دليل المدراء للتخلص من ثقافة الخوف في الشركة

إذا كنت تعمل في حيزٍ مكتبيٍ ذي طابعٍ نمطي، ضمن تكتلات مكتبية بمجموعاتٍ أو بشكل فردي؛ حيث يحتوي كل منها على صندوق اقتراحات أو رقم موحد للشكاوى أو التغذية الراجعة، والتي يتراكم الغبار عليها من قلة الاستخدام؛ أو إذا شهد مكان عملكَ ارتفاعَ معدل دوران العمالة، وانتشر التوتر والقلق في الأجواء؛ أو إذا سادت الضغينة والحقد والغيرة الصبيانية من قِبَلِ رؤسائك، وأصبحت تعاسة وعدم رضا زملائك باديتين، ولكنَّهم يخافون الحديث عما يزعجهم في مكان العمل؛ فتلك إذاً علامات بيئة العمل المبنية على الخوف.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة "سو بيكهام" (Sue Bingham)، والتي تُحدِّثنا فيه عن تجربتها الشخصية مع بعض الشركات التي حوَّلت الثقافة التنظيمية المبنية على الخوف في بيئة العمل إلى ثقافة الانفتاح والتعاون.

لسوء الحظ، فإنَّ معظم الثقافات التنظيمية التقليدية للشركات قائمة على الخوف، وعادة تكون بسبب رب عمل مستبد، وهذا هو السبب في أنَّ 46% من الموظفين يبدون غير راضين عن تجربة العمل؛ وفي هذه الحالات يتبنَّى الموظفون القدامى عقلية البقاء على الرغم من الظروف غير الملائمة للاستمرار في الوظيفة.

فرصة فريدة لموظفي الإدارة الوسطى:

إنَّ وجودك ضمن كادر الإدارة الوسطى، يعني أنَّك في موضع عظيم يسمح لك بتحديد الخصائص القائمة على الخوف، بسبب تأثُّرك وأقرانك في ثقافة الخوف التنظيمية؛ فقد سبق لك بالتأكيد، رؤية زملاء يخاطرون بترقياتهم أو حتى بوظائفهم فقط من أجل المعارضة والتعبير عن الرأي، مما جعلك حذِراً من الإدلاء بصوتك.

عندما تتلمس الخوف ينمو داخلك، فسيبدو من المرعب حقاً مواجهة قوةٌ مهيبةٌ لا يمكن مقاومتها، أو اتخاذ أي موقف معارض لها، ولكن إذا استجمعت الشجاعة، يمكنك إجراء تغييرٍ دائمٍ في شركتك عن طريق تعطيل ثقافة الخوف قلباً وقالباً.

على سبيل المثال، عملتُ مع إحدى الشركات التي تقوم ثقافتها على الخوف من رئيسها، واتخذ رئيس قسم الموارد البشرية موقفاً قوياً للتغيير، بدأ بعقد اجتماعاتٍ أسبوعية؛ حيث اجتمع المديرون لمناقشة الثقافة التنفيذية للشركة والقضايا المتعلقة بالموظفين، وأدرك القادة عدم قدرتهم على تغيير أو التأثير في رب العمل، ولكن في إمكانهم خلق ثقافة إيجابية لدى الموظفين، من خلال كونهم داعمين ومشجعين، وبالتعاون فيما بينهم وضعوا حداً للتنمر الاستبدادي لرب العمل مع القوى العاملة.

إذا أردت مكافحة ثقافة الخوف المتأصلة في شركتك، فابدأ بهذه الخطوات للعمل نحو نهجٍ يعطي الأولوية للأفراد، مهما بدا الأمر مخيفاً، فإنَّ الحديث عما يقلقك يستحق كل هذا العناء.

يمكنك إحداث فارقٍ كبير للموظفين الآخرين في مؤسستك؛ وبالإضافة إلى ذلك، هناك أكثر من 900,000 وظيفة جديدة متاحة، لذا يمكنك بأي وقت ترك المكان المليء بالتوتر والذهاب إلى مكانٍ آخر.

اعتَرِف بأنَّ ثقافة شركتك التنفيذية قائمة على الخوف، واعمل على إصلاحها مع هذه الخطوات الثلاث:

إقرأ أيضاً: 3 طرق لتحديد أولويات ثقافة الشركة خلال فترات التغيير

1. دعم قصتك بالأرقام والبيانات:

للاجتماع مع رؤساء شركتك عليك أن تعلم أنَّ القادة يولون اهتماماً كبيراً للبيانات، لقد اعتادوا على تحليل التقارير المالية واتخاذ القرارات اعتماداً على البيانات في حياتهم اليومية، لذا إنَّ التحدث بلغتهم - لغة البيانات والأرقام - ورفد مبرراتك بأرقامٍ سيساعدك على اكتساب النفوذ والثقة من قادة شركتك.

وإذا لم تكن البيانات موجود، فقد تحتاج إلى جمعها بنفسك إما من خلال استطلاعٍ مستهدف أو تقييمٍ من طرفٍ ثالث، تأكد فقط من الحصول على الموافقة أولاً، ثم دعِّم هذه النتائج بالبيانات والمعطيات المتاحة؛ فعلى سبيل المثال، يقول 47% من الأشخاص الذين يبحثون عن وظيفة جديدة إنَّ ثقافة الشركة التنفيذية هي السبب في مغادرتهم، كما أنَّ شعور الموظفين بأهمية آرائهم يرفع نسبة تمكينهم في مكان العمل بنسبة 4.6 مرة ويحسِّن أداءَهم.

بمجرد الانتهاء من تحليل المعطيات، خطِّط لتبادل النتائج الخاصة بك استراتيجياً مع القادة، ربما يمكنك الانضمام إلى اجتماع فريق القيادة الخاص بهم بصفتك ضيفاً، أو إضافة لقاء إلى لائحة مواعيد نائب الرئيس المتعاطف مع مسألتك، أو تعاون مع مسؤولي الموارد البشرية لمعرفة ما يوصون به.

بصرف النظر عن كيفية التعامل مع العرض التقديمي، تأكد من الحفاظ على نبرة محترمة في كلٍ من خطابك وأي تحليل مكتوب، قدِّم الحقائق، ودع أبحاثك تتحدث عن نفسها، وأعطِ قادتك وقتاً للرد.

2. التشجيع للتحول من العقلية التأديبية إلى عقلية الكوتشينغ:

يتمثل جوهر ثقافة الخوف في الاعتماد على الأساليب التأديبية بدلاً من عقلية الكوتشينغ وحل المشكلات؛ لذا عندما تتحدث مع فريق القيادة الخاص بك، شجعهم على التفكير خارج الصندوق في التعامل مع مشكلات الأداء والسلوك، إذا كانوا متقبلين، وساعدهم على تحديد استراتيجيات جديدة، ابحث عن بدائل لسياسة الانضباط الحالية التي يستخدمها كبار القادة، ثم أَشرك الموارد البشرية لإيجاد طرائق لتنفيذ هذه البدائل.

عادة ما يكون قول ذلك أسهل من فعله؛ وذلك لأنَّ قسم الموارد البشرية يتحكم بالسياسة الموضوعة في الشركة ولديه اعتقاد أنَّها تخفف المخاطر المحتملة.

تستخدم العديد من الشركات ثلاث طرائق للكوتشينغ: الكوتشز الداخليين والكوتشز الخارجيين والقادة الذين يمتلكون مهارات الكوتشينغ، يمكن أن يحقق الكوتشينغ التنفيذي عائداً بنسبة 788% على الاستثمار؛ حيث يتعلم كبار القادة التخلي عن سياساتهم الصارمة من أجل نهجٍ يركز على الأفراد وعلى الحلول.

إقرأ أيضاً: الكوتشينغ مقابل الإدارة: 5 أساليب هامة للمديرين

3. مساعدة القادة على بناء الثقة مع الموظفين:

المشكلة في وجود بيئة قائمة على الخوف هي أنَّها تصبح حلقة مفرغة، فكلَّما شعر الموظفون أنَّه يجب عليهم الحفاظ على أفكارهم وآرائهم لأنفسهم، قلَّت ثقتهم بقادتهم، مما يتعين على المديرين إيجاد طريقة لبناء الثقة والسلامة في مجالات نفوذ الموظفين.

شجِّع قادتك على التعرف إلى كل عضوٍ من أعضاء الفريق شخصياً، وسيكون ذلك على شكل اجتماعاتٍ منتظمة بصورة فردية يتم فيها تشجيع أعضاء الفريق على طرح الأسئلة والمخاوف علناً طرحاً مباشراً.

يمكن للمديرين مساعدة الموظفين على الشعور بأنَّهم مسموعون ويتم النظر في تغذيتهم الراجعة بشكل فعلي من خلال الاستماع وتسهيل طرح أفكار أعضاء الفريق لإيجاد حلول للمشكلات المستمرة، وإذا كان للمديرين مكاتب، فعليهم أن يحاولوا الحفاظ على سياسة الباب المفتوح - حقيقةً ومجازاً - حتى يعرف الموظفون أنَّهم يستطيعون دائماً التوقف للدردشة أو طرح الأسئلة.

لا يحدث التحول الثقافي في الشركة بين عشيةٍ وضحاها، ولكنَّه ليس بالأمر المستحيل. إنَّ مفتاح التخلص من الثقافة التنفيذية القائمة على الخوف يتمُّ عن طريق اتباع نهجٍ استراتيجي للعمل مع فريق القيادة، وبمجرد مساعدتهم على فهم وجهة نظرك باستخدام البيانات، يمكنك المساعدة على تدريبهم على أسلوب إدارة أكثر تركيزاً على الأشخاص بما يبني الثقة والألفة والتفاعل.

المصدر




مقالات مرتبطة