طاقة الرياح: فوائدها وآلية عملها

في ظلِّ الظروف البيئية السيئة التي يعيشها العالم اليوم، يتم التوجُّه إلى البحث عن طرائق لتوليد الطاقة وبأقل الخسائر، وطاقة الرياح ليست إلَّا واحدة من هذه الطرائق الهامة جداً؛ وذلك نظراً لكثرة فوائدها وقلَّة خطرها على البيئة؛ لذا في هذا المقال سنتعرَّف إلى طاقة الرياح وفوائدها وآلية عملها.



طاقة الرياح من أنواع الطاقة المتجددة التي استُخدِمَت كبديل عن الوقود الأحفوري، وهي أحد أنواع الطاقة الكهروميكانيكية، وتتميز بأنَّها طاقة وفيرة ومتجددة، وتوجد في أغلب المناطق في العالم وهذا يعني أنَّه يمكن استثمارها في كل الدول، وطاقة الرياح طاقة نظيفة ولا تؤذي البيئة ولا ينتج عنها أيَّة انبعاثات كالغازات الدفينة أو غازات الاحتباس الحراري.

تُستخرَج طاقة الرياح من الطاقة الحركية للرياح، ويتم لذلك استخدام عنفات أو توربينات الرياح لإنتاج الطاقة الكهربائية، وسنتحدَّث لاحقاً بالتفصيل عن آلية عملها.

تختلف المساحات التي نحتاج إليها في توليد الطاقة على حسب حجم المحطة ونوع الأبراج المستخدمة، واستُخدِمَت طاقة الرياح منذ القدم وتقريباً منذ 2000 قبل الميلاد، وفي بلاد فارس والصين طوِّرَت لأوَّل مرة، واستُخدِمَت لطحن الحبوب وضخ المياه، وقد استخدمها البحارة للإبحار.

أمَّا اليوم فالاستخدام الأساسي لها هو تحويل الطاقة الحركية إلى طاقة كهربائية، وقد بُنِيَت أوَّل توربينات حديثة في ولاية فيرمونت في الولايات المتحدة الأمريكية في الأربعينيات، واليوم توجد أكبر توربينات رياح العالم في هاواي في الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً؛ إذ يبلغ ارتفاعها ما يعادل 20 طابقاً والشفرات الموجودة فيها بحجم ملعب لكرة القدم.

يواجه استخدام هذه الطاقة بعض التحديات ومنها تحديد الموقع المناسب الذي تتوافر فيه هذه الرياح، إضافة إلى ضرورة أخذ الناحية الجمالية والبيئية في الحسبان، ومدى توافر الأراضي المناسبة من التحديات أيضاً.

تبقى المناطق ذات الرياح القوية والدائمة المناطق الأفضل، لكن تظهر هنا مشكلة جديدة؛ إذ إنَّ أغلب المناطق المناسبة تكون بعيدة عن المناطق السكنية ومن ثم يجب وجود القدرة المادية على نقل الكهرباء للمستهلكين، إضافة إلى كل ذلك يجب البحث عن طرائق لتخزين هذه الطاقة؛ وذلك لأنَّ مصدر الرياح غير دائم ومتقطع.

فوائد طاقة الرياح:

تُستَخدم طاقة الرياح عند تحويلها إلى طاقة ميكانيكية؛ وذلك لتحريك الطواحين والتوربينات بغرض الاستفادة منها في عدة تطبيقات، وتوجد الكثير من الدول التي اهتمت بطاقة الرياح وأولها الولايات المتحدة الأمريكية.

سنذكر فيما يأتي أهم استخدامات طاقة الرياح:

1. توليد الطاقة الكهربائية:

إذ تُعَدُّ طاقة الرياح مصدراً من مصادر الطاقة البديلة التي لا تحتاج إلى وقود وهي تُعَدُّ أيضاً طاقة متجددة، ومن أجل توليد الكهرباء من طاقة الرياح نحتاج فقط إلى نظام مولِّد كهربائي يثبت على محور توربين الرياح، وإلى مدَّخرات لتخزين الطاقة الكهربائية المولَّدة وتقديمها بشدة وجهد كهربائي منتظم، وقد شاع استخدام طاقة الرياح لتوليد الكهرباء؛ إذ أُنشِئَت مزارع للرياح تضم مجموعات من التوربينات ذات أحجام كبيرة صُمِّمت بطريقة خاصة من أجل توليد الطاقة الكهربائية، وهذه المزارع يلزمها للعمل تصاميم وشروط خاصة كعدد وحجم التوربينات المُستخدمة، وأيضاً مساحة الأرض، وقوة الرياح في المنطقة التي تُنشأ هذه المزارع عليها، وسنتحدَّث لاحقاً بالتفصيل عن آلية عملها.

2. المساعدة على إبحار السفن:

إذ استخدمت بعض شركات النقل البحري حديثاً طاقة الرياح في مجال النقل عن طريق تثبيت طائرات ورقية كبيرة على سفن النقل وسفن الصيد أيضاً، وقد وفَّرت هذه الطريقة من استخدام الوقود بنسبة وصلت إلى 30% وقلَّلت من تلوث البيئة؛ إذ حدَّت من انبعاث الكربون الناتج عن احتراق الوقود.

3. في ممارسة النشاطات الرياضية:

إذ اعتمدت بعض النشاطات الرياضية على طاقة الرياح مثل الإبحار الأرضي، وهذا النشاط يشبه إلى حد ما الإبحار العادي لكن يُنفَّذ على الأرض بعد استخدام مركبة صغيرة عليها عجلات وشراع. ركوب الأمواج: إذ يركب الرياضي على لوح الأمواج ويمسك بشراع في أثناء ذلك ليُمكِّنه من الحركة والوصول إلى ارتفاعات عالية.

4. ضخ الماء:

تعتمد هذه الطريقة على طواحين الرياح لتوليد طاقة تُستَخدم لضخ المياه من الآبار من أجل عمليات ري المزروعات وتوصيل مياه الشرب وخصوصاً في المناطق النائية التي لا تصلها طرائق الضخ المعروفة والحديثة.

بناءً على ما سبق فإنَّ طاقة الرياح هي طريقة استثمار منتشرة جداً في العالم، وقد تشجَّعت الكثير من الدول إلى التوجُّه نحوها نظراً لمزاياها العديدة، وسنعدد فيما يأتي أكثر ما يميِّز طاقة الرياح عن غيرها:

  1. اقتصادية وذات تكاليف منخفضة لعدم اعتمادها على الوقود.
  2. استخدام وظائف جديدة في محطات توليد طاقة الرياح مثل عمليات الصيانة والتشغيل والتركيب.
  3. تُعَدُّ استثماراً ناجحاً لدعم اقتصاد الدول.
  4. تحافظ على البيئة وتحميها من التلوث؛ إذ لا ينتج عنها أيَّة انبعاثات كيماوية.
  5. تُنتَج محلياً من قِبَل أيَّة دولة وتُعَدُّ طاقة دائمة لا تنفد.
  6. تُعَدُّ طاقة دائمة؛ وذلك لأنَّها من أنواع الطاقة التي تنتج عن تسخين الشمس للغلاف الجوي في أثناء دوران الأرض.
إقرأ أيضاً: الطاقة المتجددة: أنواعها، وفوائدها، وسلبياتها

عيوب طاقة الرياح:

رغم الفوائد والمزايا الكثيرة التي تتمتع بها طاقة الرياح إلَّا أنَّه يوجد القليل من العيوب التي يجب التطرُّق إليها:

  1. قد تؤثِّر مولدات الرياح في الحياة البريَّة من خلال قتلها للطيور المهاجرة بسبب شفراتها؛ ولذلك يجب أن تكون مزارع الرياح في مواقع مناسبة للتقليل من هذا التأثير.
  2. التأثير في المنظر الجمالي للطبيعة فهي تشغل مساحات واسعة من الأراضي على خلاف محطات التوليد الأخرى.
  3. إعطاء الريف طابعاً صناعياً كونها تُبنى في المناطق الريفية.
  4. التلوُّث السمعي بسبب الضجيج الذي تصدره توربينات الرياح، والذي يسبب العديد من الأمراض مثل متلازمة توربين الرياح، ولتفادي هذا الخطر يجب وضع التوربينات على مسافة مناسبة وبعيدة عن مساكن البشر، مثلاً إذا بُنِيَت مزرعة رياح على بُعد 300 متراً عن منطقة سكنية، ستسبب ضجيجاً بدرجة 45 ديسيبل، أمَّا إذا بُنِيَت مزارع الرياح على بُعد 1.5 كيلو متر ووُضعت بشكل مناسب، فلن تكون التوربينات مسموعة وسيكون تأثيرها معدوماً.
  5. يمكن في بعض الأحيان أن تكون الطاقة الناتجة عنها غير كافية.
  6. تحتاج إلى إقامة خطوط مُخصصة لنقلِ هذه الطاقة في حال أردنا الاستفادة منها في المدن، فكما بات واضحاً تُبنى محطات هذه الطاقة في الريف وبعيداً عن المدن.
  7. تشغل مساحات كبيرة من الأراضي التي يمكن زراعتها أو الاستفادة منها وتحقيق أرباح أكثر وأفضل من بناء محطات فيها.

شاهد بالفديو: 9 طرق لتوفير فاتورة الكهرباء

آلية عمل طاقة الرياح:

تُستَخدَم عدَّة طرائق لتحويل طاقة الرياح إلى طاقة كهربائية، ومنها طواحين الرياح التقليدية التي تتكوَّن من شفرات معدنية أو أشرعة قماشية أو مراوح خشبية، ولكنَّ هذه الطواحين تُعَدُّ غير عمليَّة؛ وذلك لأنَّها غير قادرة على التقاط الرياح بكمية كافية لإنتاج الكهرباء.

أمَّا توربين الرياح، فيُعَدُّ الطريقة الأفضل فهو أكثر طولاً لالتقاط الرياح الأقوى الموجودة في غلاف الجو الأعلى، وتُجمَّع أعداد كبيرة من توربينات الرياح فيما يسمَّى مزارع الرياح، وتُستَخدَم هذه التوربينات لتوليد الكهرباء، وليس بالضرورة تجميع هذه التوربينات في مكان واحد؛ بل يمكن توزيعها على مساحات كبيرة واستغلال الأراضي الموجودة بين هذه التوربينات للزراعة.

كما يمكن إنشاء مزارع الرياح هذه في المسطحات المائية وتُسمى في هذه الحالة مزارع الرياح البحرية، وتُعَدُّ هذه المزارع أكفأ لأنَّ الرياح في البحار أكثر قوة وأكثر توتراً، وتبقى مشكلة التكاليف المالية المرتفعة لإنشائها وصيانتها هي العائق وراء الاعتماد الكبير عليها.

تُصمَّم التوربينات بنفس الشكل؛ فهي مؤلفة من محور أفقي دوَّار بثلاث شفرات ويكون موجهاً بعكس اتجاه الرياح، وتعلَّق على هيكل متحرك على قمة برج أنبوبي طويل، ويتم توليد الكهرباء باستخدام هذه التوربينات بشكل بسيط جداً؛ فكما ذكرنا يتألف التوربين من برج طويل قد يصل طوله إلى ما يعادل 21 طابقاً، وفي قمة البرج هيكل يصل شفرات المروحة بالبرج إضافة إلى وجود مقبض ومولد، وعندما تحرِّك الرياح الشفرات المروحية يتحرَّك المقبض الذي يتصل بالمولد، ومن هنا تُولَّد الكهرباء.

تختلف أحجام مزارع الرياح على حسب الحاجة إلى الطاقة الكهربائية؛ إذ تمتلك مزارع الرياح على المستوى الإقليمي حوالي 200 توربين، وتصل قدرة كل توربين إلى توليد ميجاواط من الكهرباء، وفي بعض الأحيان تتجاوز ذلك، أمَّا المزارع الأصغر، فتعتمد على عدد أقل من التوربينات، ويُولِّد كل توربين تقريباً 100 كيلو واط من الكهرباء للاستخدامات الأخف، كالطاقة المُستَخدمة في المنازل وفي مضخات المياه.

مواصفات مزارع الرياح:

لا يمكن اختيار الأرض بشكل عشوائي لتصبح مزرعة للرياح فتوجد العديد من المواصفات التي يجب أخذها في الحسبان ومنها:

  1. يجب أن تكون سرعة الرياح ما يقارب 5.5 متر/ ثانية، لضمان الحصول على الطاقة بشكل منتظم.
  2. يحب أن تكون الأرض خالية من الأشجار والأبنية حتى لا تعوق حركة الرياح، ويجب أن تكون الأرض مسطحة.
  3. المساحة مناسبة وكافية لوضع التوربينات.
  4. على المزارع أن تكون أعلى؛ وذلك لأنَّ الرياح تكون أقوى في أغلفة الجو الأعلى.
  5. أن تكون بعيدة عن المناطق السكنية.
إقرأ أيضاً: الطاقة البديلة... مستقبل واعد وفوائد عظيمة

في الختام:

إنَّ طاقة الرياح إحدى الطاقات النظيفة والرخيصة التي يمكن الاعتماد عليها لتوليد الكهرباء دون إحداث أي ضرر للبيئة، فضلاً عن كونها طاقة دائمة غير قابلة للنفاد؛ لذلك يجب أن تتوجَّه الدول بشكل جدي إلى الاعتماد على هذه الطاقة الموجودة لديهم، فهي كنز حقيقي لمن يُحسن استخدامها.

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة