توقف عن تقديم وعود لا تستطيع الوفاء بها

هل تستمر دائماً في تقديم وعودٍ لا تستطيع الوفاء بها؟ أفهمُكَ وأعلمُ أنَّه من الصعب أن تقول "لا" للناس، وربما تكافح لتقول "لا" دون الشعور بالذنب أو إثارة الخلاف.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة ومؤسسة مدونة "جود لايف زين" (Goodlife Zen)، "ماري جاكش" (Mary Jaksch)، وتخبرنا فيه عن التوقف عن تقديم وعود لا نستطيع الوفاء بها.

الحقيقة هي أنَّنا جميعاً نحاول إرضاء الناس إلى حدٍ ما، لكن إذا كنت تحاول إرضاء الجميع، ودائماً ما تضع نفسك في المرتبة الأخيرة، فحينئذٍ أنت تعاني من مرض إرضاء الآخرين.

هل أنت أحد هؤلاء:

  • عندما أقول"لا" أشعر بالذنب.
  • لا أعرف كيف أبني الثقة أو أضع حدوداً للآخرين.
  • لا أعرف متى أقول نعم، وكيف أقول لا.

الحل هو التوقف عن محاولة إرضاء الجميع، والعثور على كيفية بناء الثقة، وتعلُّم تقنيات محددة لرفض ما يطلبه الآخرون منك؛ فإذا تمكَّنت من القيام بذلك، سوف تستعيد حريتك وراحة البال والسلام في حياتك.

إذاً، كيف تجد العزيمة على فعل ذلك بالضبط؟

يكون ذلك عندما تدرك جيداً حجم الخسارة في كل مرة تقبل فيها تلبية طلب أحدهم، ولكنَّك في أعماقك لا تريد ذلك.

التكلفة المخفية خلف كلمة "نعم":

لا تهدف القائمة أدناه إلى انتقادك أو التسبُّب لك بالاكتئاب؛ بل إلى إلهامك؛ فمن خلال إدراك ما تخسره، يمكنك إيجاد العزم على استعادة حياتك وقول "لا"، تماماً كما فعلت أنا، وربما يكون لديك المزيد ممَّا يمكن إضافته إلى هذه القائمة، لكن هذه هي الأشياء التي لها أكبر تأثير في احترامك لذاتك وثقتك بنفسك، ومن ثمَّ حياتك وسعادتك:

1. فقدان احترام الذات:

في كل مرة تقول فيها "نعم، أو حسناً" وأنت في الحقيقة تقصد أن تقول "لا، لا أريد ذلك" يتحكَّم الشخص الآخر في رغباتك حسبما يريد، لكنَّ رغبتك في الرفض لا تختفي؛ بل تجول في ذهنك، وتتفاقم في داخلك، وتُقوِّض احترامك لذاتك بتذكيراتٍ مزعجة دائماً بأنَّك لم تحصل على ما تريد، وأنَّك استسلمت لمطالب شخصٍ آخر مرة أخرى، ويوجد ما هو أسوأ.

فربما تشعر بالاستياء عندما تلاحظ أنَّ شخصاً ما يستغلُّك عندما يطلب منك كثيراً في كثير من الأحيان؛ إذ إنَّه ليس من الجيد أن يتم استهلاكك أو الاستفادة منك إلى هذا الحد، والقاتل الحقيقي لاحترامك لذاتك هو إدراكك أنَّ هناك تلاعباً يحدث، لكن ليس بالضرورة أن يكون هناك تلاعب، فبقولك "نعم" أنت بسهولةٍ من يضع قواعد الطريقة التي يجب أن تُعامل بها عن غير قصد من خلال الطريقة التي تعاملهم بها، ومن خلال تلبية طلباتهم دائماً، ففي الحقيقة، بوعيك أو من دونه، غالباً ما تكون أنت الشخص الذي يقوم بالتلاعب.

2. فقدان احترام الآخرين:

ربما باللاوعي، لكن مع مرور الوقت، يبدأ الآخرون في التوقف عن التفكير في مشاعرك ورغباتك حتى في حقوقك؛ إذ إنَّك لم تعطهم أبداً أي سبب للنظر في هذه الأمور، وبقولك "نعم" مراراً وتكراراً، تكون قد أنشأت رابطاً ذهنياً بما يريدون، وليس بما تريد، وهذا الرابط يزداد قوةً مع كل طلب تُلبيه لهم.

إقرأ أيضاً: 23 قول وحكمة عن أهمية الاحترام

3. فقدان الثقة:

كل هذه المرات التي قلت فيها "نعم"، والتي بدت حقيقيةً بما فيه الكفاية، هل رغبت في قولها؟ إذ إنَّك بالتأكيد حاولت على مضض ألَّا توافق، وكنت تهدف إلى الابتسام لا أن تغضب، وتُخفي مشاعرك، لكن مهما حاولت جاهداً، فإنَّ إخفاء ما تفكِّر فيه لا يعني أنَّك تقول الحقيقة؛ وبصفتك بشراً، لديك ما يُشعرك ويحذِّرك عندما تلاحظ أنَّ شخصاً ما غير صادق معك.

إذ إنَّه أمرٌ مزعج أن تقول "نعم" لمساعدة الآخرين أو لتراعي مشاعرهم، أو ربما حتى لإرضاء غرورهم؛ لكنَّهم مع ذلك، يتلقون الرسالة بأسلوب مختلف تماماً، ويعرفون أنَّ شيئاً ما غير حقيقي أو غير مريح موجود، وسرعان ما يفقدون الثقة بك.

4. فقدان الوقت للقيام بالأشياء التي تحبها:

قائمة مهامك أصبحت شبه مستحيلة، ولم تعد بتلك المتعة؛ إذ يمكن أن تستغني عن كل الأشياء التي ترغب في القيام بها، لأنَّه لم يعد لديك من الوقت ما يكفي لممارسة هواياتك، وشغفك، وجميع أنشطتك المخصصة للمتعة، وإذا كنت ستستمر بقطع الوعود، وتلبية طلبات الآخرين، فمن الأفضل لك تجاهُل هواياتك نهائياً.

5. تصبح أقل محبةً في نظر نفسك:

يوجد بعض الأشخاص الرائعين الذين تريد أن تنال إعجابهم واحترامهم، تماماً كما أنت تحترمهم وتُعجب بهم؛ إذ ترى الطريقة التي يصنعون بها الحياة التي يريدونها، وكيف يتابعون أحلامهم ويدافعون عمَّا هو هام بالنسبة إليهم، فتسمعهم يقولون "لا"، وتتمنَّى لو أمكنك ذلك أيضاً، وتتألَّم لأنَّك تتمنَّى لو أنَّهم يدركون مقدار تشابهكم وقدرتكم على الانسجام معاً.

مع ذلك، يبدو أنَّهم غير مهتمين بك، فأنت مجرد شيء ثانوي بالنسبة إليهم، وهذا يضر تماماً بمدى شعورك بأنَّك محبوب؛ لكنَّهم لن يتعرفوا أبداً إلى روعتك إذا واصلت الاختباء خلف كل "نعم" تقولها.

الحقيقة هي أنَّه غالباً ما يكون لديك مبرر لذلك؛ إذ تلاحظ عندما تحاول دائماً إرضاء الناس، مع كل تلك الوعود التي تقطعها، لا بد أن تنسى أو تسهو عن أحدها، فأنت مرهقٌ جداً، لدرجة أنَّك تخذلهم في النهاية، ونظراً لأنَّك أثبتَّ حتى ذلك الوقت أنَّك شخص موثوق به جداً، فقد تعلَّموا أنَّه في إمكانهم مطالبتك بفعل أشياء بالغة الأهمية بالنسبة إليهم؛ لذلك عندما تضطر في النهاية إلى خذلانهم، فإنَّك تخذلهم بشدة؛ وتتلاشى حينها ثقتهم بك.

6. فقدان الثقة بنفسك وفقدان ثقة الآخرين بك:

إنَّ قول ما تعتقد أنَّ الآخرين يريدون سماعه يبدو طريقة لطيفة لجعلهم يشعرون بالرضى، ومن الناحية النظرية، تعدُّ هذه طريقة جيدة لإنهاء أي خلاف، فلا أحد يريد أن يظهر بمظهر المُزعج والمُسبِّب للخلافات، لكن في حقيقة الأمر، يؤدي هذا الأمر إلى الشعور بالذنب.

الحقيقة هي أنَّه غالباً عندما يأتمنك الناس على أسرارهم، فهم يطلبون نصيحتك بصمت؛ فإذا كنت تومِئ برأسك بشكلٍ أعمى وتقول "نعم"، سيدرك ذلك معظم الناس، والنتيجة هي أنَّهم في الحقيقة لا يشعرون بتحسُّنٍ كبير ولا يجدون حلاً لمشكلتهم.

لذلك، في المرة القادمة، سيتجنَّبونك، ويثقون في شخص آخر؛ فعندما يأتمنك الناس على أسرارهم، فهذا يعني أنَّهم يثقون بك، وعندما لا تنال ثقة الآخرين بك، ينخفض مقدار احترامك لذاتك وثقتك بنفسك.

شاهد بالفديو: 8 عادات لبناء الثقة يمكنك البدء بها الآن

7. الشعور بالاستياء:

يبدو أنَّ وضع الآخرين في المقام الأول دائماً هو تصرُّفٌ لائق، ومراعٍ للمشاعر، وبعيد عن الأنانية، وعديد من الأشياء الأخرى التي نريد جميعاً أن نتحلَّى بها؛ فالاهتمام بشخص ما وتقديم العناية له بصرف النظر عمَّا خططت له، يجب أن يجعلك تشعر بالراحة، أليس كذلك؟

نعم، إلى حدٍّ ما؛ لكن يمكن أن تتحوَّل هذه المشاعر بسرعة إلى استياء، خاصة عندما تشعر بخيبة أمل، لأنَّك لم تحصل على ما تريد، وذلك لأنَّك مشغول جداً في تلبية ما يريده الآخرين؛ هذا أمر عادي وطبيعي، فلا تلم نفسك، ومع ذلك يأكلك الاستياء من الداخل، وسرعان ما يوجد الشك في أي اعتقاد كان لديك أنَّهم يحبونك على ما أنت عليه، وتتخيَّل أنَّهم يحبونك فقط لأنَّك تقول "نعم" لكل طلب؛ وهذا ما سيزيد من استيائك.

8. كره الأشياء التي اعتدت أن تحبها:

قد تبدو تلك الأشياء التي اعتدت على الاستمتاع بها بطريقة ما الآن عملاً روتينياً، فقولك "نعم" في كثير من الأحيان قد شوَّه التجربة برمَّتها.

ربما اعتدت على صنع المخبوزات، أو القيام بالتصميم الجرافيكي، لأنَّك تملك حسَّاً فنياً رائعاً؛ وهذا يجعل الآخرون يطلبون منك مزيداً في كل مرة؛ فالآن أنت خائف من أن يُطلب منك خدمة، وكنت تتمنَّى لو أنَّك لم تعرض مواهبك أبداً، وربما استمر الأمر لفترة طويلة حتى أنَّك لست متأكِّداً بعد الآن ممَّا إذا كان الأشخاص يحبون ما تفعله بالفعل؛ أم أنَّهم ينظرون إلى جهودك على أنَّها شيء متوفر دائماً وسهل المنال لا يحتاجون إلى دفع ثمنه، والآن أصبحت تكره صنع المخبوزات والتصميم لأنَّك فقدت كل المتعة في ذلك.

9. حرمان نفسك من فرصة القيام بالشيء الصحيح:

كان لديك دائماً سبب وجيه لقول "نعم" حتى لا تشعر بالذنب، لكن عندما يخالف ذلك مبادئك، فستعاني من الشعور بالذنب أيضاً.

إذاً، أنت متضرِّر سواء قلت "نعم" أم "لا"، لكن في الواقع، هذا ليس صحيحاً لأنَّ الأول يجلب الذنب الكاذب، والأخير الذنب الحقيقي، والتعامل مع الشعور بالذنب الحقيقي أفضل من التعامل مع الشعور بالذنب الكاذب.

حان الوقت ليتوقف فمك عن تقديم وعود لا يستطيع قلبك الوفاء بها:

اجمع كل التكاليف الخفية لقولك "نعم" وأدرك بسهولة، فلا يمكنك تحمُّل ذلك؛ لذا إذا كنت مهتماً بالتعلم، فتغلَّب على انعدام الثقة وكن أكثر حزماً، وارفض أي شيء دون الشعور بالذنب أو معاناة، لكي تستعيد السيطرة على حياتك وتحصل على وقت للقيام بما هو هام بالنسبة إليك، مع الأشخاص الهامين بالنسبة إليك.

إقرأ أيضاً: 13 نصيحة لتطوير الذات وتنميتها

في الختام:

هل كل الصراع الواضح والألم الناتج عن قول "لا"، يستحق كل هذا العناء؟

حسناً، تخيَّل كيف ستشعر؛ أغمض عينيك، وتخيَّل كم ستكون أكثر راحة، وكم ستستعيد من وقتك الخاص الضائع، وكم من الثقة واحترام الذات سيكون لديك.

المصدر




مقالات مرتبطة