توقف عن الخوف من العزلة

هناك فترة من حياتي كنتُ أرغب فيها أن أكون محاطاً بالناس؛ إذ لم أكن أستمتع بصحبة نفسي؛ لذا أعتقد أنَّني لم أرغب في أن أكون وحدي، ولكن مع مرور الزمن، تعلَّمتُ أن أتصالح مع نفسي وأتقبَّلها وأحبها وتعلمتُ كيف لا أشكك بقدراتي، وبدأتُ أدرك أنَّ العزلة تنطوي على راحة عظيمة، وأنَّه كلما زاد الوقت الذي أقضيه وحدي، زاد حبي لعملي وبدا لي أنَّني أمتلك المزيد من الحب، ليس تجاه عائلتي وأصدقائي المقربين فحسب؛ بل تجاه العالم بأسره.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "كريس' (Chris)، الذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته في استخدام العزلة لتطوير علاقته مع ذاته.

لا تخشَ العزلة:

بالنسبة إليَّ شخصياً، العزلة هي الحرية، فهي التحرر من الأعراف الاجتماعية ومن القيود المفروضة ذاتياً، ومن نقص المعرفة ومن كل شيء يمنعك من أن تكون صادقاً مع نفسك، ومن عيش حياةٍ ليس لها لا هدف ولا معنى؛ حيث تعلِّمك العزلة كيف تحب نفسك كما هي وكيف تتقبلها تماماً، فكلما زاد مقدار معرفتك بكيفية حب نفسك، أصبح من السهل أن تحب الأشخاص من حولك، وكلما أحببتَ الأشخاص من حولك، زادت جمالية الحياة.

شاهد بالفديو: ما هو علاج العزلة الاجتماعية؟

كيف تسبر أغوار ذاتك من خلال العزلة؟

تعلِّمك العزلة كيف تكون صادقاً مع نفسك وكيف لا تضيع وقتك وجهدك بعد الآن في عيش حياة شخص آخر والتصرف كما لو أنَّ متطلبات أي شخص آخر أكثر أهميةً من متطلباتك؛ إذ تسير بك العزلة على دربٍ سحري جديد تكتشف خلاله كيف تعيش حياتك متسلحاً بالحقيقة والحب والنزاهة العالية، كما تقودك في هذا الدرب الذي تتعلم فيه أن تحب نفسك بقدر ما تريد أن يحبك الآخرون، دربٌ تفهم خلاله أنَّ علاقتك مع نفسك مقدسة، وهذا ما يجعل العزلة أمراً هاماً.

يعتقد الأشخاص الذين تحبهم أنَّه في حال قلقتَ بشأنهم، فعليك أن تكون موجوداً في حياتهم، ولا تفارقهم وتبقى قريباً منهم، لكنَّني أدركتُ أنَّه في بعض الحالات عليك أن تمنحهم بعض الحرية، وتوضح لك العزلة كيفية القيام بهذا بالضبط، وإذا قضيتَ وقتك بعيداً عن كل شيء وعن كل شخص هادفاً بذلك إلى تجديد علاقاتك وتنميتها وتوطيد علاقتك مع نفسك وإيجاد الطريق الصحيح الذي عليك أن تسلكه والأهداف التي عليك تحقيقها في الحياة، فلن تحصل على القوة والشجاعة والثقة فحسب؛ بل سوف تفسح المجال أمام كل مَن تحبهم ليكتشفوا أنفسهم وليصبحوا أكثر صدقاً مع ذواتهم.

إقرأ أيضاً: 10 أشياء إيجابيَّة تحدث لك عندما تبقى وحيداً

لا شكَّ أنَّ علاقاتك مع جميع الأفراد في حياتك، كعائلتك وأقربائك وزملائك وجيرانك وأطفالك بالغة الأهمية، ولكنَّ العلاقة التي تربطك بذاتك على الدرجة نفسها من الأهمية؛ بل ويجب أن تكون أهم علاقة في حياتك؛ وذلك لأنَّك حين تحب نفسك كل الحب وعندما تكون صادقاً إلى أقصى درجة مع نفسك، يمكنك أن تحب من حولك وأن تظلَّ صادقاً معهم.

لا يعني هذا أن تكون أنانياً، وبالتأكيد لا يتعلق بعدم اهتمامك بالأشخاص الآخرين؛ بل يتعلق في الواقع بكونك صادقاً مع نفسك، وبتكريم نفسك بقدر ما تريد أن يكرمك الآخرون وبتعلُّم الحب والقبول واحتضان كل جوانب شخصيتك من أجل إلهام الآخرين وتمكينهم لاحقاً، ومن خلال أفعالك وسلوكاتك، وحثَّهم على تحقيق الشيء نفسه بالضبط، فقد تكون والداً أو ابناً أو زوجاً أو صديقاً أو حبيباً، وعلى الرغم من أنَّه في الكثير من الأحيان قد ترغب بفقدان تواصلك مع نفسك تماماً، وبالاهتمام بالآخرين ومنحهم جُلَّ حبك، إلا أنَّك تحتاج إلى أن تضع في حسبانك أنَّك وقبل أن تكون في حياة هؤلاء الأشخاص، كنتَ مع ذاتك الفريدة والأصيلة.

المصدر




مقالات مرتبطة