خطوات تقديم الاعتذار بطريقة واعية

كلُّ من قال: "الحبُّ يعني ألا تضطر أبداً إلى القول أنَّك آسف"، لا بدَّ أنَّه متزوجٌ من دمية أو صنم؛ لأنَّه لو كان على علاقة بإنسان، فمن المحتمل أن تتحول هذه العبارة إلى: "الحب يعني أنَّني على طريق الانفصال لأنَّني لم أقل إنَّني آسف".



لنواجه الأمر، فحتى الأزواج السعداء الذين يعيشون علاقةً سليمة يتجادلون فيما بينهم ويتشاجرون أحياناً بطريقة سيئة؛ فعلى الرَّغم ممَّا تبذله من جهد للحفاظ على علاقتك، ومن الساعات التي تقضيها في التطوير الشخصي ودراسة وضعك، وبالتأكيد على الرَّغم من أفضل نواياك وأكثرها إثارةً لمشاعر الحب فلن تتعامل معاملة جيدة دائماً مع الخلافات في العلاقات.

إذ نخطئ جميعنا في بعض الأحيان، وبعض هذه الأخطاء تكون حمقاء وغير مقصودة، ونقوم في أحيان أخرى بشن هجمات مستهدفة على نقاط ضعف شريكنا ونؤذي علاقتنا، فماذا تفعل إذاً عندما تجرح الآخرين بالكلمات؟

اعتذر ولا تتجاهل الأخطاء، فإذا لم تُحل وتتعامل مع المشكلات يمكن أن تتراكم وتبني بينكما حاجزاً ولكن تُعدُّ أخطاؤنا أيضاً أعظم معلمينا؛ إذ يمنحنا كلُّ فعل أو كلمة في غير محلها الفرصة للبدء من جديد؛ فعندما تفشل في الحب اسمح لنفسك بفرصة جديدة لتصحيح الأمر وإفادة هذا الحب أيضاً؛ فعندما تحدث مشكلة ما يقوم الأزواج الماهرون بحلِّ المشكلة والبدء من جديد، وعندما يغوصون في المشكلات يحاولون إيجاد الحلول والتعلم من التجربة للتصرف بطريقةٍ أفضل في المرة القادمة.

إنَّ تقديم الاعتذار وتلقيه يُعدُّ نوعاً من الفن، والاعتذار الجيد يتطلب شخصين؛ فيوجد المعطي والمتلقي ويجب تقديم الاعتذار ويجب قبوله؛ فالاعتذار الذي يُشفي يقوم على اللطف والكرم والرحمة كأن تقول: "لقد آذيتك، أنا أدرك ذلك وبصفتي الجاني أقدم لك اعتذاري، وأعتذر بقلب طيب وصوت وكلمات صافية، وأحاول تجديد الألفة التي تقربنا مرة أخرى، ولكن لا يمكنني إصلاح ذلك وحدي".

لا يكتمل الاعتذار إلا إذا قبله المتلقي بنعمة وقدَّم شيئاً في المقابل وهو التسامح فيقول مثلاً: "أراك تعاني عندما تؤذيني وأنا أحبك؛ لذلك أسمع اعتذارك بقلب وآذان وعقل طيبين؛ لذا أسامحك فمن دون مسامحتي لا يمكن لجرحنا أن يُشفى".

لذلك يتحمل المُعتدي والمُعتدى عليه مسؤولية متساوية لجمع ما تمزق؛ فنحن عاشقان ونتحمل نحن الاثنان المسؤولية الكاملة معاً في علاقتنا، فما أفكر فيه في ذهني هو ما يسبب تعاستي وليس أنت؛ لذا حتى عندما تقول شيئاً قاسياً يمكنني أن أختار ما في ذهني وأن أتجاهل ما قلته لأرى ما وراء ذلك التشويش المؤقت من الخوف والغرور؛ فقصة الحب المخفية هي وراء ذلك؛ لذا فأنا أسامحك على إنسانيتك وعلى عيوبك وأخطائك، وأطلب منك أن تفعل الشيء نفسه من أجلي عندما أفشل.

الاعتذار اليقظ هو الإصلاح والمسامحة؛ ومن ثَمَّ البدء من جديد:

1. الإصلاح:

يوجد دليل لإصلاح الموقف عندما تقول ما يزعج شريكك، فأن تقول: "أنا آسف" هي بداية جيدة، ولكن الاعتذار لإعادة بناء الألفة له ثلاث صفات؛ فإذا قلت شيئاً غير عادل عليك أولاً أن تتحمل الخطأ وتحتاج ثانياً إلى أن تصلح الضرر وثالثاً عليك أن تتعهد بالتحسين.

لذا تدرَّب على الاعتذار بأن تعترف بالخطأ وأن تصححه؛ ومن ثَمَّ محاولة تحسين الأمر، فأن تقول: لقد ارتكبت خطأً ما (هذا اعتراف)، وأنا آسف (إصلاح)، وسأعمل على حلِّه (تحسين).

قد يبدو الأمر كالآتي: "حبيبتي، أريد أن أعترف بأنَّني أكره أن أراك تلعبين البيسبول وأنَّ الرياضة مضيعة للوقت، وقد كان من اللؤم أن أقول ذلك (هذا اعتراف بالخطأ)، فأحيانا أعطي الأولوية لنفسي ولاحتياجاتي، وهذا ليس عدلاً بالنسبة إليك؛ لذا أنا آسف لأنَّني قلت ذلك (إصلاح الخطأ)، وفي المرة القادمة التي تطلبين فيها مني الحضور إلى إحدى المباريات، سأقبل (تحسين)" كما يمكنك تضمين بعض الفكاهة للحصول على مزيد من المكاسب كأن تقول: "ولكن لنكن واقعيين، لقد تزوجتِ فناناً لا يستطيع رمي الكرة ماذا تتوقعين مني؟ أنا أحبك".

شاهد: 15 قول عن التسامح والغفران

2. التسامح:

هل يمكنك أن تسامح وتنسى؟ إذا تعرضت للأذى فقد لا تنسى تماماً ولكن يمكنك دائماً أن تسامح لأنَّ التسامح هو خيار، خيار قد تحتاج إلى اتخاذه مراراً وتكراراً وعندما يتمسك ذهنك القلِق بشيءٍ ما قاله شريكك أو فعله وسبَّب لك الأذى، وكنت قد نسيته في اللحظة الراهنة؛ فأنت تسترجع وتعيد التفكير بشيءٍ لم يعد موجود، وتسبِّب لنفسك معاناةً جديدة بناءً على قصة سابقة، وما لم تتمكن من اختيار مسامحة شريكك، لن تستطيع التعامل معه في الوقت الحاضر، فأنت محكومٌ بما حدث في الماضي.

باختيارك أن تسامح شريكك، فأنت تختار أيضاً أن تسامح نفسك؛ لأنَّك ترتكب أخطاء أيضاً، فاختر أن تتوقف عن التسبب بالألم في هذه اللحظة المثالية، وعبارة "أنا أسامحك" هي بداية جيدة لقبول الاعتذار، ولكن إذا كنت تطمح إلى أن تكون عاشقاً كريماً، فعليك القيام بثلاث خطوات وهي: أولاً، اشكر شريكك على اهتمامه الكبير بك وبعلاقتكما، واعترف ثانياً بأنَّ شريكك قد ارتكب خطأه وأنَّه يحاول إصلاحه؛ ومن ثَمَّ ثالثاً اقبل الاعتذار.

لذا تدرَّب على قول: "أنا أسامحك" بصيغة الشكر والاعتراف والقبول؛ شكراً لك على ما قلته (شكر)، أنا أقدر اعترافك بما قلته (الاعتراف)، وأسامحك على ما قلته (القبول)، وقد يبدو الأمر كالتالي: "شكراً لقولك ذلك (شكر)، فقد أزعجني عندما كنت فظاً معي بشأن محبتي للعبة البيسبول وشعرت أنَّك غير مهتم بالرياضة التي أحبها.

إقرأ أيضاً: كيفيّة الاعتذار، طلب العفو بلباقة

إذاً يتطلب الأمر شجاعة الاعتراف بأنَّك كنت لئيماً (اعترف)، لكن "أنا قبلت عذرك، وسأحب ذلك لو حضرت المباراة الأربعاء (قبول)" كما يمكنك إضافة بعض الفكاهة هنا أيضاً للحصول على نتيجة مرضية: "مهلاً، ربما يمكننا الذهاب لاحتساء القهوة بعد ذلك في مقهى الفن الغريب الذي تفضلينه".

إقرأ أيضاً: لماذا لا يقدر بعض الناس على قول كلمة "آسف"؟

في الختام:

عليك البدء من جديد:

تتراكم الأعمال غير المكتملة؛ لذا تجاهلِ المشكلات الصغيرة والكبيرة حتى لا تتراكم وتدرَّب على الاعتذار المتبادل كثيراً؛ فالحب يعني الاعتذار والمسامحة وعندها ابدأ من جديد وفي هذه اللحظة بالذات بصفتكما أصدقاء ومحبين كرماء لأنَّك إنسان أكثر حماسة من دمية محشوة.




مقالات مرتبطة