تعرف على أهم ميزات اللغة الألمانية

تُعَدُّ اللغة الألمانية اللغة الأم الأكثر انتشاراً في دول الاتحاد الأوروبي، وهي لغة تغلب عليها الدقة في التعبير ولو بدت بسبب هذه الدقة معقدة نوعاً ما؛ وبسبب هذه الدقة فإنَّها أصبحت ثاني لغة في العالم استخداماً في البحث العلمي، ويصفها بعض الباحثين على أنَّها تشبه الرياضيات؛ وذلك لكثرة احتوائها على القوانين والقواعد؛ إذ يوجد فيها ثلاثة أجناس "مذكر ومؤنث ومحايد"، ولكل واحد منها أداة تعريف وأداة نكرة مختلفة عن الأخرى، وكل أداة من هذه الأدوات لها تصريف معيَّن بحسب حالتها الإعرابية سواء كانت الرفع أم النصب أم الجر أم المضاف إليه، وقاعدة الصفات التي أيضاً لها تصريفات حسب الحالة الإعرابية، وتوجد أفعال أيضاً قابلة للفصل؛ إذ ينفصل الفعل إلى قسمين، وأفعال انعكاسية تعود على صاحب الفعل وغيرها الكثير.



الأمثال الألمانية العميقة المستوحاة من التاريخ الألماني:

1. اليد تغسل اليد الأخرى:

من المعروف عند الألمان الحكمة الآتية: "Eine Hand wäscht die andere"، وهي تعني أنَّ اليد تغسل الأخرى، وهو ما يجسد واحدة من أهم مسلمات الحياة وهي التشاركية؛ إذ لا يستطيع إنسان واحد أن يلبي جميع احتياجاته وحده؛ وإنَّما بحاجة إلى الآخر ليكمل حياته، مثل اليد اليسرى التي لا تستطيع أن تغتسل وحدها؛ وإنَّما هي بحاجة إلى اليد اليمنى لكي تغسلها، وبدورها اليد اليمنى بحاجة إلى اليسرى لكي تغسلها أيضاً.

فهمت ألمانيا هذا المبدأ بعد حربين عالميتين أولى وثانية أنهكتاها بكل ما فيها من موارد بشرية واقتصادية وبنى تحتية؛ إذ كانت ألمانيا النازية وقتها تعتقد بتفوُّق عرقها على جميع الأعراق البشرية الأخرى، وفهمت بعد دمار وخراب الحرب العالمية الثانية أنَّ يداً واحدة لا يمكن أن تغسل نفسها؛ أي إنَّ الحياة لا يمكن أن تكتمل إلَّا بوجود روابط الصداقة والمحبة والمصالح المشتركة الاقتصادية والسياسية مع الدول المجاورة وشعوب العالم.

2. العشب الضار لا يزول:

لدينا المثل الألماني الشهير: "Unkraut Vergeht nicht"، وهو يعني بترجمته الحرفية أنَّ العشب الضار "das Kraut" لا يزول، ولكنَّ دلالته أعمق من ذلك بكثير؛ إذ إنَّ المشاعر السلبية أو الضغائن أو الأحقاد لا يمكن أن تزول من تلقاء نفسها، ولنكُن دقيقين أكثر لا يمكن أن تزول؛ وإنَّما تتحول إلى شكل آخر، وهو ما يمكن إسقاطه على كثير من الأشياء مثل لعبة كرة القدم في أوروبا، والتي حوَّلت الأحقاد والمآسي التي خلفتها الحرب العالمية الثانية إلى صراعات على أرض الملعب؛ إذ ساهمت بذلك في تخفيف هذه العداوات إلى حدها الأدنى.

3. الغباء والغرور ينبتان من الجذع ذاته:

من الأمثال الألمانية الشائعة أيضاً: "Dummheit und Stolz wachsen auf einem Holz"، وهو يعني وفق الترجمة الحرفية للمثل أنَّ الغباء والغرور ينموان من نفس الخشبة، وهذا المثل في غاية العمق الفلسفي؛ إذ إنَّ الإنسان الغبي غالباً ما يكون واثقاً بنفسه إلى درجة كبيرة قد تصل به إلى مصافي الغرور، وهو أمر صحيح جداً إذا أردنا أن نثبت الضد بضده، فالإنسان المثقف والمتنور غالباً لا يتحدث بثقة مفرطة تصل إلى حد الغرور؛ وذلك لأنَّه يعتمد الشك كوسيلة للتفكير، وهو يعلم أنَّه لا يوجد في الكون حقيقة مطلقة؛ لذلك فهو لا يفرض رأيه على أحد أو يَعُدَّ نفسه صاحب الرأي الوحيد الصحيح.

إقرأ أيضاً: ماهي اللغات الأكثر استخداماً في العالم؟

4. القميص الأخير ليس له جيوب:

يوجد مثل ألماني قريب من مثل عربي مشهور وهو: "das letzte Hemd hat keine Taschen"، وهو كترجمة حرفية "القميص الأخير ليس له جيوب"، ومعنى القميص الأخير هنا هو الكفن الذي ليس له أيَّة جيوب، في إشارة إلى طمع الإنسان بالمال والجاه والسلطة وما إلى ذلك من ملذات الحياة وفي نهاية الأمر لن يستطيع أن يأخذ أي شيء معه إلى القبر.

البعد الأخلاقي الموجود في اللغة الألمانية:

تُعَدُّ اللغة الألمانية لغة جميلة من الناحية اللغوية وأيضاً من الناحية الأخلاقية، وكمثال عن ذلك يوجد لدينا الفعل "sich vergehen" بمعنى "أذنب" وهو أحد الأفعال الانعكاسية في اللغة الألمانية وهي أفعال تنعكس على الشخص نفسه، مثل استحم في اللغة العربية يقابلها في اللغة الألمانية "غسل نفسه".

يوجد في هذا الفعل جانب جمالي لغوي وأخلاقي؛ إذ إنَّ الفعل "vergehen" في اللغة الألمانية يأتي بمعنى "أضرَّ"، ومنه صيغَ الفعل الانعكاسي "sich vergehen" وهي وفق الترجمة الحرفية تعني "أضرَّ نفسه"، وهنا تكمن القيمة الأخلاقية لهذه الصياغة بأنَّ ارتكاب الذنب - ولو كان بحق الآخرين - هو ذنب بحق الذات أولاً وآخراً، إنَّها لغة رائعة.

"لدي ضفدع في الحلق" تعبير غير موجود إلَّا في اللغة الألمانية:

عندما نكون نعاني من التهاب في الحلق ونجد أنفسنا لا نستطيع الكلام بشكل جيد أو لا نستطيع أن نتكلم جملاً طويلة وإذا فعلنا ذلك فلا نستطيع أن نكمل جملة طويلة دون التوقف عدة مرات، هذه الحالة لا يوجد لها تعبير أو جملة خاصة في اللغة العربية ولكنَّها موجودة في اللغة الألمانية وهي: "Ich habe einen Frosch im Hals"؛ إذ إنَّ der Frosch وdie Frösche تعني ضفدعاً وضفادع على التوالي، أما der Hals die Hälse فهي تعني بلعوم وجمعها على التوالي أيضاً، فيصبح معنى الجملة بشكل كامل "لدي ضفدع في حلقي" وهو يُستخدم بشكل كبير عند الألمان من أجل التعبير عن وجود التهاب شديد في الحلق يعوقهم عن الكلام.

شاهد بالفديو: 7 طرق لتعلُّم اللغات الأجنبية بدون معلم

تشابه مفردات اللغة الألمانية:

تتميز اللغة الألمانية بوجود بعض الكلمات المتشابهة من ناحية عدد الحروف وترتيبها، وهي مختلفة تماماً من ناحية المعنى، وإنَّ أفضل طريقة لحفظ هذه الكلمات هي كتابتها بترتيب أفقي وإجراء مقارنة فيما بينها، على سبيل المثال:

  • لدينا كلمة خنزير في اللغة الألمانية تعني "das Schwein".
  • وكلمة سويسرا في اللغة الألمانية تُكتب هكذا "der Schweiz".
  • وكلمة "عرق" في اللغة الألمانية تختلف عنهما بالحرف الأخير فقط "der Schweiß".
  • فيما كلمة "لحام" تُكتب في اللغة الألمانية مثل كلمة "عرق" مع إضافة en إلى نهايتها، فتصبح هكذا "schweißen".

الكلمات المركبة متعة حقيقية في تعلُّم اللغة الألمانية:

إنَّ واحد من أهم أسباب متعة اللغة الألمانية هو الكلمات المركبة، فهي طريفة وفي نفس الوقت مثيرة للانتباه؛ وذلك لأنَّها تولِّد في داخلك حب المعرفة من خلال التعرُّف إلى القصة التي أتت الكلمة من ورائها وتدفعك إلى تحليل الكلمة إلى أجزائها، وهذا يساعدك أيضاً على حفظ الكلمات الجديدة بشكل أسرع وتترسخ في ذهنك بطريقة تكون عصيَّة على النسيان، ونستعرض الأمثلة الآتية:

  • كلمة "مكان الولادة" في اللغة الألمانية هي كلمة واحدة "der Geburtsort"، وهي في الأصل كلمتان الأولى هي die Geburt وهي تعني الولادة، أما الكلمة الثانية فهي der Ort وهي تعني المكان أو المنطقة أو البلدة، ويبقى لدينا حرف s وهو صلة الوصل بين هاتين الكلمتين.
  • كلمة "الخزانة التي لها أبواب ذات مرايا" هي عبارة عن كلمة واحدة في اللغة الألمانية "der spiegelschrank"، وهذه الكلمة مكوَّنة من شقين الأول هو المرآة "die Spiegel" والشق الثاني هو الخزانة "der Schrank".
  • كلمة "البرج" في اللغة الألمانية تعني "das Hochhaus" وهي مكونة من كلمتين الأولى صفة وهي عالي "hoch"، أما الثانية فهي كلمة المنزل "das Haus".
إقرأ أيضاً: كيف تتعلّم أي لغة جديدة في 7 أيام؟ أهم النصائح لتحقيق ذلك

مثال عن كيفية تحليل الكلمات الألمانية:

لدينا كلمة "خارج البلاد" أو "في بلاد أجنبية" هي كلمة واحدة في اللغة الألمانية "das Ausland"، وهي مكونة من شقين "das Land" وهي تعني الأرض أو الوطن، فيما الظرف "Aus" ليس له معنى محدد، ولكنَّه في أغلب الحالات يُستخدم بمعنى خارج كما في الأمثلة الآتية:

  • كلمة "die Ausfuhr" وهي تعني تصدير؛ أي إخراج البضائع.
  • كلمة "die Aushang" وهي تعني بالترجمة الحرفية "معلق في الخارج"، والمعنى الحقيقي للكلمة هو "إعلان".
  • كلمة "die Auslagen" وهي تعني المصروفات؛ أي ما يخرج من الجيب.

كيفية بناء الكلمة في اللغة الألمانية:

توجد عدة تقنيات تمكِّننا من حفظ مفردات اللغة الألمانية، فعلى سبيل المثال نبدأ بكلمة عامة تُستعمل في بناء الكثير من المفردات الأخرى، وهي "der Hof" تعني هذه الكلمة الردهة أو الفسحة أو الساحة أو البلاط، وبُنِيَت من خلالها الكثير من الكلمات الألمانية وأهمها:

  • كلمة "der Schulhof" وهي تعني باحة المدرسة أو ساحة المدرسة؛ إذ إنَّ كلمة "die Schule" وحدها تعني المدرسة.
  • كلمة "der Friedhof" وهي تعني المقبرة؛ إذ إنَّ كلمة "der Friede" وحدها تعني السلام أو الارتياح أو الاطمئنان؛ أي بمعنى ساحة الناس الذين يرقدون بسلام، كم هو جميل هذا التركيب الذي يُنسينا ولو لوهلة الألم والحزن الذي يرتبط بكلمة "مقبرة".
  • كلمة "der Bauernhof" وهي تعني المزرعة؛ إذ إنَّ كلمة "der Bauer" تعني الفلاح، فتصبح الكلمة بمعنى ساحة الفلاح.

في الختام:

على الرغم من التعقيد الكبير الذي تتَّسم به اللغة الألمانية، إلَّا أنَّ بعض الباحثين يشيرون إلى إمكانية أن يكون هذا التعقيد قد أدى دوراً في النهضة التقنية والصناعية والاقتصادية والإدارية التي شهدتها البلاد خصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية؛ والسبب هو الأثر الذي تفعله اللغة في الدماغ في مرحلة المدرسة ومراحل الطفولة؛ إذ إنَّها قد تعمل على زيادة تطور الخلايا العصبية الدماغية.




مقالات مرتبطة