زيادة معدل النجاح باستخدام نظرية السكك الكمومية

إنَّ احتمالية النجاح تقيس فرصة حدوث النتيجة التي ترغب في تحقيقها، أو يمكن القول بشكل أدق: إنَّها تقيس فرصة أن تعيش واقعاً تحدث فيه هذه النتيجة؛ فعلى سبيل المثال إذا راهنت على الطُرة ورميت عملة معدنية مرة واحدة، فإنَّ احتمال نجاحك يبلغ 50%؛ أي إنَّ فرصتك لتعيش الواقع الذي تريده هي 50%.



لكنَّ الأمر ليس بهذه البساطة، فما هو احتمال أن تحصل على الطرة 4 مرات على التوالي عندما ترمي 4 عملات؟ قد تُجري حساباتك سريعاً وتُجيب بأنَّ الاحتمال هو 6%، ولكنَّك مخطِئ؛ وذلك لأنَّه وفقاً لنظريات الفيزياء الحديثة، فإنَّ كل الأحداث المحتمل حدوثها تحدث في وقت واحد بشكل متزامن، ولكنَّك تعيش حدثاً واحداً منهم فقط.

لذلك؛ لا تقيس احتمالات النجاح احتمال تحقُّق الحدث المرغوب فيه؛ وإنَّما احتمال أن تعيش الواقع الذي تريده، نظراً لأنَّ جميع الأحداث الممكنة تحدث في آنٍ واحد، ويوجد فارق هام بين الاثنين، وسيساعدك فهم هذا الاختلاف على زيادة احتمالات نجاحك الحقيقية؛ لذا يُقدِّم هذا المقال نظرةً عن نظرية السكك الكمومية (Quantum Rails Theory) للنجاح، ومن ذلك نصائح عن كيفية زيادة احتمالية ومعدل النجاح.

نظرية السكك الكمومية: إعادة التفكير في الاحتمالية والنجاح

تزعم نظريات الفيزياء الكمومية الحديثة وجود كون كمومي، ينشطر فيه حدث ذو احتمالات متعددة إلى أكثر من واقع، وكل واحد منها بديل للآخر؛ ويعني ذلك أنَّه عندما تعيش حدثاً ما، فهذا لا يرجع إلى احتمالية حدوثه على الإطلاق؛ بل يرجع إلى احتمالية وجودك في الواقع الذي يتحقق ضمنه هذا الحدث.

يجب أن يُغيِّر ذلك تماماً الطريقة التي تفكر بها في احتمالية النجاح؛ على سبيل المثال، عندما ترمي عملة معدنية وتأمل الحصول على الطرة، فليست لديك فرصة 50% لأن تكون سعيداً؛ بل فرصة 50% لأن ينتهي بك الأمر في واقع واحد من أصل اثنين، وهذا الواقع يجعلك سعيداً، وبصرف النظر عن الواقع الذي تعيشه، توجد نسخة أخرى منك تعيش الواقع المخالف بالضبط.

الصدمة الحقيقية هي أنَّكما شخصان متطابقان تماماً في المشاعر والرغبات، وكلاكما ترميان العملة وتأملان في الحصول على الطرة، فإذا حصلت أنت عليها وقفزت فرحاً، فإنَّ نظيرك في الواقع البديل سيشعر بالحزن لأنَّه حصل على النقش، وعلى العكس من ذلك، لو حزنت لحصولك على النقش، سيكون هو سعيداً لحصوله على الطرة.

لذلك، وفقاً لنظرية السكك الكمومية، لا يجب عليك أن تحاول زيادة احتمال وقوع حدث ما؛ بل يجب أن تحاول زيادة احتمالية وجودك في الواقع الصحيح، ولن تستفيد أبداً إذا حاولت جعل حدث ما يتحقق دائماً في واقع واحد؛ لذا عليك أن تحاول المرور عبر فروع شجرة الاحتمالات وصولاً إلى الواقع الصحيح.

عندما ترمي عملة وتراهن على الطرة، فليست لديك فرصة 50% للفوز؛ بل فرصة تبلغ 50% للمرور على السكة الصحيحة أو الفرع الصحيح من شجرة الاحتمالات وصولاً إلى الواقع الذي تريده؛ وذلك لأنَّ كل الأحداث المُحتملة تحدث طوال الوقت في الكون الكمومي، ولكنَّك تعيش واحداً فقط من هذه الأحداث؛ لذلك عندما ترمي عملة معدنية، فإنَّك تختلق واقعين كلاهما حقيقي وموجود، وستكون سعيداً في أحدهما، وحزيناً في الآخر.

لكن ماذا يحدث عندما تختبر أكثر من احتمالين؟ على سبيل المثال، ما هو احتمال حصولك على الطرة مرتين على التوالي من رمي عملتين معدنيتين ثم من رمي عملة معدنية واحدة مرتين؟ إنَّك عندها تختلق أربعة عوالم متوازية ومختلفة بدلاً من اثنين، وعليك أن تتعلم كيف تزيد عدد السكك التي تنتهي بك في الواقع الذي تريده؛ وهذا هو محور نظرية السكك الكمومية.

شاهد بالفيديو: 7 قواعد ذهبية تمهد طريق النجاح

ما هو مدى صحة النظرية؟

إن كنتَ تواجه صعوبة في تصديق هذه النظرية، فيمكنك الحصول على مزيد من المعلومات من خلال قراءة كتاب "كوننا الرياضي" (Our Mathematical Universe) لكاتِبه "ماكس تيغمارك" (Max Tegmark)، ويوافق نصف المجتمع العلمي على الأقل حالياً على وجود عوالم بديلة، والإيمان بذلك أصبح حتمياً إلى حدٍّ ما؛ فإذا ما كنت تُصدق بعض النظريات الكمومية كالنسبية العامة وفيزياء الكم، فعليك التصديق بأنَّ العوالم المتعددة ممكنة أيضاً.

لم يتمكن العلماء بعد من إثبات وجود العوالم المتعددة، ولكنَّهم تمكَّنوا من إثبات حقيقة نظريات أخرى، كالجسيمات دون الذرية، واستنبطوا منها المعرفة التي تسمح باكتشاف وجود كون كمومي متعدد؛ إذ تحدث فيه كل الاحتمالات؛ لذا تُعَدُّ العوالم الكمومية المتعددة نتيجةً للمعتقدات العلمية الحالية وليست سبباً لها؛ إذاً، يبقى السؤال الوحيد: "ما هو الواقع الذي ستعيشه؟".

كيف تزيد من احتمالية النجاح؟

ينص الاعتقاد الحالي المتعلق بالاحتمالات على أنَّها فرصة لحدوث شيء ما؛ أي عندما تتحدث عن احتمالية نجاحك في شيء ما، فإنَّك غالباً ما تشير إلى فرص وقوع الحدث الذي تتمنى حدوثه، لكن وفقاً للنظرية، تحدث الأحداث جميعها في العوالم المختلفة بشكل متزامن، فليس من الدقيق التحدث عن وقوع شيء ما.

يجب عليك بدلاً من ذلك أن تنظر إلى الاحتمالات على أنَّها فرصة تجربة الواقع الذي يتحقق فيه الحدث الذي تريده؛ لذلك، عندما تحاول زيادة احتمالية النجاح، فإنَّك في الواقع تزيد من احتمالية مرورك عبر السكة الكمومية الصحيحة لشجرة الاحتمالات، لكي ينتهي بك الأمر في الواقع الصحيح، ولكنَّ هذا مؤسف بالنسبة إلى النسخة الأخرى منك التي ستعيش في الواقع غير الصحيح.

على سبيل المثال، في حال فشلت 9 من كل 10 شركات ناشئة، فلن تكون فرصتك لبناء شركة ناجحة 10%، لكن لديك فرصة بنسبة 10% لتعيش الواقع الذي تنجح فيه شركتك؛ لذلك، يجب أن تُركز جهودك في زيادة فرصتك للمرور على السكة الصحيحة من بين 10 سكك متاحة، لكن كيف تُحقق ذلك؟ الجواب هو زيادة عدد السكك الصحيحة نفسها؛ فلا يمكنك زيادة فرصة المرور عبر سكة واحدة صحيحة، لكن يمكنك زيادة عدد السكك الصحيحة.

كيف ترفع معدل نجاحك؟

إنَّ معدل نجاحك هو طريقة أخرى لقياس النتائج، لكن بينما تتنبأ مقاييس النجاح الأخرى مثل الاحتمالات بالنتائج المستقبلية المحتملة، فإنَّ معدل نجاحك يُشير إلى عدد المرات التي حققت فيها المستقبل الذي تريده؛ لذلك، بينما تحاول زيادة احتمالية نجاحك، فإنَّك في الواقع تزيد معدل نجاحك.

ذلك لأنَّ نسخك المختلفة في الكون الكمومي تعيش مجموعة كل شيء يمكن تجربته، ومن ثم، فإنَّ احتمال النتائج المستقبلية هو 100%؛ لذا من غير المُجدي إلى حدٍّ ما قياس ما إذا كان شيء ما قد يحدث أم لا، وبدلاً من ذلك، يجب عليك في الواقع التركيز في زيادة معدل نجاح أن ينتهي بك الأمر في واقع تجري فيه الأحداث التي ترغب فيها.

لكن كيف يمكنك ذلك؟ وكيف يمكنك استخدام نظرية السكك الكمومية من أجل الوصول بنجاح إلى الواقع الذي تريده؟ ونظراً لأنَّ جميع الأحداث ستتحدث باحتمالات مختلفة، كيف يمكنك زيادة كل من احتمالية نجاحك ومعدل نجاحك حتى تدخل واقعاً يحدث فيه كل ما ترغب فيه؟

شاهد بالفيديو: كيف تصبح من الناجحين؟

معادلة احتمالية النجاح مع نظرية السكك الكمومية:

إنَّ نظرية السكك الكمومية هي نهج لتحسين الذات من خلال زيادة عدد المستقبَلات المحتملة التي تحوي على النتيجة التي تريدها، وتُشير النظرية إلى الاحتمالات في شجرة القرار على أنَّها "سكك" تأخذك من واقع إلى آخر، فالهدف من النظرية هو زيادة احتمالية نجاحك من خلال مضاعفة عدد السكك التي توصلك إلى النتيجة المرغوبة.

عليك التفكير في احتمالية النجاح ومعدلات النجاح على أنَّها مسارات في شجرة القرار؛ لأنَّ ذلك سيساعدك على فهم الاحتمالات الحقيقية فهماً أفضل؛ وهذا الفهم سيُساعدك على مضاعفة احتمالات الوصول إلى الحدث المطلوب من خلال زيادة عدد العوالم المتوازية التي تحتوي على نتيجتك المرغوبة، وللقيام بذلك، تحتاج إلى اتباع الخطوات الخمس المذكورة أدناه، وستكون النتيجة احتماليةً أعلى للنجاح في كل ما تحاول تحقيقه، ومن ثم زيادة معدل نجاحك الإجمالي:

1. تحديد نتيجتك المرجوة:

إنَّ تحديد نتيجتك هو الخطوة الأولى في نظرية السكك الكمومية، فاسأل نفسك ما الذي تريده؟ وما الذي تحاول تحقيقه؟ فالإجابة عن هذه الأسئلة هي النتيجة المرجوة، وسيساعدك ذلك على حساب الاحتمالات الصحيحة.

2. حساب الاحتمالات:

تتمثل الخطوة التالية في حساب احتمالات تحقيقك للنتيجة المرجوة، ويُشبه ذلك الفهم التقليدي للاحتمالات؛ أي الفهم غير الكمومي؛ فإذا كنتَ تعتقد أنَّ هناك فرصة تبلغ 20% لتحقيق النتيجة المرجوة، فإنَّ احتمالية نجاحك تبلغ 20% أيضاً.

3. تحسين الذات:

لكن كيف يمكنك أن تزيد احتمالية نجاحك؛ إذ تزيد من معدل نجاحك؟ يكمن الجواب في قدرتك على تحسين ذاتك، وإن كنت تعلم أنَّ لديك واقعاً ستحقق فيه هدفك بنسبة 100% من الحالات، فيمكنك استخدام ذلك كحافز لتُفعِّل كل ما يتطلبه الأمر حتى ينتهي بك الأمر في هذا الواقع، فابذل قصارى جهدك لكي تُضاعف عدد السكك التي تنتهي بك في الحياة التي تريدها.

فكِّر في الأمر بهذه الطريقة وهي: إذا وقفت أمام 10 أبواب يؤدي أحدها إلى مخططات شركة قيمتها مليارات الدولارات، وأخبرك أحدهم أنَّه يمكنك تقليل عدد الأبواب الوهمية المزيفة من خلال الدراسة والتمرين، فلا بد أنَّك ستبذل عندها قصارى جهدك، أما لو لم يكن لديك ضمان بأنَّ أياً منهم يحتوي مخططاً على الإطلاق، فلن تستطيع بذل نفس الجهد، وهذا هو الفارق الذي يميِّز ما بين احتمالات النجاح التقليدية واحتمالات النجاح الكمومية؛ إذ إنَّ فهم النظرية سيجلب لك أكثر مما كنت تتخيله.

إقرأ أيضاً: مفهوم تطوير الذات وأهم الأسرار لتطوير ذاتك وتنميتها

4. اختيار الواقع الصحيح:

تتمثل الخطوة الأخيرة في المرور في المسار الصحيح لشجرة الاحتمالات إلى الواقع الذي تريده، وقد لا يتحقق ذلك من المرة الأولى؛ بل قد يتطلب الأمر منك الانطلاق في عدة شركات ناشئة لإنشاء شركة ناجحة في النهاية.

لا بأس في ذلك، حتى لو ضاعفت عدد السكك التي تنتهي بالنتيجة المرجوة، سيبقى احتمال الفشل قائماً على الدوام، لكن إذا ثابرت باستمرار على اتِّباع نظرية السكك الكمومية، فستخلق العديد من العوالم التي تنجح في كل منها، فتصبح احتمالات نجاحك أكبر فأكبر.

إقرأ أيضاً: كيف تحقق أقصى استفادة من وقتك؟

الخلاصة:

يبقى النهج هو نفسه في نهاية الأمر، ويجب أن تستمر في محاولة تحسين ذاتك إذا كنتَ ترغب في تحقيق النجاح، فإذا كنتَ متيقِّناً بنسبة 100% أنَّ الواقع الذي تريد الوصول إليه موجود في مكان ما، فيمكنك تحفيز نفسك بشكل أفضل وكذلك زيادة احتمالات النجاح الكمومية بشكل أكثر فاعلية.

المصدر




مقالات مرتبطة