فوائد قضاء الوقت قرب المسطحات المائية

عندما أحتاج إلى الاسترخاء، أفكر في شاطئ في منطقة البحر الكاريبي، ذهبت إليه مرة واحدة فقط، لكنَّه كان جميلاً للغاية لدرجة أنَّني أفكر فيه مراراً وتكراراً في ذهني؛ منظر التل والرمال البيضاء النظيفة وأشجار النخيل والعنب البحري التي تتخلَّل الشاطئ لتمنحك بعض الظل من شمس البحر الكاريبي، وتمتد الرمال في الماء، لتعطيه هذا اللون الأزرق الفيروزي الذي يبدو كأنَّه مضاء من الأسفل.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة واختصاصية العلاج بالوخز بالإبر "لين جافي" (Lynn Jaffee)، وتُحدِّثنا فيه عن تجربتها مع الفوائد العلاجية للمسطحات المائية.

وأتحدَّث عن هذه التفاصيل لأنَّ هذا الشاطئ هو مكاني السعيد الذي أذهب إليه في مخيلتي، ومع أنَّني لا أستطيع الذهاب إلى هناك كل يوم، لكن يمكنني استحضاره في ذهني، ودون أن يعرف جسدي الفرق بين شعوري الحقيقي والمُتخيَّل؛ لذلك يتفاعل معه وكأنَّني مستلقية على بطانية على الرمال، أستمع للأمواج التي ترتطم بالشاطئ بلطف.

إنَّ هذا الشاطئ هو مجرد واحد من المسطحات المائية الزرقاء التي لا تُعَدُّ ولا تُحصى في جميع أنحاء العالم، ولكن قبل الحديث عن اللون الأزرق، فلنتحدث عن اللون الأخضر، وربما سمعتَ عن القدرات الشفائية للمساحات الخضراء؛ إذ إنَّه في العشرين عاماً الماضية، كشفت العديد من الأبحاث فوائد قضاء الوقت في المساحات الخضراء الطبيعية، مثل الغابات والمتنزهات.

واكتشف العلماء أنَّ قضاء الوقت في الهواء الطلق في المناظر الطبيعية الخضراء، التي تسمى "الاستحمام في الغابة" (forest bathing) هي عملية للاسترخاء، والمعروفة في اليابان باسم "شينرين يوكو"؛ فهذه الطريقة السهلة للشعور بالهدوء بين الأشجار ومراقبة الطبيعة من حولك في أثناء التنفس العميق، يمكن أن تساعد البالغين والأطفال على حدٍّ سواء على التخلص من التوتر، وتعزيز الصحة بطريقة طبيعية.

كما أنَّها تساعد على خفض ضغط الدم، وتقليل التوتر، وتعزيز الاستجابة المناعية، وتخفيف الشعور بالاكتئاب، وفي يومنا الحالي، بدأ العلماء بدراسة تأثيرات البيئات المائية في صحتك؛ إذ أجرت إحدى الدراسات استطلاعاً على 18000 شخص في 18 دولة، وكانت النتائج، أنَّ البقاء قرب الماء يساعد على تعزيز الصحة العقلية والبدنية.

شاهد بالفديو: كيف نمنع ضبابية الدماغ؟

ووثَّقت أبحاث أخرى أنَّ الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من الماء معرضون بنسب أقل لخطر الوفاة المبكرة، كما يقلُّ لديهم خطر الإصابة بالسمنة، بالإضافة إلى أنَّهم يقولون إنَّهم يتمتعون بصحة نفسية أفضل من الأشخاص الذين لا يعيشون بالقرب من الماء.

وهناك بعض الأسباب التي تجعل الاقتراب من الماء تصرُّفاً يشفي من الكثير من الأمراض، وأحد الكتب الأكثر شهرة عن هذه الظاهرة هو "العقل الأزرق: العلم المدهش الذي يوضِّح كيف أنَّ وجودك بالقرب من الماء أو في داخله أو تحته، يمكن أن يجعلك أكثر سعادة وصحة وتواصلاً وأفضل فيما تفعله" (Blue Mind: The Surprising Science That Shows How Being Near, In, On, or Under Water Can Make You Happier, Healthier, More Connected, and Better at What You Do) للمؤلِّف "والاس جي نيكولز" (Wallace J. Nichols).

فإذا كنت ترغب حقاً في التعمق في الموضوع، فسوف يمنحك "نيكولز" كمَّاً هائلاً من المعلومات عن الفوائد العلاجية للبقاء قرب الماء، وما زال هذا البحث حديثاً، ولكنَّ هناك العديد من الأسباب البديهية التي تجعل الاقتراب من الماء مفيداً للغاية، وأحد هذه الأسباب هو أنَّ صوت حركة الماء يبعث على الاسترخاء.

والاستماع للمطر، أو غدير جدول مياه، أو الأمواج المتصادمة على الشاطئ هو أمر مهدِّئ، فعندما أجد صعوبة في النوم، أقوم بتشغيل تسجيل لعاصفة ممطرة لطيفة، أو موجات على الشاطئ، أو خرير جدول ينبع من أعالي الجبال، ولم أصل إلى نهاية أي من هذه التسجيلات؛ ذلك لأنَّني كنت أغفو.

وأنا متأكدة من أنَّني لست الوحيدة التي تقوم بذلك، فهذه التسجيلات فعالة؛ ذلك لأنَّ صوت الماء يبعث على الشعور بالراحة ويُنتج إحساساً بالهدوء، ويميل الناس إلى أن يكونوا أكثر نشاطاً عندما يكونون بالقرب من الماء، وهذا شيء جيد، فالتنزه على الشاطئ، والتجديف، والسباحة كلها أمثلة على الطرائق التي تساعد بها المياه الناس على تحريك أجسامهم.

إقرأ أيضاً: طرق العلاج الطبيعي والأمراض التي يعالجها

ويمكن أن يكون النشاط المائي علاجاً عاطفياً أيضاً، كما هو الحال في علاج الأمواج، أو برامج الغوص، التي تساعد قدامى المحاربين الذين يعانون من ضغوطات ما بعد الصدمة، والمياه أيضاً لها تأثير ترميمي من بين المناظر الطبيعية، لا سيما في المناطق الحضرية، وميزة المياه هي الاسترخاء وإراحة البصر وتعزيز النشاط، ويمكن أن تساعد في الواقع على خفض الحرارة.

وعندما تفكِّر في الأمر، فإنَّ النوافير في "روما" (Rome)، أو "ممشى النهر" (River Walk) في "سان أنطونيو" (San Antonio)، أو قنوات "البندقية" (Venice)، أو "أمستردام" (Amsterdam)، أو "حوض المد والجزر" (Tidal Basin) في "واشنطن" (Washington) كلها تعزز المناظر الطبيعية، وأيضاً نوعية حياة الناس في تلك المدن.

في الختام:

يكمن جمال الماء في أنَّه لا يهم الشكل الذي يتخذه ليكون علاجياً؛ إذ يمكن أن تكون بركةً أو نهراً أو شلالاً أو محيطاً أو نافورة؛ فكل هذه الأشكال المائية جذابة وتجعلك تشعر بتحسن.

المصدر




مقالات مرتبطة