قوة التواصل المادي

نظراً لأنَّنا أصبحنا نعتمد اعتماداً متزايداً على البريد الإلكتروني والرسائل النصية ومنصات التواصل الاجتماعي، فمن السهل التغاضي عن إرسال رسالة مادية، فيمكن أن تكون الرسائل المادية رسائل أو ملاحظات أو أزهار أو أي شيءٍ يمكن التعامل معه تعامُلاً فعلياً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مارك شيد" (Mark Shead)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته مع التواصل المادي.

لقد كان لدي قريبٌ مريض احتاج إلى رسالة توصية من طبيب تخص مطالب لها علاقة بالتأمين، وتطلَّبت هذه الرسالة من الطبيب الجلوس فعلياً وتخصيص بعض الوقت لكتابتها. لقد حاول أسابيع للحصول على الرسالة، وقال الطبيب إنَّه سيكتبها؛ لكنَّه لم يكتبها بعد.

وبعد سماعي عن الصعوبة التي يواجهها، اتصلتُ بمكتب الطبيب وتحدَّثتُ مع إحدى الممرضات، وقالت إنَّها ستذكِّره مرة أخرى وأنَّه سيكتبها؛ لكنَّه كان مشغولاً للغاية، وبعد إجراء بعض البحث السريع على تطبيق "غوغل مابس" (Google Maps)، اتصلتُ بمخبز بالقرب من مكتب الطبيب وطلبتُ إرسال القليل من الكعك مع ملاحظة تشكرهم على مساعدتهم في هذا الشأن.

وتلقَّيتُ مكالمة من الممرضة في اليوم التالي تفيد بأنَّه أُرسِلَت الرسالة، وأنَّ الكعك لم يكن ضرورياً، ولكنَّهم قدَّروا بادرتي كثيراً، فكانت الرسالة المادية والكعكات شيئاً ملموساً في المكتب حتى لا تُنسَى الرسالة وتبقى بعيدة عن الأنظار وعن الذهن، ولقد حصلت على النتائج التي لم تتحقق خلال أسابيع من المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني خلال 24 ساعة.

فكيف يمكنهم تناول الكعكات دون التفكير في الرسالة التي يجب إرسالها؟ أتخيل أنَّه كان هناك الكثير من النقاش في المكتب عن "لماذا أُرسِل لنا الكعك؟" وفي كل مرة تناولوا كعكة تذكَّروا أمر الرسالة.

شاهد: ما هي مهارات التواصل الفعال؟

وهناك شيء آخر لاحظتُه وهو مقدار الاهتمام الذي تحظى به الرسالة الحقيقية؛ خاصة في المؤسسات الأكبر حجماً، فلقد رأيتُ اجتماعات الموظفين تستمر لـ 15 دقيقة في مناقشة شكوى أو اقتراح من خطاب مادي واحد؛ بينما نادراً ما تُذكَر عشرات من المكالمات ورسائل البريد الإلكتروني، والسبب واحد؛ فالرسالة المادية هي شيء يمكن التقاطه في اليد؛ إذ تُحضَر إلى الاجتماع وتُمرَّر بين الحاضرين.

فيمكنك طباعة رسائل البريد الإلكتروني، ولكن نظراً لوجود الكثير منها، فمن السهل أن تقرر تلخيصها في عقلك، كما أنَّه من الصعب التخلص من خطاب كتبه لك شخص ما؛ لا سيما إذا كان مكتوباً بخط اليد أو مُوقَّعاً أو به علامات أخرى على أنَّه خطاب مادي.

وما يزال لدى والد صديقي آلة كاتبة قديمة يضعها على طاولة المطبخ ويكتب الرسائل بها عندما يكون غاضباً، وفي البداية اعتقدتُ أنَّه كان أمراً غريباً أنَّه ما زال يستخدم آلة كاتبة؛ لكنَّني أعتقد أنَّه يعرف قيمتها، فإذا تلقَّيتَ خطاباً مكتوباً يدوياً في البريد، فسوف تمنحه قيمة أكبر بكثير من رسائل البريد الإلكتروني.

تُعَدُّ كتابة رسالة أو ملاحظة لإنجاز شيء ما أو إصلاحه أمراً مفيداً، ولكن لا تنسَ قيمة إرسال الرسائل بوصفها طريقةً للتعبير عن الشكر؛ إذ تحمل الرسائل المادية كثيراً من المعنى، ليس فقط كشكاوى، ولكن كوسيلة لتشجيع الناس. فمتى كانت آخر مرة تلقَّيتَ فيها رسالة مكتوبة بخط اليد في البريد؟ وبالنسبة إلى معظم الناس، ربما مرَّت فترة طويلة منذ آخر مرة، فلقد أصبح شكلاً مفقوداً من أشكال التواصل.

في المرة القادمة التي يكون لديك فيها شيء هام لتقوله، ضع في حسبانك إن كان له تأثير أكبر كرسالة مادية أم لا، ولا تنسَ هذا النوع من التواصل، وفي الحقيقة، إنَّ ندرة الأمر زادت فاعليته كوسيلة تواصل.

المصدر: 1




مقالات مرتبطة