قيادة الأقران: تحفيز الأشخاص بشكلٍ فعال من دون اللجوء إلى السلطة

هل ترغب في أداء وظيفةٍ مثل هذه الوظيفة؟

ستقوم بإدارة مجموعةٍ متنوعةٍ من الأشخاص الذين ينتمون إلى مجموعةٍ متنوعةٍ من الأقسام. كلُّ واحدٍ منهم خبيرٌ في مجالٍ مختلف وله طريقةٌ مختلفة في إنجاز العمل. هؤلاء الأشخاص لا يتبعون لك ولن يكون لك عليهم سلطةٌ تُذكر فيما يخص توجيه أدائهم، ولكنَّك ستكون مسؤولاً عن نتائج الفريق. لتحقيق أهداف الفريق يُتوقَّع منك العديد من الأمور من بينها التحفيز، والتسهيل، والتشجيع، والتواصل بشكلٍ فعال، وبناء الثقة، وحل الصراعات. لا يبدو هذا مسلِّياً، أليس كذلك؟ فقيادة فريقٍ من الأقران من أصعب التحديات التي قد تواجهك.

تُعَدُّ القيادة موضوعاً مُعقَّداً فثمَّة القادة أصحاب الرؤيا، والقادة الذين يمنحون القوة، والقادة أصحاب الحضور، والقادة أصحاب القيمة. وثمَّة لكلِّ أسلوبٍ من هذه الأساليب حالاتٌ يكون فيها الأسلوب فعالاً وحالاتٌ أخرى يكون فيها غير فعال. ولكنَّ الشيء الوحيد الذي يمكن للقادة التقليديين عادةً الاعتماد عليه بغض النظر عن أسلوبهم أو حالتهم هو السلطة القانونية التي يتمتعون بها. وعندما تسوء الأمور يمكن للقائد اللجوء إلى مكانته أو منصبه للإيعاز بالطريقة التي يرغب في تنفيذ العمل من خلالها.



ولكن عندما تكون مسؤولاً عن فريقٍ يتألف أعضاؤه من أقرانٍ لك فإنَّ مستوى السلطة الذي تتمتع به يُعَدُّ بلا قيمة. لكي تقود مجموعةً من الأقران متعددي الوظائف يجب أن تتمتع بجميع الصفات التي يتمتع بها القادة الناجحون وبالكثير غيرها. إليك هذه المهارات الأساسية التي تحتاج إليها من أجل النجاح:

1- أتقن آليات عمل الفريق:

تعلَّم قيادة النقاشات وإدارة الشخصيات المختلفة بشكلٍ فعال فأنت لا تعلم أبداً ما هي طبيعة التجارب السابقة التي مرَّ بها أعضاء الفريق فيما بينهم سواءً كانت تجارب جيدةً أم سيئة. ومهما كان ما حدث في السابق فإنَّ دورك بصفتك قائداً يبدأ بوضع أساسٍ إيجابي لتفاعلات الفريق من خلال:

  • تأسيس بيئةٍ مريحة تُشجِّع الجميع على مشاركة آرائهم وأفكارهم.
  • طلب المساهمة من الجميع وتشجيع الأعضاء الانطوائيين على التحدث.
  • استخدام مهارات الإنصات كإعادة صياغة ما تسمعه وطرح أسئلةٍ توضيحية.
  • التأكيد على أن يُبدي أعضاء الفريق الاحترام لبعضهم البعض، أمَّا بالنسبة إلى المهام التي تتطلب الكثير من الوقت والجهد طوِّر ميثاقاً للفريق لتحديد أهداف فريقك وطريقة عمله.
  • استخدام الأدوات التشاركية في اتخاذ القرار ومحاولة ضمان مشاركة الفريق والتزامه بشكلٍ فعال.

2- دعم أعضاء الفريق:

يمكن للقادة الذين يمنحون القوة للآخرين أن يكونوا غايةً في التأثير والتحفيز. فعندما يستخدم القادة سلطتهم لحثِّ الآخرين على تحقيق إنجازاتٍ رائعة تصبح لدى هؤلاء الأشخاص رغبةٌ في العمل بجد لصالح هؤلاء القادة. فعندما تدعم شخصاً ما فإنَّك تقول له بشكلٍ أساسي أنَّك تثق به. وعندما يشعر الأشخاص بأنَّنا نثق بهم تتولد عندهم الرغبة بشكلٍ طبيعي في تحمُّل مسؤوليةٍ أكبر عن النتائج لأنَّهم سيكونون جزءً من الأشخاص الذين سيُسلَّط عليهم الضوء عندما يتحقق النجاح. يُعَدُّ الدعم محفِّزاً فعالاً يمكن استخدامه لشكر أعضاء الفريق على جهودهم التي يبذلونها. عندما تكون قائداً لأقرانك امنح المكافآت وعبِّر عن الشكر بطريقةٍ إبداعية، ففي بعض الأحيان يكون إسناد مهمةٍ ما أو منح مستوى من السلطة بمنزلة مكافأةٍ فعالةٍ للغاية. ابذل قصارى جهدك لتحفيز الأشخاص الذين تعمل معهم لا سيما عن طريق التعبير عن الثناء عندما يكون ذلك ممكناً.

3- كن مرناً:

يمكن أن يؤدي فرض القواعد، والأنظمة، والمناهج الغليظة على فريقٍ من الأقران إلى شعور أفراده بالاستياء وإلى عدم امتثالهم للأوامر. استخدم سلطتك التقديرية وتعلَّم كيفية التكيف مع البيئة المتغيرة فهذا يُعَدُّ أمراً أساسيَّاً. لن تكون أنت دائماً الخبير ولن تعرف دائماً ما الذي يجب عليك القيام به. من خلال اتباع أسلوب القيادة المرنة يمكنك التعامل مع الظروف المُتغيِّرة في أغلب الأحيان من دون التنازل عن دورك القيادي. أمَّا إذا كنت تتبع طريقةً متشددة وأسلوباً متشدداً ستجد نفسك غالباً في مواجهة المصاعب وقد تبدد وقتك في مواجهة الصراعات الشخصية بدلاً من تحقيق الأهداف. فأنت تحتاج بشكلٍ أساسي إلى مساعدة فريقك على التكيُّف مع التغيُّرات التي تطرأ على التوجُّهات، والظروف، والأولويات. فحيثما كان ثمَّة مجموعة من الأشخاص يعملون معاً فمن الممكن أن يكون ثمَّة أوقاتٌ يسودها الغموض والشك. ولكن عندما تكون متقبِّلاً للتغيير سيشعر فريقك بذلك وسيكونون على الأرجح أيضاً أكثر تقبُّلاً له.

4- ضع الأهداف:

قليلةٌ هي الفِرَق التي يمكنها المضي قُدُماً من دون أن يكون لديها أهداف. فأنت تحتاج إلى الأهداف من دون أدنى شك لإرشادك نحو الاتجاه الصحيح ولتقويم أدائك بناءً عليها. فعندما تجمع فريقاً يضم مجموعةً متنوعةً من الأشخاص يُعَدُّ امتلاك توجُّهٍ واضح أمراً في غاية الأهمية. سيكون لكلَّ عضوٍ من أعضاء الفريق على الأرجح وجهة نظره الخاصة وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى سلوك فريقك لمسالك مختلفة إذا لم يكن ثمَّة توجُّهٌ مركزيٌّ يتبعونه. هذه المسالك المختلفة يمكن أن تؤدي أيضاً إلى نشوب صراعٍ حول الموارد والأولويات.

يمكنك تجنُّب العديد من هذه المصاعب من خلال وضع أهداف واضحة بالاعتماد على أبرز التطلعات التي يتفق حولها أعضاء الفريق. من السهولة بمكان استمرار الأشخاص في العمل معاً بشكلٍ فعال عندما تكون الأهداف واضحة، وعندما يكون من الواضح كيف ستساعد المساهمةُ التي سيقدمها الفريق زبائنَ الفريق، وعندما يتم حل النزاعات من خلال العودة إلى أهداف الفريق. لهذه الأسباب من المهم تطوير خطة تنفيذ وأن تحافظ على تركيزك على أهدافك.

5- ادعم فريقك وقدِّم له الحماية:

لكلِّ عضوٍ من أعضاء الفريق عادةً وظيفته المعتادة الخاصة به بالإضافة إلى مهامه التي يؤديها لصالح الفريق. هذا يعني أنَّ التزامك تجاه فريقك قد يَضْعُفُ من عدة اتجاهات. بصفتك القائد والشخص المسؤول في نهاية المطاف ركِّز على الحصول على الدعم والمصادر التي يحتاج إليها فريقك ليقوم بعمله بصورةٍ جيدة. ركِّز على هذه المجالات الثلاثة الرئيسة:

  1. الحصول على الموارد: قد يفقد فريقك بسرعةٍ الزخم الذي لديه إذا ما واجه نقصاً في الموارد. إذا قدمت لفريقك ما يحتاج إليه عندما يحتاج إليه سترتفع مكانتك بشكلٍ كبير وستزداد قدرتك على التأثير والتحفيز.
  2. إدارة أصحاب المصلحة: ثمَّة العديد من الأشخاص الذين لا ينتمون إلى فريقك ولكنَّهم يؤثِّرون في نجاحه. قد تواجه في البداية مقاومةً من مصادر خارجية متنوعة. على سبيل المثال قد لا يسمح مدير أحد الموظفين للموظَّف بالعمل أكثر من ساعةٍ كلَّ يوم على مشاريع الفريق أو قد يرفض المدير المالي "دفع فلسٍ واحدٍ إضافي على المشروع". قد يكون ثمَّة أيضاً مناصرين للفريق. التحدي الذي يكمن أمامك بصفتك قائداً هو التعرُّف على كيفية استخدام التأثير الذي يتمتع به المناصرون لإقناع "المقاومين" بتغيير آرائهم. إحدى الطرائق الرائعة لكسب احترام الفريق هي أن تحميه من التأثير الخارجي السلبي وهذا ما سيجعل أعضاءه يؤدون عملاً رائعاً.
  3. الحصول على التغذية الراجعة من الإدارة: يحتاج فريقك إلى معرفة أنَّه يحظى بالدعم. تأكَّد من التواصل بشكلٍ منتظم مع المديرين والمديرين التنفيذيين. فأنت بمنزلة الوسيط الذي يضمن معرفة الإدارة بما يجري وبأنَّ فريقك يعرف ما تفكر فيه الإدارة. يُعَدُّ الوصول إلى مثل هذا التوازن عملاً حساساً لأنَّك لا ترغب في قضاء وقتك في نقل هذا الكم من المعلومات. لذا تحقق أوَّلاً ممَّا يحتاج كل طرفٍ إلى معرفته ومن ثم قدمه له.

النقاط الرئيسة:

تُمثِّل قيادة فريقٍ من الأقران تحدياً حقيقيَّاً يمكنه وضع جميع مهاراتك القيادية على المحك. فمن وضع الأهداف إلى إشراك أعضاء الفريق في اتخاذ القرارات وحتى تأسيس مناخٍ يتسم بالانفتاح والصدق فإنَّك تحتاج إلى القيام بجميع هذه الأمور والكثير غيرها. إذا تذكَّرت إعطاء الأولوية لاحتياجات الفريق، وإذا عملت بجدٍّ لحماية مصالحه فستثبت لأعضائه أنَّك ملتزمٌ بنجاحهم وأنَّك متحمِّسٌ لتحقيق هذا النجاح. عندما تُظهر إيمانك بقيمة عملهم وعندما تُبدي رغبةً في تجاوز أي عوائق تواجهك سيحترم فريقك نزاهتك وسيرغبون في العمل بجدٍّ معك ولصالحك في سبيل تحقيق النتائج المرجوة.

 

المصدر: هنا




مقالات مرتبطة