قصة قصيرة عن التسامح بين الأخوة للأطفال

التسامح قيمة من أهم القيم التي يجب أن نعلِّمها لأطفالنا؛ لأنَّ الضغينة والحقد عبئان ثقيلان يعوقان الإنسان - مهما بلغ سنه - عن المضي قدماً في الحياة، ويشغلانه عن التطلُّع نحو غده، بالنظر نحو ماضيه والتفكير به؛ ولأنَّ العلم في الصغر كالنقش في الحجر، فلا بدَّ لنا من غرس بذور هذه القيمة في نفوس أطفالنا، ليتعلَّموا أولاً التسامح مع أنفسهم، وتجنُّب لومها وتعنيفها وجلدها، ومن أجل أن يطهِّروا قلوبهم من الضغائن والأحقاد، ويتسامحوا مع من أساء لهم من أجل أنفسهم في الدرجة الأولى، ومن أجل أن يملأ الحب قلوبهم، فتعيد لهم الحياة بقوانين الكارما ثمار الحب والخير الذي يزرعون، ولأنَّ القصص القصيرة هي أكثر ما يشد انتباه الأطفال ويؤثر في أفكارهم، نقدِّم لكم في هذا المقال قصة قصيرة للأطفال عن التسامح، وقصتين عن التسامح بين الأخوة.



قصة قصيرة جداً للأطفال عن التسامح:

اقرؤوا هذه القصة لأطفالكم من أجل تعليمهم قيمة التسامح؛ لأنَّ مثل هذه القصص قادرة على إقناعهم بتبنِّي هذه القيمة أكثر من عشرات الطلبات والمحاضرات المباشرة، فهيَّا بنا لنقرأها:

يُحكى أنَّ عصفوراً صغيراً اسمه "بيردي" كان يملك بستاناً كبيراً فيه كل أنواع الفاكهة الشهية، من تفاح، وإجاص، وعنب، وموز، ودراق، ومشمش، وخوخ (وماذا أيضاً يا صغار؟)، وكان العصفور لا يحب أن يأكل أحد من رفاقه الطيور أو الحيوانات من بستانه.

كان العصفور يعتني ببستانه كثيراً؛ إذ يحفر بمخالبه الصغيرة جذوع الأشجار ليهوي جذورها، وينقل المياه بمنقاره من النهر إلى كل شجرة عطشى، وفي كل صباح كان يقف على غصن عالٍ، يغنِّي للأشجار والثمار ويزقزق لها أجمل الألحان، فتورِق الأشجار وتثمر فاكهة كثيرة، ثمَّ جاء فصل الجفاف، فذبلت كل أشجار الغابة، وطلب العصفور من رفاقه مساعدته على إحضار الماء من النهر الكبير البعيد ليسقي بستانه، فرفضوا جميعاً وتابعوا اللعب، وسقى "بيردي" العصفور الصغير بستانه بمفرده، عبر ملء منقاره بالماء من النهر، وإفراغه عند جذوع الأشجار، فلم يذبل البستان؛ لأنَّ العصفور النشيط كان يحيطه باهتمام كبير.

ذات صباح كان "بيردي" يطير بين شجراته يتفقدها، وإذا به يرى صديقه القرد يقطف الموز من بستانه، فغضب "بيردي" كثيراً، ولم ينصت لتوسُّلات واعتذارات القرد، وذهب إلى الأسد ملك الغابة وقال له: "يا ملك الغابة، إنِّي رأيت القرد يقطف من بستاني دون إذني، وقد طلبت منه مساعدتي في سقاية البستان وقت الجفاف فلم يفعل، هذه سرقة ويجب أن تضعه في السجن"، فماذا حدث برأيكم؟ هيَّا لنكمل القصة.

أمر الأسد النمر والفهد بإحضار القرد الذي اعترف بسرقته، ثمَّ وضعوه في السجن، فنظر العصفور إلى القرد الجائع المسجون، فشعر بشيء ثقيل في قلبه كأنَّه حجر، ولكنَّه لم يستطع نسيان تكاسل القرد ورفضه لمساعدته، فطار بعيداً.

في الصباح التالي وبينما "بيردي" يطير فوق بستانه شاهد حمار الوحش يختفي بين الشجيرات ويقضم من شجرة التفاح، فذهب مرة أخرى إلى الأسد ملك الغابة غير آبه بتوسل حمار الوحش، وشكا له سرقة الحمار الذي تكاسل بدوره عندما طلب منه المساعدة، فسجن الأسد حمار الوحش، وشعر العصفور بحجر آخر يرمي ثقله على قلبه عندما كان ينظر إلى صديقيه الجائعين المسجونين، وطار بعيداً وهو يشعر بأنَّ شيئاً ثقيلاً يشدُّه نحو الأسفل.

في كل يوم كان يجد واحداً من أصدقائه يسرق من بستانه، فيذهب ويشكوه إلى ملك الغابة ويشعر بثقل أكبر في قلبه، حتى أصبح كل أصدقاء العصفور في السجن، فأصبح الثقل الذي في قلبه يكاد يمنعه من الطيران، ولم يجد من يتشارك معه اللعب والمرح، فذهب العصفور "بيردي" إلى الثعبان الحكيم، وأخبره عمَّا حدث معه، فقال له الثعبان إنَّ الغضب الذي يشعره به تجاه رفاقه هو ما يمنعه من الطيران؛ لأنَّه يجعل قلبه ثقيلاً، فتصعب حركة جناحيه، فماذا يكون الحل يا ترى في القصة التي هي من أجمل القصص للأطفال عن التسامح؟

نصح الثعبان الحكيم العصفور "بيردي" بالتخلِّي عن غضبه من رفاقه، ومسامحته لهم على محاولات السرقة والتخلِّي عنه وقت حاجته إليهم، وطلب منه أن يضع نفسه مكانهم لو لحظة واحدة ويفكِّر كيف كان سيتصرَّف، وهل سيجد لهم الأعذار والمبرِّرات؟ هيَّا لنشاهد ماذا فعل بيردي في القصة، وهل التزم بكلام الحكيم؟

شاهد بالفديو: أهمية التسامح للفرد والمجتمع

فكَّر "بيردي" العصفور الصغير قليلاً، وأدرك أنَّ رفاقه كانوا مخطئين بعدم مساعدته، ولكنَّهم كانوا جائعين أيضاً، ولو أنَّ الغابة لم تجف لما كانوا حاولوا سرقة فاكهته، وخاصة القرد فهو لا يأكل سوى الموز، وتفهَّم موقفه، وندم على طلبه من الأسد سجنه، وفجأة أحسَّ بيردي بخفَّةٍ ما، وزوال جزء من الثقل الذي كان جاثماً فوق صدره.

ما كاد ينهي تطبيق نصائح الحكيم والتفكير في بقية رفاقه حتى زالت كل الأثقال التي كان يحملها، وشعر بنفسه خفيفاً كأنَّه ريشة، فراح يحلِّق في الأجواء مبتهجاً، وأسرع إلى الأسد ملك الغابة يطلب منه الإفراج عن رفاقه، وقد شكر الرفاق "بيردي" على تسامحه وقبول اعتذارهم، واصطحبهم إلى بستانه يأكلون منه ما يشتهون، فشكروه مرَّة ثانية، ووعدوه أنَّهم سيكونون عوناً له في كل عمل يقوم به للاعتناء بالبستان، وعاش الجميع في محبة ووئام.

كانت هذه قصة قصيرة للأطفال عن التسامح، فهل أعجبتكم يا أصحاب؟ هيَّا لنقرأ معاً قصة عن التسامح بين الأخوة إذاً.

قصة عن التسامح بين الأخوة للأطفال:

في عيد ميلاد زينة العاشر، أهدتها عمتها "جانيت" ساعة رملية؛ إذ كانت زينة تحب الساعات كثيراً، وتحب اقتناءها، والتعرف إلى الأنواع العديدة منها: ساعات تقليدية ذات عقارب، وساعات رقمية، وساعات ذكية، وساعات تعمل على النبض وغيرها؛ لذا فإنَّ عمتها لم تجد ما هو أروع من أن تهديها ساعة رملية، هذا النموذج القديم من الساعات، والذي قلَّ استخدامه بعد ظهور الأنواع الأخرى.

لقد اشترت العمة الساعة الرملية، وغلَّفتها بغلاف لامع وجميل، وقدَّمتها لزينة التي فرحت بها فرحاً كبيراً، فهي لم تشاهد في حياتها سابقاً ساعة رملية، إلَّا على التلفاز وفي الصور والمجلات.

وضعت زينة الساعة الرملية في غرفتها، ولم تسمح لأختها الأصغر سالي ذات السنوات الأربع باكتشاف الساعة وآلية عملها، فهذه الساعة مصنوعة من الزجاج، وإذا ما سقطت فإنَّها سوف تنكسر وتتعطَّل إلى الأبد، وهذا ما لا تريده زينة.

ذهبت زينة في اليوم التالي إلى المدرسة، وراحت تحكي لرفيقاتها بإعجاب كبير عن الساعة الرملية، وكيف ينساب الرمل من جزئها العلوي إلى جزئها السفلي ببطء شديد حتى ينتهي عبر خصر الزجاجة الذي يضيق في المنتصف، لتُقلب رأساً على عقب، وتبدأ حساب الوقت من جديد.

في هذه الأثناء تسلَّلت سالي إلى غرفة أختها لترى هذا الاختراع العجيب، وما كادت تمسك الساعة بيدها حتى انتبهت أمها إلى غيابها وصاحت "سالي أين أنت؟" فارتجفت يد سالي وسقطت الساعة الرملية أرضاً وملأت شظاياها المكان، فماذا ستفعل سالي في هذا الموقف المحرج؟ هيَّا لنتابع القصة ونرى ماذا سيحدث.

سمعت الأم صوت التحطم وعرفت مصدره فوراً، فتوجَّهت نحو غرفة زينة، ورأت سالي مرتبكة مذعورة، ثمَّ بدأت الصغيرة بالبكاء، وقد بقيت ساعة واحدة على عودة زينة من مدرستها، فكيف ستكون نهاية قصتنا هذه، قصة أطفال عن التسامح؟

لملمت الأم شظايا الزجاج المحطَّم والرمل، وهدَّأت سالي وأخبرتها بأنَّ قول الحقيقة هو أفضل حل للقضية، عادت زينة بعد ذلك من مدرستها وأسرعت نحو غرفتها، ففوجئت باختفاء الساعة الرملية، تقدَّمت سالي نحوها بعينين مملوءتين بالدموع، واعتذرت بكل ما تعرفه من كلمات الأسف عمَّا بدر منها.

كادت زينة أن تبدأ بتأنيبها ولومها، ولكنَّها تذكَّرت توسُّلات أختها أمس بأن تسمح لها برؤية الساعة ولمسها فصمتت، وضمَّت أختها الصغيرة إلى صدرها وقالت: "لا بأس، على الأقل أصبحنا نعرف الساعة الرملية الحقيقة، بعيداً عن الصور والتلفاز"، هل تظنون أنَّ القصة قد انتهت؟ كلا، هيَّا لنكمل.

أعجبت الأم بتصرف الطفلتين؛ بجرأة سالي وصدقها، وتسامح زينة وعطفها، فاتصلت بالعمة "جانيت" وسألتها عن مكان المتجر الذي اشترت منه الساعة الرملية، وذهبت إليه بعد أن أنهت تسوقها لحاجيات المنزل، وفي اليوم التالي استيقظت الطفلتان لتجد كل منهما إلى جانب سريرها ساعة رملية جميلة، هل أحببتم هذه القصة للأطفال عن التسامح؟

إقرأ أيضاً: أثر التسامح في النفس، و6 خطوات لنعلِّم أبناءنا التسامح

قصة قصيرة عن التسامح بين الأخوة:

اليوم هو عيد الأم، سامر وهاني منهمكان في نفخ البالونات لتزيين غرفة الجلوس قبل أن تعود أمهما من زيارة جدتهما، بعد أن أمضيا النهار يقطفان الورود من حديقة المنزل، وينسِّقانها في باقات جميلة، وبعد أن طلبا من والدهما إحضار قالب من الحلوى، هدية منهما اقتطعا ثمنها من مصروفهما.

كانت الخطة تقتضي أن تدخل الأم مباشرةً نحو غرفة الأولاد؛ لأنَّ الأب سيتصل ويخبرها أنَّ نديم _ ابنها الأصغر _ يعاني من ألم في بطنه، وكان ذلك، فهرعت الأم مسرعة نحو غرفة الأولاد، وبدأت تفحص ابنها الصغير وتتلمَّس درجة حرارته، وفي هذه الأثناء أخرج الأب قالب الحلوى ووضعه على الطاولة المزيَّنة بالورود والبالونات.

ها قد أصبحت المفاجأة جاهزة، فأسرع الطفلان نحو غرفتهما ليخبرا الأم أن تتوجَّه نحو غرفة الجلوس وتترك نديم الصغير ينام قليلاً، لكنَّهما فوجئا بما يسمعانه؛ إذ لم يستطع الصغير كتمان حماسته، وأخبر أمه كل شيء عن المفاجأة، عندما دخل الطفلان وبخَّا نديم وغضبا منه لإفساده ما اجتهدا في عمله طيلة النهار، فراح يعتذر ويبكي، فماذا سيحدث يا ترى في تتمة القصة؟

أخبرت الأم أطفالها بأنَّ أكثر ما يسعدها هو رؤيتهم متحابين ومتسامحين، وشرحت لهما أنَّ أخيهما لم يقصد إفساد المفاجأة، ولكنَّه صغير وحاول إسعادها، فنظر الصبيَّان إلى الصغير الذي يهزُّ رأسه موافقاً كلام أمه والدموع في عينيه، واتجها نحوه وقبَّلاه بحب، واقتربت الأم فضمَّت أطفالها الثلاثة، وقالت: "هيَّا لنأكل الحلوى قبل أن يقضي عليها بابا" فضحك الصبية وركضوا مسرعين.

كانت هذه قصة للأطفال عن التسامح، نتمنى أن تنال إعجابكم.

في الختام:

قدَّمنا في هذا المقال قصة قصيرة للأطفال عن التسامح، وقصتين عن التسامح بين الأخوة، نتمنَّى أن تنال إعجابكم، وتكون عوناً لكم في غرس هذه القيمة لدى أطفالكم الأحبة.




مقالات مرتبطة