خطوات البحث العلمي بالترتيب

تتَّخذ الأمم وشعوب العالم من البحث أساساً لتطورها وتقدمها، فالبحث العلمي هو الوسيلة والطريقة التي تؤدي إلى الوصول إلى المعرفة واكتشاف المعلومات وصولاً إلى العثور على حل للمشكلات التي تعترض طريق الإنسان وتمنعه عن العيش في الحياة بسلام، وهو سلوك إنساني منظم للسعي وراء الحقيقة؛ إذ يوضح أسباب الظاهرة أو الحادثة ويساعد على فهم آليات حدوثها وأساليب عملها وإيجاد حل لمشكلاتها.



البحث العلمي هو:

  1. نظام يهدف إلى نمو الإدراك البشري ومساعدته على تحقيق الاستفادة مما يوجد من معارف.
  2. سلوك إجرائي له عمليات تخطيطية وتنفيذية للوصول إلى نتيجة محددة.
  3. منهج علمي مدروس للبحث عن الحقيقة وإيجاد حل للمشكلات.
  4. خطوات متتابعة ومتناغمة يتخذها الباحث للتقدم في البحث والوصول إلى حل للمشكلة.
  5. البحث العلمي عملية موثوقة يمكن إجراؤها وتكرارها للوصول إلى نتائج مشابهة.
  6. البحث العلمي عملية موجهة لتعديل أو إثراء المعرفة الإنسانية.
  7. البحث العلمي عبارة عن خطوات متسلسلة مترابطة.
  8. البحث العلمي قد يبدأ بصفة عامة للمشكلة ويستقرئ الباحث تفاصيلها ومحسوساتها وأمثلتها المختلفة من البيئة، ومن ثم يضيق تركيزه على مشكلة بعينها يبحث فيها باهتمام مباشر وفق خطوات البحث العلمي المتسلسلة والمتلازمة، فكل خطوة تؤدي إلى الخطوة التالية.

خطوات البحث العلمي:

1. العنوان:

تمثل عملية اختيار عنوان البحث أهم خطوات البحث العلمي، فغالباً الفشل في الأبحاث العلمية مرده إلى الإخفاق في تحديد موضوع البحث بشكل واضح، فالخطوة الأولى تنطلق من تحديد الفكرة، ويمكن للباحث الاستعانة بمصادر عدة لتساعده على توليد الأفكار لاختيار عنوان بحثه منها:

  • المشكلات التي تناولها الباحثون العلميون في السابق ولم يصلوا فيها إلى حل.
  • الاطلاع على الأبحاث والدراسات السابقة والمقالات العلمية وتقارير الأبحاث المختلفة.
  • الممارسة العملية.

توجد مجموعة من المعايير التي يجب على الباحث مراعاتها عند اختيار الموضوع، ومنها:

  • حداثة الموضوع والشيء الذي سوف يضيفه البحث إليه؛ أي القيمة العلمية والعملية للبحث.
  • قدرة الباحث والخبرة التي يملكها لدراسة هذا الموضوع.
  • توفر المعلومات والبيانات اللازمة لدراسة الموضوع.
  • هل سوف يقود البحث إلى دراسات أخرى؟
  • هل يمكن تعميم النتائج التي سوف يصل إليها البحث؟

يجب أن تتم صياغة العنوان بدقة وموضوعية ووضوح وألا يكون طويلاً أو يحتوي على كلمات زائدة لا تفيد الموضوع، كما يجب أن يعكس العنوان موضوع البحث وأن يكون شاملاً لمتغيرات البحث المستقلة والتابعة بشكل واضح.

2. المقدمة:

تمثل المقدمة الجزء الذي يشرح موضوع البحث عموماً دون أن تتضمن تفاصيل، فهي وُجدت بغرض تشويق القارئ لمتابعة القراءة، وتأتي بعد العنوان مباشرة، وهي توضح فكرة البحث المحورية.

3. مشكلة البحث:

تعبِّر مشكلة البحث عن إحساس الباحث بوجود مشكلة، وتنتج المشكلة عن عدم رضى الباحث عن ظاهرة ما أو الحاجة إلى إجراء تعديل وإثراء المعرفة الإنسانية ورفدها بأفكار جديدة، وتتولد مشكلة البحث من أربعة مصادر رئيسة هي:

  • الخبرة العملية للباحث والتجارب السابقة التي مر بها.
  • قراءة الباحث الناقدة للكتب والمجلات العلمية.
  • الدراسات السابقة.
  • الخبراء والمتخصصون الذين سبق أن عملوا في ذات الموضوعات في السابق.

شاهد بالفيديو: 12 نصيحة لتسريع عملية التعلم

4. أهداف البحث:

الهدف الأساسي للبحث العلمي هو تعديل وإثراء المعرفة والسعي نحو تطوير المجتمع وقيادته نحو الوصول إلى الرفاهية، فالبحث يهدف إلى حل المشكلة التي تعوق تحقيق ذلك؛ لذا عند صياغة أهداف البحث يجب أن تؤخذ في الحسبان النتائج المراد الوصول إليها وليس الاتجاهات الشخصية نحو موضوع البحث، فالهدف يعكس ترجمة لمشكلة البحث، والباحث هنا يسعى إلى إثبات أو نفي قضية معينة أو الوصول إلى نتيجة جديدة.

يجب أن تكون الأهداف:

  • مرتبطة بمشكلة البحث.
  • محددة بدقة.
  • موضوعية وواقعية.
  • قابلة للقياس باستخدام مؤشرات البحث العلمي.
  • غير قابلة للتأويل وبعيدة عن الغموض.

5. أهمية البحث:

تقسم أهمية البحث إلى:

  • الأهمية النظرية: الإضافة النظرية لموضوع البحث، كأن يعطي تعريفاً جديداً أو يطور مفهوماً جديداً أو يصحح بعض الأفكار.
  • الأهمية العلمية: القيمة المضافة التي سوف يقدمها الباحث للمعرفة الإنسانية.
  • الأهمية العملية: توضح مقدار الاستفادة من النتائج التي يمكن أن يتوصل إليها البحث في نهايته، مثل دراسة أثر الحوافز في زيادة إنتاجية العاملين؛ إذ تتخذ النتيجة التي توصل إليها البحث أساساً كنتيجة الأثر الإيجابي للحوافز في زيادة إنتاجية العاملين في اتخاذ الإدارة لقرارها مثل تطوير نظام الحوافز لديها.

6. أسباب اختيار البحث (دوافع البحث):

تمثل الدوافع الأسباب الذاتية والموضوعية التي ترتبط بالباحث والتي دفعته لاختيار موضوع بعينه والبحث عن حل مشكلة فيه، ويجب أن تكون الدوافع واضحة ومقنعة لكل من يقرأ البحث بحيث تشجعه على متابعة القراءة وعدم الابتعاد عنه.

إقرأ أيضاً: ما هو التعليم المستمر؟ وما هي أهميَّته؟

7. متغيرات البحث:

  • المتغيرات المستقلة: هي المتغيرات التي تتغير بصرف النظر عما يحدث بغيرها من المتغيرات، فهي التي تعمل على إحداث التغيير في قيم المتغير التابع.
  • المتغير التابع: هو المتغير الذي يتغير بتغير المتغيرات المستقلة، وهو المتغير الذي يحتاج إلى تفسير.

مثال: أثر الحوافز المادية والمعنوية في أداء العاملين:

  • المتغير المستقل: الحوافز المادية والمعنوية.
  • المتغير التابع: أداء العاملين.

8. فرضيات البحث:

يتم اختيار الفرضيات وصياغتها كي تمثل حلاً لمشكلة البحث الرئيسة، وهي عبارة عن تخمين وتوقع محتمل لربط الأسباب بمسبباتها، ومن ثم الحصول على تفسير منطقي لمشكلة الدراسة؛ لذا يجب أن تصاغ بطريقة منظمة.

من شروط صياغة الفرضيات:

  • الدقة والموضوعية والوضوح في الصياغة اللفظية.
  • أن تكون على شكل علاقة بين متغيرات قابلة للقياس.

يوجد نوعان لصياغة الفرضية:

  • الصياغة الشرطية: وهي توقُّف حدوث ظاهرة على حدوث ظاهرة أخرى.
  • الصياغة الارتباطية: تعني وجود علاقة بين متغيرات الظاهرة سواء بشكل طردي أم عكسي، مثل المشكلات السلوكية للأطفال ترجع إلى إساءة المعاملة من الوالدين.

تساعد صياغة الفرضيات البحثية الباحث على فهم المشكلة بشكل أفضل، كما تحدد مسار البحث والأسلوب العلمي والمنهج الذي سوف يُتبع في البحث.

9. الدراسات السابقة:

يُقصد بالدراسات السابقة الأبحاث التي سبق أن تناولت الموضوع، وتساعد الدراسات السابقة الباحث على الاختيار السليم للموضوع وتجنِّبه مشكلة الوقوع في التكرار وتناول الموضوع من جوانب سبق لغيره البحث فيها، ومن ثم لن يكون للبحث أيَّة قيمة مضافة، كما تعرِّف الباحث إلى المشكلات والصعوبات التي واجهت الباحثين من قِبله والحلول التي وجدوها لتلك الصعوبات، كما تضمن الدراسات السابقة للباحث تزويده بالمراجع والمصادر التي يمكن أن تساعده في بحثه، ويجب على الباحث توثيق الدراسات السابقة وأهم المعلومات الواجب عليه تدوينها في توثيقها:

  • عنوان الدراسة، اسم الباحث، عام النشر.
  • متغيرات الدراسة.
  • حدود الدراسة.
  • أساليب جمع المعلومات.
  • النتائج التي توصلت إليها الدراسة.

10. الحدود:

تعبِّر الحدود عن القيود الزمانية والمكانية التي يجب على الباحث تنفيذ بحثه خلالها، وهي:

  • الحدود المكانية: تمثل الحيز الجغرافي الذي سينفذ البحث فيه مثل دولة أو محافظة أو منطقة محددة.
  • الحدود الزمنية: تمثل الفترة الزمنية التي سينفذ البحث خلالها وقد تكون سنة أو شهراً أو أكثر أو أقل.

11. المجتمع وعينة البحث:

  • المجتمع: هو جميع الأفراد أو الأشياء الذين يشكلون موضوع البحث وذات العلاقة المباشرة بمشكلة الدراسة.
  • العينة: هي مجموعة جزئية من مجتمع البحث وممثلة له، ومن شروط اختيار العينة أن يتم اختيارها بشكل عشوائي بعيد عن أي تحيز وأن تمثل المجتمع الحقيقي تمثيلاً صحيحاً، إضافة إلى اختيار حجم العينة بالشكل الذي يناسب أهداف البحث وطبيعة المشكلة التي يعالجها.
إقرأ أيضاً: 15 نصيحة لتزيد من قدرتك على التعلم

12. أدوات البحث:

تمثل أدوات البحث الوسائل التي يستخدمها الباحث في جمع المعلومات، ومن أنواع الأدوات:

  • الملاحظة: مراقبة ظاهرة معينة سواء بشكل بسيط دون استخدام أدوات قياس علمي أم الملاحظة المنظمة التي تتم وفق منهج محدد باستخدام وسائل قياس.
  • العينة: جزء من مجتمع قيد الدراسة، ويتم اختيارها بحيث تمثل المجتمع.
  • المقابلة: بنوعيها الفردية والجماعية، بهدف الحصول على المعلومات بشكل مباشر.
  • الاستبيان: هو عبارة عن مجموعة من الأسئلة التي توزَّع على عينة الدراسة للحصول على المعلومات اللازمة.
  • المراجع والكتب والأبحاث السابقة.
  • الأساليب الإحصائية.

شاهد بالفيديو: 13 طريقة لتطوير التعلم الذاتي والتعلم بسرعة

13. النتائج:

هي خلاصة البحث وما توصل إليه الباحث بعد جمع المعلومات وتحليلها، وعلى الباحث أن يتحلى بالأمانة العلمية وأن يقدم النتائج التي وصل إليها سواء أكانت كما يتوقعها أم مخالفة لتوقعاته، أحبها أم كرهها، كما يجب أن يوجد توازن بين عدد فرضيات البحث وبين عدد النتائج التي توصَّل إليها.

14. التوصيات:

هي عبارة عن المقترحات التي يقوم الباحث بتقديمها في نهاية بحثه؛ أي تحديد النفع من بحثه للجهة قيد الدراسة، كما يمكن أن يقترح تطوير الدراسة التي قام بها.

15. الملاحق:

هي عبارة عن مستندات ذات صلة بموضوع البحث وتأتي بعد نهاية البحث وقبل قائمة المصادر، وهذه الملاحق تبرز أهميتها من خلال توضيحها للجهد الذي بذله الباحث في جمع المعلومات، لكن يجب ألا يكون عدد الملاحق كبيراً فتشغل القارئ بها ويبتعد بذهنه عن موضوع البحث الأساسي، ومن جملة الملاحق: الجداول، الخرائط التوضيحية، الاختبارات، الاستبيانات، القرارات الرسمية، المعاهدات، الوثائق، الفتاوى، الرسائل الورقية.

16. المصادر والمراجع:

هي قائمة بالكتب والأبحاث التي استعان بها الباحث لإنجاز بحثه، ويجب أن توضع في نهاية البحث مرتبة بحسب الترتيب الأبجدي.

في الختام:

يسعى الإنسان باستمرار إلى تفسير الظواهر التي تحيط به، فقد لجأ من أجل مساعدته على تحقيق هدفه إلى إجراء الأبحاث العلمية؛ إذ يسهم البحث العلمي في إثراء وإنتاج معرفة أصيلة تنعكس على حياتنا اليومية وتغنيها وتجعل من الحياة أسهل، ولا يتم ذلك ما لم يعتمد الباحث على الموضوعية والدقة والشفافية في بحثه، فالبحث العلمي نشاط إنساني ديناميكي لا يعرف الثبات أو الجمود، يشجع الاكتشاف والبحث الذاتي لحل المشكلات التي تعترض طريق الإنسان وسعادته.




مقالات مرتبطة