سر العمل بشكل أفضل: أن تنظّم طاقتك، لا أن تنظّم وقتك

يُعَدّ عدد ساعات اليوم ثابتاً، لكنَّ مقدار الطاقة المتاحة لنا ونوعيَّتها ليسا كذلك، وحتَّى تقدِّم دائماً أداءً رائعاً، يجب عليك أن تنظِّم طاقتك، لا أن تنظِّم وقتك. إذا كنت معتاداً على تنظيم وقتك من خلال وضع قوائم مهام مثلاً، وترتيب المهام حسب أولويتها، وتخصيص وقتٍ محددٍ لكلِّ مهمَّة؛ فأنت تعرف كم من السهل أن يتشتَّت انتباهك خلال يوم العمل العادي، إذ بإمكان رسالةٍ إلكترونيةٍ واحدةٍ أن تخطف اهتمامك، أو أن تجبرك على إعادة ترتيب أولوياتك ترتيباً مختلفاً تماماً.



من خلال تنظيم طاقاتك تستطيع تقديم أفضل أداءٍ في أيِّ نشاطٍ تؤديه، سواءً كان محادثةً تُجريها، أم أفكاراً إبداعيةً تساهم في طرحها خلال اجتماعٍ ما، أم تركيز الاهتمام بشكلٍ كاملٍ على مهمَّةٍ بالغة الأهمية. عن طريق تنظيم طاقاتك، تستطيع إحراز نتائج أفضل بكثيرٍ من المكاسب التي قد تحقِّقها بشكلٍ تدريجي عن طريق استعمال تقنيات تنظيم الوقت.

لكن كيف تستطيع تنظيم طاقاتك؟ ابدأ بهذه النصائح الخمس:

1- حدد السباق الذي يجب عليك خوضه:

حينما تسعى إلى تقديم أداءٍ قويٍّ في مشروعٍ هامٍّ وطويلٍ، ستسمع الناس يقولون غالباً: "إنَّه سباق ماراثون، وليس سباق عَدْو"، بمعنى آخر: يجب عليك أن تسير في إنجاز المشروع بوتيرةٍ أبطأ، كيلا تُصاب بالإرهاق في أثناء الرحلة الطويلة التي تنتظرك. لكن حينما يتعلَّق الأمر بالمواظبة على تقديم أداءٍ قوي، قد لا يكون تشبيه المشروع بالماراثون الخيار المثالي. ربَّما يكون من الأفضل -إذا أردت المواظبة على تقديم أداءٍ جيدٍ خلال المشروع- أن تتعامل مع الأمر كما لو كان ماراثوناً وسباقَ عَدْوٍ في الوقت نفسه، حتَّى لو كان ذلك سيثير الخوف لدى بعض الناس.

فلنفترض -على سبيل المثال- أنَّ مديراً يقود فريقاً، وأنَّهم يحاولون معاً تحصيل عقدٍ بقيمة عدة ملايينٍ من الدولارات، وأنَّ المدير قد أدرك أنَّ تركيز الاهتمام بشكلٍ مستمرٍ على الهدف النهائي الذي يحمل بين طيَّاته قَدْراً كبيراً من المخاطرة كان يدمِّر ثقة الفريق، وبعد استمرار محاولاتهم شهراً بدأت علامات الإرهاق تظهر فعلاً عليهم.

من أجل إعادة شحن الفريق بالطاقة، حدَّد المدير ثلاثة أهدافٍ صغيرة:

  • تحليل أداء المنافسين.
  • التفاوض مع المورِّدين.
  • كتابة عرض.

من خلال هذه الخطة استطاع الفريق أن "يَعْدُو" وينجز سلسلةً من الأهداف ليعبُر خط النهاية ويكسب العقد.

قد يُمِدُّك اتِّباع نهج "العَدْو" عند التعامل مع المهام والمشاريع بمزيدٍ من الطاقة فعلاً، فاستثمر حالات الإحباط التي تتعرَّض إليها لاستعادة الطاقة والدخول في المنافسة من جديد، وقسِّم المشاريع التي تُوكَل إليك إلى أجزاءٍ صغيرة؛ لأنَّ ذلك يساعدك في الوصول إلى الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه.

شاهد بالفيديو: كيف تكتب خطة عمل فعالة لشركتك؟

2- كن سبباً في مَدِّ الآخرين بالطاقة:

وُجِد في أحد الأبحاث أنَّ الأشخاص الذين يُمِدُّون الآخرين بالطاقة يقدِّمون أداءً جيداً، لكن وفقاً لُمعِدِّي هذه الدراسة: لا تعني قدرة الشخص على مَد الآخرين بالطاقة أن يمارس أنشطةً لها علاقةٌ بالتسلية، ولا أن يكون صاحب كاريزما، ولا أن يكون إنساناً جدِّيَّاً؛ بل أن يُسخِّر قدراته كاملةً لصالح عملية التواصل.

يؤدي القادة الحقيقيون هذا الدور بكلِّ سهولة؛ لأنَّ ما يُمدّهم فعلاً بالطاقة هو مساعدة الأشخاص المحيطين بهم في شقّ طرقهم على الصعيد المهني. تذكَّر أكثر المرات التي كنت فيها قادراً على الإنصات والحضور حضوراً ذهنيَّاً بشكلٍ كاملٍ ومَدّ الآخرين بالطاقة، ومارس كلِّ يومٍ مزيداً من عمليات التواصل هذه وسترى أنَّ أداءك ازداد تحسُّناً أيضاً.

3- حدد الأشياء التي تستنزف قِواك، والأشياء التي تحافظ عليها:

أكثر ما يستنزف الطاقة لدى بعض القادة أن يأتي إليهم الموظفون ويعرضوا عليهم المشاكل دون أن يقترحوا حلولاً لها، بينما قد تستنزف أمورٌ أخرى الطاقة لدى البعض الآخر منهم. يعلم القادة تحديداً الأشياء التي تستنزف طاقاتهم، ويتَّبعون خطواتٍ لتجنُّب الحوارات، والمهمَّات، والمناسبات التي تتضمَّن تلك الأشياء، ويمارسون عوضاً عن ذلك أنشطةً تُعزِّز طاقاتهم خلال اليوم وتُمِدُّهم بالقوة.

قد يجد بعض الناس أنَّ تخصيص وقتٍ لحضور المناسبات العائلية الثمينة يحافظ على طاقاتهم في أعلى مستوياتها، وقد يجد بعضٌ آخر منهم أنَّ أموراً أخرى تحافظ على طاقاتهم؛ لذلك من الهامِّ أن تُفسِح لنفسك المجال للتعامل مع حياتك بأفضل طريقةٍ تناسبك.

إقرأ أيضاً: كيف تستنزف الفوضى تفكيرك وكيف يمكنك التخلّص منها؟

4- تصرَّف مثلما يتصرَّف أصحاب الأداء المميز:

ما الشيء المشترك الذي يقوم به كلٌّ من: الموسيقيين، والممثلين، ولاعبي الشطرنج، والرياضيين المميزين؟ إنَّه الأوقات التي يقضونها في التدريب، وفقاً لفريقٍ من الباحثين. وجد الفريق أنَّ هؤلاء وصلوا إلى أقصى درجات الإنتاجية من خلال تركيز الاهتمام على العمل الذي يؤدونه مدة 90 دقيقةً كاملة، يليها بعض الوقت الذي يخصصونه لأخذ قسطٍ من الراحة.

يمكِنك اتِّباع الأسلوب نفسه خلال العمل الذي تؤديه كلَّ يوم، فلتحقيق أقصى استفادةٍ من الوقت الذي تقضيه في ممارسة العمل، قسِّم عملك إلى فتراتٍ زمنيةٍ تمتدُّ كلٌّ منها لـ 90 دقيقة، وبعد انتهاء كلِّ فترةٍ مارس نشاطاً يعيد إليك الحيوية مثل: التنزُّه سيراً على الأقدام، أو تبادل الحديث مع صديقٍ لك في العمل.

يحتاج الشخص خلال اليوم إلى استراحاتٍ على المستويَين البدني والذهني، قد تكون هذه الاستراحات على شكل نزهةٍ حول مبنى الشركة، أو جلسةٍ لاحتساء القهوة. يساعد قضاء عدة استراحاتٍ قصيرةٍ في الحصول على مزيدٍ من الطاقة، والتحلِّي بمزيدٍ من الإنتاجية.

إقرأ أيضاً: 7 أسباب لعدم إهمال استراحة الغداء في العمل

5- لا تحاول تقمُّص شخصية غيرك:

تُعَدُّ محاولة تقمُّص شخصيةٍ غير شخصيتك مهمةً شاقَّةً تستنزف طاقاتك، في المقابل قد يبدو تصرُّف الشخص على طبيعته في أثناء العمل خياراً مخيفاً ومرهقاً أيضاً، لكنَّه يمنحك في الحقيقة إحساساً كبيراً بالراحة. حينما تتوقَّف عن قمع نقاط قوَّتك وتبدأ باستثمارها، ستُطلق العنان لطاقاتك عوضاً عن كبتها، وستُحِسُّ براحةٍ أكبر، وستقدِّم أداءً أفضل.

حينما تكون قائداً ابذل كلَّ ما بوسعك للتصرُّف على طبيعتك، والتعامل بشكلٍ صريحٍ مع الآخرين، والتحلِّي بالتواضع؛ حتَّى يتمكَّن الناس من التصرُّف على طبيعتهم حينما يكونون قربك، وحتَّى تصلوا جميعاً إلى أعلى مستويات الطاقة. تعرَّف إلى الموظفين الذين يعملون معك، واكتشف أهمَّ الأمور بالنسبة إليهم على الصعيد الشخصي.

باختصار: تنظيم الطاقات يعني أن تتحلَّى بالمصداقية في عملك، وأن تشجع الآخرين على القيام بالأمر نفسه. استكشف نقاط قوتك الشخصية واستثمرها، وأفسح المجال أمام أعضاء الفريق لاستثمار نقاط قوتهم، وبذلك سيتمكَّن جميع أعضاء الفريق من تقديم أفضل أداءٍ لديهم.

 

المصدر




مقالات مرتبطة