تعزيز التفاعل ضروري لنجاح المؤسسة

قال رجل الأعمال الياباني "كازو إيناموري" (Kazuo Inamori) لأحد المحاورين: "إذا كنت تريد البيض، فاعتنِ بالدجاجة جيداً؛ فإن أنت آذيت الدجاجة أو قتلتها، فلن تبيض".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن "رون توماس" (Ron Thomas) المدير الإداري في شركة "استراتيجي فوكسد غروب" (Strategy Focused Group) ومقرها "دبي"، يخبرنا فيه عن تجربته في تعزيز اندماج الموظفين لازدهار المؤسسات.

استعمل "إيناموري" المؤسس والرئيس الفخري لشركة "كيوسيرا كورب" (Kyocera Corp)، هذا التشبيه لشرح أسلوب إدارته، وقد وجدتُ أنَّه من المدهش والمطمئن أن يكون لدى رئيس تنفيذي مخضرم هذه العقلية.

التفاعل يبدأ من القمة:

لقد سمعنا جميعاً بمصطلح "نظرية الاقتصاد المتدرج" (Trickle-down theory)؛ ففي علم الاقتصاد، كان من المفترض أن تُطبَّق هذه النظرية من خلال توجيه السياسة إلى ذوي الدخل المرتفع على أساس النظرية القائلة إنَّ الفوائد ستوزع على الجميع، لكن في الحياة الواقعية، لم ينجح ذلك.

من المسلمات في التفاعل، أنَّه إذا كان فريق الإدارة مندمجاً ومتفاعلاً، فإنَّ القوة العاملة، تكون مندمجة، والعكس صحيح؛ فالقادة غير المندمجين ينتجون موظفين غير مندمجين. والسر، كما يقول "إيناموري" هو تغيير عقلية الموظفين؛ فهو بعد أن تولَّى منصب الرئيس التنفيذي دون أجر، طبع كتاباً صغيراً لكل موظف عن فلسفته، ووضَّح فيه أنَّ الشركة مكرَّسة لنموهم.

ونجد أنَّ كثيراً من الشركات لا تتباهى بأنَّها ملتزمة بنمو موظفيها، ولقد سمعنا جميعاً المقولة المثالية: "الموظفون هم أعظم ما نملك"، ونعلم جميعاً أنَّها مجرد مجموعة من الكلمات؛ لذلك، حَريٌّ بالمنظمات - إذا كان حالها كذلك - أن تنبِّه الموظفين إلى أنَّ هذه كلماتٌ جوفاء بلا معنى، ويقولونها عند الحاجة فقط.

إقرأ أيضاً: كيف تحول التنوع في المؤسسة إلى اندماج؟

مفاتيح القيادة:

القادة اليوم هم الذين يوجهون دفة القيادة سواء كان الأمر يتعلق بالنتائج المالية، أم بما هو أكثر أهمية، مثل إنشاء ثقافة مبتكرة؛ إذ ترغب العديد من الشركات في أن تكون خلَّاقة، ولكنَّها ليست كذلك لأنَّها تفتقر إلى الثقافة أو البيئة أو الأشخاص الذين يوفرون أساساً لحدوث الابتكار.

ومع ذلك، إذا نظرت إلى المؤسسات المميَّزة، فستجد بينها قواسم مشتركة؛ فمعظمها لا يديرها قادة مبدعون يندمجون اندماجاً جيداً، وهذا بدوره يشكِّل مستوىً من الضغط يشبه السرطان الذي يغلِّف المؤسسة ويصل إلى عمق المخطط التنظيمي.

وهذا هو السبب في أنَّني أجد صعوبة في فهم لماذا عندما أتحدَّث مع القادة لا يفهمون ذلك أو لا يبالون في الحقيقة؛ لذا سأصنف في يوم من الأيام جميع العبارات المشينة التي سمعتها من القادة من حيث صلتها بمناقشة موضوع التفاعل.

وأنا أتحدث عن عباراتٍ مثل: "أنا لا أهتم، دعهم جميعاً يغادرون"، أو "دعهم يستقيلون؛ سوف أُوظِّف بدائل بنصف التكلفة"؛ فأندهش عندما أسمع هذا النوع من العبارات؛ وذلك لأنَّه مع هذا المستوى من الشدة، لا يوجد تفكير منطقي يُجدي ويساهم في ازدهار العمل.

الأرقام لا تُجدي نفعاً:

لا يهتم موظفوك بأشياء مثل حصة السوق، ونسبة النمو، وحصة الهامش، وما إلى ذلك؛ فهذه الأشياء لا تُهِمُّ معظمنا، فالأرقام مجردة ووهمية ولا تؤثر في حماسة واندفاع الأشخاص، وسماع هذه الأرقام لن يحفزك على النهوض من السرير في الصباح، أو العمل في وقت متأخر من الليل أو في عطلات نهاية الأسبوع؛ لذلك يجب أن يكون الدافع على مستوى عاطفي أكثر، شيئاً مثيراً وجذاباً ويوفر سبباً مقنعاً لأفراد العمل للاندماج والتفاعل.

إنَّ وجود رئيس تنفيذي يصدق فيما يقول وينفِّذه أمرٌ مطمئنٌ جداً؛ لذا فكر في "ريتشارد برانسون" (Richard Branson) مؤسِّس مجموعة "فيرجنز" (Virgin’s)، الذي قرر منح الآباء الجدد في شركته عاماً كاملاً "للاعتناء بأطفالهم".

يجب علينا أن نعلم أنَّ الإقدام على مثل هذه الإجراءات ليس ضرباً من المستحيل، ولا توجد طرائق مختصرة لاتباع مثل هذا النوع من التنظيم؛ فهذه الإجراءات السهلة ذات المغزى سيكون لها صدى كبير لدى موظفيك، وتمنحهم إحساساً حقيقياً بالهدف.

شاهد بالفديو: 6 طرق مبتكرة لرفع معنويات الموظفين

في الختام:

إذا كنت ملتزماً بكل إخلاص تجاه قضية أو مؤسسة ما، فتمهَّل قليلاً لإجراء بعض التحليلات، وستدرك أنَّ ثمَّة شيئاً لن تصل إليه أبداً عن طريق الراتب أو المزايا أو العلاوات؛ لذا أيها القائد، فكر في هدف مؤسستك، واجعله أساساً لاستراتيجية المنظمة وجوهرها؛ فبعد أن يُرسَّخ ذلك، سترى مؤسسة مختلفة، ولكن إذا أبقيت رأسك في الرمال وتجاهلت كل هذه الأمور، فسوف تبدأ تدريجياً في التدهور؛ الأمر سهل جداً، اعتنِ بالموظف ليعتني بك.

المصدر




مقالات مرتبطة