تجربة شخصية: كيف اكتسبت المرونة في حياتي؟

كما قال الروائي الياباني "كينجي ميازاوا" (Kenji Miyazawa): "يجب أن نتقبل الألم ونحرقه بوصفه وقوداً لرحلتنا".

إنَّ قصصك لا تعبِّر عن هويتك، فهي لا تحدد الشخص الذي أنت عليه؛ بل إنَّها مفاهيم أساسية يجب أن نختبرها في الحياة، وعندما نُخلَق في هذه الحياة، فإنَّنا ننشأ في عائلة لديها قصتها الخاصة؛ لذلك نعتقد أنَّ هذه هي قصتنا أيضاً، ونستمر في إضافة تجارب الحياة كما لو أنَّنا نستطيع الاختباء خلفها كلما شعرنا أنَّ العالم يصعب التعامل معه، ويمكن أن يصبح قضاء حياتك في الاختباء وراء قصصك ملاذاً مريحاً، لكن عندما تتبع هذه العادة ستصبح ضحية، وستصبح قصصك نقمةً عليك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة "صوفيا باراو" (Sofia Barao)، وتُحدِّثنا فيه عن تجربتها الشخصية في اكتساب المرونة في حياتها.

أنا أبلغ من العمر 37 عاماً وكان الجزء الأول من حياتي مرهِقاً جداً، وهو ما ساعدني لكي أصبح أقوى؛ وذلك لأنَّني اخترت أن أكون كذلك، وبالطبع، لا يخلو الأمر من المساعدة والشك واليأس، لكن في النهاية اخترت الطريق الذي يجب أن أسلكه.

لقد وُلدت في "البرتغال" (Portugal) في نهاية حكم ديكتاتوري، وكان والدي مدمناً، وتوفيت والدتي عندما كنت أبلغ من العمر 12 عاماً، لقد وُلدت في عائلة تملك كثيراً من المعتقدات المُقيِّدة، وبعد وفاة والدتي، كان عليَّ أن أعيش مع أختي، وبعد ذلك مع عمتي، ولأنَّنا لم نكن نملك المال، لم أستطع الذهاب إلى الجامعة، ولم أتحمل البقاء في منزل عمتي، لذلك في سن الـ 18، وعندما لم أملك في جيبي أكثر من 40 دولاراً وثمن تذكرة قطار، أُجبرت على مغادرة بلدي.

لم أتمكن من العثور على وظيفة، واضطررت للذهاب إلى العمل بصفة خادمة في فندق سويسري، في بلد لم أكن أعرف عنه شيئاً ولا حتى لغته، وخلال تلك الفترة، كانت حياتي عبارة عن صراعٍ يومي، ولكنَّني تابعتها لأنَّني لم أملك خياراً آخر.

بشكل طبيعي، بدأت أتطبع بطباع لا تمت لي بصلة للصمود في بلد غريب، فلم تكن شخصيتي الحقيقية هي تلك التي يراها الآخرون، ولكنَّني أقنعت نفسي بأنَّ هذه هي شخصيتي، فاضطربت حياتي، ورحت ألوم الآخرين على كل مآسي حياتي، فقد كنت أفتقر إلى المال، وإلى وظيفة مجزية، وإلى الأسرة، وإلى البلد، وإلى علاقة مُرضية، وإلى غيرها من الأمور.

في وقت لاحق، قررت الانتقال إلى "فرنسا" (France)، لكن مرة أخرى، لم أتحدث بلغتهم، ولكنَّها كانت بداية جديدة، وفي هذه الأثناء التقيت بزوجي وبدأت حياتي بالسير على ما يرام، وأخيراً! لقد اعتقدت أنَّني كنت أعيش حياة متوازنة، ولكنَّ قصصي كانت جاهزة لتدميري مرة أخرى.

لقد مررت بفترة 3 سنوات من الاكتئاب والضيق بشأن هويتي ومعنى كل ما أمرُّ به، فقد فقدت وظيفتي، وبدأت أعاني من أمراض نفسية وجسدية، ومن نوبات من الهلع، والقلق، ورهاب الأماكن المفتوحة، وشعرت بالألم في كل جسدي، وعانيت من مشكلات في زواجي، حتى إنَّني أجريت عملية جراحية لم أكن بحاجة إليها.

لقد زرت كل المعالجين والمستشارين، ولحسن الحظ أنَّهم أطلعوني على أدوات لكي أبدأ بطرح الأسئلة الصحيحة على نفسي، وبدأت بدراسة نظرية الطبيب النفسي السويسري "كارل يونغ" (Carl Jung)، ونظرية الطبيب النفسي النمساوي "فيكتور فرانكل" (Victor Frankl)، والكاتب "آلان واتس" (Alan Watts)، إضافة إلى بعض فلسفات الحياة المختلفة.

لقد كان الطريق إلى الشفاء أمامي، وكانت النتيجة مرتبطة بما كنت على استعداد للقيام به، وقد كان عليَّ أن أتعلم كيف أتقبل كل جزء لا أستطيع تحمُّله مني؛ إذ إنَّ التفرد هو عملية تحول بطيئة، لكن بمجرد أن ترى داخلك وتكتشف أنَّك لست ذلك الشخص الذي يتحدث عنه الجانب المغرور في شخصيتك، ستتغير وجهة نظرك، ولن تكون قادراً على العيش بالطريقة نفسها.

5 الأشياء لاكتساب المرونة:

وأنا في طريقي إلى التفرد، قمت ببعض الأشياء لاكتساب المرونة، منها:

1. أجريتُ جرداً للماضي:

لقد بدأت بجرد الماضي، ودوَّنت كل ما يتعلق بقصصي المختلفة، وأدركت أنَّني لإعادة البدء من جديد، كنت بحاجة إلى معالجتها، ثم اختيار ما يصلح منها ليكون أساساً لبدء حياة جديدة، وبالطبع، هذه القصص لا تعبِّر عني، ولكنَّها تخصني، ومن الهام أن تفصل نفسك عن الظروف والمواقف التي لا تقع خارج سيطرتك.

شاهد بالفديو: 6 صفات يتحلى بها الأشخاص المرنون

2. قرأتُ قصص الآخرين:

كل شخص لديه قصة مختلفة ليرويها، وقد بدأت بقراءة المذكرات والسير الذاتية لكي أواسي نفسي وآخذ العِبر منها.

3. تقبَّلتُ مخاوفي:

كما قال "كارل يونغ": "ما تقاومه يستمر"، وهذا الكلام صحيح جداً، فعندما تتجاهل ما تشعر به، ستضطر إلى مواجهته مراراً وتكراراً، ولهذا السبب سيتعين علينا التعامل مع الأشياء التي لا نتقبلها أو نعترف بها حتى تصبح جزءاً منا.

إقرأ أيضاً: كيفية التعامل مع الأمور السيئة

4. تحليتُ بالصبر:

بالنسبة إليَّ، لقد تقبَّلت المكان الذي كنت فيه، وتذكَّرت أنَّه لا يوجد شيء يدوم إلى الأبد، لذلك كن ممتناً لفهم مكانك الحالي لأنَّك موجود فيه لسبب معين، وهو أنَّك ربما لن تكون قادراً على التعامل مع شيء آخر في الوقت الحالي، ولذلك، أحِب نفسك، مع كل الظلام والنور الموجودين في داخلك.

5. نظرتُ إلى داخلي:

إنَّ الجواب الذي جاء على سؤال "من أنا؟" هو أنَّني الجوهر الذي يدوم في داخلي؛ وبعبارة أخرى، أنا الحب، فهذا هو الجوهر الذي يقدمه لنا سكون اللحظة، ويجب أن تكون مستعداً للإصغاء إليه.

إقرأ أيضاً: لماذا لا نرى أنفسنا بوضوح؟

في الختام:

لتحب نفسك أو شخصاً أو أي شيء، يجب أن تعرف من أنت، لذلك أنت تحب، ولديك فكرة مثالية في قلبك، وتتنفس، وأنت بصحة جيدة، ومحبوب، وحيٌّ، وتعيش بسلام، وتساعد الآخرين؛ لذا ابحث عن لحظة من الحب لتعرف نفسك اليوم.




مقالات مرتبطة