فوائد الدموع وأمراضها وعلاجها

سنتعرف في هذا المقال إلى أهم فوائد الدموع وأمراضها وعلاجاتها، فالدموع مرآة صادقة لصحة العين.



ما هو فيلم الدمع؟

هو طبقة من الدمع رقيقة منتظمة السماكة تغطي سطح العين أمام القرنية والملتحمة، لذلك تدعى بالفيلم الدمعي، وتتألف من 3 طبقات وتدعى الأطوار وهي بالترتيب من الخلف إلى الأمام:

  • الطور المخاطي: وهو الطبقة الداخلية وهي مخاطية رقيقة تغطي سطح القرنية، وهدفها تحويل سطح القرنية الليبيدي الكاره للماء (Hydrophobic) إلى سطح محب للماء (Hydrophilic)؛ حيث إنَّ المخاط يتكون من بولي سكريد محب للماء، وهذا ضروري لثبات طبقة الدمع المائية على القرنية وانتظام توزعها وعدم تقطُّع الدمع.
  • الطور المائي: وهو الطبقة الوسطى وهي الأثخن، وتبلغ حوالي 6-8 ميكرومتر، وتشكِّل 70% من سماكة الفيلم الدمعي.
  • الطور الزيتي: وهو الطبقة الخارجية وهي طبقة زيتية أحادية الجزيء وتغطي الطبقة المائية، وظيفتها منع التبخر السريع للفيلم الدمعي المائي تحتها.

ما هو تركيب الدمع؟

إنَّ الدمع ذو تفاعل قلوي خفيف، ويتكون بنسبة 98% من الماء، ويحتوي عدا ذلك على شوارد الصوديوم والبوتاسيوم والبيكربونات والغلوكوز والبولة وحموض أمينية، وبعض البروتينات التي تؤدي دور المضاد الحيوي مثل الـ "غاما غلوبولين" و"الليزوزيم" و"اللاكتوترانسفرين".

ما هي فوائد الدموع؟

  1. ترطيب العين وتنظيفها.
  2. له دور مناعي، فهو يحتوي على مكونات عدة مثل "الليزوزيم" و"اللاكتوترانسفرين" و"IgA".
  3. للدمع دور أساسي في تحويل سطح القرنية إلى سطح أملس تماماً لإتمام الوظيفة الانكسارية.
  4. يشكل الأوكسجين المنحل بالدمع المصدر الأساسي لتغذية القرنية في أثناء الصحو.

شاهد بالفديو: أهم النصائح للوقاية من أمراض العين المختلفة

كيف يتم إفراز الدمع؟

إفراز الطور المائي:

هناك نوعان من الإفراز:

  • إفراز أساسي وهو مستمر وغير مرتبط بالفاعلية العصبية، ويأتي من الغدة الدمعية الأساسية والغدد الدمعية الثانوية.
  • إفراز انعكاسي يحدث نتيجة التنبيه بالتخريش أو التنبيه العصبي، ويأتي من الغدة الدمعية الأساسية فقط.
    يمكن إثارة الإفراز الانعكاسي عن طريق تنبيه حسي محيطي مثل الرضوض والتهاب القميص الوعائي العضلي والتعرض للبرد، أو عن طريق تنبيه شبكي بواسطة الضوء، وكذلك عن طريق تنبيه نفسي انفعالي.

وتوجد الغدة الدمعية الأساسية ضمن الحجاج في الزاوية العلوية الوحشية الأمامية، وتتألف من فصين حجاجي وجفني، وتعطي أقنيةً عدة تنفتح في الرتج العلوي، كما أنَّ هذه الغدة مسؤولة عن إفراز القسم الأكبر من الطور المائي للفيلم الدمعي وكامل الإفراز الانعكاسي وتعصيبها نظير ودي، أما الغدد الدمعية الثانوية فتوجد ضمن الملتحمة أو أعلى الرصغ وتساهم في الإفراز الأساسي.

إفراز الطور المخاطي:

يفرز من الخلايا الكأسية (Goblet cells)، وهي خلايا محوَّرة موجودة في سطح الملتحمة، ومن غدد صغيرة موجودة في الملتحمة الجفنية، وفي الملتحمة البصلية حول الحوف.

إفراز الطور الزيتي:

يأتي من مفرزات غدد "ميبوميان" وغدد "زايس" و"مول".

ما هي فحوصات الدمع؟

اختبار شريمر:

ويقيس إفراز الطور المائي؛ حيث يوضع طرف شريط من ورق ماص في الناحية الوحشية من رتج الملتحمة السفلي ويترك لمدة 5 دقائق ويقاس طول المسافة المبللة من الشريط والإفراز الطبيعي يبلل 10 مم أو أكثر، فوجود الشريط يسبب تخريشاً ومن ثمَّ يظهر الإفراز الانعكاسي بالإضافة إلى الأساسي، أما عند استخدام مخدر موضعي، فيلغى الإفراز الانعكاسي ويبقى الأساسي فقط.

زمن تحطم فيلم الدمع:

يلوَّن الدمع باستخدام "الفلوروسين" ويُطلَب من المريض إبقاء العين مفتوحة دون رفيف، ويُحسَب الزمن اللازم لبدء ظهور تقطُّع في الفيلم الدمعي وهو لا يقلُّ عن 15 ثانية، وزمن التقطع مرتبط بالطور المخاطي.

كيف يتم تصريف الدمع؟

يتبخر الجزء الأكبر من الدمع 80 %، أما الـ 20 % الباقية فتصرف عبر الطرق الدمعية المفرغة، أما عند زيادة الإفراز فيصبح للطرق المفرغة الدور الأهم، ويبدأ التصريف من الثقبتين الدمعيتين، ثمَّ القنيتين الدمعيتين اللتين تسيران بشكل عمودي لمسافة 1-2 ملم، ثمَّ بشكل أفقي وفي 90% من الحالات تشترك القنيتان العلوية والسفلية بقناة مشتركة تنفتح في كيس الدمع، وفي 10% من الحالات الباقية فتنفتحان على حدة في كيس الدمع، ثمَّ يقوم كيس الدمع بالتصريف عبر القناة الدمعية الأنفية إلى الصماخ الأنفي السفلي، وعند مخرج هذه القناة توجد طية مخاطية تعمل كصمام يسمى "صمام هاسنر" (Hasner's valve).

يساهم عمل المستديرة الجفنية بتصريف الدمع؛ حيث يتجمع الدمع في البركة الدمعية، وفي أثناء إغلاق العين يحدث توسع لكيس الدمع وسحب الدمع من البركة إلى داخل كيس الدمع، أما في أثناء فتح العين فيحدث عصر لكيس الدمع وضخ الدمع إلى القناة الدمعية الأنفية.

إقرأ أيضاً: 10 تدابير وقائية لحماية صحة العين

ماذا يحدث عندما يقل الدمع في العين؟

جفاف العين:

ويحدث بسبب اضطراب الفيلم الدمعي بسبب نقص إفراز الطبقة المائية أو نقص إفراز الطبقة المخاطية أو اضطراب فرش الفيلم الدمعي أو زيادة تبخر الفيلم الدمعي.

نقص إفراز الطبقة المائي:

نشاهده بشكل شائع عند المسنين، كما قد يرافق الاستخدام المديد لبعض الأدوية الموضعية أو الجهازية، مثل حاصرات بيتا خاصةً بالاستخدام الموضعي، والمهدئات، والساليسيلات، ومضادات الرثية، وارتداء العدسات اللاصقة، وقد يتلو بعض التدخلات الجراحية كعمليات الساد أو تصحيح سوء الانكسار بالاكزيمر ليزر أو تصليب القرنية، كما قد يشاهَد في أمراض الغدة الدمعية مثل متلازمة "جوغرن" وهو مرض مناعي يصيب النساء بعد سن 50 سنة، ويترافق بأكثر من نصف الحالات بالتهاب مفاصل رثياني، ويحدث فيه ارتشاح وتليُّف للغدة الدمعية كما يصيب أيضاً الغدد اللعابية.

يتظاهر جفاف العين بحس حرقة مع شعور بوجود جسم أجنبي ووخز في العين مع وجود احتقان الملتحمة وإفرازات بيضاء مصفرة لها قوام لزج وشكل خيطي، وقد نشاهد تأذٍ في ظهارية القرنية والتهاب قرنية خيطي (Keratitis sicca) وهي تشكلات خيطية دقيقة على سطح القرنية.

نقص إفراز الطبقة المخاطية:

يحدث بسبب أمراض تصيب الملتحمة وتؤدي إلى تخرب الخلايا الكأسية، ومن ثمَّ يحدث نقص إفراز الطبقة المخاطية وصعوبة تشكُّل فيلم الدمع وثباته، وبفحص الدمع نجد أنَّ كمية الإفراز المائي طبيعية، ويمكن أن تكون زائدةً أيضاً، ومن أهم هذه الأمراض "التراخوما"، والحروق والندبات الجفنية، والداء الفقاعي الكاذب العيني، وتناذر ستيفن جونسون، ونقص فيتامين A.

اضطراب انتشار فيلم الدمع:

ويحصل عندما تبقى العينان مفتوحتين، ومعرضتين للهواء مثل: الغيبوبة والتخدير الكامل، وإصابة العصب الوجهي وعين الأرنب، أو نتيجة اضطراب تماس الجفن بالعين، مثل أورام الملتحمة، أو نتيجة خلل في حواف الجفن أو انخفاض تواتر رف الجفن.

علاج جفاف الدمع:

تعويض الدمع بالدمع الصناعي عن طريق قطرات أو جيل وهو ذو مفعول أطول، وإذا لم يكن ذلك كافياً، فقد نضطر إلى إغلاق النقاط الدمعية المؤقت بسدادة كولاجينية، أو الدائم بسدادة من السيليكون أو بكيِّ النقاط الدمعية.

ما هي الحالات التي يزيد فيها إفراز الدمع؟

الدُّماع (Lacrimation):

وهو زيادة إفراز الدمع ومعظم الحالات يكون سببها تخريش العين كما في التهاب الملتحمة أو القرنية أو التدخين أو وجود جسم أجنبي، كما يمكن أن تحدث زيادة في إفراز الدمع الانعكاسي الناجم عن نقص الإفراز الأساسي ويكون العلاج بحسب السبب.

فيض الدمع (Epiphora):

هنا يكون إفراز الدمع طبيعياً لكنَّ المشكلة هي نقص التصريف، ويحدث بسبب انسداد أو خلل في عمل الطرق الدمعية.

إقرأ أيضاً: 14 معلومة غريبة عن العين البشرية

ما هي أهم أمراض الجهاز الدمعي؟

انسداد النقاط الدمعية:

تكون فوهة القنية الدمعية فقط مغلقةً إما ولادياً أو بشكل مكتسب، بسبب رضوض أو حروق أو آفات مؤدية إلى التهاب وتندُّب أو جروح قاطعة، وقد تحدث نتيجة الاستخدام المديد للقطرات كما في علاج الزرق ويعالج بفتح النقاط الدمعية جراحياً.

انسداد القنيات الدمعية:

بسبب عدم تشكُّلٍ ولاديٍّ للقنيات مرافق لانسداد الطرق الدمعية أو بسبب تندُّب تالٍ لرض أو حرق، كما قد تنسد القنيات الدمعية بسبب تشكُّل حصيات تحدث بسبب إنتانات فطرية وتتظاهر سريرياً بشكل يشبه البردة ولكنَّه عند الضغط عليه يحدث عود لسائل قيحي عبر النقطة الدمعية الموافقة والتي عادةً ما تكون السفلية والتي تكون متوترة بالفحص، وتُعالَج بإعادة تشكيل القنيات الدمعية وتجريف الحصيات.

عدم انفتاح القناة الدمعية الأنفية:

حالة شائعة تصيب 1-2% من المواليد؛ حيث لا تنفتح نهاية القناة الدمعية والتي تنفتح عادةً حول الولادة وقد تكون أحادية أو ثنائية الجانب وتتظاهر الحالة بالدماع مع مفرزات قيحية ووجود احتباس على مستوى كيس الدمع وقلس للدمع بالضغط على كيس الدمع، والعلاج: تزول الحالة عند 95% من الأطفال بشكل تلقائي قبل الشهر السادس، لذلك نكتفي قبل هذا العمر بإجراء مساجات على كيس الدمع من الأعلى إلى الأسفل لمحاولة فتح الصمام مع صادات حيوية لمعالجة التقيح.

إنَّ 5% فقط من الأطفال لا يتم الانفتاح العفوي لديهم، ونضطر إلى التدخل لفتح القناة الدمعية الأنفية بالمسبر، وفي أحيان قليلة، خاصةً إذا تأخر التدخل إلى ما بعد السنة، نضطر إلى وضع أنبوب سيليكون مؤقت يبقى في القناة أشهراً عدَّة، ثمَّ يُسحَب.

التهاب كيس الدمع وانسداد القناة الدمعية:

يشيع عند النساء في الأعمار المتوسطة، كما يشيع في المناطق الريفية، ويُقسَم إلى حاد ومزمن:

  • حاد: يكون كيس الدمع منتبجاً مع احمرار مُوضَّع وعلامات التهابية، ويُعالَج بالصادات الجهازية مع تفريغ التجمع القيحي إما بالبزل بإبرة أو بالتفجير بشق جراحي.
  • مزمن: قد يتلو الالتهاب الحاد أو يحث بادئ ذي بدء، وتغيب هنا الأعراض الالتهابية ويسيطر فيض الدمع على الصورة السريرية ويُعالَج بفتح الانسداد بالمسبر وكثيراً ما يفشل هذا الإجراء ونضطر إلى إجراء مفاغرة دمعية أنفية.

في الختام:

نرجو في هذا المقال أن تكونوا قد تعرفتم معنا إلى أهم الأمراض التي تصيب الجهاز الدمعي، وتذكَّروا دوماً أنَّه على الرغم من فوائد الدموع، فإنَّ الحزن حالة والفرح حالة، ومن هاتين الحالتين تُصنَع الحياة.

المراجع: مقرر أمراض العين كلية الطب البشري جامعة دمشق.




مقالات مرتبطة