علم النوم: فهم ما يحدث في أثناء النوم

يقضي الإنسان نحو ربع إلى ثلث حياته نائماً، لكن ماذا يحدث بالضبط عندما تنام؟



اعتقد معظم الناس قبل خمسينات القرن الماضي أنَّ النوم هو نشاط سلبي يكون الجسم والدماغ خلاله خاملَين، لكن اتضح أنَّ النوم هو فترة يمارس فيها الدماغ العديد من العمليات الضروريَّة للحفاظ على الحياة، والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنوعية الحياة.

يقضي الباحثون حالياً ساعات طويلة لمعرفة مزيد عن هذه العمليات، وكيف تؤثر في الصحَّة العقليَّة والجسديَّة، إليك لمحة عن النتائج المفاجئة التي توصَّل إليها الباحثون في مجال النوم وما الذي يحاولون حتى الآن اكتشافه عن علم النوم.

1. مراحل النوم:

يمرُّ دماغك خلال نومك بنوعين مختلفين من النوم: نوم تكون فيه حركة العين سريعة (REM: Rapid-Ey Movement)، ونوم تكون فيه حركة العين غير سريعة (non-REM).

الجزء الأول من الدورة هو النوم الذي تكون فيه حركة العين غير سريعة، والذي يتكون من أربع مراحل:

  1. المرحلة الكامنة بين الاستيقاظ والشروع في النوم.
  2. مرحلة النوم الخفيف؛ إذ ينخفض معدل ضربات القلب والتنفس ودرجة حرارة الجسم.
  3. مرحلتا النوم العميق.

على الرَّغم من أنَّه كان يُعتقد سابقاً أنَّ النوم الذي تكون فيه حركة العين سريعة هو أهم مرحلة من مراحل النوم للتعلُّم والذاكرة، إلا أنَّ البيانات الأحدث تشير إلى أنَّ النوم الذي تكون فيه حركة العين غير سريعة أكثر أهمية لهذه المهام، فضلاً عن كونه مرحلة النوم التي تمنحك أكبر قدر من الراحة والانتعاش.

خلال طور حركة العين السريعة، تتحرك العينان بسرعة خلف الجفن المغلق، وتكون موجات الدماغ مماثلة لتلك التي تحدث في أثناء اليقظة، ويزداد أيضاً معدل التنفس ويصاب الجسم بالشلل المؤقت بينما تحلم.

تتكرر نفس الدورة، لكن مع كل دورة تقضي وقتاً أقل في المراحل الأعمق الثالثة والرابعة من النوم، ووقتاً أطول في النوم الذي تكون فيه حركة العين سريعة، تتكرر هذه الدورة في الليلة الواحدة نحو أربع أو خمس مرات.

شاهد بالفيديو: 7 نصائح عملية لتحظى بنوم أفضل وتستيقظ نشيطاً

2. تأثير العوامل الوراثية:

حدَّدَ الباحثون الجين المسؤول عن تنظيم الساعة البيولوجية لتوقيت النوم، وعندما أزالوا هذا الجين المسمى "جين اليقظة الكاملة " من ذباب الفاكهة، عانى الذباب من مشكلات في النوم والاستمرار فيه؛ إذ يوجد جين نوم مشابه في كل من البشر والفئران، ويواصل العلماء دراسة هذا الجين على أمل فهم المزيد عن كيفية تأثير العمليات التي تحدث داخل الخلايا في قدرة الإنسان على النوم.

3. عوامل التحكم بالنوم:

توجد عمليتان رئيستان في الجسم تنظمان النوم، وهما: النظم اليوماوي، والحاجة إلى النوم.

يُضبط النظم اليوماوي من خلال ساعة بيولوجية موجودة في الدماغ، وتتمثَّل إحدى الوظائف الرئيسة لهذه الساعة في الاستجابة لإشارات الضوء، وزيادة إنتاج هرمون الميلاتونين في الليل، ومن ثمَّ إيقاف إفرازه عندما يستشعر الجسم وجود الضوء، وغالباً ما يعاني الأشخاص المصابون بالعمى التام من صعوبة في النوم؛ وذلك لأنَّهم غير قادرين على اكتشاف إشارات الضوء هذه والاستجابة لها.

إنَّ الحاجة إلى النوم تؤدي دوراً رئيساً أيضاً في جسم الإنسان؛ إذ يتوق جسمك للنوم تماماً كما تشعر بالجوع للطعام طوال اليوم، وتتزايد رغبتك في النوم حتى تصل إلى نقطة معينة تحتاج فيها إلى النوم فوراً، لكن يوجد فرق كبير بين النوم والجوع؛ إذ لا يستطيع جسمك إجبارك على تناول الطعام عندما تكون جائعاً، لكن عندما تكون متعباً قد تنام فجأةً حتى لو كنت في اجتماع، أو تقود السيارة، أو عندما تكون مرهقاً جداً.

قد يدخل جسمك في نوبات من النوم القصيرة جداً لمدة ثانية أو ثانيتين، بينما تكون عيناك مفتوحتين، والقيلولة لأكثر من 30 دقيقة في وقت لاحق من اليوم قد تؤخر رغبتك في النوم ليلاً من خلال تقليل حاجتك إلى النوم.

إقرأ أيضاً: القلق والتوتر العصبي وقلة النوم من أسباب الأكتئاب

4. لماذا تحتاج إلى النوم؟

قد تشعر بصعوبةٍ في التركيز بعد ليلة لم تنم فيها نوماً كافياً؛ إذ إنَّ النوم يؤثر تأثيراً كبيراً في وظائف الدماغ؛ فالحصول على قسط كافٍ من النوم أمرٌ ضروريٌّ جداً للحفاظ على مرونة الدماغ أو قدرته على التكيف مع المدخلات الحسية.

فإذا كنت تنام قليلاً جداً فلن تتمكن من معالجة المعلومات التي تعلمتها خلال النهار، وستواجه صعوبةً أكبر في تذكُّرها في المستقبل، ويعتقد الباحثون أيضاً أنَّ النوم يُساعد على إزالة السموم من خلايا الدماغ؛ إذ يبدو أنَّ ذلك يحدث بكفاءةٍ أقل عندما يكون الدماغ مستيقظاً.

إقرأ أيضاً: لماذا يُعَدُّ النوم مفتاح تحقيق النجاح!

في الختام:

إنَّ النوم ضروري لبقية أعضاء الجسم أيضاً، فعندما لا يحصل الناس على قسط كافٍ من النوم، تزداد مخاطر إصابتهم ببعض الأمراض؛ إذ تتفاقم أعراض الاكتئاب، والنوبات الصرعية، وارتفاع ضغط الدم، والصداع النصفي، وتضعف المناعة أيضاً، مما يزيد من احتماليِّة الإصابة بالأمراض والالتهابات.

يؤدي النوم أيضاً دوراً في عملية الاستقلاب الغذائي، فحتى ليلة واحدة من قلِّة النوم قد تحرِّض حالةً من مقدمات السكري في شخص يتمتع بصحة جيدة، وتوجد عدَّة روابط هامة بين الصحة والنوم.

المصدر