دليل المديرين التنفيذيين للابتكار الرقمي

إذا كنت ترغب في القيام بالابتكار الرقمي بالطريقة الصحيحة في عملك، تخيَّل نفسك في ملعب كرة المضرب (Pickleball). في البداية، ربَّما كنت تنظر إلى الشبكة والكرة والمضرب وتفكِّر: "هذه اللعبة شبيهة بلعبة التنس، وأنا أعرفها جيداً"، لكنَّ لعبة كرة المضرب مختلفة عن لعبة التنس، فصحيح أنَّ هناك نقاط تشابه بينهما، لكنَّ المضارب مختلفة، والشبكة والملعب كلاهما أصغر حجماً، والكرة أخف بكثير، وعندما تبدأ اللعبة، ستدرك أنَّ افتراضاتك خاطئة وربَّما تكون قد حددت النتيجة قبل أن تتاح لك الفرصة لتجربتها.



ينطبق الأمر ذاته على الابتكار في العالم الرقمي أيضاً، فاستناداً إلى خبرتك السابقة في تطبيقات التكنولوجيا، قد تعتقد أنَّك تعرف بالفعل ما هو مطلوب أو ما يمكن التحكُّم به حتى عند مواجهة مواقف جديدة، ولكنَّ هناك اختلافات جوهرية يمكن أن تربكك وتتطلَّب نهجاً جديداً، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتجارب التي تواجه فيها العملاء، وفيما يتعلق بالابتكار الرقمي؛ وهذا يعني تقليل التركيز على أدواتك.

المشكلة الأساسية:

نحن نعيش في عالم سريع الخُطى؛ حيث يبتكر الناس تقنيات وتجارب جديدة يومياً، ويقدمون آلاف الأفكار الجديدة للسوق، كما تقوم الشركات يومياً بإجراء تغييرات وتغتنم الفرص التي قد تؤدي إلى تغييرات تالية على نطاق واسع.

التغيير الأخير في نموذج عمل شركة نايك (Nike) يجعلها مثالاً جيداً، فلطالما مارست الشركة ضغوطات هائلة على تجار التجزئة لتقديم تجربة مميزة للعملاء، وهم الآن يقطعون العلاقات مع أولئك الذين لا يستطيعون أو لا يفعلون ذلك، فهُم لم يعودوا يبيعون منتجاتهم عبر مواقع البيع الإلكترونية كموقع أمازون (Amazon)؛ بل اختاروا بدلاً من ذلك التعامل مباشرةً مع عملائهم.

كيف سيؤثر ذلك في مبيعات شركة (Nike) وتوزيعها؟ وهل ستحدِّد مساراً تتبعه الشركات المشهورة الأخرى؟ وهل سينتقم تجَّار التجزئة مما فعلته الشركة بشكل أو بآخر؟ هذا مجرد مثال واحد صغير عن مدى عدم القدرة على التنبؤ وعدم اليقين في المشهد هذه الأيام، فلا أحد يعرف ما الذي سيحدث بعد ذلك، ولا حتى شركة رائدة مثل (Nike)، وهذا يمثِّل تحولاً هائلاً.

تستمر العديد من الشركات في العمل كما لو أنَّها لا تزال في القرن العشرين، عندما لن يكون التنبؤ بما سيحدث في غضون ثلاث إلى خمس سنوات أمراً صعباً؛ إذ لا يقتصر الأمر على صعوبة التنبؤ بالحالات المستهدفة فحسب، بل يتعيَّن عليك العمل بجدية أكبر لتحليل جميع الخيارات الممكنة للتوصل إلى استراتيجية ناجحة.

لقد أصبح الأمر أكثر صعوبة، مما جعل تحليل جميع الخيارات مستحيلاً عملياً، فهناك العديد من المتغيرات والعديد من العلاقات بين تلك المتغيرات، مما يعني دائماً تفويت فرص العمل؛ بمعنى آخر، لم يعُد المستقبل معروفاً، بغض النظر عن الجهد الذي تبذله.

هذا ليس تغييراً بسيطاً، فقد اعتمد المديرون التنفيذيون والشركات في نجاحاتهم منذ فترة طويلة على المعرفة، ويتطلب الأمر الكثير من الشجاعة للاعتراف بأنَّنا لم نعُد متيقنين بشيء، والكثير من الحكمة لتقبُّل أنَّه لا مشكلة في ذلك، وأن تشعر بالراحة لفكرة عدم الارتياح، لتصبح بذلك شركة تلبي متطلبات القرن الواحد والعشرين.

لسوء الحظ، النشاطات التجارية التقليدية ليست جاهزة لاستيعاب هذا الأمر، ويمكن أن تكون إدارة التغيير والابتكار بطيئة للغاية، وكمثال، لنفترض أنَّك بحاجة إلى تجربة جديدة مباشرة مع العملاء؛ حيث يمكنك إنشاء مستند منظم وغني بالبيانات ومكوَّن من 60 صفحة يوضِّح حالة العمل في النظام، لكن قد يستغرق هذا البحث والتحضير والمواءمة بين جميع الوظائف الداخلية حول ما يجب القيام به أشهر عدة، وهي مجرد خطوة وسيطة في العملية، وفي النهاية، يستغرق الأمر من ستة إلى تسعة أشهر فقط للموافقة على الفكرة ومواءمتها، وأشهر عدة أخرى أو حتى سنوات لتنفيذها.

ولجعل الأمور أسوأ، غالباً ما تتنافس الشركات على تقديم أفكار ومفاهيم "أجمل"، ويمكن للإدارات المختلفة أن تتشاجر مع بعضها بعضاً حول ماهية الحل الصحيح، مما يؤدي إلى إبطاء اتخاذ القرارات أو الخطوات التالية.

إقرأ أيضاً: مفاهيم حول إدارة التغيير، ولماذا يحتاجها القادة

العمل بذكاء:

يتطلب التعامل الجيد مع الابتكار الرقمي تغيير عقليتك، فلا تتعلق القضية بالتقنيات أو الأدوات المحددة التي لديك؛ بل يتعلق بما إذا كنت تنشئ بنية تحتية ومجموعة من العمليات التي تتعامل تعاملاً جيداً مع عدم اليقين وعدم القدرة على التنبؤ بما قد يحدث، مما يتيح لك الحصول على المزيد من الاستثمارات واتخاذ الإجراءات محسوبة المخاطر.

تعلَّم أن تفكر مثل الأشخاص الذين يملكون رأس مال كبير، فهؤلاء الأشخاص لا يرمون عادةً بكل أموالهم في شركة أو فكرة واحدة، بدلاً من ذلك، يوزعون الاستثمارات بين العديد من الشركات المختلفة التي يمكن أن تثبت أنَّها تحقِّق قيمة أو لديها القدرة على القيام بذلك، بالطريقة نفسها، بدلاً من تخصيص 20 مليون دولار لفكرة واحدة كبيرة، يمكنك استثمار المبلغ ذاته في 50 أو حتى 100 فكرة، صغيرة مختلفة، واختبارها، والاستمرار في تمويل الأفكار التي تنجح بالفعل.

من وجهة نظر عملية، فإنَّ نهج رأس المال الاستثماري للابتكار الرقمي يعني أنَّه يتعين عليك تمكين فريقك؛ حيث تتيح لهم زيادة استقلاليتهم العمل بسرعة؛ نظراً لأنَّ الأمر خطوة بخطوة، يحتاج إلى الوقت، وهذا بدوره يعني التفريق بين الحلول الفعالة وغير الفعالة بمعدَّل متزايد، مما يسمح بالخروج بالمزيد من الحلول في إطار زمني أصغر.

إقرأ أيضاً: 3 نصائح يمكنك تطبيقها لتسخير الذكاء لصالح العمل

فكِّر على نطاق صغير، لتحقق نجاحاً أكبر:

لم يتطور العمل تطوراً أسرع مما هو عليه اليوم، ويصاحب ذلك عدم القدرة على التنبؤ، فالمعايير البيروقراطية البطيئة التي كانت تهيمن في الماضي على المؤسسات غير مناسبة لبيئة العمل اليوم، وقد لا تبدو الأمور مختلفة تماماً ظاهرياً، ولكنَّها مثل لعبة كرة المضرب، فهي مختلفة تماماً.

كما يتطلب الابتكار الرقمي الناجح طريقة جديدة في التفكير والعمل، مما يعني عموماً القيام بالمزيد من خلال التفكير بنطاق أصغر، وتجنُّب الافتراضات والعادات القديمة، وتشكيل فريق يمكن أن يقود نشاطك التجاري، وستكون مستعداً لقيادة الشركات الحديثة إلى مستقبل التجارة.

المصدر




مقالات مرتبطة