تعرف على الطرق الصحيحة لتشجيع طفلك والثناء عليه

لا يمكن معاملة الطفل مثل البالغ، فالفرق بينهما شاسع جداً؛ لا بل يمكن القول إنَّ كل مرحلة من مراحل الطفولة لها خصوصيتها، ولها طرائقها وأساليبها في التربية، ولأنَّ طفلك هو أغلى ما تملك، وهو الذي حملته أمه وهناً على وهنٍ، وهو الذي سهرت الليالي وأنت تداريه وتعتني به، فلا تبخل عليه بقراءة ما يمكن أن يفيده عظيم الإفادة.



سنتعرف في هذا المقال إلى خصوصية مرحلة الطفولة، وأهميتها في بناء حياة الإنسان، ومن ثمَّ سنبين لكم أهم الطرائق المستخدمة في تشجيع الطفل على بناء عادات إيجابية ومفيدة، وكيفية تقديم التشجيع الكامل في حالات الفشل قبل النجاح، ونعرج على أهمية تشجيع الطفل على أداء عمله بكل حب، وملاحقة شغفه وحلمه.

لماذا تُعَدُّ مرحلة الطفولة المرحلة الأهم في حياة الإنسان؟

تُعَدُّ مرحلة الطفولة أهم فترة في حياة الإنسان من وجهة نظر الطب النفسي؛ إذ تُعَدُّ المرحلة الأولى التي سيبني عليها الطفل بقية مراحله، فإن كانت متينة ومؤسسة بشكل صحيح وسليم، كانت المراحل التالية سليمة؛ وذلك لأنَّها تستند إلى قاعدة متينة.

ومن هنا يمكن تشبيه الطفولة بالأساسات التي نقوم بإنشائها لبناء أي منزل أو منشأة، وإن حدث أي خلل في أحد غرف المنزل، فإنَّنا بكل تأكيد قادرون على إصلاحه، لكن في حال كان الخلل في الأساسات الأرضية، فإنَّ مهمة الإصلاح تصبح أقرب إلى المستحيل، وغالباً ما يتطلب الأمر القيام بالهدم والبناء من جديد، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مرحلة الطفولة التي في حال كانت سيئة، فإنَّه من الصعب جداً إصلاحها.

كيف تشجع طفلك على القيام بعادات إيجابية؟

  1. شجِّع طفلك على وضع عادات يومية إيجابية، أو جدول بسيط من الأهداف اليومية، وشجعه على القيام بها، ولا تنسَ أن تمنحه الثناء بعد كل مهمة ينجزها إنجازاً صحيحاً؛ على سبيل المثال:
  2. شجع طفلك على أن يرتب سريره في كل صباح وقبل خروجه من الغرفة؛ فذلك له أهمية بالغة في زرع ثقافة الترتيب والنظافة والقيام بالأمور في وقتها المناسب دون تأجيل أو تسويف.
  3. شجِّع طفلك على تناول الخضار الخضراء الطازجة والنيئة حصراً في كل يوم، وتحدث معه عن الفوائد العظيمة لتناولها؛ فهذا يزرع في نفسه ثقافة الاعتناء بطعامه وشرابه من النواحي الصحية.
  4. شجِّع طفلك على القيام بتنظيف أسنانه بالماء بعد كل وجبة، وتفريش أسنانه قبل الخلود إلى النوم، وامدحه حين يقوم بذلك؛ فهذا له أثر عظيم في زرع هذه العادة في سلوكاته طوال الحياة.
إقرأ أيضاً: 4 مهارات يجب أن تزرعها في طفلك ليُصبح من أهم رجال الأعمال

ما هي أهمية تشجيع الطفل على القيام بتجارب جديدة؟

  1. شجِّع طفلك على القيام بتجارب جديدة في حياته، شرط أن تكون تحت نظرك، مع إمكانية تدخُّلك في الوقت المناسب؛ وذلك لمنع أي أذى قد يصيبه.
  2. عندما تشجِّع طفلك على القيام بتجارب جديدة، فإنَّك تكسر خوفه مما هو جديد، وتربي في نفسه حب المغامرة والاستكشاف؛ وهذا يكسبه الشجاعة والإقدام والثقة بالنفس.
  3. أثبتت الدراسات الحديثة أنَّ تشجيع الطفل على خوض تجارب جديدة لم يسبق له تجربتها، ينشط خلاياه الدماغية، ويساهم في بناء وصلات جديدة بين الخلايا العصبية؛ وهذا يؤثر إيجاباً في تطوره الذهني والمعرفي والنفسي.

ما هي أهمية تشجيع الطفل على بناء عادات إيجابية؟

شجِّع طفلك على القيام بهذه المهام الإيجابية، كأن تطبقها على نفسك أولاً، وتدعه يراكَ وأنت تقوم بها؛ فعلى سبيل المثال، من المفيد أن تجعله يراك وأنت تنظف أسنانك بعد كل وجبة وقبل الخلود إلى النوم، ومن الهام أن يراك وأنت تلتزم بهذا النظام ولا تحيد عنه أبداً، فهذا أكثر ما يزرع في نفسه روح الالتزام، وهذا هو أكبر محفز للطفل على أداء واجباته دون الاستسلام إلى الكسل أو الملل أو الضجر.

شاهد بالفديو: 6 طرق لتنمية الابتكار لدى الأطفال

كيف تشجع طفلك حين ينجح في تحقيق ما يريد؟

عندما يحقق طفلك أهدافه، أظهر له أنَّك تكنُّ له مشاعر الاحترام والمحبة، والأهم من ذلك، أظهر له افتخارك به أمام الناس، ولا تنسَ أن تكافئه على ذلك، من خلال أخذه مع إخوته في نزهة، أو أن تذهب معه إلى السينما لمشاهدة فيلمه المفضل أو أن تشتري له دراجة هوائية، وما إلى ذلك من الأشياء التي تُدخِل إلى قلبه فرحة الإنجاز.

كيف تشجع طفلك حين يفشل في تحقيق ما يريد؟

حين يفشل طفلك في الوصول إلى ما يريد، إياك أن تُظهِر له نقصاً في الحب أو نقصاً في الاهتمام؛ بل اجعله يشعر أنَّك تحبه في السراء والضراء، واغمره بمشاعر العطف والحنان والتقبل، وأخبره بأنَّ الحياة مليئة بالنكسات وهي أيضاً مليئة بالنجاحات، والجميع يفشل في مرحلة ما.

قد يصيبه الإحباط لفترة معينة، وهذا أمر طبيعي يحصل مع كل الناس، حتى مع العلماء والمخترعين والفلاسفة وعظماء التاريخ، فلم يكونوا لينجحوا لولا الفشل الذي تعرضوا له في الكثير من مراحل حياتهم؛ وذلك لأنَّهم كانوا ينظرون إلى الخطأ أو الفشل على أنَّه أهم معلم في حياة الإنسان؛ لذا فإنَّهم كانوا يرتاحون قليلاً من مشقة الطريق، ثم ينهضون ويحاولون من جديد، آخذين في الحسبان أخطاءهم السابقة.

أهمية إعادة بناء المفاهيم في تشجيع الطفل على تجاوز الفشل:

عندما تشرح لطفلك هذا الكلام بلغة بسيطة تتناسب مع عمره ومستويات تفكيره، فإنَّك تساعده على إعادة تعريف المفاهيم من حوله، والنظر إليها نظرة إيجابية؛ وهذا يشجعه على الانخراط في تجارب الحياة؛ وذلك لأنَّه أصبح يعلم جيداً أنَّ الفشل ليس عاراً أو عيباً؛ إنَّما هو وسيلة تمتهنها الحياة من أجل تعليمنا أشياء جديدة، وهذه هي أهم وسيلة لتشجيع طفلك في حال عانى من أي إحباط.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح لتعليم الأطفال أن يكونوا لطفاء مع أنفسهم

الآثار السلبية للتعامل الخاطئ مع حالات الإحباط عند الطفل:

أما في حال لجأتَ إلى لوم أو تقريع طفلك بعد إخفاقه في إنجاز أمر ما، فتأكد أنَّك بهذه الطريقة تزيد الأمر سوءاً، وتزرع في نفسه العقد النفسية، التي تتمثل في الخوف من الفشل من أجل تجنب هذا الشعور؛ وهذا يدفعه إلى تجنب خوض التجارب، وضعف الثقة بالنفس، وضعف حس المبادرة.

إنَّ طفلك في الأساس يعيش حالة شدة نتيجة ما حصل له، ودورك هنا ليس تقريعه أو محاسبته أو تعنيفه؛ وإنَّما محاولة التخفيف عنه بكل الطرائق الممكنة، وتعليمه أن يستفيد من أخطائه، من أجل أن يتفاداها في المرات القادمة، فاحرص على إدخال الطمأنينة والسلام إلى قلبه.

كيف تشجع طفلك على أداء واجباته بكل حب؟

شجع طفلك على القيام بالمهام والأعمال الموكلة إليه، من خلال شرح السبب الكامن وراء وجوب القيام بها، وأخبره بالفوائد الناجمة عن إنجاز هذه المهمة، واتبع معه أسلوب الإقناع وليس أسلوب الزجر أو الإكراه، فعندما يراكَ تنجز عملاً ما، اشرح له السبب الذي دفعك إلى إنجازه، وفي حال كنتَ تقوم بحرث حديقة المنزل شتاءً، فأخبره بالسبب وهو أنَّ الأرض تكون رطبة في الشتاء؛ وهذا يسهل حراثتها، على عكس أوقات الصيف؛ إذ تكون جافة وقاسية.

هذا الشرح له بالغ الأثر في أن يصبح في المستقبل إنساناً يعرف ماذا يفعل، والأهم من ذلك أنَّه يعرف لماذا يفعل ما يفعله، ومن ثمَّ لن يصبح ببغاءً يقلِّد ما يقوم به غيره، وسيقوم بالأفعال التي يرى فوائدها ونتائجها على أرض الواقع، ويبتعد عن تلك التي لا يرى منها خيراً أو آثاراً مفيدة.

شاهد بالفديوة: 7 معايير أساسية لاختيار المدرسة الأنسب لطفلك

كيف تشجع طفلك على السعي وراء شغفه وحلمه؟

شجِّع طفلك على أن يقوم بما يحب من هوايات، مثل الرسم أو الموسيقى أو الغناء، وشجعه على الانتساب للنوادي الصيفية التي توافق شغفه، وسانده في وجه مَن يقول له إنَّ هذه الهوايات ليست ذات أهمية، وأخبره أنَّ الكثير من المخترعين والعلماء قد لاقوا الاستهجان بسبب غرابة ما يهتمون به، لكن تبيَّن فيما بعد أنَّ ما يقومون به هو الأهم، فشجعه أن يركض خلف حلمه وشغفه.

كيف تشجع طفلك على المطالعة؟

شجِّع طفلك على مطالعة الكتب؛ وذلك من خلال شراء الكتب والمجلات التي يحبها، والتي تلبي اهتماماته وتزيد شغفه، واجعلها هديةً له عند نجاحه في اجتياز امتحاناته، وأخبره طوال الوقت عن أهمية المطالعة وقراءة الكتب، وما لها من فوائد فكرية وعقلية ونفسية وذهنية.

اسرد له تجاربك الخاصة مع المطالعة، وكيف كانت قراءة الكتب تخفف من حزنك ومن قلقك إزاء اضطرابات الحياة، وكيف كانت تزيد من ثقافتك وسعة اطلاعك وتجعلك إنساناً يعرف التعامل مع مجريات الحياة، ويفهم ما بين السطور، وأخبره أنَّ مَن يقرأ، لا يمكن لأحد أن يخدعه أو يستعبده، بالإضافة إلى ما تحويه الكتب من تجارب الكثير من الناس، نستطيع الاستفادة منها، وتلافي الأخطاء التي قاموا بارتكابها؛ وهذا يوفر لنا عناء الخطأ والفشل.

إقرأ أيضاً: نظرية "اضرب مَن يضربك": أسلوب لاسترداد الحق أم منهج تدميري للطفل؟

في الختام:

نود أن ننهي هذا المقال بنصيحة هامة جداً إلى كل أم، وإلى كل أب؛ لا تكتفِ بسؤال طفلك عن مجريات المدرسة، والعلامة التي حصل عليها في الاختبار، ومدى رضى أساتذته؛ بل يحب عليك أن تسأله عن مشاعره ومخاوفه وما يدور في ذهنه من أفكار أو أسئلة أو أي شيء آخر، وحاول أن تُشعِره بأنَّك موجود دائماً إلى جانبه، وحتى في أوقات غيابك حاول أن تقول له إنَّك تشعر به وتدعمه فيما يفكر به، وهذا يتطلب حديثاً مستمراً مع الطفل، لكي يشعر بالأمان والاطمئنان بأنَّه قادر على أن يبوح لك بكل مخاوفه.

المصادر: 1، 2




مقالات مرتبطة