بعض الاستراتيجيات التي تساعدك على التخفيف من القلق

أنا أشعر بقلقٍ مُبالغٍ فيه؛ إذ يشمل هذا ارتكاب الأغلاط، أو الانتقاد، أو الفشل في عملي، أو أن أشعر بالإحراج، أو بأنَّني غير مهذب في المواقف الاجتماعية، وكثير من الأمور الأخرى.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "سكوت إتش يونغ" (Scott H Young)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته الشخصية في الشعور بالقلق.

ففي معظم الأوقات ترافقني هذه المخاوف، ولكنَّني أتجاهلها تجاهلاً يُتيح لي متابعة يومي ومواصلة عملي، وفي أوقات أخرى، تسيطر عليَّ هذه المخاوف، وتعرقل تقدُّمي.

لقد عانيتُ كثيراً في أثناء تأليف كتابي الذي سيُطرَح قريباً، فقد جعلَت توقعاتي وتلك التخيُّلات بدء كتابة كلِّ فصل عملاً شاقاً، ولا أعتقد أنَّ مستوى قلقي غير عادي أو شديد؛ فأنا لم أتعرَّض لنوبات الهلع، ولم أشعر بالقلق الذي يؤثِّر في حياتي كما يحدث لكثيرين من الأشخاص، فقد حاولت القيام بعديدٍ من الأمور لأخفِّف عن نفسي وطأة المشاعر التي تنتابني، وسأذكرها لك فيما يأتي.

بعض الأمور لتقليل الشعور بالقلق:

معظم المشكلات في الحياة مستعصية وليست معقدة، ومن ثمَّ، فإنَّنا نميل إلى قضاء حياتنا في مواجهة المشكلات نفسها مراراً وتكراراً، فالتقدم أمر ممكن، لكن في الوقت نفسه نادراً ما نكون قادرين على التغلب على مشكلاتنا السابقة؛ وذلك لأنَّ التغلب على القلق ليس أمراً سهلاً، لكن توجد استراتيجيات يمكنك اتباعها لتقليل تأثير القلق، منها:

1. إدراك أنَّ الأفكار التي تجول في رأسك لا تعكس جوهر شخصيتك:

لقد وجدت أنَّ التأمل مفيد، وليس التأمل الفعلي نفسه؛ وإنَّما فكرة ما يحاول التأمل تحقيقه، وتطبيق المبادئ المجردة نفسها على حياتي العادية؛ إذ تتلخَّص الفكرة أساساً في مراجعة كلِّ أمر يحدث في تجربتك الواعية، وإدراك أنَّك لا تملك السيطرة عليها.

فمن السهل أن ترى أفكارك جزءاً من نفسك، كأنَّها شيء تُنشِئه وتتحكَّم به؛ لذلك يمكن أن يكون الأمر مُحبطاً عندما لا تستطيع مساعدة نفسك على التخلص من القلق.

مع ذلك، توجد طريقة أخرى للتفكير فيها، وهي أنَّ الأفكار آنية، فهي تجربة حسيَّة، وليست جزءاً منك؛ إذ تأتي الأفكار من داخل رأسك، لكنَّ سيطرتك عليها تضاهي سيطرتك على ما تراه أو تسمعه أو تشعر به من العالم الخارجي.

إذ يمنحك إنكار ملكية الفكرة خياراً بعدم التمسُّك بها، ومثلما يكون لديك صوت مزعج في رأسك وتختار تجاهله لأنَّك لا تستطيع فعل شيء، يمكن أن يكون لديك فكرة مشتَّتة وسلبية واختيار عدم فعل أيِّ شيء حيال ذلك أيضاً.

هذا النهج مختلف؛ لأنَّ معظمنا يقضي وقته في محاولة منع نفسه من الشعور بالقلق ممَّا يزيد الأمر سوءاً، أو محاولة حلِّ ذلك الشعور بتخيُّل طريقة لتجنُّب التهديد، فمن السهل أن تنسى أنَّه يوجد خيار ثالث، وهو ألَّا تفعل شيئاً.

شاهد بالفيديو: 9 خطوات تساعدك على السيطرة على القلق

2. الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي:

إنَّ مواجهة مخاوفك هي أمر جيد، لكن يوجد فرق بين التعرُّض الصحي للأمور التي تسبِّب لك القلق، وبين الاستمرار في التعامل مع المعلومات المُصمَّمة لتحريك استجابتك للتهديد.

فأنا أفضِّل استخدام برنامج "تويتر" (Twitter)؛ إذ أُحِبُّ أن أكون قادراً على التعامل مع الأشخاص الأذكياء من أنحاء العالم جميعه في موضوعات مثيرة للاهتمام، وقد تعلَّمتُ أكثر من مرة أموراً جديدةً رائعةً، لكنَّ هذه البرامج هي أيضاً سلبية وتجعلك تشعر بالغضب أو القلق.

أعتقد أنَّ المرونة يجب أن تتوافق مع اختيار البيئات المناسبة؛ لذا تجاهل أصوات الأشخاص والمصادر من حولك التي تجعلك تشعر بالقلق، ولا سيَّما إذا كانوا بجانبك.

3. تحديد مخاوفك الشديدة، ومواجهتها مباشرةً:

لا تتكرَّر المخاوف جميعها، فقد تقلق من أنَّك قلت شيئاً غريباً لأحدهم، ثمَّ تنسى الأمر بعد أيام قليلة، ومع ذلك يظهر بعضها مراراً وتكراراً، فأحد المخاوف التي أواجهها هو تعرُّضي للنقد بسبب عملي أو مشاريعي، فربما كانت معظم الأمور التي قلتها أو القرارات التي اتخذتها في حياتي خاطئةً؛ لذا يوجد أشخاص لديهم آراء ضدي ومستعدين لمهاجمتي.

إذ تُحفَّز غالباً مشاعر القلق برؤية حالات أشخاص تدمَّرت حياتهم المهنية بسبب غلط صغير نسبياً، فمع أنَّني لا أستطيع التفكير في غلط يؤدي إلى نهاية المسيرة المهنية دون ارتكاب غلط، فقد حاولت التقليل من مخاوفي من النقد بتحليله، فعندما أفعل ذلك نادراً ما تكون الهجمات سيئةً كما أتخيلها؛ فالواقع عادةً ما يكون أسهل من خيالي.

قد تكون مخاوفك مختلفة، مثل الفشل في اختبار كبير، أو الطرد من العمل، أو التعرض للإهانة، وغالباً ما يكون السعي إلى التعرض  لتلك الأمور التي تخشاها هي الطريقة الوحيدة لتقليل حدتها.

4. التوقف عن محاولة التخلص من القلق:

أخبرني صديقي - وهو طبيب في علم النفس السريري - أنَّ أحد أكبر الأغلاط التي يرتكبها الناس للتعامل مع القلق هو البحث عن الطمأنينة، فإذا كنت تشعر بالقلق، فمن الطبيعي أن تبحث عن شخص لتتحدث معه، ويخبرك أنَّ كلَّ شيء سيكون على ما يرام.

في حين أنَّ هذا الأمر يجعلك تشعر بالتحسُّن لمدة قصيرة، فإنَّه في الواقع يزيد الأمر سوءاً فيما بعد، فبمكافأة أفكارك القلقة بالطمأنينة، فإنَّك تعزِّز هذه الفكرة بطريقة سلبية، وبالمثل، يمكن أن تواجه المشكلة نفسها عند محاولة حلِّ مخاوفك، فإذا كانت لديك أفكار قلقة بشأن قيام شخص ما بإهانتك في العمل، فقد تتخيَّل ما هو ردك.

إنَّ النهج البديل لهذا الأمر هو مقاومة الرغبة في إيجاد مخرج من مشكلتك؛ إذ سيجعل ذلك شعورك بالقلق أسوأ، لكن نظراً لعدم وجود حلٍّ، سينخفض النمط الذي أدى إلى شعورك بالقلق.

يشير هذا النموذج إلى أنَّ القلق هو دافع يرتبط بهدف واضح، وهو تحديد التهديدات وصياغة الحلول لها، فعندما نتخلص من ذاك الهدف، تضعف استجابتك له في المرة القادمة.

إقرأ أيضاً: خطوات للتخلص من القلق والشعور بالراحة

هل القلق أمرٌ منطقي؟

لقد تلقيتُ بريداً إلكترونياً من قارئ يعاني أيضاً من القلق، وقال إنَّه على الرَّغم من أنَّه يفكِّر من وجهة نظر تؤكِّد له أنَّ معظم مخاوفه غير منطقية، إلا أنَّه غير قادر على التمييز بين المخاوف المشروعة والسخيفة عندما يعاني منها.

إنَّ التخلص من السلوك السيِّئ تماماً مثل العادات السلبية، أسهل من التخلُّص من السلوك الذي يكون مفيداً في بعض الأحيان، فعندما تقرر الإقلاع عن التدخين، يمكنك التوقف عنه مباشرةً، أمَّا عندما ترغب في التوقف عن الإفراط في تناول الطعام، لا يمكنك التوقف عن تناوله، وبالمثل ربما يكون بعض القلق أمراً جيداً، لكنَّ كثيراً منه يمكن أن يكون عائقاً.

ما يريد هذا القارئ فعله هو التمييز بين المخاوف المنطقية وغير المنطقية، وذلك لتجاهل المخاوف غير المنطقية.

إقرأ أيضاً: حرب العقول: الهدف والقلق الوجودي

في الختام: لا يمكنك فصل المخاوف المنطقية عن تلك غير المنطقية

معظم مخاوفك - حتى تلك التي يجب أن تتوقف عن الشعور بها - لها أساس منطقي؛ وذلك لأنَّ الأمور التي نخافها ليست بلا جدوى تماماً، مع أنَّك يجب أن تقلق بشأنها أقل ممَّا تفعل عادةً.

فبدلاً من السؤال عمَّا إذا كان يوجد أمر غير منطقي، اسأل ما إذا كان يجب عليك تغيير سلوكك، وعندما لا يُغيِّر القلق استجابتك، فهو غير مفيد وإن كان منطقياً.

المصدر




مقالات مرتبطة