تعزيز الصورة العامة للشركات لتعزيز أرباحها

سلسلة مطاعم الوجبات السريعة تشيبوتل (Chipotle)، هي الفرع السابق لسلسلة مطاعم ماكدونالدز (McDonalds) الذي يُعدُّ كالابن المحبوب في عالم الاستثمار، ورائد الوجبات السريعة في عالم الشركات، ومزود الوجبات الخفيفة ليافعي الجامعات في كلِّ مكان؛ ولكثرة شراء الطلاب من وجباتهم كان البائع يُقدِّم الوجبة لهم، ثمَّ يأخذ النقود قائلاً بتهكم: "شكراً لكم، أيَّها الطلاب السِمانُ والسمينات".



يبدو أنَّ تشيبوتل تسير على المسار الصحيح؛ إذ يصل ارتفاع سعر السهم الواحد ليبلغ قيمته 500 دولار، ناهيك عن الصورة العامة التي تساوي أكثر من ذلك بكثير.

الأمر الذي يدفعنا إلى التفكير: هل توجد نقطة يتوافق فيها الإدراك العام، واقتصاد وفورات الحجم؟ هل توجد نقطة ما تتسبب فيها الزيادات التدريجية في الفائدة الاجتماعية في حدوث تقلبات إيجابية كبيرة حيال نظرة الجمهور للشركة؟

مفهوم توفير الحجم:

بالنسبة إلى أولئك الذين لا يعلمون معنى مصطلح اقتصاد وفورات الحجم، فهو مفهوم تجاري يِشير إلى انخفاض تكلفة السلعة أو الخدمة الواحدة من كلِّ منُتج عندما تزداد كمية الوحدات المنتَجة.

لنفكر في الأمر بهذه الطريقة: قد يكلفك شراء شاحن واحد لجهاز آيفون عشرة دولارات، في حين قد يكلفك شراء عشرة شواحن آيفون بالجملة 90 دولاراً فقط، يوضح هذا المثال نفس المفهوم المذكور أعلاه.

لاقتصاد وفورات الحجم المرتبط بالإدراك العام نفس الفكرة أساساً، لكن بطريقة مخالفة، فعلى سبيل المثال: سيكون لبيان صحفي واحد من تتشيبوتل يقومون به بتسليط الضوء على أنَّهم لا يستخدمون في مطاعمهم سوى لحوم الأبقار التي تتغذى على الأعشاب، أو أن يُبرزوا مدى إيجابية بيئة عملهم، تأثير أكبر بكثير في صورتهم من شركة أُخرى ليس لديها أي نيات اجتماعية جيدة؛ إذ يسمح الحجم الهائل من الإدراك الإيجابي العام لتتشيبوتل بأن يكون لمعلومات بغاية السهولة تداعيات كبيرة وأصداء مُدوية.

لذلك، يمكننا تعريف "اقتصاد وفورات الحجم المرتبط بالتصور العام" بالقول: إنَّه سيكون لدى الشركات التي بنت تصوراً إيجابياً عاماً على نطاق واسع قدرة على زيادة هذا التصور بجهد ضئيل من جانبها لاحقاً.

خلاصة الأمر، سيبحث الناس عن أسباب لتقديم الإطراء للشركات التي تمتلك صورة عامة إيجابية وكبيرة؛ إذ يبدو الأمر منطقياً جداً، وخاصة إذا نظرنا إلى هذا المفهوم بواسطة عدسة "الإدراك هو الواقع"، ففي حال ظنَّ الناس أنَّ الشركة جيدة، فيصبح الأمر حقيقة وتتحقق نبوءتهم هذه من تلقاء نفسها.

كيف يمكن لرواد أعمال الاستفادة من هذا المفهوم؟

كيف يمكننا إذاً بصفتنا رواد أعمال ومتخصصين في مجال الأعمال الاستفادة من هذا المفهوم؟ إنَّ إمكانية أن يكون أيٌّ منَّا يُدير شركة بحجم تتشيبوتل هو أمر موضع شك.

لحسن حظنا، لا يؤثِّر حجم الشركة نفسها في اقتصاد وفورات الحجم المرتبط بالإدراك العام، لكنَّ الأمر الذي له تأثير كبير هو كمية البيانات الصحفية الإيجابية، وعدد الموظفين ذوي النزاهة العالية، ومجموع التزكيات الشفوية عن هذه الشركة؛ لذلك لا تركِّز على أن تكون شركتك كبيرة بحجمها؛ بل وجِّه انتباهك إلى السير في المسار الذي يجعل شركتك تمتلك سمعة جيدة.

سينتهي الأمر بك إلى قلب التصور العام لمصلحتك بقيامك بإبراز الأمور الإيجابية المتعلقة بشركتك بالتتالي؛ مهما بدت هذه التفاصيل صغيرة، وبعد الوصول إلى نقطة التحول هذه أو تحقيق اقتصاد وفورات الحجم المرتبطة بالإدراك العام، ستتوقف تدريجياً الضغوطات الشديدة التي كنت تواجهها لبناء تصور اجتماعي جيد وإيجابي عن شركتك، وسيُنظر إلى شركتك بوصفها قائداً في مجال عملها، وعلى أنَّ استراتيجية التسويق التي تتبعها تتفوق على جميع استراتيجيات التسويق الأُخرى.

مع ذلك، ستحتاجون إلى العمل لتحقيق اقتصاد وفورات الحجم هذا؛ لذلك ينبغي لكم التركيز على الرفاهية والسلامة الاجتماعية بوصفها قيمة أساسية لشركتكم، والمشاركة في الفعاليات المجتمعية، والتشجيع على استثمار الوقت في الخدمة المجتمعية، والتعاون مع الشركات التي تشارككم رغبتكم في الفائدة العامة.

شاهد بالفديو: كيف يمكن الوصول إلى الحرية المالية؟

في كثير من الأحيان، تكون الأشياء التي نفعلها بعيداً عن عيون الجميع هي التي تُشكِّل وجهة نظر الجمهور حيالنا، ولكن هذا لا يعني أنَّ عليك أن تخجل من المجاهرة أمام الجميع بمكاسب شركتك؛ بل على الخلاف من ذلك تماماً، استفد من البيانات الصحفية والتسويق الشفهي وعمليات التوظيف القائمة على الأهلية الشخصية للمتقدمين؛ وذلك لتبني تدريجيَّاً صورتك العامة التي سيكون لها التأثير العظيم فيما بعد.

هذا ما يُعرف "بتأثير كرة الثلج" على المصلحة الاجتماعية، والتصور الإيجابي العام، وتأثير كرة الثلج هو مصطلح مجازي يصف حدثاً يبدأ من مرحلة مبدئية ليس لها تأثير كبير، ثمَّ يتراكم ويتفاقم حتى يُصبح أكبر وأكثر تأثيراً وجدَّية.

لذلك دعونا نتعلم من تجربة تشيبوتل، فلربما قد يُلهمهم أن يكونوا سبباً بأن يتحول العالم إلى مكان أفضل، وخاصةً إن كان هذا الإلهام يترافق مع زيادة في نشاطهم التجاري.

يُعدُّ تحقيق اقتصاد وفورات الحجم المرتبط بالإدراك العام مكسباً للطرفين؛ إذ ستكون العوائد المالية لشركتك وفيرة إلى درجة تصبح غير قادر على إحصائها، في حين سيكون بالإمكان قياس العوائد الاجتماعية على الجمهور بمعرفة عدد الأشخاص المتأثرين تأثراً إيجابياً.

في الختام: نصائح سريعة

  1. اعلم أنَّ للإدراك العام تأثير كرة الثلج.
  2. ركِّز في أثناء إدارتكم لعملكم على التعامل مع الرفاهية بوصفها قيمة أساسية.
  3. استفد من البيانات الصحفية، والتسويق الشفهي، وعمليات التوظيف بناء على الأهلية الشخصية للفرد في التسويق.
  4. اعلم أنَّه من الممكن الوصول إلى نقطة تحول تؤدي فيها الزيادات التدريجية في المصلحة الاجتماعية إلى زيادات كبيرة في الإدراك الإيجابي العام، ناهيك عن الزيادات الكبيرة في نشاطك التجاري.

المصدر




مقالات مرتبطة