آثار وأضرار التنمر الإلكتروني

تُعتبر وسائل التواصل الاجتماعي بأنواعها المختلفة إن كانت فيسبوك، تويتر، أو انستغرام، من أكثر الأماكن شيوعًا لممارسة ظاهرة التنمّر الإلكتروني، هذا التنمر الذي يُسيئ للآخرين ويُسبب لهم مشاكل نفسيّة لا تعد ولا تحصى، إن كانوا أشخاصًا عاديين، أو من المشاهير، فيما يلي سنُسلّط الضوء على هذهِ الظاهرة الخطيرة، وآثارها على حياة الإنسان النفسيّة، وطرق علاجها.



تعريف التنمّر الالكتروني:

هناك العديد من التعريفات التي تناولت موضوع التنمر الالكتروني منها:

التنمّر الالكتروني هو استغلال الإنترنت والتقنيات المتعلقة به بهدف إيذاء أشخاص آخرين بطريقة متعمّدة ومتكرّرة وعدائية، نظرًا لأنّ هذه الوسيلة أصبحت شائعة في المجتمع خاصة بين فئة الشباب، فقد وضعت تشريعات وحملات توعوية لمكافحتها.

أمّا في المعاجم القانونيّة فإنّ التنمّر الالكتروني يُعرّف بـ:

  • أفعال تستخدم تقنيات المعلومات والاتصالات لدعم سلوك متعمّد ومتكرر وعدائي من قبل فرد أو مجموعة والتي تهدف الي إيذاء شخص آخر أو أشخاص آخرين.
  • استخدام تقنيات الاتصالات بقصد إيذاء شخص آخر.
  • استخدام خدمة الإنترنت وتقنيات الجوال مثل صفحات الويب ومجموعات النقاش وكذلك التراسل الفوري أو الرسائل النصية القصيرة بنيّة إيذاء شخص آخر.

ولقد عرّف المجلس الوطني لمنع الجريمة التنمّر الالكتروني بأنّه عندما يتم استخدام الإنترنت والجوالات أو الأجهزة الأخرى لإرسال أو نشر نص أو صور بقصد إيذاء أو إحراج شخص آخر.

وقد يكون المتنمّر الالكتروني شخصًا يعرفه المستهدف أو شخصًا غريبًا على شبكة الإنترنت، وقد يكون شخص مجهول الهوية وقد يطلب المشاركة من أشخاص آخرين على شبكة الإنترنت والذين لا يعرفون المستهدف، وهو ما يُسمى التكديس الالكتروني.

وفي تعريف آخر للتنمّر الالكتروني فيُمكن القول بأنّهُ يشمل العمل على إيقاع الأذى على الطرف الآخر وذلك باستخدام الأجهزة الالكترونيّة المرتبطة بالأنترنت كاللابتوتب، الأجهزة اللوحيّة، الهواتف النقالة، والمتمثلة في مواقع التواصل الاجتماعي كالأنستغرام، تويتر، السنابشات، والفيسبوك، ومجموعات التواصل كالواتس أب، لاين، والتلجرام، والألعاب الإفتراضيّة الجماعيّة، والبريد الالكتروني، والرسائل النصيّة.

إقرأ أيضاً: التنمر الإلكتروني: تعريفه، آثاره، أسبابه، وطرق علاجه

الآثار السلبيّة التي يُسبّبها التنمّر الالكتروني:

  1. يتسبب التنمّر الالكتروني في اكتئاب الشخص المتنمّر عليه في حال لم يتلقى المساعدة الفورية.
  2. صعوبة ثقة الضحيّة بالآخرين والنظر إليهم بعين الشك والخوف وافتقاد الشعور بالأمان.
  3. في كثير من الأحيان يلجأ الشخص الذي تعرّض للتنمّر إلى الانعزال خصوصًا صغار السن والمراهقين .
  4. تشتت الذهن وتدني المستوى الدراسي للضحيّة في حال كان طالبًا في المدرسة أو الجامعة.
  5. الشعور بالخوف والقلق والترقّب لكل شيئ جديد ومزعج.
  6. التعرّض للعديد من الأمراض الجسديّة والنفسية.
  7. الإصابة باضطراب في الأكل والنوم.
  8. قد يصل الشخص المتنمّر عليه الى مرحلة يظن فيها أن إنهاء حياته هو السبيل الوحيد للخلاص من التنمّر الالكتروني حيثُ سُجلت الكثير من الحالات التي قام فيها أشخاص متنمّر عليهم بالانتحار.

أفعال تدل على أنّ الإنسان يُساند الشخص المُتنمر:

في كثيرٍ من الأحيان يتصرّف الإنسان مع المواضيع التي ينشرها المتنمّر على مواقع الإنترنت بشكلٍ خاطئ، فيجعلهُ يُساهم في دعم المتنمّر ومساندتهُ في تحقيق أهدافهُ ولو حتّى دون قد مباشر، كان يقوم مثلًا:

  1. وضع إعجاب على ما يحمل إساءة للآخرين.
  2. وضع علامة أو إشارة تدل على أنّك مؤيد لما يحمل الإساءة للضحيّة.
  3. إعادة إرسال ما يحمل الإساءة لأي شخص آخر كالإخوة أو الأصدقاء.
  4. أن تكون لا مباليًا حين تكون شاهدًا على حديث بين أشخاص ويبدأ أحدهم بالتنمّر على الآخر.

آثار التنمر الإلكتروني في المتنمر:

يقوم شخص ما بالتنمر عادةً لأنَّه يحتاج إلى أن يثبت لنفسه شيئاً قبل غيره؛ فهو يحاول أن يغطي ضعفه وعدم قدرته على النجاح وتحقيق التميز، أو لإيجاد تغير في حياته أو شخصيته؛ لذا يقنع نفسه بأنَّه قادر على إحداث التغيير في حياة الآخرين ويجعلهم يشعرون بالفرح أو الحزن متى يشاء، ولكي يشعر الآخرون أنَّ لديه القوة؛ فإما أن ينجذبوا إليه أو يخافوا منه، وعلى العموم المتنمر شخص منبوذ في المجتمع ومن آثار أعماله:

1- فقدان الأصدقاء، والعزلة الاجتماعية:

يفقد المتنمر الإلكتروني حب الآخرين وتعاطفهم معه، فيفقد ثقة الناس به والذين يعمدون إلى إبعاده عن حياتهم سواء حياتهم الإلكترونية أم الواقعية، ومن ثم يصعب على المتنمر الإلكتروني نتيجة سلوكه السلبي إقامة علاقات اجتماعية صحيحة أو الحفاظ على علاقاته القائمة. 

2- تأثيرات سلبية في الصحة العقلي:

في الواقع ليس الفرد الذي تعرَّض للتنمر هو وحده من تتأثر صحته العقلية؛ بل أيضاً الفرد الذي قام بفعل التنمر (المتنمر)؛ فكثيراً ما يعاني من الشعور بالضيق والندم بسبب أذية الآخرين، ويفقد الشعور بالرضى عن نفسه، فيقلق المتنمر ويتوتر ويضطرب نومه وغذاؤه؛ وكل ذلك يؤثر في صحته العقلية.

3- العقوبات القانونية:

أصبحت القوانين في معظم دول العالم تساعد على حماية الأفراد من ظاهرة التنمر الإلكتروني، فقد وُضعَت تشريعات وقوانين وعقوبات أيضاً بحق المتنمرين؛ لذا فإنَّ الشخص المتنمر عرضة للمساءلة القانونية إذا قام بانتهاكات جسيمة وأحدثت ضرراً بالغاً في الآخرين. 

4- السمعة السيئة:

إنَّ أول خسارة تلحق بالمتنمر هي خسارة سمعته في المجتمع، سيصبح شخصاً منبوذاً ومحط احتقار الجميع، فلا أحد يرغب بأن يكون صديق المتنمر أو أن تجمعه علاقة به من أي نوع. 

5- الانخراط في السلوك الإجرامي:

التنمر الإلكتروني ما هو إلا بداية لسلوكات أخطر مثل السرقة أو الإدمان على المخدرات. 

آثار التنمر الإلكتروني في الفرد:

1- آثار نفسية:

يعاني الفرد الذي تعرَّض للتنمر الإلكتروني من القلق والخوف والتوتر والأفكار السوداوية، وقد يصل به الأمر للاكتئاب، فالضغط الذي يمر به يُفقِده الثقة بنفسه ويقلل من حبه لذاته، ومن ثم المعاناة من اضطرابات نفسية مختلفة الشدة بحسب الشخص. 

2- آثار اجتماعية:

شعور الفرد بالخجل والخوف وفقدانه الثقة بنفسه يدفعه إلى تجنب الاختلاط بالمجتمع وبناء علاقات مع أفراده، فلا يرغب بالمشاركة بالنشاطات الاجتماعية أو الانخراط في النوادي الاجتماعية أو حضور المناسبات، فهو يميل للبقاء وحيداً، وقد يصبح إنساناً لا مبالياً مع استمرار المشكلة، وقد يصبح منبوذاً اجتماعياً وغير مرغوب من قبل الآخرين. 

3- آثار في التعلم والتحصيل الدراسي:

قد يتراجع المستوى العلمي للفرد الذي تعرَّض للتنمر الإلكتروني وهو بصدد الحصول على شهادة ما، فنتائج التنمر الإلكتروني تفقده التركيز والانتباه، ويتجه بتفكيره إلى المصيبة التي وقع بها، ومن ثم تنخفض دافعيته للتعلم ورغبته في الاهتمام بالدراسة عامة. 

4- آثار صحية:

إنَّ المشكلات التي يجلبها التنمر الإلكتروني على الفرد تجعله عرضة للإصابة بمشكلات صحية مثل الأرق والصداع والاضطرابات الهضمية وفقدان الوزن أو زيادته واضطرابات في النوم، وغيرها من المشكلات التي تجعله غير مرتاح وتُفقِدُه استقراره. 

5- الخطر الأبرز للتنمر على الفرد هو خطر الانتحار:

فضحايا التنمر معرضون لخطر الانتحار بسبب الاكتئاب الحاد الذي يصيبهم.

آثار التنمر الإلكتروني في المجتمع:

عندما ترتفع معدلات التنمر في المجتمع فذلك يعني غياب القوانين الرادعة أولاً، وافتقار القيم الأخلاقية في المجتمع، ومن الآثار التي يخلفها التنمر على المجتمع: 

1- تدهور العلاقات والروابط الاجتماعية:

لعل الأثر الأبرز لظاهرة التنمر الإلكتروني في المجتمع هو التوتر الذي تحدثه في العلاقات الاجتماعية بين الأشخاص، فينشأ جو من عدم الثقة والتوتر بين الأفراد يتسبب في تقسيم المجتمع وتشتيته، بحيث يؤثر في التعاون والتلاحم في المجتمع. 

2- انتقال أثر التنمر الإلكتروني إلى الحياة الواقعية:

المشكلات التي يتسبب بها التنمر الإلكتروني تنتقل من العالم الافتراضي إلى العالم الواقعي، فينقل الأفراد سلوك التنمر ويمارسونه في الواقع، وهذا يزيد من حالات الانقسام في المجتمع. 

3- تهديد استقرار المجتمع:

  • كثرة المشكلات التي يسببها التنمر تُكثِر من الخلافات في المجتمع وتهدد وحدته واستقراره.
  • انتشار ثقافة السلوك العدواني بوصفه حلاً مقبولاً لعلاج المشكلات في المجتمع بدلاً من التفاهم والتعاون.
  • الخوف الذي تشعر به الأسرة لعجزها عن حماية ابنها وعرقلة مسيرة أعمالها.
  • انتشار ثقافة عدم الاحترام وتحقير الآخر، الأمر الذي يفقد المجتمع بريقه ووحدته. 

الوقاية من التنمر الإلكتروني:

  1. التحفّظ على المعلومات والصور الشخصيّة على مواقع التواصل الاجتماعي بعيدًا عن متناول الجميع.
  2. في حال الوقوع ضحيّة للتنمّر الالكتروني على الشخص أن يتقرّب من عائلتهِ وأن يطلب مساعدتهم بشكلٍ سريع بدلًا من الخوف.
  3. التعرّف على القوانين التي تشتمل عليها سياسة مواقع التواصل الاجتماعي، والحرص على معرفة الطرق التي يستطيع من خلالها مقاضاة المتنمّر الكترونيًا.
  4. عدم تنازل الضحيّة عن حقوقهِ أمام الشخص المُتنمّر، وعدم إظهار ضعفهِ وخوفهِ منه، وذلك لكي لايتمادى بهذهِ الإساءات الالكترونيّة.
  5. قيام الضحيّة بتصوير كل الأعمال التي قام بها المُتنمّر ضدّه ليُرسلها إلى مركز الأمن المختص بمقاضاة المتنمرين لأخذ الإجراءات اللازمة.

اقرأ أيضاً: 5 نصائح للمساعدة في حمايتك عبر الإنترنت وتجنّب اختراقك

هذهِ هي النصائح الأساسيّة التي على كل شخص أن يلتزم بها، وذلك لكي يُساهم في حماية نفسهِ والآخرين من الوقوع ضحيّة التنمّر الالكتروني.




مقالات مرتبطة