تفويض الصلاحيات: الدليل الكامل للقادة الفاعلين

هل تكره الفشل؟ حسناً، أنت محظوظ؛ لأنَّك ستتعلَّم اليوم فنَّ معالجة الفشل في حياتك العملية، ويُسمَّى هذا المفهوم السحري مفهوم "تفويض الصلاحيات".



عادةً ما يكون الفشل نتيجة العبء الزائد، فعندما تتحمَّل أكثر ممَّا تستطيع تحمُّله، فلن يكون أداؤك جيداً، حتَّى وإن امتلكت الخبرة الكافية للقيام بذلك بصورةٍ مثالية؛ كما أنَّه أمرٌ محبطٌ ومزعجٌ ومضيِّعٌ للوقت.

دعونا نُلقِي نظرةً عميقةً على مفهوم "تفويض الصلاحيات"، لمعرفة كيفية تحقيق أقصى استفادةٍ منه.

ماذا يعني تفويض الصلاحيات؟

تفويض الصلاحيات ليس سحراً ولا علماً معقَّداً، ويعني بالضبط: تقسيم عبء العمل وتوزيع السلطة؛ وأكثر ما يُقلق معظم القادة هو إساءة فهم هذه الفكرة، واعتقادهم أنَّ توزيع السلطة وتقسيمها يعني إلغاء سلطتهم.

والأمر ببساطةٍ هو أنَّ تقسيم وتوزيع الصلاحيات يشبه منح الفريق بأكمله استقلاليةً في وظيفته الخاصَّة لتقتصر عليها فقط، مع امتلاك ربِّ العمل سلطةً على جميع الموظفين.

يقلِّل تفويض الصلاحيات من أعباء أرباب العمل، فينقسم هذا العمل إلى مهام أصغر، ويوزَّع على الفريق، بحيث يعمل كلُّ الأعضاء في وقتٍ واحدٍ لإنهاء المشروع في وقتٍ أقصر.

3 عناصر لتفويض الصلاحيات:

لتفويض الصلاحيات ثلاثة عناصر رئيسة:

1. إسناد المسؤولية:

هذه هي الخطوة الأولى في العملية، حيث يُعيِّن الشخص المسؤول -المدير أو قائد الفريق- أعضاء الفريق الآخرين لإنجاز مهام معينة، وإكمالها في فترةٍ معينة. وبالطبع، هذا يقتصر فقط على من يملك سيطرةً وسلطةً أكبر في بيئة العمل من الموظَّفين.

2. منح السلطة:

الخطوة التالية هي إعطاء المرؤوسين سلطةً كافيةً لأداء المهمَّة المُوكَلة إليهم.

لذا، لنفترض أنَّك مشرفٌ وخصَّصت شخصاً واحداً في فريقك للقيام بمهمَّةٍ معيَّنة، ستكون هذه المهمَّة عديمة الفائدة إذا كان على المرؤوس أن يأتي إليكَ في كلِّ خطوةٍ للحصول على الأُذونات والتوقيعات المطلوبة لإنجاز المهمَّة.

إذا لم تمنح موظفيك السلطة والصلاحيات اللازمة، فأنت لا تفوُّضهم، بل تُوكِل إليهم مهاماً فقط؛ ممَّا لا يحقِّق لك أيَّ مزايا.

كما تُحمِّل السلطة الممنوحة المرؤوسَ المسؤولية الكاملة، فيصبح مسؤولاً تماماً عمَّا كُلِّف به، ليعمل عليه كما يحلو له، بحيث يُترَك الأمر له في كيفية معالجة العقبات؛ وكلُّ ما يجب أن تهتمَّ به بصفتك مشرفاً هو النتائج النهائية.

3. الحفاظ على المساءلة:

هناك دائماً خطرٌ من أنَّ بعض أعضاء الفريق قد لا يتصرَّفون بمسؤولية، وخاصةً عندما يُمنَحُون السلطة على مهمَّةٍ معينة، وهذا هو السبب بأنَّك يجب أن تجعل كلَّ موظفٍ أو عضو فريقٍ مسؤولاً عن أمرٍ ما.

يجب أن يتمتَّع المُشرِف على العمل بصلاحيةٍ كاملةٍ في سؤال الشخص المسؤول عن مهمَّته، فإنشاء ثقافة المساءلة في الشركة أمرٌ هام، وتحتَّل المساءلة مكانةً عاليةً في التسلسل الهرمي لبيئة العمل؛ لذلك، لا تقدِّم أيَّ تساهلٍ في هذا الصدد إذا كنت ترغب بضمان جودة المخرجات.

تساعد هذه الخطوة في إعطاء وتلقِّي الملاحظات في تحسين أخلاقيات العمل في المستقبل بشكلٍ كبير.

إقرأ أيضاً: ملخص كتاب إدارة التفويض للدكتور محمد ابراهيم بدرة – 1

لماذا من الهامِّ تفويض الصلاحيات؟

يتولَّى الرؤساء في كثيرٍ من الأحيان جميع الواجبات؛ لأنَّهم يجدون صعوبةً في الوثوق بشخصٍ آخر للقيام بهذه المهمَّة بالصيغة الذي يقومون بها بأنفسهم. ولهذا القلق ما يبرِّره؛ لكن قد يمنعك من الحصول على أقصى استفادةٍ من تفويض السلطة.

وتأتي مع هذا الخطر قائمةٌ طويلةٌ من الفوائد، ومن الهامِّ بالفعل تفويض الصلاحيات لتحسين مؤسَّستك وفريقك:

1. يُمكّن الرؤساء من تقديم أداءٍ أفضل:

أهمُّ ميزةٍ لتفويض الصلاحيات أنَّ الرؤساء يحصلون على الوقت الكافي للقيام بعملهم الفعلي.

وبصفتك مشرفاً، فإنَّ واجبك الأول هو الحفاظ على نشاط فريقك، مع تقليل عبء العمل لديك، والحصول على مزيدٍ من الوقت؛ ويمكنك بذلك الانتباه إلى التفاصيل الصغيرة.

يمنح المشرفون الوقت للنظر في الأشياء الأكثر أهمية، ويحصلون في الوقت نفسه على فرصةٍ لاختبار أعضاء الفريق الأكثر كفاءة.

يكون لدى الرؤساء في حال وجود أيِّ مشكلةٍ مساحةٌ كافيةٌ في جدول أعمالهم للجلوس ومعرفة الحل.

وبشكلٍ عام، يؤدِّي ذلك إلى أداءٍ أكثر كفاءةً من جانب المشرف.

2. يتعلَّم المرؤوسون من ذلك:

يبدأ المرؤوسون عند وجود درجةٍ من السلطة في أيديهم، الشعور بالفائدة والأهمية، وهذا الشعور هو أهمُّ طرائق التطوير.

ونظراً إلى أنَّ مرؤوسيك يعملون بشكلٍ مستقل، فإنَّهم لا يحسِّنون مهاراتهم الحالية فحسب، بل يؤدُّون أيضاً أداءً أفضل؛ ونظراًَ إلى أنَّهم المسيطرون، فهم الوحيدون المسؤولون عن كلِّ شيءٍ يقومون به، ويعطيهم هذا الشعورُ بالمسؤلية دافعاً أكبر.

علاوةً على ذلك، يعمل الرؤساء والمرؤوسون مع تفويض الصلاحيات على المستوى نفسه إلى حدٍّ ما، ويسمح هذا لأعضاء الفريق بالتعلُّم من المشرفين بينما يصقلون معرفتهم عملياً.

3. يؤدِّي إلى علاقاتٍ أفضل:

إذا كنت مسؤولاً عن أيِّ فريق، أو كنت تعمل كمدير، أو تمتلك مؤسَّسةً تديرها؛ فأنت تعرف بالفعل سبب أهمية العلاقات بين الموظف وصاحب العمل، وينطبق الأمر نفسه على كلِّ مجموعة عمل.

لذا، حتَّى إذا كانت لديك مجرَّد مجموعةٍ صغيرةٍ من 5 أشخاصٍ في منظمةٍ متعددة الجنسيات، تظلُّ القواعد ثابتة، ويجب عليك التعامل مع هذه المجموعة على أنَّك صاحب العمل وأنَّهم موظفون لديك.

من خلال التخلِّي عن بعض المسؤوليات وإعطاء الأفراد فرصةً للتطور، فأنت تنشر ردود فعلٍ إيجابيةً للعمل، ويجري كلُّ ذلك بشكلٍ متكامل، حيث تمنح الفريق بعض السلطة ليشعروا بالأهمية ويتفوقوا على أنفسهم وتزداد ثقتهم، وتستمرَّ أنتَ في تفويض الصلاحيات للمُضيِّ قدماً.

إقرأ أيضاً: 3 أمور يجب على المدراء التنفيذيين التوقف عنها

5 نصائح لتفويض الصلاحيات بفاعلية:

هناك آليةٌ كاملةٌ تدعم تفويض الصلاحيات.

إذا جرى ذلك بشكلٍ صحيح، فإنَّ هذا المفهوم له مزايا عديدة؛ ومع ذلك، فإنَّ مفتاح النجاح هو أن يحدث ذلك بشكلٍ صحيح:

1. اختر أفضل شخص:

ليس من السهل الوثوق بشخصٍ آخر للقيام بشيءٍ كنت تفضِّل القيام به بنفسك؛ لهذا السبب من الضروري أن تفوِّض المهمَّة لشخصٍ تثق فيه تماماً.

أسهل طريقةٍ للقيام بذلك: تقييم مهارات وخصائص كلِّ عضوٍ في الفريق مسبقاً. لديك في ذهنك فكرةٌ واضحةٌ عمَّن يقوم بالأفضل؛ لذا، إذا كان هناك شخصٌ معينٌ يتفوَّق في التكنولوجيا، فستعرف إلى أين تذهب في كلِّ مرةٍ يكون لديك فيها عملٌ يتعلَّق بهذه المهارة.

بمجرَّد أن تكون راضياً عمَّن يتحكَّم بالأمر، تُحَلُّ أكثر من نصف المشكلة، ومن المرجَّح أن تسير الأمور بسلاسة.

2. قدِّم استقلاليةً كافية:

أحد الأخطاء الكبيرة التي قد ترتكبها: تقسيم المهام كثيراً.

لنفترض أنَّ فريقك المكون من 10 أشخاصٍ عليه ترتيب حفلة مكتبٍ لـ 100 شخص، وبالتالي عليك إدارة الموقع والديكورات والطعام والأثاث.

يمكنك إمَّا تخصيص 4 أفرادٍ لكلِّ وظيفة من الوظائف الأربع الرئيسة، أو يمكنك تقسيم كلِّ مكونٍ إلى مهام صغيرة.

في الحالة الثانية، ستتداخل المهام، وستصبح الأمور مربكة، ولن يكون لأيٍّ من أعضاء فريقك السيطرة الكاملة على المهمَّة المسندة إليهم، ويؤدِّي هذا بشكلٍ عامٍّ إلى نتيجةٍ نهائيةٍ غير مرضية.

3. تواصل بوضوح:

يتمثَّل أحد الجوانب الرئيسة للتفويض في توافر تعليماتٍ واضحة، من تفاصيل المهمَّة إلى المواعيد النهائية، ويجب أن يكون الشخص الذي يتعيَّن عليه أداء المهمة واضحاً في كلِّ التفاصيل.

لن يتمكَّن الموظَّفون أبداً من إرضاء رئيس العمل ما لم يعرفوا ما هو متوقَّعٌ منهم.

إقرأ أيضاً: كيف تنجح في التواصل المثمر مع الآخرين؟ مهارات تواصل القادة في المنظمات

4. تجنَّب الضغط غير الضروري:

نعم، يتشكَّل الألماس فقط بعد وضع الفحم تحت ضغطٍ هائل؛ ولكن بصراحة، لا تحتاج إلى تنفيذ هذه الاستراتيجية في بيئة عملك عند تفويض الصلاحيات.

وفِّر الكثير من الوقت والمرونة لكلِّ فرد، ليتمكَّن من تقديم أفضل أداءٍ له.

قد يعمل بعض الناس بشكلٍ أفضل تحت الضغط؛ ولكن في هذه الحالة، دع الأفراد يتخذون هذا القرار بأنفسهم.

5. مُدَّ يد المساعدة:

لا يعني أنَّه يجب عليك الانسحاب تماماً لمجرَّد أنَّك أعطيت أحدهم السلطة.

في الواقع، يجب أن تحاول أن تكون جزءاً من العملية؛ ولكن فقط من خارج حدودٍ معينة، وهذا شيءٌ عليك معرفته عملياً حسب احتياجات بيئة عملك.

النقطة الهامَّة هي أنَّه إذا واجه شخصٌ ما فوَّضت مهمَّةً إليه مشكلة، فلا ترفض المساعدة، وقدِّم المشورة والدعم بسهولةٍ حتَّى يتمكَّن فريقك من التعلُّم منك، وسينتهي به المطاف إلى مؤسَّستك.

النتيجة:

بشكلٍ نهائي، يمكننا القول أنَّ تفويض الصلاحيات هو بالفعل تقنيةٌ مفيدةٌ للغاية يمكن تبنِّيها في أماكن العمل، كما أنَّها تتيح بيئة عملٍ إيجابية، بالإضافة إلى نتائج مثمرة.

إنَّه شيءٌ يجب على جميع القادة تنفيذه لتحقيق مساحة عملٍ منتجةٍ وفعَّالةٍ من حيث الوقت.

 

المصدر




مقالات مرتبطة