قصص نجاح ملهمة لشخصيات مشهورة

كل إنسان على وجه الأرض ينشد السعادة لنفسه، ولكي تُحقَّق هذه السعادة لا بدَّ أن يكون ناجحاً عملياً واجتماعياً ومادياً، ولا بدَّ أن يعيش في بيئة مستقرة من ناحية وجود عمل يلبِّي طموحه، ويحقِّق من خلاله ذاته، ولا بدَّ أيضاً من أن يعيش في كنف أسرة يسودها الحب.



لقد وهب الله عز وجل الإنسان المواهب والملكات ومقومات عظيمة يستطيع الإنسان من خلال التركيز عليها صناعة الأعاجيب في حياته ونيل النجاح؛ بل يمكن أن يتحول إلى قدوة داخل المجتمع الذي يعيش فيه وفي العالم أجمع، وكما يقول الدكتور "إبراهيم الفقي": "كل ما يصنعه المرء هو نتيجة مباشرة لما يدور في فكره، فكما أنَّ المرء ينهض على قدميه، وينشط وينتج بدافع من أفكاره، كذلك يمرض ويشقى بدافع من أفكاره أيضاً".

ثمَّة شخصيات مشهورة انطلقت من العدم أو من اللاشيء ووصلت إلى قمة النجاح والشهرة، هذه الشخصيات أطلقت العنان لنفسها، واستمرت حتى وصلت إلى ما أرادت، وأصبحت صاحبة تأثير في العالم، سنقدِّم لك في هذا المقال بعضاً من قصص النجاح لأشهر تلك الشخصيات:

هيلين كيلير:

Helen Keller

كاتبة وناشطة أمريكية الجنسية، فقدت "هيلين" ثلاث من حواسها (البصر، السمع، النطق)، لكنَّ تلك الإصابة مثَّلت نقطة البداية في حياتها العملية؛ إذ عملت "هيلين" مع أطفال مشابهين لحالتها، وألَّفت ثمانية عشر كتاباً، كل كتاب منها كان بمنزلة الحافز للآخرين نحو تحقيق النجاح، ومن أشهر مؤلفاتها: (العالم الذي أعيش فيه، أغنية الجدار الحجري، الخروج من الظلام، الحب والسلام، أضواء في ظلامي، وكتاب قصة حياتي)، ومنذ عام 1980 تحتفل الولايات المتحدة بعيد ميلاد "هيلين"؛ وذلك بموجب مرسوم رئاسي أعلنه "جيمي كارتر".

لويس برايل:

Louis Braille

من مواليد فرنسا، فقد بصره في أثناء حادثة سير، ومنذ تلك الحادثة أخذ يفكِّر بطريقة تساعد المكفوفين على الكتابة والقراءة، وبعد مضي خمس سنوات من تجاربه والعمل الشاق الذي أضناه نجح في تحقيق هدفه مُبتكراً الطريقة التي تساعد المكفوفين على القراءة، وعلى الرَّغم ممَّا تعرض له من نقد ومن عدم اعتراف الدولة بما حقَّقه إلا أنَّ ذلك لم يحبطه؛ بل شكَّل حافزاً إضافياً له، ولم تُقدَّر جهوده إلا بعد أن عزفت إحدى تلميذاته على البيانو على أحد المسارح، وعند التصفيق لها قالت لست أنا من استحق هذا التصفيق؛ بل إنَّه من حقِّ ذلك الرجل "لويس برايل" الذي فتح لنا نحن المكفوفين نافذة نطل منها إلى العالم، ومنذ ذلك الوقت دعمته الصحافة، واعترفت الدولة فيما بعد بطريقته.

مارك زوكربيرج:

Mark Zuckerberg

أصغر ملياردير في العالم، ومؤسِّس موقع "فيسبوك" الشهير، لم يكن "مارك" قبل تأسيسه لفيسبوك يملك سيارة أو حتى منزل يأويه، انضم مارك في عام 2002 إلى جامعة "هارفرد"، وأراد إنشاء نسخة إلكترونية تحتوي على صور طلاب الجامعة ومعلوماتهم، لكنَّ الجامعة رفضت ذلك متذرِّعة بأسباب كثيرة، لكنَّ "مارك" أراد الاستمرار في فكرته، فاخترق سجلات الطلبة في الجامعة، وأنشأ موقعاً بسيطاً أسماه (Facemash)، وبعد عدة مراوغات مع إدارة الجامعة أنشأ مارك "كتاب الوجوه" (facebook)، وطلب من زملائه إدخال بياناتهم، ومن ثمَّ ما لبث أن تعاون مع ثلاثة من زملائه على إطلاق أكبر موقع للتواصل الاجتماعي في العالم "فيسبوك"؛ إذ يسمح للمستخدمين بإنشاء صفحاتهم الخاصة، وتحميل صورهم، والتحدث مع أصدقاء من مختلف أنحاء العالم.

حاولت معظم الشركات استثمار موقع "مارك" مثل شركة "ياهو"، وشبكة MTV، وشركة "مايكروسوفت" التي اقترحت شراء الموقع، لكنَّ "مارك" رفض تلك العروض، وأصرَّ على الاستمرار بمشروعه، وتطوير خدمات موقعه، حتى انتشر في جميع أنحاء العالم، وأصبح عدد مستخدميه ما يقارب 1.97 مليار في عام 2022، وتحوَّل إلى واحد من أكثر أثرياء العالم بثروة تُقدَّر 64.5 مليار دولار.

إقرأ أيضاً: قصة نجاح مارك زوكربيرغ مؤسس موقع الفيسبوك

كريستيانو رونالدو:

أشهر لاعبي كرة القدم، أسطورة ريال مدريد، وأفضل هدَّاف في تاريخ النادي، يعدُّه كثيرون أفضل ما أنجبت كرة القدم على الإطلاق، لقبه (DON الدون)، وتعني السيد أو القائد، كما يلقَّب أيضا بـ (CR7) وهو اختصار لاسمه مضافاً إليه رقم 7 في إشارة إلى رقم القميص الذي تألَّق فيه في نادي ريال مدريد الإسباني.

سجِّلُ "كريستيانو" الرياضي حافلٌ بالإنجازات وبالأرقام القياسية، فهو أفضل هدَّاف في تاريخ ريال مدريد، وأفضل هدَّاف في دوري أبطال أوروبا، سجل 105 هدفاً في البطولة القارية، وأفضل هدَّاف في الليغا الإسبانية برصيد 312 هدفاً، وحقَّق عديداً من الألقاب خلال مسيرته الكروية منها 4 مرات دوري أبطال أوروبا، 3 مرات كأس العالم للأندية، 3 مرات كأس السوبر الأوروبي، 2 كأس الدوري الإسباني، 2 كأس الملك، وغيرها من الألقاب؛ إذ حقَّق 32 لقب بطولة خلال مسيرته الكروية.

كما حقَّق كريستيانو ألقاباً فردية؛ إذ حاز على جائزة الحذاء الذهبي 4 مرات، وجائزة الكرة الذهبية 5 مرات، وجائزة أفضل لاعب في أوروبا 3 مرات، وغيرها من الألقاب، لكنَّ قصة نجاح كرستيانو مليئة بالمعاناة والخسارات، ولم يأتِه النجاح على طبق من ذهب؛ بل كافح وعانى حتى وصل إلى ما وصل إليه.

تعود أصول كريستيانو إلى جزر ماديرا في البرتغال، أمه كانت طاهية، وتدعى "ماريا دولوريس"، ووالداه كان جندياً سابقاً، ومن ثمَّ بستانياً، ويدعى "خوسيه دينيس أفيرو"، ولديه ثلاثة أشقاء: "هوغو"، و"إلما"، و"ليليانا كاتيا"، تحدثت والدة كريستيانو مرة وقالت: إنَّها لم ترد إنجاب كريستيانو، وكانت تريد إجهاضه بسبب ما كانت تعانيه العائلة من الفقر وبسبب إدمان والده على الكحول، لكنَّ الطبيب القائم على العناية بها رفض إجراء تلك العملية.

Cristiano Ronaldo

وُلِدَ كريستيانو ونشأ في منزل فقير يتقاسم الغرفة مع إخوته جميعاً، أحب كريستيانو كرة القدم منذ طفولته، وأراد أن يحقِّق حلمه، فعمل والداه على إدخاله إلى نادي "أندورينها للهواة" في عام 1992، ومن ثمَّ انتقل إلى النادي المحلي "ناسيونال ماديرا" في عام 1997، وعندما بلغ 12 عاماً اتخذ كريستيانو أصعب قرار بترك والديه والذهاب إلى لشبونة لتحقيق أحلامه الكروية؛ إذ ذهب لأداء الاختبارات في نادي "سبورتينغ لشبونة"، ولاحظ الخبراء موهبته الكروية ولعب لصالحهم.

تنقَّل رونالدو بين الأندية المحلية فترة حتى وجد أنَّ باستطاعته اللعب بصفته محترفاً، وهنا ترك دراسته من أجل أن يركِّز على هدفه، لكن للأسف بعد سنة واحدة شُخِّصت حالة كريستيانو الصحية بوجود تسارع في نبضات القلب، الأمر الذي هدَّد طموحه؛ إذ يجب عليه ترك كرة القدم، لكنَّه فضَّل إجراء عملية جراحية في القلب، وعاد إلى صحته وإلى التمرينات من جديد؛ وثابر واجتهد كثيراً من أجل تحسين نفسه.

وجد كريستيانو نتيجة هذا الجهد في عام 2003؛ عندما لعب فريقه "سبورتينغ لشبونة" مباراة ودية مع فريق "مانشستر يونايتد"، وتألَّق كريستيانو في هذه المباراة، وساعد فريقه على الفوز بنتيجة 3-1، وبعد المباراة سعى "مانشستر يوناتيد" إلى التوقيع معه، وحدث ذلك بالفعل مقابل 12.24 مليون جنيه إسترليني، وهذا جعله أغلى لاعب مراهق في التاريخ، وتوالت نجاحاته مع الفريق حتى انضم إلى نادي ريال مدريد الإسباني مقابل مبلغاً قياسياً آنذاك، وحقَّق كثيراً من الإنجازات معه، كما جعل من البرتغال اسماً لامعاً في عالم الكرة، فالبرتغال مع كرستيانو لم تعد كالسابق.

يروي كريستيانو كثيراً من القصص المحزنة في حياته تبيِّن ما عاناه بسبب الفقر، لكن بالصبر والاجتهاد استطاع محو ذلك الفقر، وتحوَّل إلى واحد من أثرياء العالم بثروة تقدَّر بأكثر من 500 مليون دولار، وهو حالياً يُعَدُّ من أكثر الشخصيات المؤثرة؛ إذ يمتلك أعلى عدد من المتابعين على تطبيق إنستغرام، وهو 355 مليون متابعاً.

ألبرت أينشتاين:

Albert Einstein

من أهم علماء العصر الحديث، وصاحب نظرية النسبية، والحائز على جائزة نوبل في الفيزياء في عام 1921، وعلى عديد من الميداليات الأخرى، وُلِدَ أينشتاين في مدينة "ميونخ" في ألمانيا، وقد تأخر أينشتاين في الكلام حتى الرابعة من عمره، كان بطيء الاستيعاب، وطُرِدَ من المدرسة، وظنَّ أهله والمدرسون بأنَّه متخلِّف عقلياً وغير قادر على العيش طبيعياً، فهو رغم حُبِّه للرياضيات كان يرسب بها.

تنقلت عائلته بسبب العمل بين "ميونخ" و"ميلانو"، ومن ثمَّ "سويسرا" التي بدأ فيها ألبرت أينشتاين دراسة العلوم التقنية، ومن ثمَّ بدأت رحلة إينشتاين في النجاح وتوالت اكتشافاته، فالناظر إلى الفترة التعليمية لأينشتاين والإخفاقات الكثيرة التي اعترضت طريقه ما كان ليتخيَّل أنَّه سوف يصبح من أعظم علماء العصر.

سيلفستر ستالون:

Slyvester Stallone

من أبرز ممثلي هوليود، ولد في نيويورك لعائلة من أصول إيطالية وأم من أصول روسية، لم يكن والداه على اتفاق، وانفصلا بعد ولادته، فعاش في دار للأيتام، ولم يكن من محبي الدراسة، ففشل فيها أيضاً، ومن أشهر الأدوار التي أدَّاها كان شخصيات "روكي"، و"رامبو"، لكنَّ رحلة النجاح لهذا الممثِّل كانت شاقة، فقد بدأ رحلته في التمثيل منذ عام 1970 في فيلم (the party at kitty and studs)، لكنَّه لم يحقِّق النجاح، وعمل بعده بثمانية أفلام أخرى، لكنَّها أيضاً لم تحقق النجاح، ومع ذلك لم يشعر بالإحباط؛ بل استمر في محاولاته، وابتكر في عام 1976 شخصية روكي الملاكم الذي حقق النجاح الكبير من خلاله، لتبدأ بعده رحلة نجاحه المستمرة، وتُقدَّر ثروته حالياً بما يقارب 400 مليون دولار.

بيتهوفن:

Ludwig van Beethoven

الموسيقار الشهير الذي برع في الموسيقى وأبهر العالم بها، كان أصم ولم يسمع موسيقاه، ومع ذلك راح يؤلف أجمل المعزوفات حتى غدا من أعظم الموسيقيين في العالم.

إقرأ أيضاً: بيتهوفن: أسطورة العصور الوسطى

في الختام:

يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران، الآية: 159]؛ لذا عليك أن تعرف أنَّ جميع تلك الشخصيات التي تحدَّثنا عنها في هذا المقال لم تكن تعيش في ظروف مالية تمكِّنها من النجاح، أو حتى إنَّها تملك قدرات أو حواس أو مواهب خاصة ميَّزها الله عنك بها؛ بل كل ما تحلَّت به هو العزيمة والإرادة القوية لكي تصل إلى أهدافها وتحقِّق ما حققته.

العزيمة والإصرار هي نقطة البداية والانطلاق، فانظر فيما منحك الله من قدرات ومواهب، واسعَ إلى تحسينها، وحاول اكتساب ما تحتاج إليه لتحقيق هدفك، ولا تنشغل عن واجباتك اليومية التي تدفعك باتجاه هدفك وباتجاه نجاحك، بهذه الطريقة سوف تصعد السلم درجة، درجة، ولا تنظر إلى الماضي وما فاتك منه؛ بل خذ فقط ما يزيدك عزاً وإصراراً على المضي باتجاه المستقبل المشرق الذي ينتظرك.




مقالات مرتبطة