حقوق الإنسان: مفهومها وأنواعها

في ظل ظهور رأي عام عالمي يطالب باحترام الإنسان والاعتراف بحقوقه وحرياته، وبسبب تجاوزه الرأي والضغط الذي نتجت عنه حدود الدول والقارات ومع التطور الكبير الذي شهده العالم تم في عام 1945م وضع الحجر الأول والمرتكز الأساسي لحقوق الإنسان ضمن ما يعرف بميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.



لقد أصبح الجميع حول العالم يرى العلاقة بين وجود السلم والأمن الدوليَين من جهة وبين احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع الأفراد دون أي تمييز من جهة أخرى.

حقوق الإنسان هي مجموعة من المبادئ التي تمثل نموذجاً للسلوك البشري، فهي مجموعة حقوق متأصلة لدى جميع البشر لا يجوز المس بها، فهي مستحقة لدى كل فرد ذكر أو أنثى وملازمة له على اختلاف جنسه أو مكان ولادته أو مكان إقامته أو أصله الوطني أو أصله العرقي أو لونه أو لغته أو دينه، فحقوق الإنسان حقوق مترابطة متلازمة لا يمكن تجزئتها، وينبغي أن يتمتع بها جميع أبناء الجنس البشري على قدم المساواة دون أدنى تمييز.

نظراً لأهمية تلك الحقوق لم تكتفِ الأمم المتحدة بالنصوص الواردة في ميثاق عام 1948م؛ بل ذهبت أبعد من ذلك وعملت على استكمال تلك النصوص من خلال إصدار الصكوك وعقد الاتفاقيات الدولية التي تتناول مختلف حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ولعلَّ أهمها ما يُعرف بالشرعية الدولية لحقوق الإنسان، إذاً فحقوق الإنسان هي بيان قانوني يوضح كل ما يمكن أن يحتاج إليه البشر ويضمن لهم حياة إنسانية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

مفهوم حقوق الإنسان وتعريفها:

يعد مفهوم حقوق الإنسان مفهوماً تطورياً، فقد طرأت عليه تغييرات عدة قبل أن يتخذ هذا الاسم وتعترف به جميع دول العالم، وقد كانت تسمى في القرن الثامن عشر بالحقوق الطبيعية، كما سميت بحقوق قانون الشعوب، وأيضاً أطلق عليها الباحثون والكُتَّاب في هذا المجال تسميات عدة مثل الحريات العامة والحقوق الأساسية للفرد، وعُرفت في الكثير من دساتير دول العالم بالحقوق والواجبات الأساسية، وعلى العموم فمصطلح حقوق الإنسان ينبثق عن مفردتين؛ الأولى هي (الحق)، والثانية هي (الإنسان).

الحق كما عرَّفه معجم مصطلحات حقوق الإنسان بأنَّه قدرة شخص من الأشخاص على أن يقوم بعمل معين يمنحه القانون له ويحميه تحقيقاً لمصلحة يقرها، وإنَّ كل حق يقابله واجب، وأما حقوق الإنسان فهي من المفاهيم واسعة المضمون؛ إذ تشمل مجموعة كبيرة من الحقوق سواء المدنية أم السياسية أم الاجتماعية أم الاقتصادية أم الثقافية، كما أنَّ مفهوم حقوق الإنسان من المفاهيم التي يجب التعامل معها بحذر؛ إذ إنَّها تدخل في مجمل نشاطات الإنسان اليومية، وكذلك علاقاته الفردية والجماعية، إضافة إلى السلطة القائمة، وتعرِّف حقوق الإنسان:

1. الأمم المتحدة:

(حقوق الإنسان هي ضمانات قانونية عالمية لحماية الأفراد والجماعات من إجراءات الحكومات التي تمس الحريات الأساسية والكرامة الإنسانية، ويلزم قانون حقوق الإنسان الحكومات ببعض الأشياء ويمنعها من القيام بأشياء أخرى).

2. كارل فاساك:

(حقوق الإنسان علم يهم كل شخص ولا سيما الإنسان العامل الذي يعيش في إطار دولة معينة والذي إذا ما كان متهماً بخرق القانون أو ضحية حالة حرب، يجب أن يستفيد من حماية القانون الوطني والدولي وأن تكون حقوقه - خاصة الحق في المساواة - مطابقة لضرورات المحافظة على النظام العام).

3. محمد عبد الملك متوكل:

"حقوق الإنسان هي مجموعة الحقوق والمطالب واجبة الوفاء لكل البشر على قدم المساواة دونما تمييز بينهم".

حقوق الإنسان هي حقوق لصيقة بالإنسان وهي واحدة لجميع أبناء الجنس، وهي ملك للناس لا يمكن أن تُشترى أو تُكتسب أو تُورث ولا يمكن انتزاعها، فلا يحق لشخص حرمان شخص آخر من هذه الحقوق فهي ثابتة وغير قابلة للتصرف فيها، وذلك كله من أجل تحقيق هدف واحد، وهو تحقيق حياة كريمة للإنسان والعيش بكرامة متمتعاً بالحرية والأمن والسلام والعيش الكريم.

صفات حقوق الإنسان:

صفات حقوق الإنسان

1. الأزلية:

الحقوق هي موجودة منذ وجود الإنسان، فليست حديثة أو ظهرت بسبب الأحداث العالمية، فهي تختلف عن الحقوق الوليدة كحق الملكية الفكرية، فمثلاً الكاتب أو الشاعر يحتاج إلى ضمان حقه فيما يكتب، فتم إيجاد حق الملكية الفكرية الذي يحمي ما ينتجه من أفكار، بينما حقوق الإنسان الأساسية مثل حق الحياة والحرية والعيش بكرامة هي حقوق ملازمة للجنس البشري منذ خلق الإنسان.

2. الأبدية:

سوف تظل حقوق الإنسان ملازمة للإنسان طوال مدة وجوده على سطح الكرة الأرضية، فوجودها يمثل ضمانة للإنسان كي يحيا حياة كريمة أينما وجد.

3. التلازم:

ترافق حقوق الإنسان الإنسانَ منذ ولادته ويموت هو وتبقى هي، فهي حق أساسي لم يمنحه أحد ولا يمكن لأحد مهما بلغت قوَّته وجبروته حجبها عنه.

4. العلانية:

هي موجودة حكماً ولا تحتاج إلى أن تقرها الدول أو السلطات.

5. شاملة:

هي حقوق ملازمة للإنسان في أي مكان وأي زمان بصرف النظر عن جنسه أو لونه أو عرقه أو لغته.

6. العالمية:

حقوق الإنسان يتمتع فيها كل فرد على سطح الأرض، فحقوق الإنسان تعمل على نطاق عالمي بحيث يتجاوز الحدود الوطنية والإقليمية.

أنواع حقوق الإنسان:

أنواع حقوق الإنسان

يمكن تسميتها بأجيال حقوق الإنسان فهذه الحقوق كلها تحمل الأهمية نفسها، وقد وردت في (الشرعية الدولية لحقوق الإنسان) وهي:

1. الحقوق المدنية والسياسية:

تسمى بالحقوق السلبية وتوصف بالتقييد؛ وذلك لأنَّها عبارة عن حقوق يمارسها الفرد، وعلى الدولة أو النظام السياسي القائم عدم التدخل أو منع ممارستها وتنفيذها، على سبيل المثال يوجد حق الفرد في التعبير عن رأيه، وهو حق يمارسه الفرد من تلقاء نفسه وليس على الدولة أن تقوم بجعل الأفراد يمارسونه، فيجب أن يمارس هذا الحق دون توجيه أو مساعدة؛ إذ يعبِّر عن رأيه حين يريد هو ذلك وليس عندما يطلب الآخرون منه، ويقع على الدولة واجب حمايته وضمان هذا الحق له.

على الرغم من إتاحة هذه الحقوق للأفراد، لكن بعض الحقوق تحتاج إلى تنظيم مثل حرية التنقل وحرية تكوين الجمعيات والأحزاب، وهنا يمكن للدولة فرض بعض القيود حتى لا يتم التعدي على حقوق الآخرين أو سمعتهم أو خرق النظام العام في المجتمع، لكن هذه القيود يجب أن تصدر بقانون وفي أضيق الحدود لها.

2. الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:

هذا الجيل من الحقوق يسمى بالحقوق الإيجابية وتوصف بالمتدرجة؛ إذ تحتاج إلى تدخل الدولة المباشر من أجل إتاحة الفرصة أمام الأفراد للتمتع بها، فتسمى بالحقوق الإيجابية لأنَّ الفرد يمارسها بعد أن تقوم الدولة باتخاذ خطوات مباشرة تمكِّن الأفراد من ممارستها مثل حق التعليم؛ إذ تضمن حقوق الإنسان التعليم للفرد لكن يجب على الدولة أن تتخذ مجموعة من الإجراءات والبرامج مثل فرض التعليم بشكل إلزامي ومجاني، الأمر الذي يترتب عليه إنشاء المدارس للتمتع بذلك الحق.

هذا الجيل من الحقوق يحمل صفة التدريج فهي بخلاف الجيل الأول؛ أي الحقوق المدنية والسياسية الفورية تستغرق وقتاً طويلاً، كما تتطلب شروطاً أخرى مثل توفر الموارد المالية في الدولة وعدم التمييز في تقديم هذه الخدمات وأن تكون الفترة الزمنية لممارسة هذا الحق معقولة.

3. التضامن والتسامح:

يرتبط الجيل الثالث من حقوق الإنسان بالتنمية والبيئة وحفظ التراث والسلم واللاجئين، وتطبيق هذه الحقوق يحتاج إلى تعاون بين دول العالم كافة وإلى التسامح العالمي فلا يمكن لدولة وحدها أن تقوم بحل مشكلة البيئة.

إقرأ أيضاً: مظاهر تكريم الله والدين الإسلامي للإنسان

المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان:

  1. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948م.
  2. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عام 1966م، ومن جملة الحقوق الواردة فيه: حق تقرير المصير، حق حرية الشعوب في التصرف بثرواتها، حق الحياة، حق المعاملة الإنسانية ومنع التعذيب، منع الرق والاتجار بالرقيق، حق الحرية، المساواة أمام القضاء، حق الاعتراف بالشخصية القانونية.
  3. العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عام 1966م، ومن جملة الحقوق الواردة فيه: حق التعليم، مجانية التعليم، حق الصحة والرعاية الصحية، الضمان الاجتماعي، العمل والأوضاع الملائمة له، حق الحصول على مستوى معيشي ملائم، حق المشاركة في الحياة الثقافية.
  4. البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عام 1966م.
  5. البرتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام عام 1989م.
  6. الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري عام 1965م.
  7. اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 1979م.
  8. البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 1999م.
  9. اتفاقية حقوق الطفل عام 1989م.
  10. 10. البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلقة ببيع الأطفال وبغاء الأطفال واستغلال الأطفال في المواد الإباحية عام 2000م.
  11. البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق بإشراك الأطفال في النزاعات المسلحة عام 2000م.
  12. اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية عام 2003م.
  13. الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم عام 1990م.
إقرأ أيضاً: العنصرية وآثارها المجتمعية وكيفية مواجهتها

في الختام:

حقوق الإنسان هي حقوق لكل البشر، فهي متأصلة لديهم ويتمتع بها كل فرد يحيا على سطح الأرض مهما كان جنسه أو لونه أو عرقه أو عقيدته أو دينه وما إلى هنالك، وهذه الحقوق لا يجوز المساس بها أو سحبها أو التنازل عنها أو التصرف بها بأي شكل من الأشكال، فهي ليست مكتسبة من أحد، ويمكن القول إنَّ مجمل هذه الحقوق على اختلافها تهدف إلى الحفاظ على مبادئ أساسية للحياة الإنسانية الكريمة وهذه المبادئ هي (الحرية، الكرامة، العدالة، المساواة، التضامن، التسامح).




مقالات مرتبطة