طرق وكيفية التعافي من آثار علاقة مُتعِبة والبدء من جديد

يمرُّ الإنسان بطبيعة الحال بالعديد من العلاقات ريثما يجد الشريك المناسب الذي سيكمل حياته برفقته، لكن يبقى انتهاء العلاقة العاطفية هو أحد الأمور الصعبة في الحياة سواء كان قرار إنهاء العلاقة هو قرار شخصي أم بناء على رغبة الشريك؛ إذ يترك الفرد في حالة من الضياع وخاصةً إن ارتبطت نهاية العلاقة بموقف محرج أو بألم كبير فينعكس ذلك الأمر سلباً على صحة الإنسان.



يشعر الإنسان بعد الانفصال العاطفي بآلام مختلفة فمثلاً يشعر بألم في الصدر سماه المتخصصون "متلازمة القلب المكسور"؛ إذ يشعر الفرد بألم مفاجئ وخفقان في القلب ودوار وغثيان وتعرُّق وتقيؤ، إضافة إلى الشعور بالتشاؤم والقلق فتوحي له تلك الأعراض بأنَّه يتعرض لأزمة قلبية، ولكنَّ الأزمة القلبية تحدث نتيجة انسدادات أو جلطات في شرايين القلب، أما عند التعرض لمتلازمة القلب المكسور فالشرايين تكون طبيعية؛ إنَّما السبب هو التعرض لأزمة عاطفية أدت إلى تدفق كميات كبيرة من هرمونات الغضب فأدى ذلك إلى عرقلة وظيفة القلب.

عندما يعيش الإنسان علاقة مُتعِبة لن يعاني خلالها فقط؛ إنَّما سيعاني أيضاً عند انتهاء تلك العلاقة، وسيمر بأوقات صعبة تجعله يعتقد أنَّه غير قادر على البدء من جديد، فما هو العمل حينها؟ وكيف يمكننا التعافي من آثار علاقاتنا السابقة التي باءت بالفشل؟ وهل يمكننا البدء من جديد؟

تعريف العلاقة المُتعِبة والمؤذية:

على الرغم من تحدُّثنا في بداية المقال عن العلاقات العاطفية إلا أنَّ العلاقة المؤذية لا يُشترط أن يكون طرفاها رجلاً وامرأة يجمع بينهما الحب؛ إنَّما قد تكون علاقة أم وابنها أو علاقة بين أخوة أو أصدقاء، لكن ما تتسم به العلاقة المؤذية باختلاف أطرافها هو أنَّ أحد الأطراف يؤثر سلباً في الآخر فيغيب عنه الإحساس بالأمان وربما يتصرف بناء على خوفه من الطرف الآخر. 

أبرز علامات العلاقة المُتعِبة والمؤذية:

1. المزاج السيئ:

يكون أحد طرفي العلاقة دائماً في مزاج سيئ، وهذا يجعله يضخم أبسط الخلافات ويفتعل المشكلات دوماً.

2. اللوم الدائم:

يحمِّل أحد أطراف العلاقة الطرف الآخر مسؤولية كل ما يصيب العلاقة من اضطرابات أو مساوئ ويلقي اللوم عليه باستمرار، مثلاً قد يقوم الزوج بالصراخ على زوجته عندما يحتدم النقاش وقد يصل الأمر إلى الضرب ثم يلقي اللوم عليها بأنَّها هي من قامت بإثارة غضبه ليصل الأمر إلى تلك الحالة.

3. التحكم بالطرف الآخر:

يفرض أحدهم على الآخر خيارات تعجبه ويجبره على القيام بأشياء لا تعجبه ويمنعه من اتخاذ الكثير من القرارات الشخصية وحده، فمثلاً يحدد أحدهم للآخر الأماكن التي يمكنه الذهاب إليها، وقد يصل الأمر إلى تهديده إن قام بمخالفة رأيه.

4. السخرية من الآخر:

يقوم أحد الأطراف بالتقليل من شأن الآخر سواء فيما بينهما أم أمام الآخرين فيسخر من دراسته أو عمله أو إنجازاته في الحياة أو حتى شكله ومظهره الخارجي ويقارنه بالآخرين على الدوام.

5. الخوف من التعبير عن الاحتياجات:

سواء الاحتياجات المادية أم حتى التعبير عن المشاعر والتحدث عما يزعجه في الطرف الآخر، وهذا يتسبب له بحالة نفسية سيئة.

شاهد بالفيديو: 6 علامات تدمر العلاقات بصمت احذر منها

كيفية التعافي من آثار علاقة مُتعِبة والبدء من جديد:

على الرغم من أنَّ الفرد يشعر وكأنَّها نهاية العالم إلا أنَّ تلك المشاعر لن تستمر، لكن لا يوجد وقت محدد للتعافي؛ إنَّما بقدر ما يسعى الإنسان إلى التخلص من تلك الآثار السلبية بقدر ما تكون المدة اللازمة للتعافي أقصر.

إليك بعض النصائح المساعدة على ذلك:

1. ابتعد كلياً:

على الرغم من أنَّ انتهاء العلاقات لا يعني بالضرورة نشوب عداوة بين الطرفين، لكنَّ الإنسان بعد قطع علاقة مع أي شخص يحتاج إلى الابتعاد عنه كلياً لفترة من الزمن مباشرة بعد الانفصال، فإن سعى طرف آخر إلى جمعكما وحاول إقناعكما في حل الخلافات فعليك الثبات على رأيك؛ وذلك لأنَّ الاستمرار في رؤية الشخص المسبب لتعبك لن يسمح لك بالتعافي من الآثار السلبية التي تركتها تلك العلاقة في نفسك.

في حال وجود تفاصيل مشتركة تجمعكما وتضطر إلى رؤيته، وهذا ما يحدث عندما يحدث طلاق مثلاً فعليك جعل اللقاءات قصيرة جداً وتقتصر على الأشياء الهامة، ويُفضَّل أيضاً أن تحذفه على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي.

إقرأ أيضاً: 12 سبباً وجيهاً لإنهاء العلاقة العاطفية

2. فكر في العلاقة السابقة:

وخاصةً إن كنت قد مررت بتجارب مشابهة سابقاً، فيمكنك التفكير في الأسباب التي تجعلك تميل إلى نفس النوع من الأشخاص والأسباب التي أدت إلى تلك النهاية لتدرك مواضع الخطأ إن كنت مشاركاً في الأسباب التي أدت إلى وصول العلاقة إلى تلك النهاية، كي تتفادى الوقوع في نفس الأخطاء لاحقاً، وركز أيضاً على الأشياء السلبية في الطرف الآخر فيمكنك إعداد قائمة بالأشياء التي لا تعجبك كي تقنع نفسك أنَّ ابتعادك عن ذلك الشخص أفضل من البقاء على علاقة معه، ولتدرك النواحي الإيجابية المترتبة على الانفصال فيزول حزنك بشكل أسرع.

3. تخلص من الأشياء التي تحفز الذكريات:

في حال كنت تمتلك تذكاراً خاصاً من الطرف الآخر يجب إبعاده عن ناظريك في الوقت الحالي إن كنت غير راغب في التخلص منه نهائياً؛ وذلك لأنَّ تلك الأشياء ستعيد إليك المشاعر القديمة كلما نظرت إليها فيصعب تخطي العلاقة المُتعِبة.

4. اعترف بالألم:

من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالألم والحزن والقلق والخوف أيضاً بعد المرور بتجربة شاقة فلا تتظاهر بالقوة وعدم الاهتمام؛ بل خذ وقتك في إخراج الحزن ومختلف المشاعر السلبية من قلبك، لذلك يمكنك البكاء والصراخ بقدر ما تشاء حتى تتصالح مع الواقع الجديد.

5. لا تنتظر تحقيق العدالة:

ففي حال كنت تشعر بالظلم وتعتقد أنَّ الظالم سينال عقابه فتنتظر لتراه مدمراً كما فعل بك، فإنَّك ستهدر وقتك وسيبقى تفكيرك منشغلاً به وقد لا يحدث له شيء إطلاقاً، لذلك لا تهدر طاقتك بطريقة التفكير هذه؛ بل فكر بنفسك فقط.

إقرأ أيضاً: كيف تتخلَّى عن شخص لا يناسبك؟

6. استعد ثقتك بنفسك:

كثيراً ما يخرج الإنسان من علاقة كارهاً لنفسه وثقته متزعزعة بها، لذلك عليك استعادة تلك الثقة من خلال تذكر النجاحات التي حققتها في حياتك، والتركيز على المواهب والقدرات التي تمتلكها، ومحاولة تنميتها من خلال اتباع دورات معينة وممارسة الهوايات التي تحبها بشكل أكبر.

7. خذ استراحة من روتين حياتك اليومي:

غالباً تفرض العلاقات على الإنسان روتيناً معيناً ليستطيع قضاء الوقت مع من يحب، لذلك لا تستمر بالقيام بنفس الأشياء أو حتى يمكنك القيام بنفس التفاصيل لكن في أوقات مختلفة كلياً، وإن كنت تستطيع تغيير مكان إقامتك والانتقال إلى حي جديد فلا تتردد في ذلك؛ وذلك لأنَّ التجديد يبعث في نفسك الانتعاش، ويمكنك البقاء في نفس المنزل مع القيام ببعض التعديلات في الديكور مثل تغيير أماكن الأثاث وتغيير ألوان الطلاء وتعليق ملصقات جديدة في غرفتك، فحتى تنظيفك للمكان على الرغم من أنَّه عملية بسيطة إلا أنَّه يساعدك على الراحة.

8. لا تتوقف عن الاعتناء بنفسك:

أول ما نقوم به عندما نحزن ونغضب هو إهمال النفس كإهمال تناول الطعام أو تناول الطعام المليء بالكربوهيدرات بكميات مفرطة والتوقف عن ممارسة الرياضة والسهر لوقت طويل، لكن تذكر أنَّ كل ما سبق يلحق الضرر بك فقط ولا يؤثر سلباً في الطرف الآخر، لذلك تجنب الوجبات السريعة وقم باتباع نظام غذائي متوازن واحرص على ممارسة الرياضة يومياً.

كما يمكنك الالتزام بالذهاب إلى النادي الرياضي لمدة ساعة يومياً ويفضل المشي لمدة لا تقل عن نصف ساعة في الهواء الطلق؛ إذ يساعد المشي على التخلص من الإرهاق والتوتر، ويمكن تعلُّم رياضات جديدة لإشغال نفسك قدر الإمكان، كما أنَّ القيام بجلسات التأمل أو اليوغا يساعد أيضاً على الاسترخاء والتخلص من الغضب، ولا تنسَ الاهتمام بالنوم لمدة لا تقل عن 8 ساعات يومياً.

شاهد بالفيديو: 5 خطوات لممارسة الرعاية الذاتية

9. أحط نفسك بالأشخاص الإيجابيين:

وجود أشخاص داعمين ومحبين في الأوقات الصعبة هام جداً، فلا تخجل من طلب المساعدة من الأصدقاء أو أفراد العائلة فهم قادرون على تحسين حالتك النفسية بمجرد الإصغاء إلى همومك والاهتمام بك، كما أنَّ الأشخاص الداعمين لك قادرون على جعلك ترى نفسك شخصاً جيداً وتستحق المحبة وستجد ما تستحق في التجارب القادمة، لذلك خطط مع أصدقائك أو عائلتك للخروج في رحلات ونزهات لأماكن جديدة وتجربة أشياء مرحة.

في الختام:

جميعنا معرَّضون للمرور في علاقة مُتعِبة ومؤذية تتسبب بترك مشاعر سلبية كالقلق والحزن والتوتر والخوف، وذلك لا يعني انتهاء الحياة فدائماً يمكن للإنسان البدء من جديد بوجود الإصرار والعزيمة، وللتعافي من آثار علاقة مُتعِبة يحتاج الإنسان إلى فترة من الزمن تختلف بحسب كمية الأذى النفسي الناتج عن العلاقة، ويحتاج إلى اتباع بعض الطرائق المساعدة على ذلك كأن يسمح لنفسه بعيش مشاعر الحزن والاعتراف بالواقع الجديد على الرغم من صعوبة ذلك في بداية الأمر.

كما يجب الابتعاد كلياً عن الطرف المسبب للتعب وإبعاد كل ما يذكِّره بتلك العلاقة، ويُفضَّل أخذ استراحة من الروتين السابق وإجراء تغييرات في نمط الحياة واتباع عادات صحية جديدة وتنمية المواهب والقدرات لاستعادة الثقة بالنفس، ولأنَّ الإنسان يصبح بأفضل حال بوجود أشخاص محبين وداعمين؛ يجب قضاء أطول وقت مع العائلة والأصدقاء ومع كل شخص يشعرك بحالة نفسية جيدة.




مقالات مرتبطة