد هؤلاء الأطباء في منطقتك، فتأكَّد من طرح الكثير من الأسئلة حول خطة العلاج الخاصَّة بك، وأنَّك تشعر بالرضا عن إجابات طبيبك قبل قبول الوصفة الطبية".

5. لديك خياراتٌ أخرى لإدارة الألم:

تقول جودهارت: "في مراكز العلاج لدينا، نستخدم مجموعةً واسعةً من الخيارات غير الدوائية لمساعدة النساء في التعامل مع الألم دون آثارٍ جانبية، وإنَّ ما يعمل بشكلٍ أفضلٍ لأولئك الذين يعانون من آلامٍ مزمنةٍ هو المشاركة في برنامجٍ شاملٍ يشمل: العلاج النفسي، والعقلي، والطبي، وعلاجات الألم البديلة. كما يمكن أن تساعد أشياءٌ مثل: التأمل، والتدليك، واليوغا، والوخز بالإبر، والعلاج الطبيعي، والتمرينات الرياضية - في تقليل شعورك بالألم، بينما تساعدك أيضاً على التعامل مع مصدر الألم. يمكنك استخدام هذه الطرائق بمفردها أو جنباً إلى جنبٍ مع الأدوية، وهناك عددٌ من الأدوية غير المسبِّبة للإدمان التي يمكن استخدامها للسيطرة على الألم؛ لذا لا تستخفَّ أبداً بقدرة العقل على تحويل الألم العقلي إلى ألمٍ جسدي".

وتضيف: "الصدمة والحزن والخسارة التي لم يجري تجاوزها، أو غير المعترف بها، أو أيَّ ألمٍ عاطفيٍّ آخر - يمكن أن يظهر من خلال الألم الجسدي؛ ولهذا السبب من الهامِّ بالنسبة إلى أولئك الذين يعانون من آلامٍ مزمنةٍ الخضوع لتقويمٍ نفسيٍّ وعلاج، والانخراط في خيارات العلاج البديلة".

6. يمكنك التعرُّف على عوامل الخطر الشخصية الخاصة بك:

تقول غودهارت: "لا توجد طريقةٌ للتنبؤ بمن سيسيء استخدام المسكنات، أو من سيصبح مدمناً عليها؛ ومع ذلك، هناك بعض السمات التي يمكن أن تزيد من المخاطر الخاصة بك. وإنَّ تقديم مسكنات الألم للجسم في سنٍّ مبكِّرةٍ عندما لا يزال الدماغ في مرحلة التطور، يضعك في خطرٍ أكبر لاحتمالية تعاطي العقاقير. أو إذا كان هناك تاريخٌ عائليٌّ لتعاطي العقاقير، فقد يكون هناك استعدادٌ وراثيٌّ لتطوير مادةٍ تسبِّب هذه الفوضى".

إقرأ أيضاً: كيفية قراءة النشرة المرفقة مع الدواء بشكل صحيح

7. يمكن لبعض الألم أن يكون جيداً:

تقول غودهارت أنَّ هناك مفتاحاً حاسماً أخيراً لفهم المثالية التي تحيط بالنساء ومسكنات الألم. وتقول: "ليس كلُّ الألم سيئاً، فأحياناً يخبرنا بشيءٍ هامٍّ عن أنفسنا، فقد جرى تكييفنا للاعتقاد بأنَّ الألم يمثِّل مشكلةً تلقائياً عندما يجب أن نراها كمعلومات.

غالباً ما يبدأ الناس باستخدام المواد الأفيونية في محاولةٍ للسيطرة على الألم المصاحب للإصابة أو إجهاد الجسم، ثمَّ يدرك الناس أنَّه يمكن استخدام المواد الأفيونية للتعامل مع ألم الضغط والضغط في الحياة اليومية. ويبدؤون بالاستمتاع بالمشاعر الممتعة الناتجة عن مسكنات الألم؛ لأنَّ هذه الأدوية تعالج الآلام الجسدية والألم العاطفي في آنٍ واحد".

كما أنَّ إخفاء الألم باتباع عاداتٍ إدمانيةٍ سيئةٍ مثل: تعاطي العقاقير أو إدمانٍ آخر، لا يمكن أن يعالج الألم من جذوره، ومن المحتمل أن يضاعف الألم بإضافة مشاكل جديدة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة