تجربة شخصية: كيف ارتقيت بحياتي وتغلبت على الاكتئاب

يقول المؤلف الأمريكي "توماس دكستر جيكس" (T.D. Jakes): "إذا لم تتمكن من معرفة هدفك، اكتشف شغفك؛ لأنَّ شغفك سيقودك مباشرة إلى هدفك".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن مدونة تُدعى "سيبيل" (Sibylle)، وتروي لنا فيه قصة إيجاد شغفها وتغلُّبها على الاكتئاب.

قضيت سنوات عديدةٍ من حياتي وحيدةً، وكنتُ كأي فردٍ من المجتمع يعمل في وظيفة مكتبية، ولقد أصبحت بارعةً حقاً في التظاهر أمام زملائي في العمل بأنَّ كل شيءٍ على ما يرام، بينما كنتُ في الواقع منعزلةً تماماً.

ما لم يعرفه أحد هو أنَّني كنت أسدد ديناً كبيراً على أقساط ضخمة كل شهر، ونتيجةً لذلك، لم أعد قادرةً على إنفاق المال على أي شيء إلا الإيجار والطعام، فقد ضاق أفقي جداً، ولم ألاحظ كيف انجرفتُ إلى اكتئابٍ خفيف مستمر، لقد أخرجت أصدقائي من حياتي وقلت لنفسي إنَّني سعيدة، وفي الوقت نفسه، كنت أتناول الوجبات السريعة لأنَّها مريحةٌ فقط، ولم أتحرك أبداً، فزاد وزني وأصبحت أكثر تعباً وكسلاً يوماً بعد يوم.

لحسن الحظ، لدي أفضل الأصدقاء في العالم، الذين لم يتخلوا عني أبداً، فبعدما انتهيت من سداد ديني ووجدت نفسي أخيراً مستعدةً للعودة إلى الحياة، كانوا موجودين في انتظاري وساعدوني كثيراً عندما شرعت في المهمة الشاقة المتمثلة في إنقاذ نفسي من العزلة التي اخترتها.

ليس هذا واحداً من تلك المقالات التي تدعي أنَّك عليك فقط "أن تكون إيجابياً"، حتى تخرج من اكتئابك، أو التي تقدِّم افتراضاتٍ بلهاء من هذا القبيل، فإذا كنت تعاني من الاكتئاب، عليك استشارة طبيب مؤهل، ويمكن أن يختفي الاكتئاب تماماً مثلما يحدث في بعض الأحيان عندما يدخل السرطان في مرحلة هدأة (هجوع)، ولقد حدث ذلك في حالتي، لكنَّه عادةً ما يحتاج إلى علاج.

كيف بسَّطتُ حياتي؟

لقد بسَّطتُ حياتي كثيراً، وتركت الوظيفة التي كنت أعمل فيها والتي لطالما استنزفتني، وانتقلت إلى الريف ووجدت وظيفةً أفضل بكثير أعمل بها من المنزل.

بعد ذلك، دفعت نفسي للقيام بأشياء حرمتُ منها لسنوات، فسافرتُ لزيارة أصدقائي الذين يعيشون بعيداً، وبدأتُ في ممارسة الرماية التقليدية والمبارزة، وعدتُ إلى الرقص مرةً أخرى، فقد يبدو هذا نوعاً من السعي نحو الملذات، ولكن بعدما أهملتُ نفسي سنواتٍ طويلة، أصبح البحث عن الفرح والشغف وسيلةً أساسيةً لشفاء نفسي.

اكتشفتُ الأطعمة التي تسبب لي النعاس وتجنَّبتُها، ومن خلال تناول الأطعمة الصحية والكاملة التي استمتعت بها، بدأ الوزن الزائد في الانخفاض دون أي محاولة، وكلما خسرتُ مزيداً من الوزن، أصبحتُ أكثر نشاطاً، ففي الماضي، كنت أقضي أيامي جالسة، أما الآن فبالكاد أستطيع الجلوس لأكثر من نصف ساعة.

شاهد بالفيديو: 5 طرق لقهر الاكتئاب النفسي

الإحساس بالعواطف مجدداً:

في أثناء سعيي وراء شغفي، أثبتُ لنفسي أنَّني قد نجوت أخيراً من الاكتئاب الذي طالما خدَّر مشاعري، فقد تمكنت من الإحساس مرةً أخرى، وكانت نعمةً حقاً، ثمَّ ظهرت المشاعر الأخرى، فكل ما كتمته لفترة طويلة من مشاعر الغضب والحزن والعزلة قد ظهر مثل سحابة مظلمة، وتذكَّرتُ بكل أسفٍ أنَّني لم أقف بجانب أعز صديقاتي عندما احتاجتني، وأنَّني أسأتُ إلى صحة جسدي، وقضيتُ سنوات وسنوات من العزلة التامة.

لقد قضيتُ أسابيع في ظلام دامس وبكيتُ كثيراً جداً، ولكن في نفس الوقت، كنتُ ممتنةً لمجرد عودة المشاعر مرة أخرى، وأقسمتُ أنَّني لن أسمح لنفسي أبداً بكتمان مشاعري مرة أخرى.

لقد استغرق الأمر بعض الوقت، لكن لم تكن لدي أي طريقة للإسراع فيه، فتطلَّب الأمر وقتاً طويلاً لتقبُّل حزني وأسفي على خسارة سنوات من حياتي الثمينة، وفي النهاية، بدأتْ حياتي تستقر في مسار معين، وقد كان مساراً جميلاً، فأشعر اليوم بالشغف تجاه أشياءٍ عديدة، ولدي كثيرٌ من الاهتمامات المختلفة.

لقد أصبحت كلمة "شغف" مبتذلة جداً اليوم؛ لذلك أطالب بإعادة استخدام هذا التعبير كما كان يعنيه في الأصل: شيء يضيء القلب حقاً.

إقرأ أيضاً: كيف نتقن فن إدارة المشاعر والتحكم بعواطفنا؟

الدروس التي تعلَّمتُها من سعيي وراء شغفي:

في الواقع، أعتقد أنَّني اكتشفت أكثر طريقةٍ مضمونة لإيجاد الهدف في الحياة، وهي إعطاء الأولوية لعواطفي وأمنياتي، إليك ما تعلمته:

  1. أدركتُ أنَّني لم أُولَد لأدفع بعض الفواتير وأموت، وبالطبع، كنتُ أعرف هذا نظرياً طوال الوقت، لكنَّ حياتي ببساطة لم تتماشَ مع هذه المعرفة، وعندما فهمتُ أخيراً، بدأتُ أسأل ما الذي يجب أن يكون الهدف الأساسي في الحياة، وكان الجواب دائماً "الفرح".
  2. أسرع طريق للفرح هو الشغف، فقد جعلني العثور على شغفي والسعي وراءه أفيض بالسعادة.
  3. المحصلة هي أنَّنا يجب أن نرفض الأولويات التي نعدها مقبولةً في حياتنا الحديثة، فيركز معظم الناس على كسب لقمة العيش وأداء الواجبات المنزلية، ويخصصون لشغفهم نصف ساعة في نهاية الأسبوع في أحسن الأحوال، وفي المقابل، لقد جعلتُ شغفي أولويةً قصوى في حياتي وجعلته مركزها.

أعتقد أنَّ السعادة هي الحالة الطبيعية للإنسان، وبمجرد أن تُظهر للكون أنَّك جاد في جعل الفرح محور حياتك، غالباً ما تتحسن الأمور من تلقاء نفسها.

إقرأ أيضاً: كيف تتبع شغفك لتحقيق النجاح؟

في الختام:

كثيراً ما يخبرني الناس أنَّهم لا يملكون الوقت لشغفهم، وأنَّ لديهم وظيفة وعائلة والتزامات أخرى، بالطبع، كل حالة فردية، ولكن لم أشاهد حالةً واحدة تجرَّأ فيها الشخص على التركيز على شغفه أولاً، إلا وتمكن فيها من كسب المال وتخصيص ما يكفي من الوقت لأحبائه أكثر من ذي قبل؛ لذا اتخذ قراراً، ثم حدِّد الدعم الذي تحتاجه وابنِ حياةً مليئةً بالمرح، إنَّه حقك الطبيعي.




مقالات مرتبطة