سنن عيد الأضحى وشروط ذبح الأُضحيّة
ماهي إلّا أيّام قليلة ويأتي عيد الأضحى، هذا العيد المبارك الذي ينتظرهُ كل مسلم في العالم ليحتفل بأيامه المباركة، ويُمارس طقوسهِ الدينيّة وغيرها من الطقوس الخاصة التي تتشابه في أغلب البلاد المسلمة وتختلف في أمور بسيطة، فيما يلي سنُسلط الضوء على خصائص عيد الأضحى، وشروط ذبح الأضحيّة التي على المسلم أن يلتزم بها.
أولًا: نبذة عن عيد الاضحى
عيد الأضحى هو أحد العيدين عند المسلمين (والعيد الآخر هو عيد الفطر)، ويأتي يوم 10 من ذي الحجة بعد انتهاء وقفة يوم عرفة، الموقف الذي يقف فيه الحجاج المسلمون لتأدية أهم مناسك الحج، وينتهي في 13 من ذي الحجة. ويُعدّ هذا العيد أيضًا ذكرى لقصة إبراهيم عليه السلام عندما رأى رؤية أمرهُ فيها الله بالتضحية بإبنه إسماعيل، ومدة عيد الأضحى الشرعيّة أربعة أيّام.
ولعيد الأضحى أسماء مختلفة، مثل يوم النحر، والعيد الكبير، وعيد الحجاج، وغيرها من الأسماء، وتتّسم أيام العيد بالصلوات وذكر الله والفرح والعطاء والعطف على الفقراء والمُحتاجين. كما وتمتاز المدن والقرى الإسلامية بجمالٍ خاص خلال أيّام العيد، ويرتدي الأطفال أثوابًا جديدة تملئ قلبهم بالفرح والسرور.
يُسمى هذا العيد بالعيد الكبير في كل من فلسطين، الأردن، لبنان، مصر، المغرب، تونس، العراق، ليبيا، الجزائر، السودان، وسوريا، ويُسمى بعيد الحجاج في البحرين، وعيد القربان في إيران، وعيد قربان بيرمو في تركيا.
وتبدأ احتفالات عيد الأضحى عادةً بأداء صلاة العيد فجر اليوم الأول من العيد، وتصلى الصلاة في مصلى خارج المساجد، أو داخل المساجد، وبعد الإنتهاء من الصلاة ينتشر المسلمون ليقوموا بذبح الأضحيّة تطبيقًا للآية القرآنية التي قال فيها تعالى: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ).
ثانيًا: التكبير في عيد الأضحى
إنّ التكبير في عيد الأضحى هو من السنن المؤكدة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك لقولهِ تعالى في آياتهِ الكريمة: (ولتكملوا العدّة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون).
والتكبير في عيد الأضحى يكون إمّا مطلقًا أو مقيدًا، والمقيّد يكون في أدبار الصلوات، من صلاة الصبح في يوم عرفة إلى عصر آخر أيّام التشريق، أمّا المطلق فيكون في جميع الأوقات، ولا يخص مكان، فيُمكن أن يكون التكبير في السوق، أو في الطريق، أو أي مكان آخر، ويكون زمنهُ من أوّل هلال ذي الحجة، حتّى آخر أيّام التشريق، وهذا ما جاء في آية الكريمة: (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيّام معلومات).
وصيغة التكبير الخاصة بعيد الأضحى هي: (الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر. ولله الحمد).
وهناك صيغة تكبير أخرى وهي: (الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلٌم تسليماً كثيرا).
ثالثًا: سنن ومظاهر عيد الأضحى المبارك
1- التكبير:
وهو التكبير الذي تحدثنا عنه سابقاً والذي يُعتبر من سنن ومظاهر عيد الأضحى الأساسيّة، ويبدأ من فجر يوم عرفة إلى آخر يوم من أيّام التشريق، ويُشرع أن يرفع الرجال أصواتهم في التكبير تعظيمًا لهذا اليوم.
2- ذبح الأضحية:
يُشرّع ذبح الأضحية في يوم النحر، ويستمر لنهاية أيّام التشريق الأربعة، ويكون الذبج بعد صلاة العيد، ومن يقوم بالذبح قبل أن يُصلي صلاة العيد، وجب عليهِ إعادة الذبح، وهذا ما ورد في حديث شريف لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قال فيهِ: (من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح)
3- التطيّب والإغتسال:
يجب على الرجل أن يغتسل ويتطيب بأجمل العطور، وأن يرتدي الملابس الجديدة ولكن دون إسراف أو تبذير، أمّا المرأة فعليها أن ترتدي الملابس الجديدة المحتشمة بعيدًا عن التبرّج.
4- الأكل من الأضحيّة:
وهي من السنن المُحببة في عيد الأضحى المبارك، حيثُ يُقال بأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمتنع عن تناول الطعام حتّى يرجع من صلاة العيد ليأكل من أضحيتهِ.
5- أداء صلاة العيد:
وهي من السنن المؤكدة في عيد الأضحى، حيثُ يُصلي المسلم ركعتي صلاة العيد، ويُكبّر المصلون في الركعة الأولى سبع تكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وفي الركعة الثانيّة يُكبر خمس تكبيرات غير تكبيرة القيام، ويمكن للمصلي أن يُصلي بشكل جماعة أو فردي، ومن السنة أن يقرأ فيها الإمام بعد الفاتحة سورة ق وسورة القمر.
6- التهنئة بالعيد وصلة الرحم:
وتكون التهنئة من خلال المصافحة والتقبيل، حيثُ يُسلّم المصلون على بعضهم البعض، ومن السنة أن يقول المسلم لأخية المسلم (تقبل الله طاعتنا وطاعتكم)، بالإضافة لصلة الرحم وزيارة الأقارب، وتقديم العيديّة للصغار والكبار والأخوات.
7- مخالفة الطريق:
وهو أن يخرج المسلم من صلاة العيد من طريق، ويرجع من طريق أخر، وهذا ما ورد في حديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق.
8- الذهاب إلى الصلاة ماشيًا:
من سنن عيد الأضحى أن يذهب المسلم إلى المصلى ماشيًا غير راكب، وإذا كان راكبًا لا حرج عليهِ أيضًا، إذا أنّ الرسول الكريم كان يذهب إلى صلاة العيد ماشيًا ويرجع ماشيًا.
رابعًا: أخطاء يجب على المسلم أن يتجنّبها خلال عيد الأضحى
- التكبير الجماعي بصوت واحد، والترديد خلف شخص يقول التكبير.
- اللهو أيام العيد بالمحرمات، كسماع الأغاني، مشاهدة الأفلام المبتذلة، وشرب المنكرات.
- أخذ شيئ من الشعر أوتقليم الأظافر قبل أن يُضحي من أراد التضحيّة، وهذا ما نهى عنهُ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
- الإسراف والتبذير في الأموال والطعام.
خامسًا: طقوس وعادات عيد الأضحى في بعض دول العالم
عيد الأضحى في مصر:
هناك العديد من الطقوس التي لا يزال الشعب المصري يُمارسها إلى يومنا هذا خلال أيّام عيد الأضحى، حيثُ تبدأ الإحتفالات بالعيد من يوم الوقفة، حيثُ تقوم ربات المنزل بتحضير المأكولات الخاصة بالعيد، بالإضافة لتجهيز الملابس الجديدة للأسرة والأطفال.
بالإضافة لاستقبال العيد بالتكبيرات والتهليلات التي تساعد على نشر السعادة والمحبة في نفوس الجميع، ليشهدوا نحر الأضاحي وتوزيعها على الفقراء والأصدقاء والجيران، وفي العادة فإنّ المصريين يعتمدون على طهي طعام معين في أول أيام العيد وبشكلٍ خاص طبق الفتة.
وبالنسبة لإجازة العيد فإنّ الشعب المصري يقضيها في زيارة أفراد العائلة والأصدقاء وزيارة الأماكن السياحيّة، بالإضافة لزيارة قبور الأحبة.
عيد الأضحى في فلسطين:
أمّا الشعب الفلسطيني فإنهُ يحتفلُ بطريقةٍ خاصة في عيد الأضحى، حيثُ تعد الحلوى من قبل النساء في البيوت الفلسطينيّة، وبالتحديد حلوى المعمول بالتمر والجوز والفستق، وتوزع هذهِ الحلوى على الفقراء والضيوف، كما ويُقبل الفلسطينيون على زيارة قبول الشهداء وقراءة الفاتحة لهم في أول أيام العيد.
عيد الأضحى في الجزائر:
يحتفلُ الشعب الجزائري بعيد الأضحى بطريقةٍ مختلفة، وذلك عن طريق إقامة رياضة المصارعة التي يتم التنظيم لها قبل أيّام من عيد الأضحى في حي صالونبييه في العاصمة الجزائريّة، وهذهِ المصارعة تقوم بين الأكباش، وتعتبر هذهِ العادة من العادات القديمة في البلد الواقع في شمال أفريقيا، وتُمارس خلال أيّام العيد في مختلف المدن الجزائريّة الأخرى.
عيد الأضحى في اليمن:
في اليمن يتم التحضير لاستقبال العيد قبل أسابيع من موعدهِ، حيثُ تُرمم البيوت والمنازل وتُجدد، ويقوم الشعب اليمني بشراء الحلويات والمكسرات التي تقدم للضيوف، بالإضافة إلى أنّ الشعب اليمني يحرص على ممارسة رياضة الصيد خلال أيّام العيد، التي تعتبر من أكثر الرياضات شعبيّةً في هذا البلد.
عيد الأضحى في باكستان:
في باكستان يحتفل الشعب هناك بعيد الأضحى عن طريق تزيين الأضحيّة قبل العيد بحوالي الشهر تقريبًا، ويصومون في الأيّام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة، وحتى يوم العيد، ومن أهم الأكلات التي يتناولها الشعب الباكستاني في عيد الأضحى هو لحم النحر، ولا يتناولون الحلوى على الأطلاق في العيد.
عيد الأضحى في الإمارات:
في قرى الإمارات تتميّز احتفالات وطقوس عيد الأضحى بالكثير من الأشياء الرائعة، حيثُ تقوم السيدات بترتيب المنزل وتنظيفه، وبوضع الحناء على أيدي البنات والنساء، كما ويتم تجهيز الملابس الجديدة للأطفال، بالإضافة لإعداد الحلويات الخاصة بالعيد كالبلاليط واللقيمات، كما ويتم وضع الفاكهة في المجالس الخاصة باستقبال الضيوف، ووضع التمر والقهوة والشاي.
وتقام صلاة العيد في قرى الإمارات في الأماكن المفتوحة، وبعدها تقام الرقصات الشعبيّة الخاصة بالبلد، ويتم زيارة الأقارب والأصدقاء.
أما مدينة دبي فتزخر بالأنشطة المميزة والأجواء الإستثنائيّة في هذا العيد المبارك، وتتنوع هذهِ الأنشطة بالألعاب الترفيهيّة، والألعاب الناريّة، وعروض ليزر بالإضافة للفعاليات العربيّة التراثيّة.
سادسًا: ماهي شروط ذبح الأضحيّة؟
تعريف الأضحيّة:
الأضحيّة هي إحدى شعائر الإسلام، التي يتقرّب بها المسلمون إلى الله بتقديم ذبح من الأنعام وذلك من أول أيام عيد الأضحى حتى آخر أيام التشريق، وهي من الشعائر المشروعة والمجمع عليها، وهي سنة مؤكدة لدى جميع مذاهب أهل السنة والجماعة الفقهيه الشافعية والحنابلة والمالكية ما عدا الحنفية فهم يرون بأنها واجبة.
ومن الأحاديث التي دلت على مشروعية الأضحية حديث أنس بن مالك قال: (ضحى النبي صلى الله عليه وسلّم بكبشين أملحين ذبحهما بيده وسمى وكبر، وضع رجله على صفاحهما)
أصل الأضحيّة:
حسب المنظور الإسلامي ورد في القرآن الكريم أصل الأضحية وهي أنّ إبراهيم رأى في منامه رؤيا بأنه يذبح ابنه إسماعيل فاستشاره ووافق إسماعيل لأن رؤيا الأنبياء حسب المنظور الإسلامي حق ويجب تطبيقها، ونودي إبراهيم من الله (أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا) واُستبدل الذبح بكبش وصفه العلماء المسلمون بأنه (كبش أبيض، أعين، أقرن، رآه مربوطًا بسمرة في ثبير) وهذا ماجاء في الآية الكريمة:
(فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ).
شروط واجب توفرها في ذابح الأضحيّة:
- أن يكون ذابح الأضحيّة ذو عقل، فلا تصح الأضحيّة من المجنون والصغير، وتجوز الأضحيّة من المرأة والرجل.
- يجب أن يكون ذابح الأضحيّة من أهل الكتاب أو مسلمًا.
- أن تكون نيته ذبح الأضحية لكونها أضحية لا شيء آخر.
- أن تكون نية الذابح أنّ هذه الأضحية لله تعالى وحدة لا لغيره.
- يجب أن يسمّي الذابح اسم الله عند ذبح الأضحية، ولا يحلّ أن يذكر اسم نبي أو ملائكة.
- أن يذبح المذكي أضحيته بسكين حادة تقتل على الفور لكي لا تتعذب الذبيحة.
- أن يجعل المذكي دم الذبيحة يسيل على الأرض.
- يجب أن يكون ذابح الأضحية مأذونًا له شرعًا في ذبح الأضحية.
شروط واجب توافرها في الأضحيّة:
- أن تكون الأضحية من الأنعام وهي البقر، والماعز، والضأن، والإبل، فلا تجوز الأضحية بالأسماك أو الطيور وغيرها.
- أن تكون الأضحية بالغة للسن المقدر شرعًا.
- أن تكون الأضحية خالية من العيوب وهذه العيوب أولها هو العور البين أي ابيضاض العين أو انخفاسها.
المصادر: