داء كاوازاكي: أعراضه، وأسبابه، ومضاعفاته، وطرق علاجه

اكتشف الأطباء داء كاوازاكي للمرة الأولى عام 1968 في اليابان، وتمَّ اكتشاف أمراض لها تظاهرات مشابهة بعد عشر سنين في مشافي جزيرة هاواي؛ مما دفع العلماء ليخمِّنوا أنَّ سبب داء كاوازاكي هو فايروس منتشر في المنطقة الممتدة بين اليابان وجزيرة هاواي، لكنَّ هذه الفرضية لم تثبت، وتقول الدراسات والأبحاث الحديثة إنَّ العامل المسبب لداء كاوازاكي هو عامل جيني بالدرجة الأولى.



ما هو داء كاوازاكي؟

يُسمى داء كاوازاكي في بعض الحالات بداء العُقَد اللمفاوية المخاطية؛ حيث إنَّ الحدثية الالتهابية تصل إلى العقد اللمفاوية التي تتضخم نتيجةً لذلك، وكذلك فإنَّ المرض يتظاهر بأعراض على الجلد والمخاطيات.

ينظر العلماء إلى داء كاوازاكي على أنَّه مرض قليل المشاهدة، وهو شائع عند الأطفال دون سن الخامسة، ويتصف هذا الداء بالحدثية الالتهابية الحادة التي تصيب بطانة الوعاء الدموي.

ما هي أسباب داء كاوازاكي؟

1. أسباب مناعية:

يَعُدُّ العلماء داء كاوازاكي حدثيةً التهابية تصيب أعضاء عدَّة في جسم الإنسان، ويعتقد الأطباء أنَّ السبب هو ارتكاس مناعي شاذ لعدوى قد تكون فيروسية، أما السبب الدقيق غير محدد حتى هذه اللحظة.

وقد لاحظ الأطباء في الفترة الأخيرة حدوثه بعد العدوى بفيروس كورونا.

لا يصيب داء كاوازاكي الأطفال تحت عمر 3 أشهر بسبب المناعة التي يكتسبها الطفل من أمه.

2. أسباب وراثية:

توجد أسباب جينية لداء كاوازاكي؛ حيث لاحظ العلماء حدوثه الزائد عند أصحاب العِرق الأصفر، وعند أبناء المصابين به وكذلك في التوائم المتماثلة.

وقد تمَّ تحديد وجود علاقة لداء كاوازاكي مع أحد المورثات وهي المورثة (ITPKC)، التي تعطي شيفرةً تحوي أوامر العمل للأنزيمات؛ مما يؤدي إلى خلل في الخلايا التائية المسؤولة عن المناعة في الجسم.

3. أسباب بيئية:

قام الباحثون في مشفى بوسطن في الولايات المتحدة الأمريكية، بأبحاث ودراسات عدَّة أظهرَت وجود علاقة بين الإصابة بداء كاوازاكي والهواء الملوث بالغبار والمناطق السكنية القريبة من بحيرات الماء الراكد، ولكن لم تثبت صحة هذا الكلام بشكل قاطع.

وتتحدث أبحاث أخرى عن وجود علاقة بارزة بين داء كاوازاكي وبعض التيارات الهوائية في طبقة التروبسفير؛ حيث إنَّ هذه التيارات التي تبدأ رحلتها من مناطق آسيا الجنوبية ترتبط مع حدوث داء كاوازاكي في اليابان وجزر هاواي.

وقد تبيَّن سبب هذا الارتباط مع تيارات التروبسفير، أنَّ العامل المحرِّض لهذا المرض ينتقل مع هذه التيارات.

ما هي أعراض داء كاوازاكي؟

الأعراض السريرية التي يأتي بها الطفل المصاب بداء كاوازاكي:

  • ارتفاع حرارة لأكثر من 5 أيام دون أن تخف على الصادات الحيوية ودون تشخيص مرض آخر.
  • احمرار في كلا العينين، دون أيَّة مفرزات قيحية.
  • طفح جلدي يتوضع بشكل واضح على الظهر والأطراف.
  • احمرار وتشقق في اللسان والشفاه والبلعوم.
  • احمرار وتورمات في راحتي اليدين وأخمصيِّ القدمين.
  • تقشرات في أصابع اليدين، تظهر بعد أسبوعين أو ثلاثة من بداية المرض.
  • ضخامة في العقد اللمفاوية، أحادية الجانب غالباً.
  • الوهن والضعف في الأطراف العلوية أو السفلية.
  • خزل في عضلات الوجه.
  • اضطرابات في نظم القلب.
  • تورُّم وألم مفصلي.
  • ألم بطني وإسهال.
  • صداع.
إقرأ أيضاً: أشهر الأمراض الجلدية وطرق علاجها

هل يُعَدُّ داء كاوازاكي مرضاً خطيراً؟

يمكن أن تظهر أعراض مقلقة في سياق داء كاوازاكي، مثل ارتفاع الحرارة الشديد وتشكل قشور على الجلد.

ومما يدعو إلى التفاؤل، أنَّ داء كاوازاكي له علاج معروف، ومعظم الأطفال يشفون منه دون أن تحصل لديهم عقابيل دائمة.

نسبة الوفيات بهذا المرض أقل من 0,2% في حال تطبيق العلاج في الوقت الملائم.

ما هي عوامل الخطورة للإصابة بداء كاوازاكي؟

يوجد ثلاثة أمور تزيد من خطر إصابة الطفل بمرض كاوازاكي:

  • العمر: الأطفال دون سن الخمس سنوات هم الأكثر عُرضةً لخطر الإصابة بداء كاوازاكي.
  • الجنس: من المرجح أن يصاب الذكور بداء كاوازاكي أكثر من الإناث بنسبة قليلة.
  • العرق: الأطفال القادمون من الدول الآسيوية، يصابون أكثر بداء كاوازاكي.

كيف يمكن تشخيص داء كاوازاكي؟

يتم تشخيص داء كاوازاكي سريرياً فقط، عن طريق البحث عن العلامات والأعراض.

حتى الآن لا يوجد تحليل مخبري يمكن أن يؤكد أنَّ الطفل مصاب بهذا المرض.

من الصعب عادةً تشخيص داء كاوازاكي وخاصةً في مراحله المبكرة.

ويوجد الكثير من الأطفال الذين لم يُشخَّص المرض لديهم، إلا بعد زياراتٍ عدَّة لعيادة الطبيب.

الكثير من الأمراض الخطيرة الأخرى تتظاهر بأعراض مشابهة لداء كاوازاكي، ولذلك يجب الأخذ بالحسبان التشخيص التفريقي (differential diagnosis)‏ والذي يتضمن الحمى القرمزية، والتهابات المفاصل.

شاهد بالفديو: 6 أعراض صحيّة يجب عليك ألَّا تتجاهلها أبداً

معايير تشخيص داء كاوازاكي حسب مرجع نيلسون في طب الأطفال:

ارتفاع حرارة لمدة 5 أيام أو أكثر، مع لا يقل عن 4 من 5 من التظاهرات التالية:

  • التهاب ملتحمة العين، ويكون الالتهاب ثنائي الجانب وغير قيحي.
  • واحد أو أكثر من التظاهرات في الأغشية المخاطية في الطرق التنفسية العلوية، بما في ذلك احمرار البلعوم والشفتين الجافتين المتشققتين ولسان الفريز.
  • واحد أو أكثر من التظاهرات في اليدين والقدمين، بما في ذلك احمرار وتورم وتقشر البشرة حول الأظافر.
  • طفح جلدي عديد الأشكال، يتوضع على الجذع في الدرجة الأولى.
  • ضخامة العقد اللمفاوية الرقبية (> 1.5 سم).
  • داء كاوازاكي لا يمكن تشخيصه مع الأمراض الأخرى المعروفة.

يمكن للطبيب أن يشخص داء كاوازاكي، إذا كان لدى المريض ارتفاع حرارة مع ثلاث علامات، فقط في حال تشخيص أم دم الشريان الإكليلي.

يوجد الكثير من الأطفال - وخاصةً الرضع - الذين تمَّ تشخيصهم في النهاية لداء كاوازاكي لم تظهر لديهم جميع الأعراض المذكورة آنفاً.

ما هي التظاهرات المخبرية لداء كاوازاكي؟

  • تعداد الدم الكامل (CBC): قد يظهر فقر دم طبيعي الكريات، وفرط صفيحات الدم.
  • سرعة التثفل: تكون عالية.
  • البروتين سي الالتهابي (CRP): يكون عالياً.
  • اختبارات وظائف الكبد: قد توجَّه باتجاه التهاب الكبد، ونلاحظ انخفاض ألبومين الدم.
  • تخطيط القلب الكهربائي: قد تظهر علامات على سوء وظيفة البطين أو في بعض الحالات عدم انتظام دقات القلب بسبب وجود التهاب في عضلة القلب.
  • إيكو القلب: قد تظهر تغيرات بسيطة في الشرايين التاجية، وفي وقتٍ لاحق قد يحصل أم دم حقيقية في الأوعية الدموية.
  • تحليل البول: قد يحوي البول كريات الدم البيضاء والبروتين؛ أي بيلة قيحية وبروتينية، دون دليل على نمو جرثومي.
  • البزل القطني: قد يُظهر دلائل على التهاب سحايا عقيم.

ويفضِّل الكثير من الأطباء البدء بالعلاج من داء كاوازاكي إذا مضى ثلاثة أيام فقط على وجود الحرارة، مع اكتشاف ثلاثة من المعايير التشخيصية على الأقل.

إقرأ أيضاً: 5 عادات خاطئة تتسبّب في دمار الصحة

كيف يتم علاج داء كاوازاكي؟

في حال تشخيص المرض، فيجب قبول الطفل في المستشفى للمتابعة والعلاج.

يجب أن تبدأ المعالجة في أسرع وقت ممكن لتفادي الاختلاطات القلبية، وعلى يد طبيب لديه خبرة في علاج المرض في مركز طبي أكاديمي، وغالباً ما يتم التشارك بين اختصاصي أمراض القلب عند الأطفال، واختصاصي الأمراض الرثوية عند الأطفال واختصاصي الأمراض الإنتانية عند الأطفال، على الرغم من عدم إثبات السبب الإنتاني حتى الآن.

ويتألف علاج داء كاوازاكي بشكل رئيس من الأسبرين والغلوبولين المناعي الذي يُعطى وريدياً بجرعة عالية، وكلا الدوائين يساعد على تخفيف الالتهاب وتراجع الأعراض والعلامات المرضية.

ولكنَّ العلاج الرئيس لداء كاوازاكي هو الغلوبولين غاما أو الغلوبيولين المناعي (Immunoglobulin)‏ الذي أثبت أهميته وفاعليته؛ حيث يؤدي إلى تحسُّن واضح في حالة المرضى خلال 24 ساعة.
أما في حال بقاء الحمى فنعطي الطفل جرعةً إضافية، الغلوبولين المناعي وحده هام جداً خلال أول 7 أيام من بداية الحرارة من أجل تجنب أم دم الشريان التاجي، أما الأسبرين فهو جزء هام من العلاج، ولو أنَّه مشكوك بفائدته من بعض الأطباء، لكنَّ الأسبرين وحده ليس علاجاً فعالاً مثل الغلوبولين المناعي.

ويعطى الأسبرين بجرعات مرتفعة حتى تنخفض الحرارة، ونستمر بعدها في إعطاء الطفل جرعة منخفضة منه، ويستمر ذلك لمدة شهرين لمنع تخثر الدم.

كان يتم اللجوء إلى الكورتيزون، وخاصةً في حال فشل الأدوية المذكورة آنفاً أو تكرار الأعراض السريرية، ولكن في دراسة عشوائية، فقد لوحِظ أنَّ إضافة الكورتيزون للغلوبولين غاما والأسبرين لم يُحسِّن نتائج العلاج، بالإضافة إلى ذلك يرتبط استخدام الكورتيزون مع المرض مع زيادة خطر حدوث أم دم الشريان الإكليلي.

أعطى استخدام السيكلوفوسفاميد وفصادة البلازما نتائج مختلفة، في حالات كاوازاكي المعندة على الغلوبولين غاما الوريدي.

ما هي مضاعفات داء كاوازاكي؟

العلاج الباكر والمناسب لهذا المرض يساهم في التخلص السريع من الأعراض المزعجة المصاحبة له، كما يقلل من خطورة أم دم الشرايين التاجية.

معظم الأطفال المصابين يعيشون حياتهم الطبيعية، ويكون تطوُّرهم العقلي والجسمي طبيعياً.

عموماً 0.2% من المرضى يموتون بسبب اختلاطات التهاب الشرايين الإكليلية.

المرضى الذين أُصيبوا بداء كاوازاكي يجب أن يقوموا بفحوصات شعاعية كل أسابيع عدَّة، وبعد ذلك يجب متابعة المرض سنوياً.

والعلاج بالغلوبولين المناعي يمكن أن يؤدي إلى حساسية حادة والتهاب سحايا عقيم ونادراً ما يؤدي إلى أعراض أخرى، والأسبرين قد يزيد خطورة حدوث النزيف.

وعموماً، تبقى العقابيل الدائمة التي تحصل كآثار جانبية لعلاج داء كاوازاكي قليلة جداً، وبسيطة إذا ما قارنَّاها بعقابيل عدم الخضوع للعلاج.

في الختام:

من الهام توافر الثقافة والوعي الطبي لدى غير المختصين حيال مختلف الأمراض؛ لأنَّ هذا يحسِّن تعاملهم مع المرض وتقبُّلهم للعلاج وتعاونهم مع الطبيب المعالج، خصوصاً في الأمراض التي يشكل عامل الوقت أمراً حاسماً في التقليل من المضاعفات.




مقالات مرتبطة