شغف السّفر جوّاً بين الإجراءات وتحدّي الخوف
يلجأ الكثيرون إلى السّفر هرباً من روتين الحياة القاتل وتكرار تفاصيلها، حيث يَنشدون طاقةً وحيويةً فقدوها، أو حلماً طالَ التّخطيط له، أو انتماءً أضاعوه، أو عملاً يضمن لهم حياة سعيدة ومريحة، أو إرواءً لشغفِ الاكتشاف والانصهار بثقافاتٍ جديدة.
ويحتاج المُقبِل على السّفر لأول مرة إلى بوصلة طريق للتّعرف على الإجراءات الواجب اتباعها من وإلى المطار، وهذا ما سنتعرّف عليه من خلال هذا المقال.
الإجراءات الواجب اتّباعها في المطار:
1- مرحلة تسجيل الوصول:
يشعر الكثير من المسافرين لأول مرة بالقلق من الوصول دون الأوراق اللازمة للصعود على متن رحلتهم، وقد يؤدي ذلك إلى رحلة أولى عصبية إلى المطار، لذا يجب تذكّر أنّ المستند الأكثر أهمية هو جواز سفرك، فتأكّد من أنّه مُحدَّث ولديه ثلاثة أشهر على الأقل قبل انتهاء صلاحيته كلما سافرت دولياً، كما يجب أن تتأكّد من حجز السفر الخاص بك قبل أن تغادر.
تُصدِر معظم شركات الطيران تذاكر إلكترونية يمكن عرضها على جهازك اللوحي أو الهاتف الذكي، لذا إن قمت بالحجز عبر الإنترنت، وكنت تتوقّع وصول تذكرة ورقية إلى الموقع، فلا داعي للذعر، فعادةً ما يتم إصدار جميع المعلومات المطلوبة ليتم استعراضها أمام الموظفين في رسالة تأكيد الحجز الإلكترونية. وبمجرّد إظهار ذلك في مكتب تسجيل الوصول، سيُصدِر بطاقة صعود مادية لك.
إذاً لن تكفيكَ تذكرة الرحلة إن أردت السفر جواً، فأنتَ بحاجة إلى بطاقة صعود إلى الطائرة، والتي تُعطَى من خلال عملية تسجيل الدخول وتشمل أرقام المقاعد الخاصة بك وأوقات المغادرة والبوابات.
تنقسم عملية تسجيل الوصول إلى ثلاثة أجزاء:
- تسجيل الوصول الفعلي: يجب عليك تقديم تأكيد إلى شركة الطيران بأنّك تنوي ركوب الطائرة.
- تسليم أمتعتكَ إلى موظفي المناولة الأرضية، حيث سيتم وضع علامة على الأمتعة وإرسالها. وستراها مرة أخرى بعد الوصول إلى وجهتك.
- وأخيراً وليس آخراً، الحصول على بطاقة الصعود إلى الطائرة والاستعداد لفحص الأمان.
يخلط الكثير من المسافرين بين قواعد شركات الطيران حول تخصيص الأمتعة، ولكن أوّل ما يدور في ذهنك كمسافر مبتدئ هو الفرق بين حقائب المقصورة والأمتعة المُعلَّقة. فإذا كنت مسافراً لمسافات طويلة (تستغرق الرحلة ست ساعات أو أكثر)، فستحتاج إلى "تسجيل الوصول" مع أمتعتك المعلّقة، والتي ستبقى لدى مكتب تسجيل الوصول قبل صعودك، ليتم بعد ذلك إعادتها إليك في الجانب الآخر.
تسمح لكَ شركات الطيران في العديد من الرحلات الجويّة القصيرة بأخذ حقيبة كبيرة بما يكفي لأخذ معظم ما تحتاجه لقضاء عطلة نهاية أسبوع أو استراحة في المدينة. ممّا يتيح إليك الاحتفاظ بجميع ممتلكاتك طوال مدة الرحلة، ووصولاً أسرع إلى وجهتك. من المحتمل أيضاً أن يتم تحصيل رسوم إضافية مقابل تخزين الأمتعة في الانتظار، لذلك من الجيد السّفر بخفّة، وخاصة عند السفر مع شركات الطيران ذات الميزانية المحدودة.
جميع شركات الطيران لديها قيود على أحجام الحقائب التي يمكنك حملها على متن الطائرة، سواء بالنسبة للأمتعة أم حقائب المقصورة. لذا احرص على من مراجعة هذه التفاصيل مع شركة الطيران الخاصة بك، فلا توجد قاعدة عامة.
شاهد: 7 أشياء ممنوع اصطحابها في الطائرة
2- مرحلة التحقّق الأمني:
- قدِّم نفسك إلى المسؤولين عن التحقق الأمني، ليتم تفتيشكَ كإجراء روتيني، واحتفظ بهويّتك مع بطاقة الصعود إلى الطائرة طوال العملية.
- ضع أمتعتك المحمولة إلى جانب الأشياء المعدنية والعناصر الإلكترونية في الدرج المخصّص للفحص الإلكتروني.
- في حالة وجود وحدة معدنية في جسمك (للأغراض الطبيّة، على سبيل المثال: جهاز تنظيم ضربات القلب أو مفصل صناعي)، فأبقِ شهادة الطبيب في متناول اليد.
- انتقل إلى نهاية فحص الأمتعة، وطالِب بالممتلكات والمتاع خاصتك. وإذا كانت الرحلة داخلية، فتابع السّير في المحطة الجويّة. أمّا في حالة وجود رحلة دولية، فانتقل إلى ضابطة الهجرة والجمارك.
3- مرحلة الهجرة والجمارك عند المغادرة:
إذا كانَ حجزك على متن رحلة دولية، فقد تخضع إلى فحص الهجرة والجمارك في أثناء المغادرة والوصول.
- احمل معك بطاقة هويتك وجواز سفرك وتأشيرة الدخول ووثائق السفر الأخرى ذات الصلة عند تقدُّمك إلى الفحص. بالإضافة إلى تصريحك عن سبب رحلتك.
- تحقق من أنّك لا تحمل أشياء محظورة معك - مثل الحيوانات الأليفة الغريبة والمواد الغذائية والنباتية والعناصر التي يجب دفع رسوم الاستيراد والتصدير عنها كالكحول - وذلك من خلال التشاور مع موظفي شركة الطيران.
- يتم تنظيم مبلغ النقود المسموح لكَ حمله أثناء السفر في رحلات طيران محلية أو دولية بشكل صارم من قبل السلطة النقدية في البلاد، لذا من الحكمة التّحقق من هذا الحد وحمل الأموال وفقاً لذلك.
- تذكّر أنّه في بعض البلدان، قد يؤدي وجود مواد محظورة جمركية إلى الملاحقة القضائية. لذلك اقرأ الإرشادات ذات الصلة بدقة قبل الشروع في رحلتك.
4- الجلوس في صالة الانتظار:
لقد عبرت مراحل التفتيش الأمني، وأنت في منطقة آمنة (أخيراً!)، فماذا تفعل الآن؟
اذهب إلى المتاجر والمطاعم هناك، إذا كنت مهتمّاً، لكن ستكون أسعار السلع والخدمات أعلى بكثير من أسعارها في المتاجر والمطاعم القريبة من منزلك.
أما إذا كنتَ تريد الانتظار في مكانٍ مريحٍ، فتوجّه إلى صالة الانتظار للحصول على تسهيلات إضافية مثل المقاعد المريحة والطعام الجيد والإنترنت وما شابه ذلك، فإذا كان الأمر باستطاعتك، فيجب عليك التوجّه مباشرة إلى هناك بدلاً من الانتظار عند البوابة.
5- مرحلة المُغادرة:
يتم في هذه المرحلة التّحقق من بطاقة الصعود، ثم التّوجه إلى البوابة المخصّصة. حيث يُغلَق الصعود (من 10 إلى 20) دقيقة قبل المغادرة. ويتم استدعاء الرّكاب المتأخرين بالاسم - مرتين على الأقل - قبل انطلاق الرحلة.
الإجراءات الواجب اتّباعها في الطائرة:
1- مرحلة الإقلاع:
تُرحِّب المضيفة الجويّة بك وأنت تمشي على السجادة الحمراء باتجاه مقعدك. وتطلب منك القيام بالأمور التالية:
- وضع حقائبك في المقصورة العلويّة.
- إغلاق هاتفك المحمول.
- الاسترخاء في مقعدك والاستماع إلى تعليمات السلامة التي يُمليها موظفو الرّحلة.
- ربط حزام الأمان.
ليبدأ العد التنازلي بعدئذٍ، ويدور المحرك هادراً، وتستجمع الطائرة سرعتها تدريجيّاً. وبينما تنظر من النّافذة يُصبح المدرج ضبابيّاً، فلقد وصلت الطائرة الآن إلى سرعة تمكّنها من الإقلاع.
يُمكنك الآن الانخراط في وسائل الراحة المُقدّمة على متن الطائرة للترفيه والاسترخاء والتّمتع بالمناظر في الأسفل.
عادة ما يتم تقديم وجبة واحدة أو أكثر على متن الطائرة، وذلك بناءً على شركة الطيران ومدة الرحلة، وتُقدَّم كذلك المشروبات والوجبات الخفيفة. وستعرف ما إذا كانت المرطبات مشمولة، حيث سيتم سؤالك عن متطلباتك الغذائية عند حجز الرحلة. وفي حال لم يتم ذلك، فسيتم تقديم الطعام والشراب عادةً؛ ولكن يتعيّن عليك دفع تكلفة إضافية.
إذا كنت تسافر بميزانية محدودة، فلا تقلق إذا اقتصر التّرفيه على شاشة تلفزيون واحدة صغيرة، ولهذا السبب فإنّنا نوصيك بإحضار مُشغّل موسيقى وبعض الكتب وأي شيء آخر مسموح به على متن الطائرة،؛ وذلك لتتمكّن من تمضية الوقت بسعادة.
2- مرحلة الهبوط:
يُعد الهبوط الجزء الثاني الأكثر إثارة - بعد الإقلاع - من السفر الجوي، لكن استعد لتشعر بارتطام طفيف أثناء هبوط الطائرة على المدرج. واسمح بعدها لموظفي الرحلة بإرشادك نحو المخرج.
الإجراءات بعد الوصول:
مرحلة الهجرة والجمارك عند الوصول:
قبل أن تغادر المطار، يجب أن تواجه الهجرة والجمارك لمرة أخيرة. وعلى الرغم من أنّ لكل دولة إجراءات الهجرة والجمارك الخاصة بها، يمكنك عموماً توقُّع ما يلي:
- سيكون لمنطقة الهجرة خطوط مختلفة لمواطني الدولة المضيفة ومسافري البلدان الأخرى، لذا عليك الانتباه والوقوف في المسرب الصحيح لتجنّب أي اختلاطات من شأنها أن تُضيّع وقتك ووقت مسؤولي الهجرة.
- تجنّب استخدام أي إلكترونيات مثل الهواتف المحمولة أو الكاميرات في منطقة الهجرة؛ فقد تصادرهم السلطات هناك.
- سيتم مراجعة مستنداتك - مثل جواز سفرك وتأشيرة الدخول وما إلى ذلك - من قبل المسؤولين، فاجعلها في حقيبة يدك لإنهاء العملية بسرعة.
- سيتم طرح أسئلة بخصوص طبيعة زيارتك، فأجب عنها بهدوء وصدق.
ضع النقاط أعلاه في الاعتبار لكي تُسهّل عليك سفرك هذا.
سيتم بعد ذلك نقلك إلى الجمارك، فمن واجبهم السيطرة على تدفق البضائع من الخارج ومنع دخول المواد المحظورة إلى بلدهم، عادةً ما يتم تقديم نموذج البيان الجمركي لك على متن الطائرة عادةً، والذي يتضمن قائمة من المواد المحظورة. ففي حال كان لديك أيّاً منها، يجب الإفصاح عنها بصدق في النموذج، وإلّا سيُفرض عليك عقوبة صارمة. مع العلم أنَّ بعض المواد المحظورة من قبل الجمارك في معظم البلدان هي التربة والأغذية العضوية والمخلّلات والفواكه وما إلى ذلك، وهذا لمنع نقل الكائنات الحية الدقيقة الأجنبية إلى بلدهم.
الذّروة:
الآن بعد أن تحدّيت كل شيء، من الانطلاق إلى الطيران للمرة الأولى في الطائرة، ماذا تنتظر! احصل على أمتعتك من حامل الأمتعة واستكمل إجراءات السفر إذا كنت في رحلة دولية، وتوجّه نحو المخرج. إجازة سعيدة!
تحدّ مخاوفك:
إذا كانت قلة خبرتك في الطيران ناتجة عن خوف خطير منه، فستكون على دراية بالطرق المختلفة للتغلّب على قلقك لمساعدتك على أن تصبح مُغامِر واثق. في الحقيقة، لا يوجد مقاس واحد يُناسب جميع المقاربات، لكن أحد العناصر الشائعة في معظم الحالات هي رهاب الطيران والخوف من المجهول، وهذا هو السّبب في أنّ دورات الطيران لديها معدلات نجاح عالية في اجتذاب المتقدمين إليها.
فمن خلال الخضوع إلى إحدى هذه الدورات التي تديرها شركات الطيران مثل الخطوط الجوية البريطانية وفيرجن، ستكون على دراية بالسّفر، وستحصل أيضاً على دليل شامل لكل حركة وكلمة من المصطلحات التي قد تُصادفها أثناء الطيران، مما يساعد على إزالة عنصر المجهول، وبالتالي تكون قد وضعتَ نفسك على الطريق الصحيح للوصول إلى جميع الأماكن التي كنت تحلم بها دائماً.
شاهد: كيف تختار المقعد الأنسب للجلوس في الطائرة
الخلاصة:
يبقى السّفر شغف الكثيرين، وتجربة الطيران مقصد الجميع، ويختبئ بينهما الخوف، جاعلاً من فكرة السّفر " الحلو المرُّ"، فبمقدار ما نشحذ أنفسنا بالحيوية والطّاقة والاندفاع وحب التّجديد؛ سترجح كفّة الحلاوة مُحوّلةً السّفر إلى قمّة الحريّة والانطلاق.