توقف عن مطاردة الفرص

هل تعتقد أنَّ المزيد من الفرص يعني المزيد من النجاح؟

أنا متأكد من أنَّك تعتقد ذلك، ونظراً لأنَّنا جميعاً نريد أن نشعر بأهميتنا في هذا العالم، فإنَّنا نعتقد أنَّ طريقة تحقيق ذلك هي السعي وراء كلِّ فرصة متاحة، وكثيراً ما أسمع هذه العبارة: "إنَّها فرصتي".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" ( Darius Foroux)، ويُخبرنا فيه عن ضرورة التوقف عن مطاردة الفرص.

لكنَّها فكرة غير سديدة؛ فالسعي خلف الفرص استراتيجيةٌ سيئة، والسعي إلى تطوير المهارات والاستعداد للفرص أكثر عملية؛ إذ يُعَدُّ هذا مختلفاً عن طريقة تفكيرك؛ لكنَّه يغير كلَّ شيء، وقد أوضح الرئيس الأمريكي السابق أبراهام لنكولن (Abraham Lincoln) ذلك توضيحاً جيداً: "سأستعد، وستأتي فرصتي يوماً ما".

نحن دائماً نبحث عن الفرصة الكبيرة التالية، أو فكرة العمل الكبير التالية، أو التكنولوجيا التي يجب تبنيها، أو عطلة نرتب فيها خططنا، أو منزلٍ نشتريه، أو شخصٍ نحبه، أو ترقية نحصل عليها.

ما الذي تسعى إليه في حياتك؟

هل أنت مرتبك ومشتَّت؟ وهل تحاول تحقيق أقصى استفادة من كلِّ شيء؟ هل تحاول اغتنام كلِّ فرصة تأتي في طريقك؟ إذا كان الأمر كذلك، فأنت تخدع نفسك، وتريد كلَّ شيء، وتفتقر إلى شجاعة الرفض؛ لذلك تقول نعم، وتضع نفسك في موقف صعب.

شاهد بالفديو: تعلم كيف تغتنم الفرص بـ 10 خطوات

تحديد معظم الأولويات يعني عدم التركيز:

يجب أن أكون صادقاً - أنا أتحدث عن نفسي هنا - فمعظم حياتي، كنت أنتقل من فرصة إلى أخرى، وقد تغيَّر ذلك منذ نحو عامين عندما قررت التركيز فقط على تنمية أهم مهاراتي وأعمال عائلتي ومدونتي.

لقد سارت الأمور على ما يرام، ورفضت كلَّ الأشياء الأخرى؛ لكنَّني شعرت بإغراء الفرص في الأشهر القليلة الماضية الاستشارات والتدريب والتحدث وكتابة مزيد من الكتب وبدء أعمال أخرى، وإنشاء مقاطع فيديو على موقع يوتيوب (YouTube) عن أشياء فعلتها أو فكرت فيها.

لكن كلُّ ما فعلته كان يربكني، فقد كان لدي كثير من الأولويات وكثير من عدم التركيز، وحان الوقت بالنسبة إلي لإعادة التفكير في الفرص المتاحة أمامي، ومع ذلك؛ فالأمر لا يتعلق أبداً بإيجاد الفرص؛ فكلُّ شخص لديه فرص؛ لذلك لا يتعلق الأمر بعدد الفرص المتاحة أمامك؛ بل يتعلق بعدد الفرص التي ترفضها، وهذا ليس بالأمر السهل.

لذا قررت التركيز فقط على عملي والمدونة والدورات التدريبية عبر الإنترنت والتدوينات الصوتية، أربعة أشياء فقط، وكلُّها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً، وأصبحت أرفض كلَّ فرصة أخرى.

إقرأ أيضاً: تحديد الأولويات: أفضل استثمار للجهد والوقت

الفرص ليست خارجية فقط:

تأتي معظم الفرص من الداخل، في كلِّ مرة تفكر فيها: "هل يجب أن أسعى إلى تحقيق هذا الشيء؟" أنت تصنع فرصة، وهذا يتطلب كثيراً من القدرات العقلية؛ لذلك اجعل حياتك سهلة وقرر ما تريد التركيز عليه في حياتك المهنية، والمجالات التي تريد التطور والتقدم فيها؟ وافعل ذلك بالضبط، ولا شيء آخر.

"كم عدد الأشياء التي يجب أن أركز عليها؟"

يعتمد ذلك على مكانك في الحياة؛ ففي بداية الحياة المهنية، سأختار مهارةً واحدة لتسهيل الأمور، فما عليك سوى اختيار مهارة واحدة وإعطائها كل انتباهك، لكن أيضاً امتلاك مهارة واحدة فقط في الحياة لن يوصلك إلى أي مكان، فعندما أنظر إلى الأشخاص الذين يقومون بعمل جيد في الحياة، غالباً ما يجمعون بين مهارات عديدة للحصول على ميزة تنافسية.

أنت أيضاً لا تريد أن تكون شخصاً يقوم بالعديد من الأعمال المختلفة، وبخلاف ذلك، فأنت جيد في العديد من الأشياء الأخرى؛ لكنَّك لست استثنائياً في بعضها الآخر.

إقرأ أيضاً: ما هي حالة التركيز؟ وكيف تصل إليها لتعزيز إنتاجيتك؟

"كيف أعرف أنَّ الفرصة مناسبة؟":

تعرف ذلك عندما تعلم أنَّ الأمر يتطلب عملاً شاقاً لتحقيق الفرصة، وقد أشار المخترع الأمريكي توماس إديسون (Thomas Edison) إلى ذلك بطريقة جميلة: "يضيع معظم الناس الفرص خشية العمل المترتب على استثمارها"، ففي النهاية، الفرصة هي مجرد إمكانية لتحقيق شيء جيد، والفرصة وحدها لا تعني شيئاً، فإذا منحت عشرة أشخاص الفرصة نفسها، ستحصل على عشر نتائج مختلفة.

الفرصة تعني مزيداً من العمل (وهو ليس بالأمر الجيد دائماً)، ونظراً لأنَّك لا تريد العمل لساعات طويلة وبجهد كبير، فمن الأفضل أن تنتقي الفرص بحكمة؛ ولذلك أنا أسأل نفسي السؤالين الآتيين:

  1. ما الذي أجيده بالضبط؟ إذ يساعدك هذا السؤال على انتقاء الفرص التي تتوافق مع نقاط قوتك.
  2. ما هو نوع العمل الذي أستمتع به؟ لا أحب السعي وراء الفرص لمجرد أنَّني أعتقد أنَّها ستكسبني المال، أو لمجرد أنَّ الآخرين يسعون خلفها، فهذه أسباب لا قيمة لها.

عندما تجيب عن هذه الأسئلة بصدق، تقلِّل عدد الفرص الوظيفية، فلا أحد يجيد المئات من المهارات، ولا أحد يستمتع بفعل كلِّ شيء في العالم؛ فالحياة مليئة بالفرص، وعليك فقط معرفة الفرص التي تناسبك، وبالطبع من الصعب معرفة ذلك، فأنت لا تستطيع التحكم بالفرص التي تصادفها؛ لذا عليك الاستعداد من خلال تطوير مهاراتك وشخصيتك كلَّ يوم.

في الختام:

عندما تقرع الفرصة بابك، لا تخف من العمل، وتمسك بها بكلِّ قوتك، وامنحها كلَّ ما حصلت عليه من تطور.




مقالات مرتبطة