قصص نجاح مشاهير من ذوي الاحتياجات الخاصة ومقتطفات من حياتهم

عرف التاريخ العالمي العديد من الشخصيات الناجحة التي استطاعت أن تحقق الكثير من الأعمال والإنجازات المهمة على الرغم من إصابتها ببعض الإعاقات الجسدية التي لم يسمحوا لها بأن تقف في طريق طموحهم ورغبتهم في تحقيق النجاح الباهر في هذهِ الحياة، سنسلِّط الضوء فيما يلي على قصص نجاح مشاهير من ذوي الاحتياجات الخاصة ومقتطفات من نماذج ناجحة من ذوي الاحتياجات الخاصة:



نماذج ناجحة من ذوي الاحتياجات الخاصة:

النجاح رغم الإعاقة هو إنجاز مذهل يحققه ذوو الاحتياجات الخاصة في مختلف مجالات الحياة. وقصص نجاح ذوي الاحتياجات الخاصة تلهمنا جميعًا وتُظهر لنا القوة اللافتة التي يمتلكونها لتحقيق أحلامهم. فالنجاح الذي يحققونه لا يقتصر على اجتياز الصعاب والتحديات الجسدية أو النفسية، بل يمتد إلى الإسهام الإيجابي في المجتمع وتحقيق الاعتراف بإمكاناتهم الفائقة. فيما يلي نتعرّف على قصص أشخاص ناجحين من ذوي الاحتياجات الخاصة:

أولًا: قصة نجاح نيكولاس فوجيسيك

نيكولاس فوجيسيك

يُعَدُّ نيكولاس فوجيسيك واحدًا من أشهر رجال الأعمال في أستراليا والعالم، وقد استطاع أن يحقق نجاحًا كبيرًا في أعماله على الرغم من أنَّه من ذوي الاحتياجات الخاصة ولا يملك أي أطراف في جسده، وحصل نيكولاس على ثلاثة شهادات في مجالي الإقتصاد وإدراة الأعمال.

ميلاد نيكولاس فوجيسيك ونشأته:

وُلِدَ هذا الرجل الناجح في أستراليا سنة 1982 لأسرةٍ ذات أصول صربية، وبدأ معاناته مع الإعاقة منذ ولادته حيث لم يكن لديه أطراف وحاول الأطباء أن يضعوا له أطرافًا صناعية إلَّا أنَّ جسده كان صغيرًا ولم يتحمل وزنها الثقيل.

وفي المرحلة الدراسية واجه نيكولاس العديد من المشاكل النفسية الناتجة عن سخرية زملائه منه بسبب إعاقته الشديدة وحاول الانتحار وهو في سن الثامنة وفي سن العاشرة من عمره، إلَّا أنَّ عائلته وقفت بجانبه وشجعته على الصمود وزرعت فيه حب الحياة ليتحول بعد فترةٍ قصيرة إلى شخصٍ مفعمٍ بالنشاط والحيوية والإيجابية مما ساعده على تحقيق النجاح فيما بعد. ويرجع الفضل الكبير في تحسن نفسية نيكولاس إلى والدته التي قامت بجمع بعض الصور لرجل معاق وناجح ويتمتع بنفسية جميلة وعرضت هذه الصورة على طفلها الذي استمد القوة من هذا الرجل وتجربته الخاصة مع الإعاقة.

دراسة نيكولاس فوجيسيك وحياته الجامعيّة:

على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي كانت تعيشها عائلة نيكولاس، إلَّا أنَّه تمكن من التسجيل في جامعة جريفيث الأسترالية ودرس المحاسبة وإدارة الأعمال، واستطاع خلال المرحلة الجامعية أن يكون شخصًا مؤثرًا في حياة زملائه والعديد من الأشخاص في مدينته.

مهارات نيكولاس فوجيسيك:

نجح نيكولاس في اكتساب العديد من المهارات الحياتية حيث تعلم العمل على الكمبيوتر، وتعلم الكتابة، وممارسة بعض الألعاب مثل الكرة، والتنس، والسباحة، والجولف، كما تعلَّم بعض الأمور التي تساعده على العناية الشخصية بنفسه ونظافته كتصفيف شعره وغسل أسنانه.

الحياة العملية لنيكولاس فوجيسيك:

حصل نيكولاس على العديد من الشهادات غير شهادته الجامعية حيث عمل محاضراً في مجال التنمية البشرية، وأقام بعض الورش المختصة في مجال دعم ذوي الاحتياجات الخاصة وشجعهم على تخطي إعاقاتهم الجسدية والالتفات إلى قدراتهم العقلية والذهنية وتنميتها.

كما تولى منصب رئيس إحدى أكبر الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة، وساهم في تأسيس أكبر المؤسسات الاقتصادية في أستراليا.

واهتم بمواقع التواصل الاجتماعي، ونشر مقاطع فيديو مصورة تتحدث عن تحدي الإنسان لكل مشاكله ومواجهتها بقوة، وتصميم، وإرادة، وعدم السماح لأي نوع من الإعاقات الجسدية بأن يمنعه من الوصول إلى أحلامه وطموحاته.

أشهر أقوال نيكولاس فوجيسيك:

  • سأجرب 100 مرة حتى أنهض مجددًا.
  • لا يهم أن تفشل مايهم هو كيف النهاية.
  • لا تنظر إلى الحياة بمنظار أسود حتى لا ترى كل شيء حولك أسود، قل في نفسك أحب الحياة.. أحب الحياة، الحياة جميلة جداً، وعندما نقرر أن نختار أن نكون سعداء ستأتي السعادة إلينا.
  • إنَّ قيمتك فيك أنت وحدك.  

ثانيًا: قصة نجاح مصطفى صادق الرافعي

مصطفى صادق الرافعي

ولد مصطفى صادق الرافعي سنة 1880 في محافظة القليوبية وعاش حياته في مدينة طنطنا، كان عاشقًا للشعر ولُقِّبَ بمعجزة الأدب العربي وكانت والدته سورية الأصل كوالده، حيث كان جده يعمل في التجارة بين مصر والشام.

دخل الرافعي المدرسة الابتدائية في مدينة دمنهور التي كان والده يعمل فيها قاضيًا وحصل على الشهادة الإبتدائية، وبعدها بفترة قصيرة أصيب بمرض خطير جعله يقعد لعدة أشهر في السرير إلى أنَّه فقد حاسة السمع بشكلٍ نهائي، وهذا ما جعله يخفق في إكمال باقي المراحل الدراسية، ولكنَّ إرادته القوية لم تسمح له بالاستسلام وتابع تعليمه في المنزل بمساعدة والده.

أعمال مصطفى صادق الرافعي وقصة نجاحه المهني:

كان مصطفى صادق الرافعي ينهل العلم من مكتبة أبيه في المنزل التي كانت تضم الكثير من الكتب التراثية والأدبية، حيث كان يقضي أوقاته في القراءة، والدرس، والتعرف على نماذج من أشهر رجال الأمة، إلى أن أصبح يعشق الشعر والأدب العربي وحصل على مكانة مرموقة بين الشعراء العرب، وبدأ يكتب الشعر وينشره في المجلات الشهيرة آنذاك كمجلتي الضياء والهلال، وفي الـ 23 من عمره أصدر أول ديوان له ولَقِيَ الكثير من الإعجاب والاستحسان من قِبَل الشعراء والأدباء أشهرهم الشيخ إبراهيم اليازجي.

وبعد فترةٍ قصيرة انصرف مصطفى صادق الرافعي إلى عالم النثر حيث بدأ يكتب بعيدًا عن القوافي والأوزان، لكنه لم يترك الشعر واستمر في كتابة أجمل أبيات الشعر والقصائد الوطنية وغيرها من الأعمال الشهيرة والكتب مثل: تاريخ آداب العرب في ثلاثة أجزاء، وإعجاز القرآن والبلاغة النبوية، وكتاب المساكين، والسحاب الأحمر في فلسفة الحب والجمال، وحديث القمر، ورسائل الرافعي، وتحت راية القرآن، ووحي القلم في ثلاثة أجزاء، وأوراق الورد، ورسائل الأحزان في فلسفة الجمال والحب، وغيرها من الكتب الرائعة.

أشهر أقوال مصطفى صادق الرافعي:

  • يجعلُ اللَّه الهُموم مُقدِّماتٍ لنعمٍ مخبوءة.
  • الثقة بالله أزكى أمل، والتوكل عليه أوفى عمل.
  • لا تعاتب حبيبك الذي ملَّ، فإذا مرض الحب مات العتاب.
  • يموت الحيُّ شيئًا فشيئًا، وحين لا يبقى فيه ما يموت يُقال مات.

ثالثًا: قصة نجاح ستيفن هوكينج

ستيفن هوكينج

يُعَدُّ ستيفن هوكينج واحدًا من أبرز علماء الفيزياء في العالم، وحصل على درجة الشرف الأولى في الفيزياء، وعلى درجة الدكتوراه في علم الكون، وله العديد من النظريات التي تحدثت عن الديناميكيا الحرارية، والعلاقة بين الثقوب السوداء، ولم يسمح هذا العالم الشهير لإعاقته بأن تقف في طريق طموحه وتوهج الأفكار في عقله حيث أصيب بعمر الـ 21 بمرض التصلب الجانبي الضموري الذي تسبب له بالشلل التام وعدم القدرة على الحركة.

حياة ستيفن هوكينج:

نشأ ستيفن في عائلة مثقفة ومُحبة للعلم، حيث شقت والدته طريقها إلى جامعة أوكسفورد في الثلاثينات، كما تخرج والده من هذه الجامعة أيضًا وكان باحثًا معروفًا في مجال الأمراض الاستوائية.

كانت عائلة ستيفن غريبة الأطوار نوعًا ما، حيث كانوا مثلًا يتناولون الطعام بصمتٍ تام وهم غارقون في قراءة الكتب، وكانت سيارة العائلة قديمة جدًا، وعملوا بتربية النحل في قبو المنزل، وفي صنع الألعاب النارية.

كان والد ستيفن يرغب في تدريسه الطب، إلَّا أنَّ والدته لاحظت تعلقه وشغفه بعالم العلوم والسماء، حيث كان دائمًا يتمدد في باحة المنزل الخلفية ليراقب الصيف والنجوم في السماء.

المرحلة الدراسية لستيفن هوكينج: قصة قصيرة عن معاق ناجح

لم يكن هوكينج متميزًا في المدرسة ولم يكن طالبًا استثنائيًا، حيث كان ثالث الأطفال سوءًا، وكان يركز على السعي خارج المدرسة وأحب ألعاب الطاولة، وقام مع أصدقائه بتركيب كمبيوتر من أجزاء معاد تصنيعها.

دخل ستيفن جامعة أكسفورد وهو في عمر الـ 17، وانجذب إلى دراسة الفيزياء والكونيات، ولم يقضي وقتًا طويلًا في دراسته حيث لم يكن يدرس أكثر من ساعة في اليوم، وفي سنة 1962 تخرج من كلية العلوم بدرجة الشرف وحصل بعدها على شهادة الدكتوراه في الكونيات.

إنجازات ستيفن هوكينج:

  • أصدر ستيفن هوكينج نظريته سنة 1971 التي تثبت رياضيًا وعبر نظرية النسبية لأينشتاين أنَّ الثقوب السوداء أو النجوم المنهارة بالجاذبية هي حالة تفردية في الكون أي أنَّها حدث له نقطة بداية في الزمن.
  • أثبت نظريًا سنة 1974 أنَّ الثقوب السوداء تصدر إشعاعًا على عكس النظريات المطروحة وقتها، وسُمي هذا الإشعاع باسم إشعاع هوكينج.
  • طرح نظرية اللاحدود للكون، والتي غيرت من التصور القديم للحظة الإنفجار الكبير ونشأة الكون إضافةً إلى عدم تعارضها مع أنَّ الكون نظام منتظم ومغلق.
  • نشر ستيفن كتاب بعنوان موجز تاريخ الزمن سنة 1988، والذي حقق مبيعات وشهرة كبيرة.
  • وفي سنة 1993 نشر مقالة بعنوان الكون الوليد والثقوب السوداء.
  • وفي سنة 2001 نشر كتاب الكون في قشرة جوز.
  • وسنة 2005 نشر نسخة جديدة ومبسطة لكتابه موجز تاريخ الزمن.

أشهر أقوال ستيفن هوكينج:

  • الذكاء هو القدرة على التكيُّف مع التغيير.
  • لا توجد صورة فريدة من نوعها عن الواقع.
  • يعطيك العمل معنى وهدف وحياة ودونه الحياة فارغة.
  • لن تجد ما يكفي من الوقت لدى الناس إذا كنت متذمرًا وغاضبًا دومًا.

رابعًا: قصة نجاح توماس أديسون

توماس أديسون

من أشهر العلماء في تاريخ العالم وأكثرهم إنجازًا للعديد من الاختراعات العلمية التي ما زلنا نستفيد منها إلى يومنا هذا. استطاع أن يتحدى كل الظروف الصعبة ومشاكله الصحية التي تسببت في فقدان سمعه، وكافح ليصل إلى أعلى درجات النجاح والإبداع في الحياة.

طفولة توماس أديسون:

عندما نريد التأمل والبحث عن قصص ملهمة عن الطفل المعاق لابد لنا أن نستعرض طفولة توماس أديسون:

ولد توماس أديسون في ولاية أوهايو الأمريكية سنة 1837، وعند ولادته توقع الطبيب أن يواجه هذا الطفل بعض المشاكل الصحية ننيجة كبر حجم رأسه عن المعدل الطبيعي وصغر جسده، وفي طفولته كان أديسون فضوليًّا وكثير الأسئلة، حيث كان يستفسر عن كل شيئ حوله وكان يعشق المغامرات الجريئة والقراءة.

يقول أديسون أنَّّ الفضل في نجاحه يعود بشكلٍ أساسي إلى والدته التي شجعته على القراءة والثقافة، واستطاع أن يطلع بمساعدتها على تاريح اليونان والرومان، كما درس التاريخ الإنكليزي والأمريكي، وقرأ روايات شكسبير جميعها.

إنجازات توماس أديسون:

  • نظام التلغراف الذي عمل عليه مع صديقه بهدف تطوير الاختراع القديم للعالم صمويل موريس، وتمكن بالفعل من استقبال الإشارات وإرسالها بواسطة هذا الجهاز.
  • تمكن سنة 1877 من اختراع الفونوغراف الذي يُعرَف بأول آلة تقوم بتسجيل الأصوات، وبعد هذا الاختراع لُقِّبَ أديسون بالساحر.
  • سنة 1878 اخترع أديسون جهاز الميكرفون الكربوني الذي أصبح يُستخدَم في البث الإذاعي والأشغال العامة.
  • سنة 1879 نجح في تطوير فكرة المصباح الكهربائي بعد عدة محاولات فاشلة، ليجعله يعمل ويضيئ بشكلٍ مستمر.
  • اخترع أديسون جهاز الكاينتوغراف الذي يمثل كاميرا للصور المتحركة، ويقوم بالتقاط صور بسرعة كبيرة تجعلها تبدو كأنها تتحرك.

أشهر أقوال توماس أديسون:

  • أنا لم أفعل أي شيء صدفة ولم أخترع أي من اختراعاتي بالصدفة، بل بالعمل الشاق.
  • إذا فعلنا كل الأشياء التي نحن قادرين عليها لأذهلنا أنفسنا.
  • النجاح 1% موهبة و 99% جهد.
  • لكي تخترع أنت في حاجة إلى مخيلة جيدة وكومة خردة.
  • الآمال العظيمة تصنع الأشخاص العظماء.
  • نقطة ضعفنا الكبرى هي في الاستسلام، فالطريق المحددة للنجاح تكون بإعادة المحاولة بعد كل فشل.

في الختام:

كما رأيت عزيزي القارئ فإنَّ هؤلاء المشاهير على الرغم من إعاقاتهم الجسدية نجحوا في تحقيق أحلامهم، وطموحاتهم وأهدافهم، وأصبحوا نماذج ناجحة من ذوي الاحتياجات الخاصة، ونجحوا في إثراء البشرية بالعلوم والآداب الرائعة.




مقالات مرتبطة