عوامل النجاح الحاسمة للشركات: تحديد الأشياء المهمة لتحقيق النجاح

يمكن للعديد من القضايا المهمة أن تتنافس للاستئثار بجذب انتباهك في العمل بحيث يكون من الصعب رؤية الصورة الكلية التي تضيع في غمرة التفاصيل الأقل أهمية، وبالإضافة إلى ذلك قد يكون جعل جميع أفراد الفريق ينحون المنحى ذاته ويركزون انتباههم على الأساسيات الحقيقية أمراً في غاية الصعوبة وهنا يمكن أن تساعدك "عوامل النجاح الحاسمة".



إنَّ عوامل النجاح الحاسمة، والتي تُعرف أيضاً باسم مجالات النتائج الرئيسة (Key Results Areas)، هي الأنشطة الرئيسة التي يجب أن تُنفَّذ تنفيذاً جيداً إذا كنت تريد إنجاز الرسالة التي يحملها عملك أو مشروعك أو تحقيق أهداف أيٍّ منهما. فمن خلال تحديدك لعوامل نجاحك الحاسمة يمكنك تأسيس نقطة مرجعية مشتركة تساعدك على توجيه نجاح عملك أو مشروعك وقياس هذا النجاح. وبصفتها نقطةً مرجعيةً مشتركة فإنَّ عوامل النجاح الحاسمة تساعد جميع مَنْ في الفريق على التعرف بشكلٍ دقيق على أهم الأمور، وهذا ما يساعد الموظَّفين على القيام بعملهم في السياق الصحيح ومن ثَمَّ التوجُّه معاً نحو تحقيق الأهداف العامة نفسها.

 

اقرأ أيضاً: ملخص كتاب "علم نفس النجاح" لـ بريان تريسي

 

حول عوامل النجاح الحاسمة:

لقد كان "د. رونالد دانييل" هو أول من طرح فكرة عوامل النجاح الحاسمة في ستِّينيَّات القرن الماضي. وبعد عقدٍ من الزمن قام "جون ف. روكارت" الباحث في كلية "ميت سلون" للإدارة (MIT's Sloan School of Management) بتطوير هذه الفكرة والترويج لها فاستُخدمت منذ ذلك الحين على نطاقٍ واسع لمساعدة الشركات على تحقيق استراتيجياتها وتنفيذ مشاريعها. لقد تطور مفهوم عوامل النجاح الحاسمة بكل تأكيد وربما رأيته يُطبَّق بطرائق مختلفة. حيث تقدم هذه المقالة تعريفاً ونهجاً بسيطَيْن بالاعتماد على الأفكار الأصلية لـ "روكارت".

فقد عرَّف "روكارت" عوامل النجاح الحاسمة بأنَّها: "العدد المحدد من المجالات التي يضمن تحقيق نتائج مُرضية فيها أداءً تنافسيَّاً ناجحاً للمنظمة. إنَّها عدد من المجالات الرئيسة التي يجب أن تسير الأمور فيها بشكلٍ صحيح لكي يزدهر العمل. وإذا لم تكن النتائج في هذه المجالات نتائج جيدة فإنَّ جهود المنظمة ستكون دون المستوى المتوقع". وخَلُصَ أيضاً إلى أنَّ عوامل النجاح الحاسمة هي: "المجالات التي يجب أن تحظى باهتمام دقيقٍ ومستمر من قِبَل الإدارة".

ترتبط عوامل النجاح الحاسمة ارتباطاً وثيقاً برسالة عملك أو مشروعك وبأهدافهما الاستراتيجية. ففي حين تركز الرسالة والأهداف الانتباه على الغايات وعلى ما يجب إنجازه، تركز عوامل النجاح الحاسمة الانتباه على أهم المجالات وتتناول جوهر ما يجب إنجازه والكيفية التي سيتم إنجازه من خلالها.

 

اقرأ أيضاً: التحديد العكسي للأهداف: استخدام التخطيط العكسي في تحديد الأهداف

 

مثال عن استخدام الأداة:

يمكن فهم عوامل النجاح الحاسمة أفضل فهم من خلال ذكر مثال عنها. فلنفترض أنَّ ثمَّة مخزناً يُطلق عليه اسم "منتجات المزرعة الطازجة" والذي تتمثل رسالته في: "أن يصبح أفضل مخزنٍ في السوق من خلال بيع أجود المنتجات الطازجة والتي لا تتجاوز مدة بقاء 75% منها في المخزن أربعاً وعشرين ساعة والوصول إلى نسبة 98% من رضا الزبائن".

(للمزيد حول هذا المثال وحول كيفية تطوير بيان الرسالة الخاص بك اقرا مقالتنا حول بيانا الرسالة والرؤيا: إطلاق العنان لقوة الغاية).

إنَّ الاهداف الاستراتيجية لـ "منتجات المزرعة الطازجة" هي:

  • الاستحواذ على حصة 25% من السوق المحلية.
  • الاحتفاظ بـ 75% من المنتجات التي من المفترض أن تكون من المنتج إلى المستهلك في المخزن مدةً لا تتجاوز الأربع والعشرين ساعة.
  • الوصول إلى نسبة 98% من رضا الزبائن.
  • التوسع في المنتجات المطروحة لجذب عددٍ أكبر من الزبائن.
  • الحصول على مساحة تخزينية كافية لاستيعاب عدد المنتجات التي يرغب فيها الزبائن.

ولكي نحدد عوامل النجاح الحاسمة المُحتملة يجب علينا دراسة الرسالة والأهداف والتعرف على مجالات العمل التي تحتاج إلى أن نركز انتباهنا عليها لكي نحقق هذه الرسالة ونبلغ تلك الأهداف. ويمكننا البدء من خلال التفكير في عوامل النجاح الحاسمة.

الهدف:

عوامل النجاح الحاسمة المحتملة:

الاستحواذ على نسبة 25% من السوق المحلية.

  • زيادة القدرة على منافسة الأسواق المحلية الأخرى.
  • جذب زبائن جدد.

الاحتفاظ بـ 75% من المنتجات التي من المفترض أن تكون من المنتج إلى المستهلك في المخزن مدةً لا تتجاوز الأربع والعشرين ساعة

  • بناء علاقاتٍ ناجحة مع المورِّدين المحليِّين.

الوصول إلى نسبة 98% من رضا الزبائن.

  • الاحتفاظ بالموظفين والاستمرار في تقديم التدريب الذي يركز على الزبائن.

التوسع في المنتجات المطروحة لجذب عددٍ أكبر من الزبائن.

  • شراء منتجات جديدة من المصادر المحلية.

الحصول على مساحة تخزينية كافية لاستيعاب عدد المنتجات التي يرغب فيها الزبائن.

  • الحصول على التمويل من أجل التوسع.
  • إدارة أعمال البناء وأي أمور تعرقل سير العمل.

 

عندما يصبح لديك قائمة بعوامل النجاح الحاسمة المُحتملة يكون الوقت قد حان للتفكير في ما هو ضروريٌّ للغاية ومن ثمَّ تحديد عوامل النجاح الحاسمة الحقيقية.

 

اقرأ أيضاً: طرق تحسين رضا العملاء

 

وهذا هو الحال بكل تأكيد بالنسبة إلى "منتجات المزرعة الطازجة"، فقد كان أول عامل حددناه من ضمن قائمة عوامل النجاح الحاسمة المُحتملة هو العلاقات مع الموردين المحليين. إذْ يُعَدُّ هذا العامل عاملاً أساسيَّاً بكل تأكيد لضمان أن تكون المنتجات طازجة وضمان شراء منتجات جديدة. ومن العوامل الحاسمة الأخرى جذب زبائن جدد، فمن دون الزبائن الجدد لن يكون المخزن قادراً على التوسع لزيادة حصته في السوق. أما ثالث عامل من عوامل النجاح الحاسمة هو الحصول على التمويل من أجل عملية التوسيع، فأهداف المخزن لا يمكن أن تتحقق من دون التمويل اللازم لتوسيع مساحة المخزن.

الصورة1: عوامل النجاح الحاسمة لمتجر "منتجات المزرعة الطازجة، ورسائله، وأهدافه:

الرسالة:

أن يصبح المخزن رقم واحد في السوق.

عوامل النجاح الحاسمة:

  • بناء علاقات ناجحة مع الموردين.
  • جذب زبائن جدد وإرضاؤهم.
  • تأمين التمويل من أجل التوسيع.

الأهداف:

  • الاستحواذ على 25% من السوق المحلية.
  • الاحتفاظ بـ 75% من المنتجات التي من المفترض أن تكون من المنتج إلى المستهلك في المخزن مدةً لا تتجاوز الأربع والعشرين ساعة.
  • الوصول إلى نسبة 98% من رضا الزبائن.
  • زيادة المنتجات المطروحة لجذب عددٍ أكبر من الزبائن.
  • توسيع مساحة تخزينية كافية لاستيعاب عدد المنتجات التي يرغب فيها الزبائن.

 

نصيحة: كم عدد عوامل النجاح الحاسمة التي يجب وضعها؟

على الرغم من أنَّه ليس ثمَّة قواعد صارمة تحدد ذلك إلَّا أنَّه من المفيد تحديد عوامل النجاح الحاسمة بخمسة أمور أساسية لا غنى عنها بالحد الأعلى. يساعد هذا عوامل نجاحك الحاسمة على التمتع بأكبر قدرٍ ممكنٍ من التأثير ومن ثمَّ توجيه باقي عناصر استراتيجية عملك أو مشروعك بشكلٍ جيد وترتيبها حسب الأولوية.

استخدام الأداة: خطوات مختصرة

تُعَدُّ عملية تحديد عوامل النجاح الحاسمة من العمليات التي يتم تكرارها بشكلٍ كبير للغاية، حيث ترتبط رسالتك، وأهدافك الاستراتيجية، وعوامل نجاحك الحاسمة بعضها بالبعض الآخر بشكلٍ جوهري وهذا يعني أنَّ تطوَّر أيَّ واحدٍ منها يستوجب إدخال تعديلاتٍ عليه. فإليك هذه الخطوات المُختصرة التي تستخدم بشكلٍ متكرر وتساعدك على تحديد عوامل النجاح الحاسمة لعملك أو مشروعك:

الخطوة الأولى: ضع رسالة عملك أو مشروعك وأهدافهما الاستراتيجية.

الخطوة الثانية: اسأل نفسك ما هو النشاط الضروري لتحقيق كل هدف من الأهداف الاستراتيجية للعمل أو المشروع. وستكون الإجابات التي تحصل عليها هي عوامل النجاح الحاسمة المُحتملة بالنسبة إليك.

نصيحة:

للتأكد من مراعاة جميع أنواع عوامل النجاح الحاسمة المحتملة يمكنك استخدام قائمة "روكارت" لأنواع عوامل النجاح الحاسمة:

  • عوامل النجاح الحاسمة المختصة بمجال العمل: تنتج هذه العوامل عن ميزات محددة يتمتع بها مجال العمل، وهي الأمور التي يجب أن تقوم بها المنظمة لكي تحافظ على قدرتها على التنافس.
  • عوامل النجاح الحاسمة البيئية: تنتج هذه العوامل عن المؤثرات البيئية التي تؤثر في المنظمة بأكملها. ومن بين الأشياء التي يتضمنها هذا الصنف مناخ العمل، والاقتصاد، والمنافسين، والتطورات التكنولوجية.
  • عوامل النجاح الحاسمة الاستراتيجية: تنتج هذه العوامل عن الاستراتيجية التنافسية المحددة التي تختارها المنظمة ويشمل هذا الطريقة التي تختار المنظمة من خلالها مكانتها، والتسويق لنفسها، وإذا ما كانت منظمتك تقدم منتجات كبيرة الحجم ومنخفضة التكلفة أو صغيرة الحجم ومرتفعة التكلفة، إلخ.
  • عوامل النجاح الحاسمة الزمنية: تنتج هذه العوامل عن القوى الداخلية للمنظمة. ومن الأشياء التي تساهم في تحديد عوامل النجاح الحاسمة هذه عقبات، وتحديات، وتوجيهات، وتأثيرات محددة.

الخطوة الثالثة: قوِّم قائمة عوامل النجاح الحاسمة المحتملة لإيجاد العناصر التي تساهم مساهمةً بالغة الأهمية في تحقيق النجاح، والتي هي عوامل النجاح الحاسمة الخاصة بك.

عندما تحدد عوامل النجاح الحاسمة المحتملة وتقومها قد تكتشف بعض الأهداف الاستراتيجية الجديدة أو أهدافاً أكثر تفصيلاً. ومن ثمَّ فقد تحتاج إلى إعادة تحديد رسالتك، وأهدافك، وعوامل النجاح الحاسمة الخاصة بك بشكلٍ متكرر.

الخطوة الرابعة: حدّد الكيفية التي ستقوم من خلالها بمراقبة كل عامل من عوامل النجاح الحاسمة.

الخطوة الخامسة: وضّح عوامل النجاح الحاسمة الخاصة بك بالإضافة إلى العناصر الأخرى المهمة الموجودة ضمن استراتيجية عملك أو مشروعك.

الخطوة السادسة: استمر في مراقبة عوامل النجاح الحاسمة الخاصة بك وإعادة تقويمها لضمان أنَّك تستمر في المضي قُدُماً نحو غاياتك. وبما أنَّ عوامل النجاح الحاسمة تكون في بعض الأحيان غير قابلة للقياس موازنةً مع الأهداف القابلة للقياس فمن المفيد توخي الدقة قدر الإمكان عند تحديد الطريقة التي يمكنك من خلالها قياس كل عامل من هذه العوامل ومراقبته.

 

اقرأ أيضاً: ما هي الاستراتيجية؟ المستويات الثلاثة للاستراتيجية

 

النقاط الرئيسة:

إنَّ عوامل النجاح الحاسمة، والتي تُعرف أيضاً باسم مجالات النتائج الأساسية، هي المجالات التي يتضمنها عملك أو مشروعك والتي تُعَدُّ ذات أهميةٍ بالغة لنجاح عملك أو مشروعك. فمن خلال تحديد عوامل النجاح الحاسمة هذه وتوضيحها يمكنك ضمان تركيز الانتباه بشكلٍ جيدٍ على عملك أو مشروعك وتجنُّب تبديد جهودك ومواردك في مجالات أقل أهمية. من خلال توضيح عوامل النجاح الحاسمة هذه لجميع المعنيين بها يمكنك المساعدة على إبقاء العمل أو المشروع على المسار المؤدي إلى بلوغ الأهداف والغايات المشتركة.

 

المصادر

 




مقالات مرتبطة